12 نوفمبر، 2024 2:17 ص
Search
Close this search box.

صواريخ “غافلين” صائدة الدبابات .. تُسقط “ماكرون” في مستنقع الصراع الليبي !

صواريخ “غافلين” صائدة الدبابات .. تُسقط “ماكرون” في مستنقع الصراع الليبي !

خاص : كتبت – ابتهال علي :

يواجه الرئيس الفرنسي، “إيمانويل ماكرون”، مأزقًا جديدًا بشأن دور بلاده في دعم الحل العسكري للفوضى الليبية؛ في صورة المشير “خليفة حفتر”، قائد الجيش الليبي الوطني، في مواجهة الحل السياسي والدبلوماسي المتمثل في؛ حكومة “الوفاق الوطني”، المعترف بها دوليًا، ويسلط الضوء على استماتة “فرنسا” للقيام بدور “تاجر السلاح” لدول الشرق الأوسط، خاصة “ليبيا”.

إذ قدمت “باريس” إعترافًا نادرًا أنها المالكة للصواريخ التي عثرت عليها قوات حكومة “الوفاق” الليبية – المعترف بها دوليًا – في قاعدة تابعة لقوات “حفتر” في مدينة “غريان”، الواقعة على بُعد مئة كيلومتر جنوب غرب العاصمة، “طرابلس”.

وأكدت “وزارة الدفاع الفرنسية”؛ الأنباء التي كشفت عنها صحيفة (نيويورك تايمز) الأميركية أن قوات موالية لحكومة “الوفاق” عثرت على أربعة صواريخ أميركية متطورة مضادة للدبابات من طراز (غالفين)؛ عقب استيلائها، في أواخر شهر حزيران/يونيو الماضي، على مقر قيادة قوات جيش “الكرامة”، الموالي للجنرال “خليفة”، بمدينة “غريان” الجبلية.

وذكرت الصحيفة الأميركية إن مصدر صواريخ (غالفين)، صائدة الدبابات، هو “فرنسا”، مشيرة إلى أن “الولايات المتحدة” باعت الصواريخ الأربع إلى “فرنسا” قبل أن تصل إلى قوات “حفتر”؛ التي تشن حملة على العاصمة الليبية، “طرابلس”، منذ نيسان/أبريل الماضي. وأدت إلى سقوط 1048 قتيلاً و5558 مصابًا من بينهم مدنيين، وفقًا لتقدير نهائي لـ”منظمة الصحة العالمية”.

أكد التقرير على أن فحص الأرقام المتسلسلة على الصواريخ أثبت أنها كانت جزءًا من صفقة أميركية، في عام 2010، تحصل “باريس” بمقتضاها على 260 صاروخ من طراز (غالفين)، صائدة الدبابات، وثمن الصاروخ الواحد 170 ألف دولار أميركي.

تذبذب فرنسي ما بين النفي والإعتراف..

وعلى الفور تذبذب الرد الفرنسي ما بين نفي سريع؛ جاء على لسان مستشار عسكري ثم عاد وأعترف مصدر بـ”وزارة الجيوش” الفرنسية، في تصريحات لصحيفة (نيويورك تايمز)، أن الصواريخ فعلًا مملوكة لـ”باريس”، لكنها معطوبة وغير قابلة للاستخدام.

وتطور الأمر إلى أن تدلي “فلورانس بارلي”، وزيرة الجيوش الفرنسية، بتصريحات لإذاعة (فرانس إنفو)؛ تؤكد فيها أن الصواريخ لم تكن بين آياد ليبية؛ ولم يكن من المقرر استخدامها إلا لهدف واحد هو حماية وحدة من الاستخبارات موجودة في “ليبيا” تحت ذريعة مكافحة الإرهاب. وأكدت أن هذه الصواريخ تم تعطيلها؛ لذلك كانت في مخزن لتدميرها، لكنها لم تقدم تفسيرًا لوجودها في مقر لقوات “حفتر”.

جاء إعتراف “باريس” في عجلة من أمرها؛ اضطرت معها إلى أن تعترف ضمنيًا بوجود قوات لها على الأراضي الليبية، وكشف حجم التناقض في الموقف الفرنسي، حيث زعم أن الهدف من إرسال الصواريخ هو حماية وحدة عسكرية تحارب الإرهاب، في الوقت الذي يجزم أن الصواريخ تالفة وكانت في “ليبيا” لتدميرها.

