1 نوفمبر، 2024 9:19 م
Search
Close this search box.

الاثنية والدولة ، الاكراد في العراق وايران وتركيا

الاثنية والدولة ، الاكراد في العراق وايران وتركيا

عرض/ جمال كريم
عن معهد الدراسات الاستراتيجية صدر كتاب بعنوان “الاثنية والدولة ،الاكراد في العراق وايران وتركيا ” اعده االباحثان فالح عبد الجبار وهشام داود وترجمه الى العربية عبد الآله النعيمي ، وقد ضم الكتاب أربعة عشر فصلا ساهم فيها عدد من الباحثين من دول أوربية وشرق متوسطية ، جلها ركز أو تمحور حول الاشكاليةالكردية عبر مختبرها الاهم العراق ، يقول محررا الكتاب في التقديم :”بحلول القرن الحادي والعشرين ، اخذت العلائق الاثنية تحتل الموقع المركزي الذي تشغله القومية في مطلع القرن العشرين ، لحظة الاعلان عن حق تقرير المصير مبدا أسمى ، على لسان زعيمين متناقضين التناقض كله كالثوري الروسي فلاديمير لينين ، والليبرالي الاميركي وودروويلسون .ولما كانت هناك ثمانية آلاف لغة مبثوثة في ثنايا المعمورة ، متواشجة مع عشرات الاديان والاعراق ، فان هذه الخصائص المعينة لتخوم الجماعات الاثنية تفيدنا أن كل هذه الحشود الهائلة من الاثنيات الفعلية أو الممكنة هي حبيسة ما يقل عن مائتي دولة ،رغم أن الدولة هي الوعاء السياسي القادر على اشباع التشوف القومي.”

ويضيف المؤلفان: “وان البعدين القومي و/أو الاثني يضعان الاشكالية الكردية في مقدمة القضايا .أما العراق ، بؤرة الاهتمام الدولي ، فهو ساحة الاختبار الارأس ، لتحقق أو تعقد المسألة الكردية.

أما الفصل الاول من الكتاب “هل نستطيع ان نكتب تأريخا حداثيا للحركة القومية الكردية ؟للباحث الايرلندي فريد هاليدي فقد ضم تميهدا وأربعة محاور هي على التوالي :الحرب وصراع القوى الكبرى ،القومية وبناء الدولة ،المثال الايديولوجي ،التحول الاجتماعي – الاقتصادي .

وفي أولا من التمهيد “مناقشة القومية ” يؤكد هاليدي أن تاريخ الحركةالقومية الكردية يطرح طائفة من التحديات :فمن جهة ، هناك التحدي المتمثل في كتابة تاريخ الحركة القومية الكردية كما نشات في بلدان عدة في الشرق الاوسط الحديث ومن جهة اخرى ، هناك التحدي الذي يطرحه ربط قضية الحركة القومية الكردية بمناقشات أوسع في اطار علوم الاجتماع حول طبيعة القومية .

ويضيف الباحث : التحدي الاول واجهه العديد منة الكتاب ، كردا ومن قوميات شرق أوسطية أخرى فضلا عن كتاب غربيين . وغرض هذا الفصل هو استطلاع البعد الثاني متمثلا في ربط الحركة القومية الكردية بمناقشة طبيعة القومية في علم الاجتماع .

وفي ثانيا من التمهيد”السياق الحديث”يتحدث الباحث عن النزعة القومية وسبب نشأتها التصنيعي ، مشيرا الى تأثير الدولة والمجتمع على حد سواء في هذه العملية ، أما فيما يخص كردستان فيقول :”لاتجد سندا يعتدبه في كردستان .والحق أننا امام واحدة من من أسطع المفارقات التأريخية في اطار النزعة القومية الكردية :في حالات عدة ،تولت تنظيم الحركة القومية الكردية أحزاب تعلن التزامها برؤية اشتراكية أو ماركسية ،وتتوجه الى “الطبقة العاملة”(مثل كوملة kamala في ايران وحزب العمال الكردستاني في تركيا).

ويوضح الباحث في اول المحاور “الحرب وصراع القوى الكبرى” انه ينبغي النظر الى صعود اي نزعة قومية لابمفردات ما تؤكده النزعة القومية نفسها ، وهو تنامي الوعي والتنظيم القوميين ، فحسب ، وانما في سياق صراع الدول وضعف الدول المهيمنة ، او تحولها .

ويخلص الى القول : وفرت الحرب العالمية الاولى السياق الذي نشأ فيه أولى الحركات القومية الكردية في تركيا والعراق .وكان الضعف الذي اعترى الامبراطورية العثمانية بسبب الحرب العالمية ، وانتشار فكرة تقرير المصير التي أعلنتها الثورة البلشفية (لينين) والليبرالية الاميركية (الرئيس ولسن) هو ما ىافضى الى ظهور المطالب الاولى باستقلال الكرد.

وفي ثانيا من محاور البحث “القومية ويناء الدولة” يشير هاليدي الى ان نشوء الحركة القومية كان قد ابتدأ من أواخر القرن التاسع عشر فصاعدا ، بدرجة كبيرة ، نتيجة صعود دول أخذت تقبل على الحداثة .

ويؤكد : تتيدى اهمية سياق الدولة القومية للنزعة القومية الكردية في ناحيتين أخريين .أولا ن ان الدولة القومية توفر ما يؤكد البعد الحقيقي للحركة القومية الكردية لا البعد المرتبط بالطموح .فالحركة القومية الكردية تعلن وجود شعب كردي موحد يهدف الى اقامة دولة واحدة ولكن الواقع يؤكد ان تأريخ النزعة القومية الكردية الحديثة هو تأريخ ثلاث حركات متميزة بسياقات وحملات مختلفة ، ولكل منها طابع مغبر عن الاخرى ،وكثيرا ما اتخذ هذا الاختلاف شكل تحالفات مع دول ضد جماعات كردية أخرى،مثل تحالف كرد ايران مع العراق ، وكرد العراق مع وايران وتركيا.

أما ثالث المحاور”المثال الايديولوجي” فيحلل الباحث الضعف في المقاربة التي يطرحها ايلي خضوري في عملية “القومية”والتي تؤكد ان انتشار النزعة القومية على أنها وليدة أيديولوجيا وشيوعها .

ويقول هاليدي في هذا الشأن: وكانت الماركسية تؤدي وظائف أيديولوجية ، في مقارعة دول موالية للغرب وهيمنتها “ايرن البهلويةنتركيا الكمالية، العراق الهاشمي “وتوفير أساس أو ، على الاقل، طموح لتوحيد نضال الشعب الكردي مع نضال جماعات مضطهدة أخرى في ذلك المجتمع .فان ايديولوجيا حزب العمال الكردستاني ،وهي ماركسية راديكالية مماثلة لماركسية مجموعات نشأت ابان الثمانينات في اثيوبيا ، وهي مثلها مثل اي شيء سواها ،نتاج الثقافة اليسارية المقاتلة للحركة الطلابية وحركة الكفاح المسلح في المدن ن مما عرفته تركيا في السبعينات.

وفي رابع محاور البحث يقول هاليدي : يغدو من الممكن لدى اخذ هذه المؤثرات التكوينية الثلاثة في الاعتبار ، النظر الى العوامل التي تشدد عليها بصفة خاصة النظرية السوسيولوجية في القومية ، وتحديدا الانتقال من المجتمع ما قبل الصناعي الى المجتمع الصناعي وظهور الطبقات الحديثة .ولايمكن تفسير صعود الاتجاهات الثلاثة للنزعة القومية الكردية بمفردات امة كردية واحدة أو البنية الطبقية لكردستان واحدة ، او ثلاث كردستانات . ولكن تغيرا اجتماعيا حدث بكل تأكيد في كل من المناطق الكردية الثلاث .

وفي خلاصة بحثه يؤكد هاليدي : وما تذهب اليه هذه الملاحظات السريعة هو أنه ةقد يكون من الممكن كتابة تأريخ حداثوي للكرد رغم دعاوى المؤرخين القوميين من جهة ، والمفهوم الصناعي الضيق للقومية من جهة أخرى . ولابد أيضا من الامل بان تثمر الحركة الكردية حصيلة حداثوية ك نيل الحقوق القومية والديمقراطية فب اطار كل دولة ، أو في اطار دولة مستقلة ن على اساس ديمقراطي ، وهذا ما لم يسمح به ن حتى الان ، التأريخ الحديث واشكال الولة الحديثة التي يواجهها الكرد.

ويتناول الفصل الثاني من الكتاب “طرق الكرد الى بناء الامة” والذي كتبه البروفيسور مارتن فان بروينسن صاحب الابحاث الميدانية في أجزاء من كردستان في منتصف سبعينيات القرن المنصرم ، تعريفا للكرد من حيث النشاة والعدد والهوية فضلا عن تعدد وتنوع اللهجات الكردية ، وفي محور من هو الكردي؟ يقول الباحث : لاتوجد تقديرات موثوقة لععد الكرد في اي من بلدان التي يعيشون فيها .ويعود هذا الى عدد من الاسباب ، احدهما مسألة تتصل بسياسة الحكم ك لاسباب تتعلق بتحقيق الاندماج القومي ، فان الحكومات المعنية لاتقوم عادة بتعداد الجماعات اللغوية والدينية في حدود دولها ، كل جماعة على حدة ، اوعندما تقوم بتعداد كهذا، فانها تمتنع عن نشر النتائج .ومن الاسباب الاخرى ان تحديد الفرد لهويته بوصفه كرديا أو غير كردي ، قد يتوقف على السيق الساسي والاجتماعي .

ويشير مارتن في “الوحدة والتنوع بين الكرد”بالقول : قال المستشرق والخبير الكبير بشؤون الكرد فلاديمير مينورسكي ،ذات مرة ، ان اللهجات الكردية المختلفة (التي استبعد منها الزازائيةوالكورانية)، كانت تشف تحت اختلافاتها البينة ، عن وحدة ملحوظة ، لاسيما عند مقارنتها بالطائفة الكبيرة من اللغات الايرانية المتباينة للغاية التي يتكلمها سكان منطقة جبلية اخرى هم الباميرpamirs .وخلص مينورسكي الى ان وحدة اللغة الكردية هذه ناجمة عن لغة واحدة يتكلمها شعب كبير ومهم ،واقترح أن هذا الشعب ربما كان الميديين “الذين يروق للقوميين الكرد في الحقيقة أن ينظروا اليهم على أنهم أجدادهم” .

وفي محور ” القومية وتكوين الامة والحقوق القومية “يقول الباحث : في الخطاب السياسي السائد في القرن العشرين ، ارتبط تقرير مصير الامم باعلان الاميركي وودرو ولسن ذي “النقاط الاربع عشرة” وخطابات أخرى القاها في زمن الحرب ، وكتابات جوزيف ستالين ذات التاثير الواسع حول مسالة القومية وميثاق الامم المتحدة ، كلها تشير الى حق تقرير المصير .لذا بذل القوميون الكرد في احيان كثيرة جهودا كبيرة للبرهنة على ان الكرد يشكلون أمة .ولم يكن ولسن ولا الامم المتحدة تقدما تقدما بتعريف لما بعنيه مصطلح”أمة” .ولعل الكرد كانوا ضعفاء ، بحيث لم يتمكنوا من طرح مطالبهم بفاعلية عندما انتهت الحرب العالمية الاولى .

ويوضح الباحث بالقول : ورغم أن غالبية القوميين الكرد يراودهم حلم كردستان موحدة ومستقلة ، فان قادة كرد ايران والعراق ، كانوا عادة ، يقصرون مطالبهم ن لاسباب برغماتية ، على تقرير المصير في اطار الدول القائمة ، أي التمتع بالحكم الذاتي سياسيا وبالحقوق الثقافية .وقد امتنعوا عن المجاهرة بمثل الوحدة القومية الكردية .وعندما شهدت الحركة الكردية انبعاثا جديدا في تركيا ابان الستينات ، في اطار حركة اليسار المتجددة أولا ، كانت أولى مطالبها الاعتراف بوجود الكرد ، والحقوق الثقافية والتنمية الاقتصادية .

ويؤكد الباحث قائلا: ومع انتشار افكار لينين وستالين تدريجيا في تركيا اصبح مفهوم تقرير المصير هو المفهوم السائد في الخطاب السياسي ، وفي أواخر السبعينيات غدا عمليا الهدف المعلن لجميع الاحزاب والمنظمات الكردية في تركيا .وكان أنجح الاحزاب في خوض كفاح مسلح ضد الدولة التركية وبناء قاعدة جماهيرية عريضة بين كرد تركيا ، حزب العمال الكردستاني .

ويوضح مارتن في خلاصة بحثه قائلا:تأثرت اىثنية الكردية في القرن العشرين بجملة عوامل اجتماعية واقتصادية وسياسية مختلفة : سياسات يناء الامة في تركيا وايران والعراق وسوريا ن وتطور الاتصالات ، والتعليم العام ، وانتشارالكتابة ، والقراءة جماهيريا (على الاقل بلغة الدولة الرسمية)وتزايد الحراك الجغرافي والاجتماعي ،واربعة عقود من النضال السياسي والكفاح المسلح الذي خاضته الاحزاب القومية الكردية ، وتدمير الكثير من الحياة الريفية التقليدية ، وظهور شتات كردي كبير على مستوى عال من التعليم والصوت المسموع . واصبحت غالبية الكرد أكثر اندماجا من الناحيتين الاجتماعية والاقتصادية في الدول التي يعيشون فيها ولكن هذا لم يعمل على اضعاف الاثنية الكردية .

والحق ان الاثنية أصبحت الى حد ما قضية خيار شخصي وكان البعض من شخصيات القرن العشرين مثل ضياء غوكالب وشكرو صكبان يدركون احتمال أن يختار المرء هويته الاثنية .

أما الفصل الثالث(الكرد و”آخروهم”:هوية متشظية …وسياسة متشظية ، فقد كتبه د.عباس ولي استاذ نظرية السياسة وسياسة الشرق الاوسط الحديث في قسم العلاقات الدولية بجامعة ويلز.

يؤكد ولي في بداية بحثه على ان الكرد يشكلون اكبر امة بلا دولة في العالم المعاصر . اذ يعيش حوالي ثلاثين مليون كردي في كردستان تحت السلطة القومية لاربع دول ذات سيادة ن هي تركيا وايران والعراق وسوريا .وتنكرر هذه الدول ، بطرق مختلفة ، وجود هوية قومية كردية ، وتقمع مظاهرها الساسية والثقافية و بقوة السلاح .لقد أسفر تقسيم كردستان بعد الحرب العالمية الاولى وما ترتب عليه من تنوع بنيوي في المجتمعات الكردية التي تديرها أنظمة سياسية واقتصادية مختلفة ، عن حرمانة الكرد من الوحدة السياسية والتلاحم الثقافي .واتخذت التنظيمات والحركات السياسية الكردية المنتشرة في كردستان المقسمة منذ عام 1918،أشكالا متباينة وعملت من أجل أهداف مختلفة .و لكن التصدي لانكار الهوية الكردية ومقاومة الهويات”القومية”المفروضة ن يبقيان السبب الاساسي للثورات الكردية .ويحدد ديالكتيك الانكار والمقاومة الشكل السياسي للقومية الكردية وطابعها .

ويمضي ولي في خلاصة بحثه قائلا: ثمة في ظروف كردستان الحالية ، بعد الفشل المتكرر لمشاريع الحكم الذاتي ، كثيرون ممن سيعترفون فورا بهذا الاتجاه وتقدير اهميته السياسية ، ولكن قلة تبدي استعدادا لدعمه علنا .وبنظر كثيرين مهتمين حقا بالحل السياسي المقترح ، فان المشروع النظري الاساسي مشروع سليم ، ولكنه غير عملي الى حد بعيد .وتعليل ذلك يدعو الى الاسى ، ولكنه تعلبل مقنع .اذ يبدو من المستبعد جدا ان يكون لدى الدول الاربع ذات السيادة التي تحكم كردستان المقسمة ،ذات يوم ، الاستعداد أو الجراة على فك ارتباط الهوية الكردية بشروط السيادة السياسية ، على الاقل مادام خطابها القومي/الدولتي الرسمي السائد ،ساري المفعول والمؤسسات “القومية”اللازمة قائمة.

وبعنوان “الاثنية والسلطة ، تأملات في التحديدات والتخوم الاثنية ” كتب الباحث العراقي هشام داود الفصل الرابع من الكتاب تناول فيه الكثير من القضايا الاثنية وبالتحديد في الشرق الاوسط يوجه عام والعراق بوجه خاص مشيرا الى ظهور التعددية الاثنية واللغوية والدينية وبخاصة في السنوات الاخيرة .

يقول داود :ثمة تحليلان رئيسان متنافسان حول طبيعة الاثنية نينطوي التحليل الاول على تشديد جوهراني على الصفة البدئية المتأصلة للانتماء الى جماعة اثنية ، وعلى اهمية تخالط الفرد تخالطا اجتماعيا مبكرا من خلال اندماجه بجماعة اولية .وينحو هذا المفهوم الى اعتبار ان الخصائص اللغوية والدينية و”العرقية”المحددة،مستمدة مباشرة من شكل معين من أشكال الوعي الاثني أو صانعة لمثل هذا الوعي ،والذين يعطون الاولوية للتحديدات البدئية يرون أيضا وجود علاقة بين الاثنية والقرابة .وبحكم الاواصر العاطفية القوية بين الافراد تتكون لديهم القناعة بتحدرهم من أصول مشتركة ،وفي بعض الاحالات لديهم مصير كوني خاص .واذ يشدد ماكس فيبرMax Weber على أهمية النسب المشترك ، فأنه يحدد الجماعة الاثنية بالمفردات التالية :”سنطلق تسمية “الجماعة الاثنية”على تلك الجماعات البشرية المؤمنة ايمانا ذاتيا باصلها المشترك …ولابد ان يكون هذا الايمان مهما لاشاعة تكوين الجماعة .وبعكسه ،لايهم أن كانت هناك علاقة قرابية أو لم تكن .فالانتماء الاثني “Gemeinsankeit ” يختلف عن الجماعة القرابية بكونه هوية مفترضة على وجه التحديد”.

ويمضي داود قائلا: من منظور آخر / أداتي أو موضوعي ، ينظر بعض الباحثين الى التخوم بين التجمعات الاثنية علةى انها تخوم مرنة ومتنافذة مع بعضها ن وهم يذهبون الى ان الاثنية قد تحتضن او ترفض حسب الرغبية .

ويرسي الموضعيون تضارب المصالح في مركز كال النزاعات السياسية التي تتبدى اثنيا ن ويعتقدون ان الفرد قد يمتلك هويتين أو اكثر حسب دوره في وضع معطى .ويمكن للانتماء الى جماعة اثنية ان يعتمد على طقوس تتعلق بالقبول الاجتماعي والتماهي الذاتي أكثر من اعتماده على أي معايير لارجعة فيها ، مفروضة منذ الولادة .

ويشير هشام داود موضحا : ولكن اي تحليل من هذه التحليلات ليس وافيا بمفرده .فاولا،ان ثقافة هذه الجماعة أو تلك ليست ثقافة ثابتة او معطاة بشكل نهائي ،وهي “انبناء”بسيط .ان ما نعنيه ب”الثقافة”هو منظومة كاملة من التمثيلات والمبادىء التي تنظم نواحي الحياة الاجتماعية على اخلافها تنظيما واعيا ،منظومة من المعايير نالايجابية والسلبية ،والقيم المرتبطة بطرق السلوك والتفكير هذه .يضاف الى ذلك ان عملية التعبئة السياسية للموارد الاثنية ليست مسالة توظيف للاعراف الرمزية بكللا بساطة .والحق انه يصرف النظر عن المحاجة القائمة على “التفاعلات الرمزية”ميبقى السؤال قائما :لماذا يشعر الافراد أن عليهم ان ينتمواالى جماعة اثنية ؟

ويختتم داود بحثه بالقول:الان كما في السابق ،يلوح واقع الاثنية في أفق العراق السياسي .وتندفع جماعات اثنية معينة الى تشديد هويتها لطرح مطالب بتقاسم السلطة مع الجماعة الاثنية الحاكمة .ويصح هذا أيضا عندما تكون جماعات اثنية صغيرة خاضعة لهيمنة جماعة اثنية ثالثة تتقاسم معها رقعة اقليمية واحدة، كما يظهر بوضوح مع جماعات اثنية –دينية مثل الآشوريين أو الكلدانيين أو التركمان الذين كثيرا ما يعتري التوتر علاقاتهم مع الكرد أو العرب .ولكن اذا هناك شيء اثبت ان من الصعب اعادة بنائه في عراق ما بعد صدام (كما في غيره من بلدان الشرق الاوسط) ،فهذا الشيء هو تقسم السلطة.

ويتناول الفصل السادس “اللغة والثقافة في تكوين الهوية الكردية” اثر اللغة والثقافة في تشكيل الهوية الكردية وقد كتبته البروفسورة جويس بلاو ، استاذ فخري في المعهد الوطني للغات والحضارات الشرقية .وهي حاليا مديرة المعهد الكردي في المؤسسة الفرنسية ، وريئسة تحرير مجلة دراسات كردية “بالفرنسية”وتشارك البروفسور كايث هيتشينز تحرير مجلة الدراسات الكردية “الانكليزية”.

جاء في بداية البحث : نعلم من مؤرخين وكتاب سير عرب وناطقين بالعربية أن الكرد ن منذ دخلو التأريخ في القرن السابع من الفتح الاسلامي ن كانوا مندمجين في المنطقة من خلال المشلركة في توسيع الاسلام وتطوير الغة العربية على السواء .وهذا ما سجله الامير شرف خان بن شمس الدين بدليسي (1543-1604 )في عمله طشرف نامة”، والرحالة أوليا جلبي في القرن السابع عشر.

وأبدى الكرد حمية دينية على امتداد تاريخهم .

ففي القرن العاشر أقام أمراء الدويلات المستقلة أو شيه المستقلة الكثير من المنشآت الدينية .

وتؤكد البرفسورة جويس قائلة: وكان الكرد يكتبون بلغة سلاطينهم .وعلى سبيل المثال ،فان ابن الاثير –المؤرخوكاتب السير ومؤلف “الكامل في التأريخ” (توفي سنة 630/ 1233 ) وابن خلكان (توفي سنة 618/ 1282) وأبو الفداء (توفي سنة 732/ 1331 )كتبوا جميعهم باللغة العربية .أما ادريس حكيم بدليسي (توفي سنة 1520 )الشخصية العثمانية وصاحب المقام الرفيع فقد كتب “هشت بهشت”(الفراديس الثماني ) الذي أعاد فيه سيرة السلاطين العثمانيين الثمانية الاوائل ، باللغة الفارسية .

وتشيربلاو: الشعراء الميدعون هم أول من استخدم الكردية ، لغتهم الام ، في اعمالهم .وصدرت أولى الروائع الادبية المعروفة التي جعلت اللغة الكردية رمزا للهوية الجمعية ، وعنوانا لهوية الشعب الكردي ، وفي القرنين السادس عشر والسابع عشر عندما كانت الامبراطوريتان العثمانية والفارسية توطدان أركانهما ، وكانت كردستان وقتذاك هدفا لاطماع جيرانه الاقوياء ،الذين تقاتلوا عليها بلا هوادة مخلفين وراءهم تركة من الدمار .وفي نهاية القرن السابع عشر ، طرح الشاعر والفيلسوف أحمدي خاني الفكرة بان الكرد شعب متميز ، وذلك في عملية “مام وزين” فهذه الملحمة المؤلفة من 2655 وحدة ثنائية الابيات ، مترعة بالصور الشعرية والمشاهد الغنائية ، خلدت اسم خاني عند الكرد ، مثلما خلد الفرس فردوسي ، والاغريق هوميروس .وتزخر قصة الحب المأساوية هذه بين بطليها مام وزين ، بالرموز القومية وتتفجر روحا وطنية ، وقد كتب الشاعر قصته الرومانسية هذه ردا على صعود النزعة القومية عند العثمانيين والصفويين .

وعن تأريخ الصحافة الكردية تقول بولا: صدرت أول صحيفة كردية ، وكان لتسميتها “كردستان” مغزى واضح ، في عام 1898 بلغتين ، الكردية والتركية ، لافي كردستان نفسها وانا في القاهرة .وكان ذلك يعكس المصاعب التي تواجه النخبة الثقافية الكردية .وكتب مقداد مدحت بدرخان في عددها الاول :”كل ما يحدث اليوم في العالم ينقل في صحف نتعلم منها الشيء الكثير .ولسوء الحظ ان الكرد ، رغم شجاعتهم وذكائهم ، يعيشون من دون أن يعرفوا ما يجري في كوكبنا . وانا أنشر هذه الصحيفة لاطلاعكم على تطور الاحداث في العالم وتشجيعكم على القراءة والكتابة باللغة الكردية”.

وبعد أن تتابع تاريخ الصحافة الكردية في السليمانية في العقد الاول من القرن الماضي ، تتحدث بولا عن وضع الكرد في تركيا وايران ومن ثم توزعهم في منافي سوريا ولبنان ، ثم لتنتقل الى متابعة وضع الكرد في العراق ، فتوضح قائلة: أتاحت الهدنة التي توصلت اليها الحكومة العراقية والكرد في عام 1970 فرصة لتحقيق تطور كبير على مستوى اللغة الكردية والادب الكردي .واخذ الشعراء والادباء الكرد ينشرون أعمالهم في 29 دورية جديدة ، اثنتان منها كانتا تصدران في كركوك وست في هاولير (أربيل) وأربع في السليمانية .وصارت يغداد مركزا ثقافيا كرديا مهما .وانشيء مجمع علمي كردي عام 1970 في بغداد ، وجامعة في السليمانية في العام التالي .وشهدت تلك الفترة ظاهرة جديرة بالاهتمام ، تكررت في أماكن أخرى ، اذ أن مثقفين كردا من مناطق مختلفة من العراق ، كانوا حتى ذلك الحين قد اندمجوا في الحياة الثقافية العربية ، أخذوا يستعيدون “كرديتهم”وشرع صحافيون ومؤرخون ولغويون وعلماء ومهندسون وغيرهم في الكتاية باللغة الكردية ، ولكن هذا الابداع الادبي الناشىء تأثر بنتائج انهيار المفاوضات بين الكرد وصدام حسين ، الذي تسلم مقاليد السلطة ، ثم بحربي الخليج الاولى والثانية .

وتؤكد بولا: في العراق ازدهر الادب الكردي في المنطقة الامنة التي أقيمت عام 1992 لحماية ثلاث محافظات كردية (من أصل ست محافظات تشكل كردستان العراق) وسرعان ما تاقلم الادباء والشعراء الكرد ، متمتعين بحرية لم يعهدوها من قبل ، مع الممارسة الديمقراطية .ومنذ عام 1992 صدرت 77 جريدة ومجلة ، 38 منها في هاولير/اربيل و25 في السليمانية و12 في دهوك وواحدة في كركوك .

وتختتم بولا بحثها قائلة : تعتبر هذه الجهود خطوة مهمة في نضال الكرد من أجل تحقيق حلمهم في توحيد اللغة الكردية ، وتوحيد كردستان ذات يوم . تشعر غالبية الادباء والاديبات الكرد ، ان لم يكن كلهم ، بان اللغة الكردية أداة حقيقية للتعبير عن هويتهم القومية ، ومعيار مهم يميزهم اثنيا وقوميا عن جيرانهم .

أما الدكتورة ماريا أوشي ، زميلة زائرة في جامعة الدراسات الافريقية والشرقية ، فقد كتبت بحثا في الفصل السابع من الكتاب بعنوان ” التصورات والتصورات الخاطئة عن التأريخ الكردي المبكر” تناولت فيه مختلف الاسباب والذرائع لتشويه تأريخ الكرد أو لتصويره تصويرا قاصرا ، وقد ضم بحثها فضلا عن المدخل والخلاصة ، أربعة محاور هي :”مآزق تأريخية وجغرافية ،وبناءات تأريخية قومية وبناء الاسطورة ،وكردستان قبل الاسلام ” .

تقول أوشي في محورها الاول : ينبغي ان يكون ماثلا في الذهن أن تاريخ كردستان وتأريخ الكرد هما في الحقيقة مجالان يتميز كل واحد منهما عن الاخر، وهذه المسلمة البديهية ، لكن الاساسية ، هي ما يعوز غالبية المحاولات الرامية الى تدوين ومفصلة التاريخين معا ، وغيابهما يكمن في قصور هذه المحاولات .وكان مازق مماثل واجه مؤسسي تركيا الحديثة ، فالترك يعودون في اصولهم الى آسيا الوسطى ، وعندما وصلوا الى الاناضول كان العديد من حضارات الاناضول العظيمة قد افلت منذ زمن بعيد ، أو في طريقها الى الزوال ، مثل البيزنطينيين .وباستثناء مدرسة فكرية قومية في الثلاثينات ، فان الترك عادة لايدعون انتماءهم الى هذه الحضارات ، مثل حضارة الحيثيين ، ولكنهم يوظفونها ليبنوا تأريخ الاناضول العريق والمجيد ، او موقع تركيا الجغرافي في الوقت الحاضر .وعن الترك انفسهم لايعرف شيء في الحقيقة قبل القرن السادس الميلادي .وما عدا فترة في بداية الجمهورية ، جرى خلالها توكيد التأريخ الاناضولي بدلا من “الجامعة التركية” ، ما زالت الابحاث مستمرة في الاصول الاسيوية الوسطى للناطقين بالتركية .

وتشير أوشيك وهكذا اتسع نطاق التأريخ التركي اتساعا دراميا في أقل من ثمانين عاما ، ليسخر ثلاثة مواض شديدة الاختلاف في خدمة الاسطورة القومية .وبالطبع ، كما في العديد من التواريخ القومية الاخرى ، فان دور وحتى وجود الجماعات القومية الاخرى ذات الاصول المغايرة ن مثل الارمن واليونانيين والكرد ، قد اغفل أو أقصي من الاساس .

وفي المحور الرابع “كردستان قبل الاسلام”تقول أوشي: كان محور الاناضول/زاغروس بشكل حاجزا طبيعيا بوجه توسع الامبراطوريات منذسرجون الاول 2371 -2316 قبل الميلاد ).وكان من جاءوا بعدهة بناة أول امبراطورية في بلاد ما بين النهرين .وقد انهارت امبراطورية سرجون الاكدية لاسباب عديدة ، منها الغزوات المتكررة التي كان يشنها السكان الجبليون من وسط زاغروس .واخفقت امبراطوريات أور وآشور وبابل المتعاقبة ايضا في اختراق حاجز زاغروس اختراقا كاملا .وكانت منطقة زاغروس موطن العديد من الممالك الصغيرة ودويلات المدن ، التي لا تعرف في الغالب الا من خلال مدونات الحضارات السهلية المتصلة .وخلال الفترة الممتدة من 1244 الى 650 قبل الميلاد ن كان قسم كبير من غرب كردستان يقع ضمن الاراضي التابعة للامبراطورية الآشورية القوية الجديدة .وشن تيغلاث بيلايسر الاول حربا ضد شعب يسمى كور- تي- ةe –ti –Kur في جبال آزو Azu التي حدد درايفرموقعها بوصفها هضبة (هازو Hazo ساسون Sasun) الحديثة الى الغرب من بحيرة وان التي كثيرا ما تقدم دليلا يثبت وجود الاجداد الذين تحدر منهم الكرد .وعلى امتداد 700 عام حارب الآشوريون ضد العديد من سكان زاغروس ، مثل الغوتيين والكاشيين .

وتؤكد أوشي بالقول ك وبما ان التأريخ يكتبه من له الهيمنة ، وكردستان كانت على أطراف العديد من الامبراطوريات القديمة أو ضمن أراضيها ، فان معرفتنا حتى بتأريخ الكرد القديم تاتي اساسا من تقارير الثقافات المجاورة لهم أو قاهريهم .ومع ذلك ، تبقى المصادر شحيحة ومبهمة واحيانا متناقضة .ويتعذر بالمتاح من المعلومات تحقيق فهم معقول لاصول الكرد على وجه الدقة عندما توحدوا في مثل هذه الجماعة ذات الهوية المحددة ، او تاريخهم القديم ، السابق بكثير على الفتح الاسلامي /العربي .والمتوفر من المواد التاريخية المدونة لايمكن الاطلاع عليه بسهولة ، وكثيرا ما يكون بعيدا عن التناول .وازاء هذا المستوى من المعرفة ، فان في الامكان كتابة الكثير من الاعمال التاريخية المتناقضة ، وان قسما كبيرا من اي محاولات كهذه سيكون اسقاطا لما حدث على ما بعده أو استقراء منه.

وخصص الفصل العاشر الذي كتبه الدكتور سعد ب.اسكندر و المعنون “كرد بغداد الفيلية ونظام البعث” وهومحاولة لتشخيص القوة المحركة وراء سياسة البعث تجاه الكرد الفيلية منذ استيلائه على السلطة في تموز /يوليو 1968 ، وقد ضم البحث فضلا عن المدخل ستة محاور هي :”أصول الكرد الفيلية ، والخلفية التأريخية والخصائص الثقافية للكرد الفيليية ، ومواطنون أم رعايا ،والتوجهات السياسية للكرد الفيلية ، والحركة القومية ونظام البعث وقضية الكرد الفيلية ، والجماعات الاثنية في تفكير البعث السياسي “.

ففي المحور الاول يتتبع اكندر الاصول التاريخية للكرد الفيلية فيقول : الكرد الفيلية ينتمون الى “لورالصغرىط من حيثؤ اصولهم ولهجتهم .ويشكل اللريون شريحة مهمة من الشعب الكردي ، عاش افرادها منذ قرون في وسط وجنوب هضبة زاغروس والمناطق الواقعة في أقص جنوب كردستان العراق .ويقع الجزء الاكبر من مناطق لور الصغرى في كردستان ايران ، في حين يقع جزؤها الاصغر في كردستان العراق .ويتناقض هذا نع التصور الخاطىء بأن سكان لور الصغرى كلهم مهاجرون من مناطق عيلام وكرمنشاه الايرانية الحديثة وان العراق الحديث لايضم أي منطقة لورية أو احدا من سكانم لور الاصليين .والواقع أن بعض المناطق اللورية هي الان جزء من كردستان العراق ، وسكانها يشكلون فئة كبيرة في منطق ديالى والكوت والعمارو .وكان هناك عدد من الجيوب اللورية الصغيرة في مناطق الحلة والنجف .

ويوضح اسكندر قائلا: يشار الى ان سكان لور الصغرى لايسمون كلهم فيلية .والذين استقروا في بغداد من سكان لو الاصليين وحدهم كانوا يعرفون بالكرد الفيلية ، في حين أن المتحدرين من لور الصغرى الذين في أقصى جنوب كردستان العراق ( خانقين، مندلي، شهربان، يدرة وجصان، زرباطية ، قزل روبات،الخ) لايسمون فيلية .كما أن كلمة “فيلي “غريبة على اللوريين من سكان المناطق الوسطى والجنوبية من هضبة زاغروس .وكرد بغداد الفيلية لايعرفون معنى هذه التسمية .ويذهب الباحث الاميركي هنري فيلد Henry Field الى ان كلمة “فيلي” تعني “المتمرد” في حين يرى آخرون انها تعني “الجسم الكبير”. وللاسف ليست هناك أدلة ملموسة تسند أيا من هذه التعريفات .ولايوجد مصدر تاريخي أو لغوي يمكن أن يساعدنا على فهم أصل كلمة “فيلي”.والجدري بالملاحظة أن كثيرين من كرد لورالذين هاجروا أو هجروا من مدنهم وقراهم في المناطق الواقعة في أقصى جنوب كردستان العراق ، واستقروا في بغداد ،قد اندمجوا بالكرد الفيلية واصيحوا هم أيضات يسمون “فيلية”.وفي ضوء ما تقدم ، يمكن القول ان “فيلي” تسمية مطاطة ومبهمة تطلق على الكرد الشيعة الذين يعيشون في مدينة بغداد .

ويناقش اسكندر في المحور الاخير من بحثه”الجماعات الاثنية في تفكير البعث الساسي” مفهوم الشعوبية في الفكر السياسي لحزب البعث منذ تاسيسه عام 1947 ، وفي ذلك يقول اسكندر:ان الشعوبية بوصفها مفهوما سياسيا وتاريخيا ، هي تأويل القوميين العرب تاويلا احاديا لاحداث وقعت فب الماضي واحداث معاصرة تنسب فيها انتكاسات العرب ومواطن ضعفهم الى نشاكات معادية للعرب مارستها عناصر غريبة بين ظهرانيهم .وتتميز هذه العناصر الغريبة باصولها الاثنية والثقافية ، وبأنها تشكل”طابوراخامسا” من نوع ما .وفي حالة العراق / فان القوميين العرب صوروا الكرد الفيلية من بين آخرين ، على انهم طابور خامس يخدم مصالح أعداء العرب .

ويضيف اسكندر: وكما سبقت الاشارة ، كان الحصري أول من استخدم تعبير “الشعوبية” ضد الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري بسبب قصيدة يتغنى فيها الجواهري بمنتجع جبلي زاره في ايران.والمفارقة أن الحصري كان من مواليد تركيا ويتكلم بلكنة تركية ثقيلة .وتاثر الحصري مثل غيره من القوميين العرب ، بنظريات قومية المانية تقوم على العرق .

وفيما يخص موقف البعثيين من الشعوبية يوضح اسكندر : من النشاطات الخفية منها الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والثقافي .بكلمات اخرى ، كان البعثيون يعتقدون أن رسالتهم المقدسة لتوحيد سائر الشعوب العربية في دولة واحدة اصطدمت ن وستصدم دائما ، بنشاطات “الشعوبية” المسمومة بين العرب من خلال عناصرها العميلة للامبريالية الغربية والقوى الاقليمية المعادية .

ويؤكد اسكندربالقول: كان احد الاهداف الرئيسية لكتاب البراك –المدارس اليهودية والايرانية في العراق- الدفاع عن حملات التهجير التي نفذها نظام البعث بحق الكرد الفيلية والعرب الشيعة .ولتبرير قرار النظام مصادرة شهادات الجنسية وجوزات السفر أو غيرها من الوثائق الثبوتية ، يحاول البراك اقناع قرائه بأن المهجرين كانوا ذوي اصول ايرانية عبروا الحدود الايرانية العراقية الدولية بصورة غير شرعية وحصلوا على الجنسية العراقية بطرق غير قانونية .ويصف البراك المهجرين بالعملاء والارهابيين الذين ايدوا أعداء العروبة السياسيين ، مثل حزب الدعوة الاسلامية والحزب الشيوعي العراقي والحزب الديمقراطي الكردستاني .

أما الفصل الاخير من الكتاب “القومية العربية بأزاء القومية الكردية تاملات في التماثلات والتباينات البنيوية “والذي كتبه الباحث العراقي الدكتور فالح عبد الجبار مدير معهد الدراسات الاستراتيجية ، وزميل زائرفي قسم العلوم الاجتماعية والسياسية بكلية بيركبك (جامعة لندن) وزميل باحث في جامعة ايكسترنوزميل اقدم في معهد السلام في (واشنطن) ، وتتركز ابحاثه على الدين والدولة ،بناء الامة ، والتنظيمات الاجتماعية ،وبخاصة الحركات الشيعية ، والاسلام السياسي ، والمدارس الفكرية في المنطة العربي ، فقد ضم مدخلا وستة محاور هي:القومية، العلمانية ، الدين ،و المرحلة العثمانية ما قبل القومية ، الدين ، الصوفية، وبذرات وعي الذات القومي،والامبراطورية العثمانية والنزعة القومية التركية في القرن التاسع عشر ، والنزعة الثقافية ، القومية الاسلامية والقومية الاثنية ، وحقبة جديدة:القومية العلمانية والنموذج الالماني ، والنزعة القومية الشعبوية :البعث.

يقول عبد الجبار في مدخل مبحثه : دخل العرب والكرد عصر القومية على قدم ومساواة .فقد كان العرب مثلما كان الكرد من رعايا الامبراطورية العثمانية المقدسة ، ذات الطابع المتعدد اثنيا وثقافيا ودينيا .ولم يكن بوسع هاتين المجموعتين الاثنيتين تحقيق صبوتهما بانشاء دولةقومية خاصة بكل واحدة منهما .ذلك ان “الامةالعربية المثالية”، التي تخيلها المفكرون في مطلع القرن العشرين ، او “الامة العربية” الموسعة ،الممتدة ، افتراضا ، من المحيط الى الخليج (أي من المغرب الى العراق )،وهي الاسمى للعروبيين منذ أربعينات القرن المنصرم ، أقول ان هذه الامة العربية بقيت بعيدة عن التحقق في دولة ، بعد السماء عن الارض .لكن العرب صنعوا لانفسهم دولا اقليمية عديدة ، أو حظوا بمن يصنع لهم مثل هذه الدول الاقليمية .باختصار ، نعموا بانشاء دولة ، والتحقق في أكثر من دولة ، أما الكرد فلم يصيبوا نجاحا .وان الجانب الاكبر من فشل الكرد في خلق دولة قومية يمكن أن يفسر باسباب نجاح جيرانهم تركا وايرانيين وعربا (عرب العراق في الاقل) في خلق دول قومية لهم.

ويوضح عبد الجبار في في المحور الاول من مبحثه بالقول: ان معاينة العلاقة بين النزعة القومية العربية أو الكردية والاسلام ، أو بوجه أعم بين النزعة القومية عموما والدين عموما تقودنا الى وجوب البحث في دور الدين/العلمنة في تعزيز او اضعاف بناء الدولة القومية ، مع علمنا بان هذه العلاقة تبلغ من الخصب مبلغا يجعلها تتبلور في صيغ وأشكال متنوعة تتحدى ثنائية ال مع /ضد المبسطة.

ويشير قائلا: ان توحيد الثقافة (عبر نظم التعليم ) يشكل عنصرا أساسيا من عناصر بناء الدولة /الامة ،او الدولة القومية ، وتنطوي الثقافة على مكونات ثقافية دينية بالنسبة للعديد من الشعوب التي انتقلت الى بناء الدولة القومية من نقاط المجتمع الصناعي .

يشكل الدين في اندماجه بالمكونات الثقافية، عنصر تمايزخارجي للقومية المعينة ، وعنصر تماثل داخلي لها .خذ روسيا الارثوذكسية مقابل أوربا الغربية الكاثوليكية مثلا!.

ويختتم د.فالح عبد الجبار مبحثه موضحا: ان الشكل الاثني (= العربي) للنزعة القومية يلاقي في العالم العربي مشكلة الاقليات الاثنية الاخرى :الاكراد ،البربر، أفارقةجنوب السودان .أما الشكل الديني (=الاسلامي) للنزعة القومية فيجابه مشكلة الاقليات الدينية والمذهبية الاخرىك المسيحيون عموما (أقباط مصر ومسيحيو السودان مثلا) ، أو الانقسامات المذهبية (السنة –الشيعة).ولعل هذه الحقائق نفسها التي يتم التغاضي عنها بمعسول النظريات ، هي ما يدفع زعماء قوميين بالمعنى التقليدي للكلمة ، عرفوا بالتصلب الايديولوجي ، الى ابتكار نزعات قومية محلية:سورية، أو عراقية ،أو جزائرية، أو تونسية .ومثال العراق هام ان ايديولوجيا البعث في هذا البلد ، القائمة على الفكرة العربية اثنيا ، اضطرت الى استعارة رموز من التأريخ الاسلامي (صلاحالدين) ، ومن التأريخ العراقي الغابر(البابلي=نبوخذنصر)، اضافة الى استخدام الرموز الاسلامية ،لصياغة نزعة قومية عراقية تتجاوز الانقسام الاثني والديني والطائفي .

اخيرا ان التحول باتجاه الطابع الاسلامي للنزعة القومية يبسجل هزيمة اليسار والقوميين العلمانيين ن مؤقتا في الاقل، وهناك اتجاه مماثل ينمو وسط الاكراد .وتشهد كردستان العراق حاليا تحديا اسلاميا نفاعلاجزئيا ، وكامنا جزئيا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
معلومات عن الكتاب
اسم المؤلف :فالح عبد الجبار – هشام داود (محررا الكتاب )
عنوان الكتاب : الاثنية والدولة- الاكراد في العراق وايران وتركيا
ترجمة :عبد الآله النعيمي
عدد صفحات الكتاب : 544
الطبعة الاولى 2006 بغداد – بيروت
المصدر/

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة