خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في الوقت الذي تحاول فيه الأطراف المعنية بالأزمة الليبية الوصول إلى اتفاق يدفع الحل السياسي للأمام، تواصل “تركيا” تصعيدها وترفض الاستجابة لحظر الأسلحة، حيث قال الجيش الألماني، أمس الإثنين، إن “تركيا” منعت قوات ألمانية، تعمل ضمن مهمة عسكرية لـ”الاتحاد الأوروبي”، من تفتيش سفينة شحن تركية يُعتقد أنها تنقل أسلحة إلى “ليبيا”.
ونقلت (رويترز)، عن متحدث عسكري ألماني؛ أن جنودًا من الفرقاطة (هامبورغ) صعدوا على متن السفينة التركية (روزالينا-إيه) خلال الليل، لكنهم اضطروا لعدم القيام بعمليات التفتيش وانسحبوا بعد أن قدمت تركيا احتجاجًا للمهمة الأوروبية.
وأكدت “تركيا” ما ذكرته “ألمانيا”، في وقت سابق أمس الإثنين؛ بأنها منعت قوات ألمانية تعمل ضمن مهمة عسكرية لـ”الاتحاد الأوروبي”، من إجراء تفتيش كامل لسفينة شحن تركية اشتبهت القوات بأنها تنقل أسلحة إلى “ليبيا”.
وكانت الفرقاطة تعمل في البحر المتوسط في إطار مهمة “إيريني”، التابعة لـ”الاتحاد الأوروبي”، والتي تهدف إلى منع وصول الأسلحة إلى الفصائل المتحاربة في ليبيا.
وقال متحدث باسم وزارة الدفاع الألمانية: “بحلول الوقت الذي غادر فيه الجنود السفينة، لم يعثروا على أي شيء مثير للريبة”.
عقوبات على شركة شحن تركية..
وسبق وأن فرض “الاتحاد الأوروبي” عقوبات على شركة شحن تركية متهمة بإنتهاك حظر الأسلحة الذي تفرضه “الأمم المتحدة” على “ليبيا”، وتورطت إحدى سفنها في حادث وقع في البحر بين “فرنسا” و”تركيا”، البلدين العضوين في “حلف شمال الأطلسي”، في حزيران/يونيو 2020.
وتعمل العقوبات على تجميد أصول شركة “أوراسيا”، التي قال “الاتحاد الأوروبي” إنها تشمل سفينة الشحن “غيركين”، المتهمة بتهريب أسلحة إلى “ليبيا”، مما أثار غضب “أنقرة”؛ التي تنفي الاتهام بتهريب أسلحة، مدعية أن السفينة كانت تنقل “مساعدات إنسانية”.
وقالت الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي، التي نشرت العقوبات: “تم الربط بين (غيركين) ونقل مواد عسكرية إلى ليبيا، في آيار/مايو وحزيران/يونيو 2020”.
ويضطلع “الاتحاد الأوروبي” بمهمة بحرية لضمان تطبيق الحظر، الذي فرضه “مجلس الأمن الدولي” على “ليبيا”، الغارقة في الفوضى، منذ الإطاحة بـ”معمر القذافي”، عام 2011.
وفي حادث وقع بشرق البحر المتوسط، في 10 حزيران/يونيو 2020، حاولت فرقاطة فرنسية، في مهمة تابعة لـ”حلف شمال الأطلسي”، تفتيش سفينة الشحن، “غيركين”، حسبما قالت وزارة القوات المسلحة الفرنسية.
تهديد بفرض عقوبات على معرقلي المفاوضات..
إلى ذلك، هددت “فرنسا وبريطانيا وإيطاليا وألمانيا”، أمس؛ بفرض عقوبات على الجهات التي تعرقل المفاوضات بين الفرقاء الليبيين، التي تهدف إلى إنشاء مؤسسات انتقالية إلى حين إجراء انتخابات، في كانون أول/ديسمبر 2021.
وقالت الدول الأوروبية الأربع، في بيان مشترك نشرته الرئاسة الفرنسية: “مستعدون لاتخاذ تدابير ضد الجهات التي تعرقل منتدى الحوار السياسي الليبي والمسارات الأخرى لعملية برلين، وكذلك ضد الجهات التي تواصل نهب الأموال الحكومية وإرتكاب إنتهاكات لحقوق الإنسان في البلاد”، وفق ما ذكرت وكالة (رويترز).
جولة ثانية من المحادثات..
وقالت “الأمم المتحدة”، أمس؛ إن الفرقاء الليبيين بدأوا جولة ثانية من المحادثات بشأن آلية لاختيار حكومة انتقالية، تقود الدولة المنكوبة بالصراعات إلى انتخابات، في كانون أول/ديسمبر من العام المقبل.
وترأس “ستيفاني ويليامز”، القائم بأعمال مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، الاجتماع عبر الإنترنت.
ويأتي “منتدى الحوار السياسي الليبي”، بعد أسبوع من فشل الجولة الأولى من المحادثات في “تونس”، في تعيين سلطة تنفيذية.
وتوصل المنتدى، الذي شارك فيه 75 شخصًا، إلى اتفاق لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، في 24 كانون أول/ديسمبر 2021، وتسمية لجنة قانونية تطوعية للعمل على “أساس دستوري للانتخابات”.
وكان المنتدى السياسي أحدث محاولة لإنهاء الفوضى التي إجتاحت الدولة الغنية بالنفط في شمال إفريقيا، بعد الإطاحة بزعيمها، “معمر القذافي”، عام 2011.
يُذكر أن الأطراف المتحاربة في ليبيا اتفقت على وقف لإطلاق النار، توسطت فيه الأمم المتحدة، الشهر الماضي في “جنيف”. وشمل الاتفاق خروج القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا في غضون ثلاثة أشهر.
قانون أميركي يفرض عقوبات على معرقلي الحل السياسي..
ومنذ 5 أيام، صوّت “مجلس النواب” الأميركي بالموافقة على مشروع قانون يفرض عقوبات على معرقلي الحل السياسي في ليبيا.
ويحتاج مشروع القانون لمصادقة “مجلس الشيوخ” وتوقيع الرئيس الأميركي عليه لصبح قانونًا نافذًا، علمًا أن للرئيس حق رفضه وجعله نافذًا.
وجاء مشروع القانون بمبادرة من الأعضاء الديمقراطيين والجمهوريين، وقدم نصه عضوا لجنة شؤون الشرق الأوسط، “تيد دويتش” و”جو ويلسون”، ويشدد المشروع على ضرورة إنجاح الحل السياسي في ليبيا، وفرض عقوبات على كل من يعرقل هذا المسعى.
ويُذكّر المشروع بأهمية المحادثات التي قادتها “الأمم المتحدة” بشأن “ليبيا”، ويدعو الرئيس الأميركي إلى فرض عقوبات على أي جهة أجنبية تعرقل الحل السياسي.
ويدعو المشروع أيضًا لفرض عقوبات على أي شخص أو جهة تستغل بشكل غير مشروع موارد النفط أو المؤسسات المالية الليبية، هذا إلى جانب التشديد على محاسبة المتواطئين في إنتهاكات حقوق الإنسان.
تزداد احتمالية الاشتباكات العسكرية..
وفيما يحاول أعضاء “مجلس النواب”، المتمركز في “طبرق”، الإلتقاء بنواب آخرين من المجلس الموازي، في “طرابلس”، بالمغرب، وذلك لعقد اجتماع مشترك في مدينة “طنجة”؛ للحصول على حلول مشتركة للأزمة، يعتقد خبراء سياسيون وطبقًا لوسائل إعلام ليبية، منها الوكالة الليبية و(الأيام) و(الساعة 24)؛ أن ليبيا يمكن أن تطغى عليها سلسلة جديدة من الاشتباكات المسلحة بين ميليشيات “حكومة الوفاق الوطني” و”قوات الجيش الوطني” الليبي. والسبب الرئيس هو أن الأطراف فشلت في التوصل إلى اتفاق مشترك خلال المنتدى السياسي الليبي في “تونس”، وبما أن مصير ليبيا النهائي لا يزال غير مفهوم، كما كان قبل تطبيق وقف إطلاق النار، فإن احتمالية الاشتباكات العسكرية بين أطراف النزاع تزداد يومًا بعد يوم.
وكان على المشاركين في المنتدى السياسي الليبي حل القضايا الرئيسة لليبيا، وهي: تشكيل حكومة موحدة جديدة في البلاد، واختيار المرشحين للمناصب الجديدة، وإنشاء مؤسسات سياسية موحدة، إلى جانب تحديد موعد الانتخابات لمنصب رئيس الدولة.
ومع ذلك، وبسبب الخلافات العديدة، لم يتمكن المشاركون في المنتدى من التوصل إلى اتفاق، في غضون أسبوعين من الحوار فقط تم الإتفاق على تحديد موعد الانتخابات، ولم يتم النظر في القضايا الملحة الأخرى.
وبهذا قد تكون اتفاقية وقف إطلاق النار، التي وقعها المشاركون في الصراع الليبي، في أيلول/سبتمبر من هذا العام، في خطر.
مصادر أخرى قالت إن سبب آخر قد يؤجج مواجهة بين “حكومة الوفاق الوطني” و”الجيش الوطني الليبي”؛ ألا وهو المرتزقة السوريون والأتراك، الذين لم يغادروا الأراضي الليبية بعد.
توقعات بموجة هجرة جديدة..
وتفيد مصادر مختلفة بأن الميليشيات التابعة لـ”حكومة الوفاق الوطني” طردت أكثر من 50 عائلة ليبية، غربي العاصمة، “طرابلس”، وقامت باحتلال منازلهم ووضع المرتزقة فيها، في حين أنه لا يبدو أنهم سيغادرون البلاد.
يُذكر أنه في ليبيا، لا يزال هناك عدد كبير من المرتزقة الذين جلبتهم “تركيا” من “إدلب”. فقد وصل مقاتلون مسلحون إلى “طرابلس” لمساعدة “حكومة الوفاق” في الحرب ضد “الجيش الوطني الليبي”، لكن حتى بعد توقيع اتفاق الهدنة، لم يغادروا البلاد.
علاوة على ذلك، ذكر المتحدث الرسمي باسم الجيش الوطني الليبي، “أحمد المسماري”، مرارًا وتكرارًا أن الجماعات المسلحة الموالية لـ”حكومة الوفاق الوطني” واصلت مهاجمة “الجيش الوطني الليبي” حتى أثناء وقف إطلاق النار.
كما تؤكد هذه التقارير أيضًا تصريحات خبراء سياسيين واثقين من أن مواجهة جديدة بين “الجيش الوطني الليبي” و”حكومة الوفاق الوطني” أمر لا مفر منه وسيقع قريبًا .
وبعد الاشتباكات الجديدة، من المتوقع أن تتفاقم الأزمة الاقتصادية في البلاد مرة أخرى، مما سيؤثر على حياة العديد من الليبيين.
ويثق الخبراء أن موجة جديدة من الهجرة ستتبعها، وفي الوقت الحالي يغادر آلاف الليبيين منازلهم ويهربون إلى دول الجوار وأوروبا، ومعهم مرتزقة سوريون لا يريدون البقاء في ليبيا ويقومون بالاتجاه نحو الغرب. وقد يواجه الغرب، غير المحصن، مرة أخرى موجة جديدة من اللاجئين التي ستطغى عليه في المستقبل القريب.
محاولات لإعادة تدوير وتقاسم السلطة..
وعن الحوار الليبي، قال “محمد الزبيدي”، أستاذ القانون الدولي، إن الحوار الذي يتم الإعداد له فى مدينة “طنجة” المغربية، حيث يجتمع نحو مئة عضو من أعضاء النواب الليبي بحضور رئيس البرلمان الليبي، “عقيلة صالح”، هو استكمال لسلسلة من الحوارات التى تمت قبل ذلك.
وأضاف “الزبيدي”، أن المشهد فى ليبيا، خاصة فيما يتعلق بهذه الكيانات السياسية، سواء “مجلس النواب الليبي أو مجلس الرئاسي الانتقالي الليبي”؛ والتى شاخت واستمرت فترات زمنية طويلة، هي المسؤولة مسؤولية كاملة عن ما وصلت إليه الأمور في ليبيا.
موضحًا أن هؤلاء الذين يسيطرون على هذه الكيانات يعملون على إعادة إنتاج أنفسهم من جديد في المناصب المختلفة في هذه الكيانات؛ فكل اهتمامات الذين يسيطرون على السلطة الآن محصورة في المكاسب الشخصية فقط.
وأشار إلى أن الكيانات السياسية، ومن عليها، في ليبيا حولوها إلى أشلاء للمرتزقة والإرهابيين.
ويجتمع نحو مئة عضو من أعضاء “مجلس النواب” الليبي في مدينة “طنجة” المغربية، بحضور رئيس البرلمان، “عقيلة صالح”؛ لبحث توحيد البرلمان الليبي.
على أن تعقب هذا الاجتماع جلسة رسمية بنصاب كامل داخل ليبيا، يُحدَد موعدها وزمانها خلال الاجتماع.