تظل هناك علامات استفهام عديدة: حيث لم تقدم “باريس” إجابات شافية توضح لماذا وقعت هذه الصواريخ في يد قوات “حفتر” ؟.. ولماذا لم تتخلص منها الوحدة الفرنسية وتركتها لقمة سائغة للفصائل الليبية المتناحرة ؟.. ولماذا تتمركز وحدة عسكرية فرنسية في معقل لقوات المشير “حفتر” ؟.. وهل توفر له غطاءًا عسكريًا في العملية التي شنها ضد “طرابلس” مقر حكومة “الوفاق” الليبية ؟

رواية إماراتية.. ورواية فرنسية..

وما يثير التأمل أن أصابع الإتهام وُجهت، فور العثور على صواريخ (غالفين)، لـ”الإمارات”، فقد ذكرت صحيفة (نيويورك تايمز) بأن الأرقام المدونة على الصواريخ تشير إلى أنه تم بيعها إلى “الإمارات”، عام 2008، ملمحة إلى أن وزارتي “الخارجية” و”الدفاع” الأميركيتين بدأتا تحقيقات حول وصول أسلحة أميركية متطورة إلى معسكر “حفتر”، في إنتهاك صارخ للقانون الأميركي بشأن مبيعات الأسلحة، وللحظر الذي فرضته “الأمم المتحدة”، عام 2011، لمنع بيع الأسلحة لـ”ليبيا”.

وطالب رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي السيناتور، “روبرت منينديز”، بإجراء تحقيق في الأمر والشفافية حيال اتفاقيات الأسلحة مع “الإمارات”، بحلول منتصف الشهر الجاري، مطالبًا بإلغاء جميع مبيعات الأسلحة إليها.

كما يحقق خبراء “الأمم المتحدة” في تورط “الإمارات” في الصراع الدائر بـ”ليبيا”؛ بعد إطلاق قوات “حفتر” صواريخ (بلو أرو) من طائرات صينية الصنع يملكها الجيش الإماراتي.

في المقابل؛ نفت “الإمارات” ملكية الأسلحة وأكدت إلتزامها الكامل بقراري “مجلس الأمن الدولي”، رقمي 1970 و1973، بشأن العقوبات وحظر السلاح.

وهنا أثار موقع (ليبيا نيوز)، لسان حال الثورة الليبية والمعارض لـ”حفتر”، التشكيك في الرواية الفرنسية الجديدة؛ مستندًا على أن الرواية الأولى تؤكد أن صواريخ قاعدة “غريان” تابعة لـ”الإمارات”، واعتبر أن المخابرات الفرنسية تخدع الرأي العام العالمي؛ وجعل “فرنسا” كبش فداء بنشر أكاذيب أنها المالك للصواريخ وأنها تحاول التغطية على “الإمارات”.

“إيطاليا” : صواريخ “غافلين” سابقة خطيرة..

ودخلت “إيطاليا” على خط ازمة صواريخ (غافلين)، إذ أكدت البرلمانية الإيطالية، “غورغا ميلوني”، زعيمة حزب “إخوة إيطاليا”، على أن أنباء إرسال صواريخ فرنسية لـ”حفتر” خطيرة جدًا، معتبرة أن واقعة الصواريخ تمثل دليلًا جديدًا على السياسة غير المسؤولة منعدمة الضمير، التي تتبعها “باريس” منذ سنوات في “ليبيا”، واتهمت “ميلوني”، الرئيس الفرنسي، بإعطاء الضوء الأخضر للهجوم العسكري ضد “طرابلس”، الذي شنه الجنرال “حفتر”.

إعتراف يصب الزيت على النار..

وذكرت صحيفة (لو غورنال دي ديمانش) الأسبوعية؛ أن الإعتراف الفرنسي يصب الزيت على النار ويغذي حجج منتقدي الموقف الفرنسي الغامض تجاه الأزمة الليبية.

وأوضحت الصحيفة الفرنسية أن “ليبيا”، التي تمر بأزمة خطيرة منذ إسقاط نظام العقيد، “معمر القذافي”، عام 2011، انقسمت بعد انتخابات عام 2014؛ بين حكومة “الوفاق الوطني” بقيادة، “فايز السراج”، المعترف بها دوليًا وتسيطر على مدن “طرابلس” و”مصراتة” و”سرت”، بغرب البلاد، و”الجيش الوطني الليبي” بقيادة الجنرال، “خليفة حفتر”، والذي يسيطر على شرق “ليبيا”، ويدعم برلمان “طبرق”.

“ماكرون” وغموض الموقف الفرنسي..

ووصفت الصحيفة، موقف “فرنسا”، بالغموض؛ على الرغم من إعترافها رسميًا بحكومة “فايز سراج”، التي أفرزها اتفاق “الصخيرات”، بـ”المغرب”، عام 2015، إلا أنها تحتفظ بعلاقات قوية غامضة مع المشير، “خليفة حفتر”، الذي تدعمه بشكل خاص بذريعة محاربة الإرهاب، ولا سيما انتشار “تنظيم الدولة الإسلامية”، (داعش).

حتى أن الرئيس الفرنسي، “إيمانويل ماكرون”، أصبح أول رئيس غربي يستقبل المشير، “خليفة حفتر”، بعد فترة وجيزة من انتخابه وتحديًا، في تموز/يوليو 2017، في قصر “لاسيل سان كلو”، في ضواحي “باريس”، لحل النزاع الدائر بين الفرقاء السياسيين في “ليبيا”، كما استقبل الرجليْن مرة ثانية في قصر “الإليزيه”، في شهر أيار/مايو 2018.

رهانات “ماكرون” على “حفتر”.. خاسرة..

ومع بداية معركة “طرابلس”، التي دشنها جيش “حفتر”، في نيسان/أبريل الماضي، قدمت مجلة (بوليتيكو) قراءة في الدور الفرنسي المزدوج في “ليبيا”، حذرت فيه من أن الرئيس الفرنسي قد يخرج من المغامرة الليبية خالي الوفاض؛ لأنه يضع رهانه على “المشير حفتر”.

ونقلت (بوليتيكو)، عن “طارق مجريسي”، الباحث الليبي في “المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية”، أن الرئيس الفرنسي تعرض للتضليل عندما تصور أمكانية تحقيق نصر سريع في “ليبيا” من أجل شعبيته وكاريزميته، منتقدًا لجوء “ماكرون” لشخصية عسكرية لحل مشكلة سياسية في الأساس.

ميراث “أولاند” وقبلة الإعتراف السياسي لـ”إيمانويل”..

وبالعودة للوراء؛ حرصت “فرنسا”، منذ عام 2015، على صناعة ودعم “حفتر” لفرض الاستقرار بالقوة على “ليبيا”، الدولة الغنية بـ”النفط”، التي مزقتها فوضى ما بعد التخلص من نظام العقيد، “معمر القذافي”، وبهدف محاربة الجماعات الإرهابية، ولم تتوانى “باريس” في سبيل ذلك عن الضرب بعرض الحائط بمصالح جارتها “إيطاليا”، صاحبة الإرث الاستعماري القديم في “ليبيا” والمصالح النفطية.

بدأت “فرنسا” دعمها لـ”خليفة حفتر”، في عهد الرئيس السابق، “فرانسوا أولاند”، وتضاعف الدعم مع تولي، “إيمانويل ماكرون”، الحكم في منتصف عام 2017، حيث منحه قُبلة الإعتراف السياسي باستضافته لقاء المصالحة التاريخي بينه وبين “السراج”، في تموز/يوليو 2017.

وساعد على ذلك الصورة الذهنية التي يقدم بها “حفتر” نفسه وقواته للعالم؛ باعتباره الرجل العسكري القادر على تحقيق الاستقرار في “ليبيا”؛ ومحاربة الجماعات الإرهابية في نقطة على خريطة العالم، تعتبر بوابة عبر “البحر المتوسط” لتسلل المهاجرين والعناصر الإرهابية لـ”أوروبا”، علاوة على تهديد لمصالح “فرنسا” في منطقة “الساحل الإفريقي”.

وضاعف من أهمية “حفتر”، لـ”فرنسا”، سيطرة قواته على المنشآت النفطية في “منطقة الهلال النفطي”، التي تضم 80% من الثروة النفطية الليبية؛ وتضم أهم موانيء تصدير “النفط”؛ مثل “السدرة” و”راس لانوف”.

صراع “باريس” و”روما” على الكعكة الليبية..

أعادت قضية صواريخ (غالفين) طرح قضية التدخل الأجنبي ودوره في تسليح أطراف النزاع الدائر في “ليبيا”، إذ يعتبر كثير من المحللين أن الموقف الفرنسي من أطراف الأزمة الليبية على أرض الواقع يفاقم من اشتعال الأزمة.

فمن المنظور الدولي؛ يدور صراع ظاهر للعيان بين “فرنسا” و”إيطاليا” على النفوذ في “ليبيا”؛ ينعكس على كيفية إدارة الأزمة الليبية ودعم أطراف الصراع، خاصة معسكر “خليفة حفتر” وحكومة “فايز السراج”.

وتدعم “إيطاليا”، بقيادة حكومة “التحالف الشعبي الإيطالي” اليمينية، حكومة “الوفاق الوطني”؛ بقيادة “السراج”، لحماية نفوذها القديم في “ليبيا”، التي كانت تحت الاحتلال الإيطالي، ومنع تدفق اللاجئين عبر قوارب الهجرة في “البحر المتوسط”؛ التي تنطلق من الشواطيء الليبية، وأيضًا حماية مصالحها في كعكة “النفط الليبي”.

على الجانب الآخر؛ تدعم “فرنسا”، المشير “خليفة حفتر”، الذي يعتبره الرئيس الفرنسي، الشخصية الوحيدة القادرة على فرض الأمن في “ليبيا” عن طريق خلفيته العسكرية، علاوة على مصالحها الاقتصادية للحصول على جزء من مشاريع إعادة الإعمار ووصول شركة “توتال” النفطية لاحتياطات “النفط الليبي” الهائلة في شرق البلاد.

لكن ما هي صواريخ “غالفين” ؟

تُعتبر صواريخ (غافلين)؛ واحدة من أحدث الصواريخ المحمولة المضادة للدبابات والمدرعات، دخلت الخدمة عام 1996؛ لتحل مكان الصاروخ “التنين”، (M-47 Dragon)، الذي لم يصمد أمام الدبابات السوفيتية المتطورة، خلال ثمانينيات القرن العشرين.

أثبتت صواريخ (غالفين) فاعلية فى معارك الجيش الأميركي في “العراق” و”سوريا” و”أفغانستان”، حيث يسمح نظام التوجيه بالأشعة تحت الحمراء؛ المزودة به هذه الصواريخ، باصطياد أي نوع من الدبابات، ويتيح للجيوش قدرات مناورة ضخمة عند تعرضها لهجمات مفاجئة من المدرعات، وهو سيناريو كان يمكن أن يواجهه الجيش الأميركي أثناء عملية “درع الصحراء”، (Desert Shield)، عندما نشرت “الولايات المتحدة” وحدات من المشاة في “المملكة السعودية” لحمايتها عقب غزو الرئيس العراقي الأسبق، “صدام حسين”، لـ”الكويت”، في آب/أغسطس عام 1990.

ويذكر تقرير لموقع (ناشيونال إنترست) الأميركي؛ أن الجنود عندما يطلقون صواريخ (غالفين)؛ يمكنهم اللعب على هواتفهم الذكية، فبمجرد تحديد الهدف وتوجيه الأشعة تحت الحمراء عليه وسحب الزناد، ينطلق الصاروخ من وحدة الإطلاق دون تشغيل محرك الصواريخ الخاص به فى عملية “إطلاق ناعمة” ينجم عنها انفجار ضئيل نسبيًا؛ وهي سمة تتيح للجيش الذي يمتكل الصواريخ من مباغتة العدو.

وعلى عكس معظم الصواريخ بعيدة المدى المضادة للدبابات، لا يتطلب نظام تشغيل الصاروخ، عبر توجيه الباحث الحراري، من طاقمه أية تدخلات بعد الإطلاق، “أطلق وأنس”، أو البقاء ثابتين في أماكنهم لتوجيه الصاروخ نحو الهدف.

وهناك طريقتان لإطلاق الصاروخ في القضاء: الأولى إذا كان الهدف مكشوفًا، يتم توجيه الصاروخ نحوه مباشرة، والثانية عندما يكون الهدف كامنًا وراء حواجز، عندها يطير الصاروخ إلى ارتفاع متجاوزًا الحاجز ثم يسقط على الهدف.

بعد الإطلاق، ينطلق صاروخ (غالفين) إلى الأمام أفقيًا لثانية واحدة قبل أن يشتعل محرك الصاروخ ويصل ارتفاعه إلى 160 مترًا في الهواء، والمعروفة بعملية “إطلاق كرة المنحنى”.

وأخيرًا؛ تسلط أزمة صواريخ (غالفين) الضوء على صمت “الأمم المتحدة” و”مجلس الأمن”، الذي تم إنتهاك قراراته، رقمي 1970 و1973، بشأن العقوبات وحظر تصدير السلاح لـ”ليبيا”، رغم أن الأسلحة تتدفق بحرية وسهولة من كل حدب وصوب لأطراف الحرب الليبية في ظل غياب لدولة تحمي حدودها البحرية والجوية والبرية وتكالب قوى الغرب على ثروات “ليبيا”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة