الشَّيخ أبُ حنيفة النُّعمان وُلِدَ في الكوفة سنة 80هـ 699م، لأبٍ فارسي يُدعى «ثابت بن النُّعمان بن زوطى بن ماه بن المرزبان»، ولَمّا خرج زيد بن علي زين العابدين على هِشام بن عبدالملك سنة 121هـ كان أبُ حنيفة مِنَ المُؤيدين للإمام زيد عربي الآل والأصل، قال أبُ حنيفة: «ضاهى خروجه خروج رسول الله يوم بدر»، ويُروى أنه قال في الاعتذار عن عدم الخروج معه: «لو علمت أن الناس لا يخذلونه كما خذلوا أباه لَجاهدتُ معه لأنَّه إمام حق، ولكن أعينه بمالي، فبعث إليه بعشرة آلاف درهم». وانتهت ثورة الإمام زيد بقتله سنة 132هـ، كما قتل ابنه يحيى في خراسان فارس، وابنه عبدالله بن يحيى في اليمن أصل العرب العاربة. كان أبُ حنيفة يميل إلى أبناء الإمام علي بن أبي طالب، وتحمّلَ السَّجن والتّضييقَ لأجلهم وقد جاء في مُختصر التُّحفه الاثني عشريَّة للدَّهلوي تلخيص الآلوسي: «وهذا أبو حنيفة.. كان يفتخر ويقول بأفصح لسان: «لولا السَّنتان لهلك النعمان» يريد السَّنتين اللَّتين صَحب فيهما لأخذ عِلْم الإمام جعفر الصّادق، وقال غير واحد أنّه أخذ العلم والطريقة من هذا ومن أبيه الإمام محمّد الباقر» مُختصر التحفة: 8، والتُّحفه الاثني عشريَّة للدَّهلوي: 142. تُوفي أبُ حنيفة لإحدى عشرة ليلةً خلت مِنْ جَمادي الأُولى سنة 150هـ، وقيل سنة 151هـ، وقيل سنة 153هـ، في بغداد التي انتقلَت الخِلافة مِنها مع مذهب أبي حنيفة إلى اسطنبول، ودُفِنَ في مَقبرة الخيزُران، وقبره في بغداد يُزار، وقد بسط العُثمانيّون حُكم مذهبهم الحنفي، على حوض الفرات مِنْ مَنبعهِ هضبَة الأناضول تركيا حتى خليج ولايتهم البصرَة عُثمانيَّة الهوى، مرورَاً بالمِنطَقة الشَّمالِيَّة الشَّرقيَّة الشّيعيَّة للشّام حيث ازدَهَرَت الدَّولَة الشّيعيَّة الحَمدانيَّة قبل الدَّولَتين الحنيفيَّتين: العُثمانيَّة وداعش!.
صالح القلاب كاتب اردني وزير اعلام ووزير ثقافة ووزير دولة سابق وعضو مجلس امناء المجموعة السّعوديّة للأبحاث والتّسويق، قلَبَ حقيقة الهِلال الشّيعي كما انقلب هواشِم شَرق نهر الأردن على العُثمانيّن في سبيل التاج والثورَة العربيَّة الكبرى والبعث العربي- وعد بريطانيا العُظمى، في مَقالَة القلّاب لصَحيفة هذه المجموعة النِّفطيَّة (الشَّرق الأوسَط) اللّندنيَّة، عدد 3 أغسطس 2017م، جاء فيها:
«.. سبعينات القرن الماضي وبدايات ثمانيناته، بادر جميل الأسد، شقيق حافظ الأسد، وبدعم وتوجيه من شقيقه هذا إلى تشكيل «جمعية المرتضى» التي أعطيت رسمياً مهمة تحويل العشائر والقبائل العربية في المناطق الشمالية – الشرقية من المذهب السنّي إلى الطائفة العلوية. وحقيقة أن هذه الجمعية، التي تم توفير إمكانات مالية طائلة لها بالإضافة لإمكانات نفوذ لا حدود له، قد حقّقت نجاحاً كبيراً وبحجّة كاذبة، هي أنّ كل هذه القبائل كانت شيعيّة وبخاصة في عهد الدولة الحمدانية الشهيرة والمعروفة التي كانت لها السيطرة على هذه المنطقة، وذلك قبل أن يحوّلها الأتراك العثمانيون إلى الطائفة السنيّة على المذهب الحنفي». مَرجـِعيَّة القلّاب مجلّة «فورين أفيرز» الأميركية، في عددها الأخير، ملف استهداف الأكثرية «السنيّة» في سوريا، تخْلُص إلى أن هذا البلد لن يعود إلى سابق عهده طالما أن سياسة التهجير القسري التي اتبعها نظام بشار الأسد ضد هذه الطائفة قد أدت إلى تغيير التركيبة السكانية بشكل جوهري، وبخاصة في دمشق العاصمة والساحل السوري كله، والمعروف أن هذه السياسة ليست جديدة، وأنها لم تبدأ مع بدايات سنوات الحرب الأهلية الأخيرة التي بدأت عام 2011، وإنما قبل ذلك بنحو أربعين عاماً أي بعد انقلاب حافظ الأسد في عام 1970. ولعل ما هو غير معروف، وبخاصة بالنسبة للمتابعين للشؤون السورية عن بعد، أنّ سوريا، التي شهدت منذ انقلاب حسني الزعيم في عام 1949 أكثر من سبعة عشر انقلاباً بين فاشلٍ وناجحٍ، قد انتهت إلى القبضة الطائفية، وبصورة إنْ ليست نهائية فشبه نهائية بانقلاب حافظ الأسد على رفاقه في حزب البعث العربي الاشتراكي في عام 1970، وحيث شكّل عدد من ضباط الرتب العليا وبعض كبار المسؤولين الحزبيين ومنهم مصطفى طلاس وحكمت الشهابي وعبد الحليم خدام وعبد الله الأحمر ديكوراً «سُنيّاً» لهذا النظام الذي تحوّل إلى نظام طائفي، وليس إلى نظام الطائفة العلوية، على مدى كل هذه الفترة منذ بدايات سبعينات القرن الماضي وحتى الآن. وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ كل هذا التحول المذهبي الذي شهدته سوريا قد بدأ في القاهرة بعد الوحدة المصرية – السورية وقيام الجمهورية العربية المتحدة في عام 1958، وحيث تم نفي معظم كبار الضباط البعثيين من إقليم الشمال إلى إقليم الجنوب، وتشكّلت لجنة عسكرية سرية ضمت ثلاثة من العلويين، هم محمد عمران، أعلاهم رتبة، وصلاح جديد وحافظ الأسد، واثنين من الطائفة الإسماعيلية التي تتركّز بشكل رئيسي في مدينة السلمية بالقرب من حماة في وسط سوريا، هما عبد الكريم الجندي، الذي أصبح بعد عام 1963 لاعباً رئيسياً، وبخاصة بعد تسلمه رئاسة مكتب الأمن القومي، وأحمد المير الذي كان القائد العسكري لجبهة الجولان خلال حرب حزيران 1967 التي احتل الإسرائيليون خلالها الهضبة السورية كلها، بالإضافة إلى سيناء حتى قناة السويس، وغزة، والضفة الغربية حتى نهر الأردن. كل هذا، بالإضافة إلى أن أحياء كاملة من حمص قد تم «تطهيرها» من سكانها الأصليين، وهنا فإن الأخطر هو أن هناك عمليات حرقٍ متعمّد سابقة ولاحقة لمكاتب تسجيل العقارات، ليس في دمشق وحدها، وإنما في كل المناطق التي يسيطر عليها النظام، وحيث بات يصعب على المواطنين «السنة» إثبات ملكيتهم لبيوتهم وعقاراتهم التي بات يحتلها الإيرانيون والأفغان. وكل هذا بينما عمليات التهجير المنهجي لا تزال متواصلة ومستمرة وأمام عيون الهيئات الدولية المعنية، بل وأمام سمع وبصر العرب الذين يبدو أن بعضهم لم يعد يتذكّر ما الذي حلَّ بفلسطين وعربستان (الأحواز) وأيضاً بلواء الإسكندرون، وبجزر الإمارات العربية الثلاث».