خاص : كتبت – نشوى الحفني :
ما إن تم الإعلان الرسمي عنها حتى إنتهاء فعاليات زيارة الرئيس الإيراني، “حسن روحاني”، إلى “العراق”، الاثنين الماضي، في زيارة استغرقت ثلاثة أيام، التقى خلالها رئيس الجمهورية، “برهم صالح”، ورئيس الوزراء، “عادل عبدالمهدي”، وأعلن الطرفان عن جملة من الاتفاقات الاقتصادية في مختلف المجالات، وتوالت متابعات الصحف الأجنبية والعربية وتحليلاتهم على الزيارة التي أتت في خضم توترات “أميركية-إيرانية” شديدة، وتوترات “عراقية-أميركية”.
عن الزيارة؛ زعم موقع إلكتروني استخباراتي إسرائيلي أن هناك أهدافًا مهمة وراء زيارة الرئيس الإيراني، “حسن روحاني”، إلى “العراق”.
وأدعى الموقع الإلكتروني العبري، (ديبكا)، صباح أمس الثلاثاء، بأن الرئيس الإيراني، “حسن روحاني”، يهدف من وراء زيارته لـ”العراق” العمل على أن تكون البنوك العراقية المصدر الرئيس لكسر “العقوبات الأميركية” على “إيران”.
وأورد الموقع الإسرائيلي الاستخباراتي؛ أن “إيران” تدير اتصالات مكثفة منذ مطلع شهر شباط/فبراير الماضي، مع “البنك المركزي العراقي” ومع الحكومة العراقية برئاسة، “عادل عبدالمهدي”، رئيس الوزراء، خاصة وأن هذا البنك له فروع عدة، سواء في “بغداد” العاصمة أو “البصرة” في الجنوب.
وأوضح الموقع الاستخباراتي أن البنوك العراقية تقوم بتحويل الأموال لـ”إيران”، بعد اعتبار النفط الإيراني نفطًا عراقيًا، عبر ممثلين من “الاتحاد الأوروبي”.
وزعم الموقع الاستخباراتي الإسرائيلي أن الحكومة العراقية تقع تحت ضغوط إيرانية رسمية، وكذلك ضغوط من جانب ميليشيات عراقية موالية لـ”إيران”.
وأكد الموقع على عقد لقاءًا سريًا، في السادس من شهرشباط/فبراير الماضي، بين رئيس البنك المركزي الإيراني، “عبدالناصر خاتمي”، ونظيره العراقي، “علي محسن إسماعيل”، ناقش الأمر نفسه، وبأن أمس الثلاثاء، قد شهد تنفيذ ما تم الاتفاق عليه بين الطرفين، “خاتمي” و”إسماعيل”.
كما تابع الموقع الاستخباراتي تأكيداته على أن “روحاني” اصطحب معه وزير النفط الإيراني، “بيغان زنغنه”، ووزير خارجيته، “محمد جواد ظريف”، وذلك رغم التحذيرات الأميركية المتكررة لـ”العراق” بعدم مساعدة “إيران” في فك الحصار الاقتصادي المفروض على “طهران”.
وأشار الموقع إلى أن “مايك بومبيو”، وزير الخارجية الأميركي، هاتف رئيس الوزراء العراقي، “عادل عبدالمهدي”، بهذا الخصوص.
عجز واشنطن عن وقف التعاون..
تحت العنوان (الولايات المتحدة عاجزة أمام النفوذ الإيراني في العراق)؛ كتب “إيغور سوبوتين”، في صحيفة (نيزافيسيمايا غازيتا) الروسية، حول زيارة الرئيس “روحاني” إلى “بغداد” لتعزيز العلاقات التجارية مع “العراق”، وعجز “واشنطن” عن وقف التعاون بين البلدين.
وجاء في المقال: في الوقت الحاضر، تبلغ التجارة الثنائية بين “العراق” و”إيران”، 12 مليار دولار، وتعتزم الدولتان الجارتان الوصول إلى 20 مليار دولار سنويًا. وعلى الرغم من أن “الولايات المتحدة” تحاول بنشاط كبير الحد من علاقات “إيران” الإقليمية، إلا أن ثمة حالة عكسية تطورت في اتصالات “طهران” الخارجية. فبوضعها على حافة عزلة عن الدول الغربية، ركزت “إيران” اهتمامها على جيرانها في المنطقة. ولطالما كان “العراق” من بين أولويات “الجمهورية الإسلامية”. أما سياسيًا، فاجتماع “روحاني” مع الزعيم الشيعي، آية الله “علي السيستاني”، ذي النفوذ، والمتحفظ في اتصالاته بمسؤولين من دول أخرى، يلعب دورًا مهمًا.
وفي هذا الصدد؛ قال منسق البرامج في المجلس الروسي للشؤون الدولية، “رسلان ماميدوف”، لـ (نيزافيسيمايا غازيتا)، إن الانسحاب أحادي الجانب من “الصفقة النووية” والعقوبات الشاملة اللاحقة ضد “إيران”، لا تنعكس فقط على اقتصاد “الجمهورية الإسلامية”، إنما واقتصاد “العراق” ذي الصلة. وأضاف: “لإيران أهمية حيوية بالنسبة للعراق، في قطاع الكهرباء – فقد أكد وزير الكهرباء العراقي، وهو أحد أقدر التكنوقراط المحترمين في الوزارة، لؤي الخطيب، استحالة الاستغناء عن استيراد الكهرباء من إيران على الأقل حتى العام 2020 – وهكذا فالأميركيون مضطرون للسماح للعراقيين باستيراد الغاز والكهرباء من إيران”.
ووفقًا لـ”ماميدوف”، فإن العلاقات “الإيرانية-العراقية” جدية ومليئة بجدول أعمالها الخاص إلى درجة تكفي للقيام بحركات رمزية موحية للقوى الإقليمية وغير الإقليمية.
وأضاف أن: “الأميركيون على اتصال دائم بشركائهم العراقيين وهم يدركون سخط العراقيين الصريح من سياسة الولايات المتحدة الإقليمية”. فإعلان إدارة “ترامب” الأخير بأن “الولايات المتحدة” ستحتفظ بقواتها العسكرية في “العراق” من أجل “مراقبة” إيران، لاقت ردًا قاسيًا من “بغداد”. فقد ذكّر رئيس العراق، الأميركيين، بضرورة قيامهم بما دُعوا إليه – “محاربة الإرهاب لا أكثر”.
كما اهتمت العديد من الصحف والمواقع العربية بزيارة “روحاني” إلى “العراق”، وسط تكهنات بشأن أهداف الزيارة، وما إذا كانت تُعد محاولة للإلتفاف على “العقوبات الأميركية”.
ويرى البعض أن الزيارة تحظى باهتمام البلدين لتوطيد العلاقات الاقتصادية والسياسية بينهما، وتؤكد على أهمية “العراق” في أن يكون “وسيطًا مؤتمنًا” على المصالح المشتركة بين الدول الإقليمية، فيما يرى آخرون أن هدف الزيارة الأهم، وغير المُعلن، هو “الإلتفاف” على “العقوبات الأميركية” المفروضة على “إيران”، وسعي الأخيرة إلى مد نفوذها الاقتصادي في “العراق”.
محاولة للإلتفاف على “العقوبات الأميركية”..
صحيفة (القدس العربي) اللندنية؛ تقول في افتتاحيتها، إن الزيارة هي “محاولة واضحة للإلتفاف على العقوبات الأميركية، والحد من خضوع الاقتصاد الإيراني إلى مزيد من إجراءات التضييق والإختناق”.
وتضيف بأن الزيارة تسعى إلى إرسال “رسائل مضادة خارجية إلى البيت الأبيض، وأخرى داخلية إلى الخصوم، عمادها إمكانية انفتاح إيران على البلد الذي سبق أن اجتاحته أميركا وتواصل نشر قوّات عسكرية فيه”.
في نفس السياق؛ تقول صحيفة (الوطن) البحرينية؛ إن زيارة “روحاني” تكتسب أهميتها بسبب تزامنها مع تصاعد تأثير “العقوبات الأميركية” على “طهران”، ومساعي “إيران” لتقليل آثارها عبر البوابة العراقية.
الصحيفة البحرينية نقلت عن الباحث في الشأن السياسي، “عزيز محمد”، قوله إن هناك أهدافًا غير معلنة لزيارة “روحاني” إلى العراق “يأتي في طليعتها إرسال رسالة تحدٍ سياسي يُطْلِقها روحاني من بغداد؛ تأتي ردًا من إيران على العقوبات الاقتصادية الصارمة التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، والسعي لنفوذ إيراني أكبر في العراق”.
يريد تحويل العراق للبنان جديد..
بالمثل؛ يقول “عبدالرحمن الراشد”، في (الشرق الأوسط) اللندنية، إن الزيارة تأتي “ضمن ضغوط عنيفة على العراقيين، يمارسها نظام طهران، الذي يحتمي بالعراق في مواجهة العقوبات الأميركية”.
مضيفًا أن: “إيران تريد العراق جمهورية موز أخرى لها، مثل لبنان، ومصدرًا لتجنيد المقاتلين لها يحاربون عنها في أنحاء العالم، كما يفعلون اليوم في سوريا تحت إمرة الجنرال قاسم سليماني. تريد من العراق أن يكون محفظتها المالية، يمول بمليارات الدولارات بالنيابة عنها، حزب الله اللبناني وحكومة الأسد السورية. تريد العراق أن يكون بلا سلطة قوية، دولة ضعيفة المركز مثل لبنان”.
وفي نفس الصحيفة، يقول “حمد الماجد”: “الرئيس روحاني؛ وفور وصوله للعراق صرح بتصريح ماكر باطنه فيه الرحمة وظاهره من قِبَلِه العذاب، فقال: (علاقتنا مع العراق دينية تعود لآلاف السنين)، وواضح من هذا التصريح أن ديانات ما قبل الإسلام من ضمن ما يجمع العراق بإيران، ولهذا استنتج كثيرون أن رسالة هذا التصريح المبطنة هي استشراف الخمينيين للتوسع والامتداد واسترجاع ما وصلت إليه يد الإمبراطورية الفارسية”.
صفعة للجهود الأميركية..
ويرى “ماجد الزبيدي”، في (رأي اليوم) اللندنية، أن وجود “روحاني” في “بغداد” يُشكّل “صفعة موجعة لكل الجهود الأميركية السياسية والعسكرية طيلة عامين كاملين لبناء تحالف عربي أميركي صهيوني ضد الجمهورية الإيرانية، كان آخرها مؤتمر وارسو !.. وأن كل تلك الجهود تبعثرت مع رياح صحراء العراق مع أول إطلالة للشيخ الإيراني المُعممّ في بغداد”.
ثلاثة محاور للزيارة..
كتب “موسى الشريفي”، على موقع قناة (العربية)، يقول إن زيارة “روحاني” تتمحور حول “ثلاثة محاور مهمة للغاية لإيران أكثر من العراق”.
“أولاً: الوصول إلى البحر الأبيض المتوسط عبر بوابة العراق، حيث إن إيران لا يمكن أن تحققّ هذا المشروع إلا بالسيطرة الكاملة على العراق، البوابة الأولى، لتشق الطريق نحو سوريا ولبنان التي تعتبر النافذة إلى البحر الأبيض المتوسط”.
“ثانيًا: الإلتفاف على العقوبات الأميركية، حيث تأتي هذه الزيارة في ظل ضغوط أميركية متزايدة على بغداد للحد من علاقاتها مع طهران، التي تحاول، من خلال إيجاد شركات وهمية في العراق، للإلتفاف على العقوبات المفروضة عليها من قِبل واشنطن، خاصة وأن العراق يعتبر المناخ المناسب لأنشطة إيران الأمنية والاقتصادية”.
“ثالثًا: الإستحواذ على السوق العراقي من خلال سعي إيران إلى مد نفوذها الاقتصادي في العراق”.
تبادل المصالح التجارية..
من جانبه؛ يقول “واثق الجابري”، في موقع (روداو) العراقي: “إن زيارة الرئيس الإيراني مهمة في هذه الظروف، ومحط اهتمام من البلدين لتوطيد العلاقات الاقتصادية والسياسية، وأهمية العراق في لعب دور فعال، ويستطيع أن يكون جسرًا، ووسيط مؤتمن لربط المصالح المشتركة بين الدول الإقليمية، وخلال هذه المرحلة كان العراق من أكثر الدول صراحة تجاه الحصار الأميركي لإيران، بل أقوى موقفًا حتى من الاتحاد الأوربي الذي كان مترددًا”.
ويضيف أن: “الواقع أن العراق بحاجة إلى الانفتاح التجاري والسياسي، كما لإيران مصلحة تجارية واقتصادية وسياسية لفك خناق التحالف الأميركي”.