16 نوفمبر، 2024 1:34 م
Search
Close this search box.

مع كتابات.. لزهر جزار: الكلمة تستطيع أن تبني أو تهدم وتخاطب القلوب

مع كتابات.. لزهر جزار: الكلمة تستطيع أن تبني أو تهدم وتخاطب القلوب

خاص: حاورته- سماح عادل

“لزهر جزار” كاتب جزائري،  مواليد 1968 بمدينة بسكرة بالجنوب الشرقي للجزائر، حاصل على بكالوريا رياضيات 1988، و شهادة الدراسات الجامعية في علم النفس التربوي 1996، عمل أستاذ اللغة العربية 1988 ثم مدير مدرسة ابتدائية  2007، ثم مفتش التعليم الابتدائي للإدارة ببسكرة، مفتش الإدارة 2014، وهو عميد بالكشافة الإسلامية الجزائرية ، و ناشط جمعـوي و ناشط إذاعي، صدرت له مجموعة شعرية بعنوان ( اعترافات بالأحمر) 2018.

إلى الحوار:

(كتابات) كيف بدأ شغفك بالكتابة وكيف تطور؟

  • قصة شغفي بالكتابة بدأت ذات ربيع، وأنا طالب بالمتوسطة حين حررت موضوعا إنشائيا طلبه منا أستاذ اللغة العربية فنال إعجابه واقترب مني ليشكرني على إبداعي ويشجعني على مواصلة الكتابة، وطلب مني قراءته على زملائي فصفق الجميع، فأحسست بأنني أملك قلما يريد أن يصرخ ويبوح ببعض بنات أفكاري.. حينها قررت أن تكون انطلاقتي في الكتابة، ولتطوير هذه المَلَكة سجلتُ بالمكتبة المدرسية للمطالعة والبحث وقراءة بعض كتب الأدباء الكبار.

(كتابات) في كتابك (اعترافات بالأحمر) فخر بكونك جزائري.. حدثنا عن ذلك؟

  • طبعا أنا فخور كوني جزائريا منذ نعومة أظافري، لأنني أنتمي إلى أسرة ثورية قدمت الكثير من أجل نيل الحرية واستقلال الوطن الغالي.

فالجزائري إنسان متمسك بتاريخه المجيد وبتراب أجداده البررة، ويملك قلبا مفعما بالثورة والإحساس المرهف لأنه ورث الشهامة والبطولة وارتوى من حليب الأم العفيفة المقاومة والمناضلة والمجاهدة بجانب الرجل والصبورة، ويستطيع أن يقول كلمته متى وأينما شاء…

(كتابات) في كتابك (اعترافات بالأحمر) انشغال بهموم الوطن وبالقضايا القومية أيضا.. هل الأدب في رأيك لابد أن يعبر عن قضايا كبرى؟

  • إيماننا الكبير والصادق بأن للكلمة وقع وأثر سواء كانت شعرا أم نثرا أم قصة، وتستطيع أن تبني أو تهدم، وتؤثر في العقول والقلوب، وعليه فإن الكاتب هو لسان حال مجتمعه وقومه، وابن بيئته بكل خصوصياتها، وعليه وجب عليه أن يخوض في كل القضايا سواء كانت وطنية أم اجتماعية أم تربوية.

وبما أن الوطن العربي الكبير يعيش هزّات وإرهاصات حتى أصبح همًّا يشغل بال الأوفياء والوطنيين والمثقفين والأدباء، وعليه فالأدب وسيلة للتعبير عن كل هذه الهموم ورسالة نبيلة لكل الشعوب، وأنا بدوري حاولت ترجمة مواقفي وآرائي وأحاسيسي حول ما يحدث بوطني الصغير أو الكبير.

(كتابات) في كتابك (اعترافات بالأحمر) غزل عذب.. كيف هي صورة المرأة في شعرك؟

  • المرأة هي المٌلهمة، هي النبعُ والمدادُ الذي استقيه لأخُطّ كل حروفي وآهاتي، هي الجمال الساحر، هي القلب النابض الذي يأخذك للإبداع، هي الطمأنينة والسكينة، رغم أن كتاباتي محتشمة في هذا النوع.

(كتابات) حدثنا عن عملك بالإذاعة؟

  • في الحقيقة أنا أشغل منصب مفتش التعليم الابتدائي تخصص إدارة، وفكرة عملي بالإذاعة كانت في إطار الشراكة بين وزارة التربية ووزارة الاتصال والإعلام، بتخصيص حصص حول التربية والتعليم بالجزائر، وعليه فأنا أمثل مديرية التربية لولاية بسكرة، فهو منبر لتسليط الضوء على الكثير من القضايا التربوية لإثراءها ومناقشتها والإجابة على كل انشغالات المستمعين والمهتمين بالشؤون التربوية دعما للسياسة التربوية بالبلاد والمشروع الوطني الذي نناشد فيه وزارة التربية الوطنية لتجسيده على أرض الواقع وهو (مدرسة الجودة) بكل ما تحمله هذه العبارة من معاني.

(كتابات) ما تقييمك لحال الثقافة في الجزائر؟

  • الثقافة بالجزائر اليوم تعيش فراغات وتبحث عن رؤية فكرية وثقافية واضحة المعالم عكس ماكان في زمن السبعينيات والثمانينيات، حيث برز العديد من المفكرين والأدباء سجّلوا بصمتهم ورؤاهم وترجموا واقعهم وأفكارهم وأضافوا للمكتبة الوطنية والعربية الجديد، الثقافة اليوم تأثرت بالحياة والتقلبات السياسية والاقتصادية وغابت الكثير من المشاهد والملتقيات الثقافية التي كانت تشرف عليها وزارة الثقافة أوْ وزارة التعليم العالي، وكذا المجلات والصحف العربية التي كانت تأتي من المشرق خاصة والتي كانت تحاور الفكر الجزائري ويتفاعل معها لينتج أدبا وإبداعا متميزا. رغم أن هناك أقلاما شبابية تحاول الإبداع والسير على خطى الأدب الحديث إلا أنها محتشمة.

(كتابات) تكتب القصة والشعر أيهما أقرب إليك ولما؟

  • في الحقيقة بداية كتاباتي كانت شعرًا يتدفق بعفوية وبموسيقى منبعها أحاسيسي ومشاعري الصادقة كغيري من أترابي في ذلك الزمان (أواخر الثمانينات) حين كُنا نتنافس وننشُرُ في بعض المجلات المدرسية والجرائد، ولكن مع مرور الوقت وسعة اطلاعي وتأثري ببعض الأدباء (محمد الصادق الرافعي والعقاد، جبران خليل جبران و…) أحسست بأن قلمي يستطيع أن يكتب قصصا من الواقع أو من وحي الخيال، فكان ذلك، فكتبت العديد من القصص القصيرة خاصة وهي الآن بمخطوط في طريقه للطبع والنشر.

وسبب ميولي إلى القصة أكثر من الشعر هو أن القصة لا تحتاج إلى قافية أو إلى وزن أو بناء موسيقى  منسجم،  بل إلى حبكة وإبداع في السرد والتكثيف والتركيز،  وهي تميل إلى دراسة ومعالجة جوانب عديدة من الحياة، إضافة إلى أن لها قراءً أكثر من الشعر اليوم.

(كتابات) ما رأيك في قصيدة النثر وهل تكتبها؟

قصيدة النثر إحدى الفنون الأدبية المنتشرة في الوطن العربي وهي إرسالُ كلامٍ غير مقفّى وغير موزون، يعتمدُ على التكثيف الصوري والشعري، وقد ظهر هذا النوع من القصائد في بدايات القرن العشرين، وهي قصيدة ولَجَ إليها الكثير من الكتاب لعدة أسباب، من أهمها الاهتمام باللغة السردية التي تجعل النص يميل إلى النثرية بعيدا عن القافية والتقيد بالبحور، رغم أن العديد من النقاد ينعتون هذا الجنس الأدبي ويتصفونة بأنه (جنس أدبي خنثى) أو (نص مفتوح عابر للأنواع) أو ( قصيدة العولمة) أو جاءت لتبريد اللغة الشعرية، إلا أنه أدب فرض نفسه وأصبح له قُراء ومتذوقون. وأنا بدوري أميل إلى هذا النوع من الكتابة لأنني أجد فيه راحتي وأحس بالحرية وأنا أخط كلمات صادقة من واقعي المعاش أو من وحي خيالي، ولا أحتاج إلى تكلف أو عناء كبير حين أترجم كل أحاسيسي وآهاتي .

(كتابات) في رأيك هل تراجع الشعر في مقابل سطوة السرد من قصة ورواية؟

  • المتتبع للشأن الثقافي والساحة الأدبية ومن خلال التجول بالمكتبات و الآراء وجمع الإحصائيات يتبين لنا أن القارئ اليوم يميل إلى الرواية والقصة أكثر من الشعر، حتى أصبحت الرواية في المرتبة الأولى قراءة وتلقب (الرواية ديوان العرب الحديث) عكس ما كان يقال عن الشعر (الشعر ديوان العرب). وعليه فإن كتابة وقراءة الشعر تراجعت بنسب ملحوظة، وذلك راجع للبيئة الثقافية والمستجدات التي طرأت عليها ومن أهمها العولمة التي أنتجت وساهمت في انتشار السرد وفن الهايكو مؤخرا على المجتمعات العربية.

(كتابات) هل واجهتك صعوبات ككاتب وما هو جديدك؟

  • كغيري من الشباب المولع بالكتابة والمؤمن بأن الكاتب والأديب والمربي هو لسان حال مجتمعه، والمرآة العاكسة لكل الأحداث والمواقف والظواهر الاجتماعية والثقافية و…تواجهه العديد من الصعوبات وخاصة ونحن في زمن العزوف عن القراءة وخاصة الكتاب، وموقف الكثير من الشعر والقصة والأدب بصفة عامة أنه لا ينفع صاحبه وأن الشاعر مريض قومه ومجنون وخارج عن دائرة التمدن التي تؤمن بفنون أخرى. إضافة إلى دور النشر التي تسعى للربح السريع على حساب الأدب الراقي والكلمة الصادقة وسلامة اللغة العربية،ومؤسسات الثقافة لا تشجع الأقلام الواعدة والمُلتزمة بل تهتم بكتب الطبخ والمودة و…

أما ما يخص جديدي فأنا بصدد طبع مجموعة قصصية تحمل عنوان (تذكرة غياب) بعد مراجعتها وتدقيقها لغويا.

 

نصوص لزهر جزار..

توأمة القدر

أهداها قلمه الوفي…

وبعض الشوق مع الورق.

بكت دمعا…

فسقت حبر الشوق فأبدعت…

زرعت في فلَك قلْبه وُرودا

تفوح أريجا وعبق.

وأهدت لعمره الحزين سماحة القدر

وترانيم الشفق.

***

أمنية

أريدك أن تكوني مثل المطر…

تسقط زخاتُه عطرا…

لتطهرَ ما خدشَه الزمن…

لترويَ ما جفّه الوهن…

وتوقضين الحظ والأمل.

أريدك أن تكوني شمعة…

تضيئين غرفة فؤادي بلا ملل

وتطردين لعنة الظلام الى الأبد

وتمسحين الحزن بلا كلل.

أريدك أن تكوني كما أريد أنا

لتفوزي بُودّي وحُبّي والهناء

***

صرخة طفل

خذ بيدي… واعبرْ

خذْني ورغيفي… وابحرْ

فأنا سئمت من المنظر

خذني ومعي حجر…

وقصيدة وطني …واعبر

فأنا سئمت من الغدر

…..

خذني ومعي أمل…

وكثير من الصبر

فأنا سئمت من المنظر

***

سيدتي…

ياعاشقة حروفي وكل كلماتي

وملهمة عروبة قلمي…

وقارئة كل دفاتري…

اشتقت إلى الزورق الأزرق

وقصيدة الأنس مع لحظة الغروب

وصوت زخات المطر…

إلى سحر عينيك …

وطيبة قلبك …

سيدتي…

لايمكن للحرف أن يلمع…

ولا للقلب أن يفزع…

ولا للكون أن يفرح…

دون سحرك

دون فرحك…

دون عشقك…

كوني شمعة وردية

تضيء طريقي

وتطرد الظلام من مملكتي..

وتزرع حديقة قلبي ورودا

وتلبسه أحلى حلل.

لاتتأخري عن مطاردتي…

مؤانستي …

فقصيدتي بدونك عرجاء

وحرفي أصم…

سيدتي…

سأظل وفيا للون الأزرق

وإلى مداد قلمي السخي…

وإلى كل عهد قطعته من أجلك.

***

محكمة

جلسة التّاريخ غدا…

وموعد التّأْريخ قدْ حلّ…

خذ صحيفتك…

كتابك…

بعض أوراقك…

انتظر دورك

غدا تسطع الشمس

لتكشف ما قد رُسمْ

وتذيب جليد الّزيْف

عن كل غصن لا يُـثمرْ

كنْ أنت… أنت

ولا تتأخر…

فمزاد التاريخ غدا…

وموعد التأريخ قد حل…

اختر اللغة التي تجيدها

أو الرمُوزَ…

إن غاب الصوت ولم تقدر

امسك بأوراقك الملطخة

ربما تتبعثرْ…

احرص على أن لا تتأخر..

فالشمس إذا ألفتها بالأمس

فاليوم بها لن تتأثر.

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة