23 ديسمبر، 2024 8:55 م

مع كتابات.. ميادة سليمان: في سورية آبار إبداع أثمن من النفط

مع كتابات.. ميادة سليمان: في سورية آبار إبداع أثمن من النفط

خاص: حاورتها- سماح عادل

“ميَّادة مهنَّا سليمان” كاتبة سورية، حاصلة على دبلومِ دراسات عُليا في الأدب العربيّ من جامعة دمشق، تكتب الشعر وقصص الأطفال، وهي عضوٌ في الاتّحادِ الدّوليِّ للأدباءِ والشُّعراءِ العَربِ، ولدَيها دراساتٌ نقديَّةٌ في الومضة والقصّة القصيرة جدًّا والشّعر. صدر لها: (تبَّاً للقرنفلِ الأحمرِ) مجموعة شعريّة، (عنايةٌ فائقةٌ للحبِّ) مجموعة شعريّة، (رصاصٌ وقرنفلٌ) مجموعة قصص قصيرة جدًّا، ومجموعة قصصيّة مشتركة بعنوان (سنابلُ من حبرٍ).

إلى الحوار:

(كتابات) متى بدأ شغفك بالكتابة وكيف تطور؟

• أحبّ الكتابة الإبداعيّة بكافّة أنواعها، منذ الصف الرّابع كنت متميّزة في كتابة مواضيع التّعبير الأدبي، وكنت أشارك بمسابقات روّاد الطّلائع في مجال التّعبير الأدبيّ. وعندما أصبحت في المرحلة الإعداديّة ازداد حبّي للغة العربيّة ولاسيّما أنّ مدرّسي هذه المادّة كانوا يمتدحونني في صفوف أُخرى فأصبحت الكثير من الطالبات يعرفنني في المدرسة، ويلجأنَ إليّ لمساعدتهنّ في حلّ بعض الأسئلة، أو إبداء رأيي في مواضيعهنّ الأدبيّة، ممّا جعلني أطمح لدراسة الأدب العربيّ، والحمد لله كان لي ما أردت.

وبدأت أكتب منذ طفولتي الخواطر والقصص والشّعر وكان والدي الغالي يشجّعني دومًا، ويشتري لي كتبً أو دواوينَ شعريّة. فنمّيت موهبتي من خلال المطالعة والاستمرار في الكتابة حتّى تعلّمت من أخطائي.

(كتابات) لما اخترت كتابة الشعر؟

• أنا أفضّل الشّعر على جميع الأجناس الأدبيّة، ورسالتي الّتي أريد إيصالها هي الإنسانيّة، والمحبّة، والجمال، والتّفاؤل. وقد فضّلتُ الشّعر لأنّنا من خلاله نعبّر عن مواجعنا سواء أكانت على الصّعيد الشّخصيّ، أم على الصّعيد العامّ كالوطن والحرب والتّشرّد واللجوء والفقر والبطالة.

المبدع يصبح كذلك حين يستطيع أن يعبّر ببراعة عن الأشياء الّتي يعاني منها الآخرون، أو يشعر بها هو ذاته، أو حين يلامس بحرفه قلوب القرّاء، والمتلقّين. كلّما نجح الشّاعر في تحريك المشاعر، كان ذلك دليلاً على أنّه مبدع حقيقيّ.

(كتابات) حدثينا عن المجموعات الشعرية التي صدرت عنك؟

• لديّ مجموعتان شعريّتان: الأولى عنوانها ( تبّاً للقرنفل الأحمر) وهي 40 قصيدة من الشّعر الحديث، الثّانية عنوانها (عناية فائقة للحبّ) وهي 50 قصيدة أيضًا من الشّعر الحديث، وموضوع قصائد المجموعتين هو الحبّ لكن بطرحٍ جديدٍ ومتميّز، ولاسيّما من حيث اختيار العناوين فقد ابتعدت عن العناوين التّقليديّة.

(كتابات) هل الموسيقى والتفعيلة أحد أهم سمات الشعر لديك؟

• لا أكتب الشّعر العموديّ لديّ فقط بضعة قصائد ومعظمها من كتاباتي القديمة. ولكن في شعر التّفعيلة كتبت عدّة قصائد، أمّا شعر النّثر والحرّ فلديّ الكثير من القصائد، وهما المفضّلان عندي، فبرأيي أنّ القصيدة الحديثة بما تعطيه من حريّة للشّاعر أقدر على إيصال الفكرة والمشاعر، كما أنّه ليس من السّهل كتابتها ولاسيّما قصيدة النّثر فهي من أصعب أنواع الشّعر كتابةً.

(كتابات) هل تختلف سمات الشعر عند الكاتبة المرأة عن الشعر لدى الكاتب الرجل في رأيك ولما؟

• لا أحبّ التّفريق بين أدب للمرأة وأدب للرّجل، الأدب الجميل المتميّز يفرض نفسه سواء كان كاتبه رجلًا أما امرأة، بالتّأكيد المرأة أكثر رِقّة، وتأثّرًا ولكن الشّاعر بشكلٍ عامٍّ هو إنسان حسّاس وتختلف طريقة التّعبير حسب الثّقافة، والبيئة، والحالة الشّعوريّة.

(كتابات) هل تعتبرين نفسك متنوعة الإبداع.. تكتبين الشعر وقصص الأطفال والمراجعات النقدية؟

• التّنوّع ضروريٌّ وجميلٌ يبعد الرّتابة عن الكاتب، ويجعله فراشةً تتنقّل بين أزهار الأدب المختلفة، ففي بعض الأحيان أشعر بالسّأم من جنسٍ أدبيٍّ معيّنٍ فأعمد إلى كتابة جنسٍ أدبيٍّ آخر، وأشعر حينها كأنّني ذهبتُ إلى نزهةٍ جميلةٍ في حديقةٍ أخرى من حدائق الإبداع.  عدا عن أنّ هذا التّنوّع يضيف لي المعرفة، والثّقافة والمتعة الأدبيّة.

(كتابات) هل في رأيك مازال الشعر يجد جمهوره أم طغت عليه الرواية؟

• تظلّ للشّعر مكانته، وقيمته، فكما يقول الرّسول الكريم”ص”: “إن من الشعر لحكمة”. وعليّ كرّم الله وجهه يقول: “الشّعر ميزان القول”.

وإن كانت الرّواية قد انتشرت في الآونة الأخيرة كثيرًا فربّما من أسباب ذلك انتشار جائزتين: جائزة بوكر الّتي انطلقت عام 2007، وجائزة كتارا الّتي انطلقت عام 2014، هذه الجوائز ساهمت بشكلٍ مباشرٍ في تشجيع الكتّاب على مواصلة مسيرتهم الإبداعيّة في عالم الكتابة للتّنافس فيما بينهم على الفوز أوّلاً، ومن ثمّ الانتشار في الوطن العربيّ، وتحقيق الشّهرة الثّقافيّة. وقد ساعد على انتشار الرّواية سهولة تحويل النّصّ الرّوائيّ إلى تمثيليّةٍ مرئيّةٍ أو مسموعةٍ، ولكن علينا ألّا ننسى أنّ للشعر مكانته الأولى عند العرب فهو ديوانهم، ولكنّه في خطرٍ كبيرٍ، بسبب ما يواجهه من تطفّل الكثيرين عليه، وشيوع الأجناس الحداثيّة، فبات كلّ من ينثر كلماتٍ بأساليب بلاغيّة يسمّي نفسه شاعرًا.

(كتابات) ما تقييمك لحال الثقافة في سوريا؟

• في سورية مواهب عديدة ومتميّزة، الكتّاب السّوريّون يثبتون وجودهم في المجموعات الأدبيّة جميعها، من خلال السّجالات، وحصولهم على مراتب متقدّمة في الكثير من المسابقات الأدبيّة.

وقلت سابقًا، وسأظلّ أقولها بفخر: “في سورية آبار إبداع.. أثمن من آبار نفط البلاد العربيّة كلّها”، ورغم إقامة النّدوات، والمهرجانات الأدبيّة، والأمسيات الشّعريّة لكن هناك تقصير كبير بحقّ الأدباء السّوريّين وللأسف، لا يوجد اهتمام بالمواهب الأدبيّة فنحن بحاجة لتسهيلات كثيرة تقدّم للكتّاب، وبحاجة إلى دعم إعلاميّ بأشكاله كلّها، وتسليط الأضواء على الكتّاب الموهوبين وتعريف النّاس عليهم.

(كتابات) هل أثرت ظروف الحرب على الكتاب والإبداع في سوريا؟

• طبعًا، ولها تأثيران: الأوّل إيجابيّ: فقد أغنت الأدب بما كتبه الكتّاب السّوريّون عن مرحلة الحرب سواءٌ في الشّعر أو القصص ولاسيّما في جنس القصّة القصيرة جدّاً. الثّاني سلبيّ: فنحن كنّا نحلم بنهضة ثقافيّة كبيرة تُكرّم الكتّاب، وتُعلي شأنهم، وتنصفهم، لكنّ ظروف الحرب القاسية حالت دون ذلك.

(كتابات) هل واجهتك صعوبات ككاتبة وما هو جديدك؟

• جديدي أنشره في صفحتي باستمرار وتنشره لي عدّة مواقع، وصحف عربيّة.

بالنّسبة للصّعوبات، نعم، فأنتِ تعلمين أنّ الأنثى في المجتمع الشّرقيّ دومًا متّهمة، والأنظار مسلّطة عليها، ففي إحدى المرّات نشرت مقطوعة شعريّة صغيرة لاقت اهتمامًا كبيرًا من أصدقاء صفحتي وكان أحد الشّعراء العامّيّين قد أرسل مرّةً رسالةً على الخاصّ، وتجاهلتها، فما كان منه إلّا أن كتب تعليقًا ظنًّا منه أنّه سيحرجني، فقد كتب: إنّ الكلام بسيط وعاديّ ولكن لأنّكِ أنثى علّق الكثيرون لك! فقمت بعدّ التّعليقات وكان عدد الّذين علّقوا من الذّكور مساويًا تمامًا لعدد اللواتي علّقنَ، وأثبتّ له ذلك بردّي عليه، وقلت له بإمكانك عدّ التّعليقات، والتّثبّت من صحّة كلامي، عدا عن أنّ الكثير من الصّديقات يكتبن لي كلامًا جميلًا وغزلًا أشعر بأنّ حروفي عاجزة عن شكرهم في معظم الأحيان.

ومرّة أخرى أرسل أحدهم رسالة كتب لي فيها: هذه الخاطرة الّتي نشرتِها ليست جميلة جدّاً ولكن لأنّك أنثى علّقوا لك، كما أنّها ليست خاطرة ولا تنتمي إلى أيّ جنسٍ أدبيّ! فقلت له: “إذا كنت قد كتبت نصًّا لا ينتمي إلى أيّ جنسٍ أدبيٍّ فهذا معناه أنّني أتيتُ بما لم يأتِ به أحد، وهذا يحسب لي!.. ثانيًا: الخاطرة فائزة بالمركز الأوّل والتّحكيم من غير معرفة أسماء المتسابقين لأنّ المشاركات أرسلت على الخاصّ بمدير المجموعة. عدا عن أنّني أثق بحرفي ولم أقرأ في صفحتك ما يدلّ على امتلاكك أيّة موهبة أدبيّة متميّزة حتّى تقيّمني”. وبعد هذا الرّدّ كان الشّيء المُتوقّع أنّه قام بحظري.

وأعجب لمَ نحن الإناث لا نهاجم الرّجال الّذين تأتيهم الكثير من التّعليقات من قِبل سيّدات! ولديّ الكثير من الأصدقاء لا أجد في منشوراتهم إلّا التّعليقات الأنثويّة، ومن النّادر أن يعلّق لهم رجلٌ! فلماذا لا نتّهمهم بأنّهم نالوا ما نالوه من اهتمام لأنّهم ذكور، وحروفهم لم تكن تستحقّ؟.

(كتابات) ماذا تحدثيننا عن الكتابة للأطفال؟

• كتبت للأطفال عدّة قصصٍ قصيرةٍ، ومؤخّرًا بدأت أكتب سلسلة قصص عنوانها (قرية الفراشات) لاقت اهتمامًا كبيرًا من قبل أصدقاء صفحتي، وأدباء المجموعات الأدبيّة.

في هذه السّلسلة كلّ قصّة لها عنوان جديد وموضوع قيّم تطرحه، فمثلًا كانت القصّة الأولى تتحدّث عن الغرور وعاقبته، كتبت ذلك من خلال حادث مؤلم تتعرّض له فراشةٌ مغرورةٌ حين يحبسها طفلان شقيّان في كيسٍ شفّافٍ، ويكون خلاصها على يد الفراشة الّتي نعتتها بالقبيحة كالوطواط لأنّ لونها أسود. برأيي الشّخصيّ: الكتابة للأطفال رغم أنّها ممتعة وسلسة لكنّها صعبةٌ، وخطيرةٌ فالكاتب عليه أن يكون حذرًا، وذكيًّا في الوقت نفسه لأنّ أيّة معلومةٍ يجب أن تُقدَّم في وقتها ومكانها المناسبَين تمامًا.

ونحن نستطيع من خلال الكتابة للطّفل تعليمه المناهج الدّراسيّة ،والأخلاق الفاضلة، والمبادئ النّبيلة وكلّ الأفكار القيّمة من خلال الأسلوب السّرديّ المشوّق، والصّورة الجميلة، والفكرة الهادفة، فنؤسّس جيلًا، واعيًا، خلوقًا، ومستنيرًا.

نصوص لميادة سليمان..

انتَظرْتُكَ

تَحتَ فَيءِ قَصِيدةٍ

هزَزْتُ جَذعَ الاشتياقِ

تسَاقطتْ أوراقُ صَبرِي

لمَاذا تأخَّرتَ؟

مرّت سُنونواتُ الصَّباحِ

سَلَّمْنَ عَلَيَّ

غازَلَني عُصفورٌ عَاشِقٌ

ألنْ تَغارَ؟

بِحَقِّ اللهِ.. أينَ أنتَ؟

أينَ قهوةُ الحُبِّ؟

أينَ “صَباحُ الخيرِ يَا حَيَاتِي” ؟

أَدَلَالٌ أمْ رَدَّكَ الكسَلُ

فَنَسِيتَنِي وَنِمْتَ!

***

زَكَاةٌ لِوجْهِ الحُبِّ

أضنَاني الحَنينُ

فألقَيتُ قَلبي

في بئرِ صَبرٍ

انتَشِلهُ

ياعزيزَ شِعرِي

إذا مرَرتَ

وَسمِعتَ لحنًا جميلًا..

هوَ نَبضي

كي يطمئِنَّ

يرنِّمُ اسمَكَ

كصَلاةِ فرَحٍ

فيَغدو كلُّ حرفٍ فيهِ

نورًا على نورٍ

يُضِيءُ سماواتِ روحٍ

غَرُبتْ شمسُ هنائِها..

إنِّي أشمُّ رِيحَ حُسنِكَ

لهفَتِي عَمياءُ

أينَ قميصُ وفائِكَ؟

فيَومَ ودَّعْتُكَ..

بذَرتُ سَبعَ حبَّاتِ أمَلٍ

بِطُهرِ رُوحي

سَقَيتُها

الآنَ…

الآنَ حَصحصَ الحُبُّ

وانحَنَتْ سُنبُلاتُ اشتِياقي

أخبِرني يَاحَبيبي:

أتُؤتِيني كلُّ سُنبُلةٍ

ألفَ قُبلة؟

 

***

تجيءُ أحزانُ كربلاءْ

وأنا المقتولةُ في عِشقكَ

ياصُبحي الجميلَ

يانجمَ سَهَري

ياقمرَ شُرفتي

وَوَشْوشاتِ الياسَمينِ

في أُذُنِ المساءْ

تجيءُ أحزانُ كربلاءْ

وأنا التَّائِهَةُ في صَحرا الحنينِ

يُحرِقُني قيظُ الاشتياقِ

يُضنِيني ظمَأٌ لِعينيكَ

ياسَاقي العِطاشَ

أما مِن جُرعةِ وصلٍ؟

يالَثاراتِ رُوحي

إذا ما التَقَينا!

يالَثاراتِ قَلبي

إذا ما عانَقتُكَ!

سأوجِعُ اللهفةَ

وألوي ذِراعَ الكبرياءْ

سأوزّعُ البسَماتِ

والحَلوى

والأغنياتِ

فالحربُ طحنَتْنا

وكُلّنا إلى الفرَحِ

كُلّنا فُقراءْ

تجيءُ أحزانُ كربلاءْ

وَأنا المفجوعةُ في بُعدِكَ

أنا سَبيّةُ الشّفتينِ

أنا ذَبيحةُ الحُسنِ

أنا قَتيلةُ العَينينِ

وأنتَ..

أنتَ المطعونُ في ظَهرِ الوفاءْ

أوجَعَنَا سَيفُ الأعرافِ

تبًّا لهُ!

كيفَ حزّ رأسَ الأمنياتِ؟

كيفَ لوّعَ قلبَينِ؟

وَكيفَ قطّعَ

يدَ الطّهرِ والصّدقِ والنّقاءْ؟

تجيءُ أحزانُ كربلاءْ

فأذكرُكَ..

تقاسَمْنا فَيءَ نَخلةِ العِشقِ

تقاسَمْنا رغيفَ الحرفِ

وَمِلحَ الأخبارِ العاجلةِ

ففي أوطانِنا

مَلاجئُ للأوهامِ

خِيامٌ للآلامِ

في أوطانِنا

ممنوعٌ رسمُ الأحلامِ

إلَّا بالأسوَدِ

أو لونِ الدِّماءْ!

تجيءُ أحزانُ كربلاءْ

أخبِرْني ياحَبيبي

مَن أشعلَ الفِتنةَ

مَن قتلَ الحرفَ الرّضيعَ

في حُضنِ قصَائدِي؟

أخبِرْني

كم “حَرْمَلَةَ”

يعيشُ بينَنا

وكم شَمرًا؟

آهٍ.. قَرِفْتُ!!

فَابقَ ذاكِرَتي الخِصبةَ

كي أنسَى

تاريخَ الزّورِ والعُهر والافتِراءْ

عَيِّيةٌ أحرُفي

حَزينةٌ لُغتي

ماذا أقولُ؟

ماذا أخطُّ؟

والتّكبيرُ قدْ صارَ دِينًا للقتلِ

ونحنُ المرجُومونَ من عهدِ الأمويّينَ

فكيفَ

كيفَ أنظمُ الرّثاءْ؟

تجيءُ أحزانُ كربلاءْ

وآلامُ الحُسَينِ

تُعمِّدُنا

فَخُذني إليكَ

بِشارةَ أملٍ

خبّئْني في قلبكَ

ياوطنًا

لا يُقتَلُ رضيعُهُ

بتُهمةِ السّياسةِ والموالاةِ

وصِدقِ الانتماءْ

خبِّئني في وطنٍ صغيرٍ

لا يَسبي الشّاعراتِ

بِتُهمةِ الفُجورِ

والخُروجِ عن المألوفِ

والحُريَّةِ والسُّفورِ

خبِّئني في وطنٍ

لا يقمعُ الأنوثةَ

لا يقتلُ الطّفولةَ

لا يشنقُ آمالَ البُسطاءْ

تجيءُ أحزانُ كربلاءْ

وَعَدُوُّ جدِّكَ

ماأضحى حمَلًا!

فلا تأمنّنَ

مَن تُغويهِ خِصلةُ شعرٍ

أو نَفحةُ عطرٍ

أو رِقّةُ خصرٍ

لا تأمنّنَ

من أضحتْ آياتِهِ

مفاتنُ النّساءْ

تجيءُ أحزانُ كربلاءْ

تتغيَّرُ الأزمانُ

تتغيَّرُ الأسماءُ

والأحقادُ هيَ الأحقادْ

فلا ترحمَنَّ

من اقتاتَ يومًا

على الأكبادْ

لا ترحمَنَّ

من كانَتْ مفاخرُهُ

الرّقصَ على الأشلاءْ

لا ترحمنَّ

من كانَتْ لياليهِ

سُكرًا وعربَدةً

ثمَّ صارَ فاتحًا

أو بطلًا مِغوارًا

أو خليفةً ورِعًا!

هَكذا.. هَكذا

يُكتبُ التّاريخُ

فَمَتى تصحِينَ

يا أمَّةَ النّخوةِ

والفتوحاتِ والآدابِ

والقصائدِ العصماءْ؟!

 

 

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة