29 مارس، 2024 5:29 م
Search
Close this search box.

بين نارين .. الموت والمطاردة مصير صحفيو العراق اليوم

Facebook
Twitter
LinkedIn

بلا شك ان الفترة الماضية كانت من أسوأ الفترات الزمنية التي مرت على العاملين بالوسط الاعلامي العراقي، تعدت التهديدات والأخطار التي واجهونها خلالها التضييق عليهم ومصادرة حرياتهم في التعبير إلى مواجهة خطر الموت والرعب الذي طاردهم اثناء ممارسة مهامهم على مدار عام ونصف العام، طوال عام 2016 والنصف الأول من 2017، داخل البلاد المشتعلة دائماً بدءاً من حرباً طاحنة في شمالها وغربها ضد تنظيم “داعش”، وتظاهرات غصّت بها غالبيّة المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة، فضلاً عن أزمة اقتصادية خانقة.

وبالرغم من أن غالبيّة الصحفيين تعرّضوا إلى الانتهاك في ظلّ ملاحقتهم لهذه الأحداث، إلا أن هذه الأحداث ذاتها حولت أنظار العالم عن انحسار الحريات الصحفية في البلاد، حيث شهدت انحداراً كبيراً، وظواهر جديدة تهدّد العمل الصحفي وحريّة التعبير في بلاد ما بين النهرين.

وقد أظهرت نتائج الابحاث التي أجراها فريق مرصد الحريات الصحافية (JFO) للفترة الممتدة ما بين 3 آيار/مايو 2016 إلى 3 آيار/مايو 2017 عدداً كبيراً من الخروقات الحكومية ضد العاملين في مجال الإعلام داخل العراق، وأظهرت البحوث كذلك عدم جديّة بعض المؤسسات الإعلامية في الحفاظ على سلامة كوادرها التي تعمل على تغطية الحرب، علاوة على تسجيلها تهديدات جديدة تلاحق الصحافيين بالأعراف العشائرية من قبل بعض القبائل وعملية تضييق رهيبة تقوم بها الحكومات المحلية ضد الصحافيين والمدونين.

 مقتل وإصابة 55 صحافياً..

سجّل مرصد الحريات الصحافية (JFO) مقتل وإصابة 55 صحافياً ومساعداً إعلامياً، بسبب نقص معدات السلامة وقلة التدريب على تغطية أماكن النزاع.

وتقصّد تنظيم “داعش” المتطرف إيقاع الأذى بالصحافيين عبر استهدافهم بقنابل متفجرة تحملها طائرات مسيرة وبالقنص المباشر أثناء تواجدهم في جبهات القتال لتغطية الحرب التي تشنّها الحكومة العراقية بمساعدة تحالف تقوده الولايات المتحدة الأميركية ضد تنظيم “داعش” المتطرّف في شمال وغرب البلاد.

وفي “إقليم كوردستان العراق”، شمالي البلاد، سجّل فريق مرصد (JFO) تعرّض عدد من الصحافيين إلى حالات “قتل مباشر” و”اغتيال منظم” واعتداءات فظيعة. وسجلت حكومة إقليم كوردستان جلّ قضايا القتل هذه ضدّ مجهول، فيما لم تظهر السلطات أيّة جديّة في ملاحقة الجناة.

اما في بغداد وبعض محافظات الوسط والجنوب، عانت الفرق الإعلامية تضييقاً شديداً من قبل السلطات المحليّة أثناء تغطيتها للاحتجاجات الشعبية ضد الفساد، إذ استخدمت السلطات الأمنية قوّة مفرطة لا يُمكن أن تُستخدم ضد الصحافيين. ولم تكتفِ السلطات بتقييد حرية الصحافيين وعدم السماح لهم بالحركة ونقل الأحداث فحسب، بل عمدت إلى احتجاز بعضهم وتحطيم أجهزتهم ومصادرة سيارات البثّ المباشر، وفرضت رقابة مشددة على حركتهم بالإضافة إلى عمليات تضييق رهيبة تعرض لها صحافيون ميدانيون.

 السلطة العسكرية تسعى لفرض وصايتها على الصحافيين..

بالرغم من بعض القرارات التي اتخذها القائد العام للقوات المسلحة لتسهيل عمل وتنقّل الصحفيين، إلا وسجل مرصد الحريات الصحافيّة عدداً من الحالات التي تؤكد على أن السلطة العسكرية ما زالت تحاول فرض وصايتها على الصحافيين، وتقيّد حركتهم في التنقّل داخل المدن وتمنع التصوير في الأماكن العامّة والدوائر الحكومية، ضاربة عرض الحائط التشريعات والقرارات الحكومية.

وسجّلت شبكة الرصد الخاصة بمرصد الحريات الصحافيّة (JFO)، للمرّة الأولى، تهديدات قبليّة (عشائرية) غريبة من نوعها ضد صحافيين ومؤسسات إعلامية، حيث عمد رجال مسلحون إلى مهاجمة بيوت اعلاميين ومحاصرة مؤسسات صحافية، الأمر الذي يؤكد على غياب سيادة القانون في البلاد.

وبدلاً من اصدار وتنفيذ قوانين وتشريعات، للحد مما يعانيه العاملون في الإعلام في العراق وتوفير الحماية لهم، عمد مجلس القضاء الأعلى – الهيئة القضائية الأعلى في البلاد – إلى إلغاء محكمة قضايا النشر والإعلام التي تأسست عام 2010 بهدف الحد من استخدام القضاة لمواد قانونية يتضمنها قانون العقوبات العراقي، وهو الأمر الذي من الممكن أن يُخضع الصحافيين إلى المحاكم غير المختصة، ما يفاقم وضع الصحافيين القانوني، ويجعلهم معرّضين للخضوع إلى القوانين التي تحدّ من حريّتهم، وتهدّدهم بالإعدام والحبس والغرامات المالية الكبيرة، في ظل غياب قانون حماية حريّة الصحافة، والذي أخفق البرلمان العراقي في إقراره على مدى 14 عاماً من تشكّل النظام السياسي، بعد غزو العراق عام 2003.

دعوة لتطبيق قواعد السلامة..

حفاظاً على سلامة وأرواح الصحافيين، اوصى المرصد المؤسسات الإعلامية بتطبيق قواعد السلامة في مناطق الحرب أثناء التغطيّة الصحافية، ودعاها إلى تدريب عامليها على العمل في مناطق النزاع والحرب، وتوفير معدّات السلامة لهم.

كما دعا حكومة إقليم كوردستان بضرورة توفير بيئة آمنة للعاملين في الإعلام والكشف عن الجهات والجناة الذين أدوّا إلى مقتل عدد من الصحافيين ومحاكمتهم واتخاذ إجراءات رادعة بحقّ من يتعرّض للصحافيين وحريّة التعبير.

وطالب المرصد كذلك البرلمان والحكومة إلى العمل على تثقيف أفراد السلطات الأمنية في التعامل مع الإعلام، واتخاذ إجراءات رادعة بحقّ من يخالف القوانين النافذة في منع الصحافيين من التغطيّة الصحافية والتجوّل بحريّة في مدن وشوارع البلاد، إضافة إلى إشاعة ثقافة الوصول إلى المعلومة في المؤسسات الرسمية التي تحوّلت إلى حصون مغلقة أمام وسائل الإعلام.

وشدد مرصد الحريات الصحفية على ضرورة إيقاف العمل بالقوانين البالية ضدّ الصحافيين التي تؤدي إلى ترهيب وسائل الإعلام، والإسراع بإقرار قانون جديد يضمن بالفعل حماية الصحافيين وحق الوصول إلى المعلومة، بما يتوافق مع القوانين والمواثيق الدولية التي تعمل بموجب الأنظمة الديمقراطيّة.

وحذّر من اتساع ظاهرة استهداف الصحافيين من قبل العشائر والقبائل، وإشاعة قوانين الغاب وإضعاف السلطات، بما يؤدي إلى انمحاق حريّة التعبير في العراق تماماً، ويدعو إلى اتخاذ اجراءات رادعة بحقّ كل من يتجاوز القانون ويهدّد الصحافيين والعاملين في الإعلام.

واكد على ضرورة مراجعة إجراءات هيئة الإعلام والاتصالات الجائرة بحقّ وسائل الإعلام، والوصول إلى تسوية معها بشأن “أجور الطيف الترددي”، وفتح الباب أمام وسائل الإعلام للعمل في العراق من دون اتخاذ سياسات الترهيب ضدها، وإلغاء السياسات البيروقراطية التي تعطّل عمل الإعلام.

وطالب مرصد الحريات الصحفية (JFO) مؤسسات الدولة والحكومة العراقية إلى عدم التواطؤ مع نقابة الصحافيين وتحويلها إلى مؤسسة تابعة بالتعاون مع اعضائها، وفي الوقت ذاتها يدعو المنتمين إلى النقابات إلى مراقبة أداء الهيئات الإدارية فيها، والوقوف ضد تؤاطهم مع السلطات الذي يقود إلى تسييس العمل الصحافي ويهدد حريّته في نقل المعلومة.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب