خاص : ترجمة – محمد بناية :
يعتقد الكثير من الأميركيين أن أحد الوعود الانتخابية التي، ساهمت في فوز، “دونالد ترامب”، برئاسة “الولايات المتحدة الأميركية”، عام 2016، هو التأكيد المستمر على إجادته “فن الصفقة” على عكس المخضرمين في العمل السياسي، وأن بمقدوره كسياسي أيضًا تغيير مسار الموازنات على صعيد العلاقات الدولية أو الإتفاقيات الثنائية لصالح “الولايات المتحدة الأميركية”.
ويمكن القول: إن الجزء الأكبر من مصطلح “فن الصفقة”، للسيد “ترامب”، يعتمد نموذجين عقليين؛ ويهدف إلى تداخل واضطراب حسابات الطرف المقابل وإجباره على الإستسلام والخضوع، ومن ثم الحصول على مكاسب وإمتيازات، إحدى النموذجيين؛ “نظرية لعبة الجبان” والأخرى “نظرية الرجل المجنون”. بحسب وكالة أنباء (تسنيم) الإيرانية؛ التابعة للحرس الثوري.
نظرية “الجبان”..
تستخدم، هذه النظرية، عندما تقع في موقف، حيث تتعارض مصالح طرفي اللعبة أو أن هناك ثمة تنافس بينهما على المصادر، ويسعى الطرفان إلى استعراض كل أدواته وإمكانياته استعدادًا لوقوع أسوأ حالة، وبذلك يبث الرعب في المنافس ويخرجه من الميدان.
وللنظرية جذور ممتدة في إحدى ألعاب الشوارع، ففي سباقات السيارات تنطلق سيارتان في أحد الشوارع بسرعة شديدة في إتجاه متقابل، حيث يتعين على قائد إحدى السيارتين إتخاذ قرار الخروج عن المسار؛ وإلا اصطدمت السيارتان وراح الاثنان ضحية الحادث. وفي حال قرر أحدهما الإستسلام والخروج عن المسار يكون خاسرًا، ويُعرف بـ”الجبان”، بسبب رد فعله الذي تسبب في خسارته.
ومن الطبيعي إذا استشعر أحد الطرفين خوف الطرف المقابل ورغبته في الخروج عن المسار، سوف يستمر بالتأكيد في المسار المستقيم.
وهذه النظرية؛ هي بمثابة أحد التكنيكات التي يستخدمها، “دونالد ترامب”، التاجر والسياسي، بهدف إضفاء الإضطراب على حسابات المنافسين، على سبيل المثال، قبل عام، هدد “ترامب”، “كوريا الشمالية”، بهجوم نووي مباشر، (بينما كان يسعى رؤساء الولايات المتحدة السابقين باستمرار إلى تجنب تهديدات كوريا الشمالية النووية)، رغم تحذيرات المستشارين من إمكانية أن يؤدي هكذا تهديد إلى إحداث خطأ في حسابات “بيونغ يانغ”، بحيث تندفع في تنفيذ هجوم نووي وقائي ضد المصالح الأميركية في “غوام”.
نظرية “المجنون”..
هي التكنيك الآخر؛ والذي يُستخدم برفقة “الجبان”، في محاولة لإظهار نفسه كشخص غير متوقع، وخطير وعلى استعداد لاستخدام القوة.
وتعود جذور الاستفادة من نظرية، “المجنون”، في السياسة الخارجية إلى، “ريتشارد نيكسون”، الرئيس الأميركي السابع والثلاثون، (1969 – 1974).
ومع أن “ترامب” لم يطرح في كتابه مسميات هذه النظريات بشكل مباشر، لكن نهجه يعكس إيمانه بفاعلية هذه النظريات. على سبيل المثال أكدت تقارير إعلامية، العام الماضي، على أن “دونالد ترامب” أوعز إلى أحد مستشاريه، خلال اجتماع بشأن تسوية الإتفاقيات التجارية بين “سول-واشنطن”، أن يقدمه كشخص “مجنون” وغير متوقع؛ للحصول على المزيد من الإمتيازات من الطرف المقابل، وأن يقول: “ترامب” على استعداد لتمزيق الإتفاقية.
وفي إطار هذه النظريات يمكن تفسير سياسات الإدارة الأميركية حيال “الجمهورية الإيرانية”، وبخاصة إرسال حاملة طائرات وقاذفات (b-52) الإستراتيجية إلى المنطقة. لكن الشواهد والقرائن تؤكد إنعدام قدرة “الولايات المتحدة” على إطلاق حرب جديدة. وإنما تبدأ إدارة “ترامب” بالتهديد بالمواجهة العسكرية مع “إيران”، وعندما لم ترى أي مؤشرات على استعداد “إيران” للمباحثات سربت رقم التليفون إلى “السفارة السويدية”.
وقد أعرب الكثير من المحللين عن قناعتهم بأن التحركات الأميركية الجديدة، في المنطقة، إنما تستهدف ترويع “إيران” واضطراب حساباتها، بينهم رئيس فريق “إيران” في (البنتاغون” سابقًا، “إيلان غولدنبرغ”، مدير برنامج الأمن في الشرق الأوسط في “مركز الأمن الأميركي” الجديد.
وعلى كل حال لم تحقق تكنيكات “الجبان” و”المجنون” أي نتائج ملموسة حتى الآن على الأقل. ولقد فشلت المفاوضات في وقف برنامج “كوريا الشمالية” النووية، وكذلك فشل انقلاب “فنزويلا”. وعلى الصعيد الداخلي، وكلما لجأ “ترامب” إلى استخدام هذه التكنيكات في تنفيذ سياساته يفشل.
ولا يمكن لـ”الولايات المتحدة” تحقيق نصر كبير بخصوص “إيران”؛ دون تعاون أنصار المصالح الأميركية في الداخل الإيراني.