ميلوبين ربّة الرّوايات الحزينة !

ميلوبين ربّة الرّوايات الحزينة !

قصيدة

خاص : بقلم – عدّة بن عطية الحاج (ابن الرّيف) ـ مستغانم ـ:

في ليلة شاتية

جاءت عندي ميلوبين

ربّة الرّوايات الحزينة

كنت جالسًا

على أريكة الحبّ ساهمًا

باحثًا عن رواية حزينة

فجاءتني ميلوبين

على حين غفلة منّي

قبّلتني على جبيني

قبلة الحبّ الحزين

ناديت عليها

في هزيع اللّيل الأخير

فجاءت مسرعة

مع الأمطار والرّياح

تعزف سنفونية الخلود

لحن أنت

يا ميلوبين

هو أنا

يسارع الرّياح

في شدّة هبوبها

ويناغي الأمطار

وهي في مهد الهوى الغلاّب

قيثارة أنت

عزفت عليها آلهة الموسيقى

لحن الأمل السّعيد

بثّت في الأثير

نوطة الحلم الجميل

غنّت أغنية

أترحت قلبي الحزين

دمية أنت

ياميلوبين

لا تكوني طفلة شقيّة

تعلب بدمى الآخرين

وتطارد طفولتهم

في شارع الحياة الفسيح

كوني آلهة

كما عهدناك

ولا تطلبي منّا العبادة

فنحن سادة ولسنا عبيدًا

إيّاك إيّاك والغرور

إنّه مفتاح الشّرور

كوني وديعة

كشمس الضّحى

في ليل ألف ليلة وليلة البهيم

يا ميلوبين

أنت ربّة الرّوايات الحزينة

لا تكوني مثل شهرزاد

تروي الحكايات لشهريار

في اللّيالي الحمراء الصّاخبة

نزّلي عليّ وحي الرّوايات الحزينة

واشرحي بها فؤادي العليل

أنثري شخوصك

في كلّ زمان وفي كلّ مكان

يا ميلوبين

نحن نناديك في الأحلام

بلغة سيميائية الرّوح

نحن نريدك

في الحقيقة لا في الأوهام

شمعة تنير لنا ليل دربنا الطّويل

روت لي ميلوبين

ونحن في فراش واحد

قصص الأوّلين والآخرين

في ليلة واحدة

كان القمر ساهرًا معنا

بنوره الفضيّ المنير

يدوّن في دفتره الخاصّ

حكايات ميلوبين الحزينة

جاءتني ميلوبين

في ليلة صيفيّة حارّة

تريد الذّهاب معي

إلى شاطيء بحر العدم

لنسبح في لججه المضطرمة

ناولتها يدي

وأركبتها فوق حصان طروادة

لعلّها تقتحم قلعتي يومًا ما

صرخت في وجهي قائلة:

أنا لست هيلانة

أنا لست آلهة الشّعر

لا تذهبوا بي إلى آثينا

لقد طلّقت الفلسفة بالثّلاث

ازرعوني بذرة بذرة

في أراضيكم الفسيحة

لا تذروني شجرة

تزعزعها أعاصير الغدر والخيانة

أنا زهرة

قطفتها يد فنّان

أدرك كنه هذه الحياة

وأحاطها بهالة من القداسة

وعزف على أوتارها

ألحانًا طفولية ساحرة

تجعل الحليم حيرانًا

والصّاحي سكرانًا

جاءتني ميلوبين

في خريف كاد أن ينتحر

لتتلو عليّ في ليالي الخريف العاتية

قصص النّسور والصّقور والبوم

وختمت ليلتها الأخيرة معي

بقصص الغربان الغرابيب السّود

التي هجمت على فرائس قدرنا الغاشم

وتركتنا رممًا بدون رموس

لولا مطر الحياة الذي نزل علينا

لمات ضميرنا وذاب في صفحات التّاريخ

وديعة أنت يا ميلوبين

وصامدة أمام رياح التّاريخ

ستذكرك أجيال الرّوائيين بخير

فنحن في عصر الرّواية

جاءتني ميلوبين

في ربيع أينعت أزهاره

وغرّدت أطياره

جاءت لتخرجني من العدم إلى الوجود

زرعت في جسدي التّرابي

روحها السّرمدية

أضحت ميلوبين هي ذاتي المبدعة

تكتب رواياتي بيراعها السّاحر

في لحظات حزني الكسير

صارت ميلوبين

هي ملهمتي

عندما أكتب رواية القلب الحزين

يا ميلوبين

سأحطّم معبدك

بفأس موهبتي الفريدة من نوعها

لن أعبدك بعد الآن

صرت حرًّا طليقًا في سماء الإبداع

أحلّق كما أريد وكما أشاء

أصنع عالمي بقلمي

وأبثّ فيه حروفي

فحروفي بلا أرقام

ولكنّها طلاسم

لها مفاتيح سحرية

جادت بها

قريحة مبدع

جاء من حضارة بعيدة

ليدخل التّاريخ

من نوافذه المغلقة

ويفتح الباب مشرعًا

لمن أراد أن يبدع

في حياتنا الشّعرية

الهاربة من أدغال التّاريخ

والسّابحة في بحار الإشراق

ماتت ميلوبين

وما مات إبداعنا

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة