15 نوفمبر، 2024 6:49 ص
Search
Close this search box.

مع كتابات.. عبّاس داخل حسن: الكتابة حضور مقاوم وشفاء من الواقع المرير

مع كتابات.. عبّاس داخل حسن: الكتابة حضور مقاوم وشفاء من الواقع المرير

خاص: حاورته- سماح عادل

” عبّاس داخل حسن”  قاص وناقد عراقي، وُلد في الناصرية عام 1962، وهو خريج المعهد التقني للعام 1982/1981, بدأ نشاطه الأدبي في مجلة الطليعة الأدبية التي نشر فيها أول قصة وهي (أشياء تستحق المغامرة), وتبعها بإسهامات متعددة في مجال النقد المسرحي، أبرزها (مسرحيات مهدي السماوي) وكذلك مسرحية (الدّوبة).

بدأ مسيرته في مجموعة من المجلات منها: الجسرة، والجديد، والعالم، و الزمان، وطريق الشعب، والعراق اليوم، وبانوراما، وصوت العروبة…إلخ, أمّا في المجال السردي والنقدي فقد صدر له مؤلفات عدة منها: (خطى الفراشة مجموعة قصصية 2015) و(ألق الحكاية.. ورقة استشرافية عن القصة القصيرة جداً)، و(سقوط السماء في خان الشابندر) دراسات نقدية عن رواية “خان الشابندر” للروائي “محمد حياوي”2016, و صدر له مؤخرا (مزامير يومية) مجموعة قصص قصيرة جداً، إلى جانب مؤلفاته التي هي قيد الطبع، وهي: (تجليات العشق والكتابة عند الدكتورة سناء الشعلان) “مقالات نقدية”.

إلى الحوار:

(كتابات) ماذا تعني لك الكتابة ؟ وكيف بدأ شغفك بها؟.

  • الكتابة تحليق بأجنحة الخيال في فضاء اللغة، هي عملية هدم للسائد الممل وفتح نافذة للتأمل والسعي إلى أن نكون بمستوى وجودنا المسئول في التعبير عن عالمنا ودواخلنا وأحاسيسنا بحرية وصدق. في البدء كانت اهتماماتي مسرحية، بعد تحولات كثيرة ليست بعيدة عن الكتابة أدركت أن الكتابة هي ما أحتاجه للشفاء من الواقع المرير وهي وسيلة احتجاج ناجعة ومؤثرة. على الرغم من الإجماع من قبل كتاب العالم الثالث على أن الكتابة عملية غير مجدية للعيش الكريم نتيجة مردودها الصفري، لكن لا أخفي أن عشقي للكتابة والقراءة لا يمكن الاستغناء عنهما بأية حال من الأحوال، وبعد حين أصبحت الكتابة عزائي الوحيد في عزلتي المتناسلة والمنافي والاغتراب كنوع من الحضور المقاوم قبل “أن يغيبنا الموت ونصبح لامرئيين”.

(كتابات) في كتاب ( ألق الحكاية- استشراف القصة القصيرة جدا) درست ذلك الجنس الأدبي من بداية ظهوره لدى كتاب معروفون وحاولت التأصيل له.. هل واجهت هجوم على الكتاب؟

  • حاولت في كتاب (ألق الحكاية) أن أكون موضوعياً وحيادياً قدر الإمكان, وتتبعت نشأة القصة القصيرة جداً كجنس أدبي حديث وقمت بإلقاء الضوء على الريادة، وهو موضوع إشكالي- جدلي عند كتاب القصة القصيرة جداً ودارسيها.

الكتاب  حاز على قبول لا بأس فيه، وهو عبارة عن  ورقة استشرافية عن القصة القصيرة جداً ألقيتها في “المقهى الثقافي”- بغداد عاصمة الثقافة العربية عام (2013) وطورتها فيما بعد لتصبح كتاباً.. ولم أواجه أي هجوم بل على العكس لاقى البحث أصداء طيبة واهتماماً من الشغوفين والمهتمين في القصة القصيرة جداً في العراق، بالرغم من الهنات الطفيفة كعدم ذكر بعض الأسماء المهمة وأنا بصدد طبعة ثانية منقحة. وقد أشاد به كثير من النقاد والدارسين للقصة القصيرة جدا ًفي العراق، وكتب عنه الأديب والمترجم المخضرم “أحمد الباقري” مقال منشورة في جريدة طريق الشعب العراقية: “حَقاً كان كتاب (ألق الحكاية) كتاباً ممتعاً ورائداً في محاولته توثيق وتسجيل ملامح القصة القصيرة جداً.. تَمَتَعَ كتاب (ألق الحكاية) بفضائل عديدة، ولكن فضيلته الكبرى في اعتقادي, اتصافه بالحيادية والموضوعية. فقد كان مسحاً تاريخياً موضوعياً لنشأة هذا الفن الجديد.. أقول بصراحة وبدون مجاملة, لقد بذلت جهداً شاقاً وملحوظاً في جمع المعلومات عن القصة القصيرة جداً على الرغم من ندرة المصادر عنها وسجلت شرف الريادة في هذا الميدان اللاهب”.

(كتابات)  في “مزامير يوميّة” حديث إنساني عن أشياء تخص الوطن ذكريات عن الماضي وانتقاد للحاضر.. احكي لنا عن ذلك؟

  • هذا مرده ذاكرة فردية وجمعية محتقنة بالانكسارات والمحن والصراعات والاحتلالات, مسرحها بلدي العراق الذي تكالب عليه البعيد والقريب، وبعد أن دمر الاحتلال كل شيء ونهب حتى ذاكرة الأمة العراقية والآثار والمتاحف، سلطت أمريكا علينا وكلاءها من أحزاب ومليشيات كارثية بغلوائها، ما أنزل الله بها من سلطان، واستغلت دول الجوار فراغ الدولة العراقية وتخريب ما تبقى من مؤسسات، بعد حل الجيش العراقي وتصدير أبشع أنواع الطائفية والإثنية، التي لم يشهدها الشعب العراقي.

والمقدمة التي كتبتها الأديبة الدكتورة سناء الشعلان بعنوان “على نيّة التّقديم وذّمّة التّلقّي” قالت فيها: “أبهرتني بكشفها المثير والمميز لنصوص مجموعتي الصغيرة جداً، ولهذا السؤال نصيب بالإجابة من المقدمة؛ “مزامير يوميّة” هي إحالة إلى جمعيّة التّجربة الإنسانيّة بكلّ ما فيها من خصوصيّة الفرديّة، هي حالة معيشة يحياها الكثيرون، وهي وجع يوميّ يكابده المكابدون، وهي وثيقة تجريم بحقّ كلّ من أساء إلى الأوطان، وخان ضميره، وضيّع إنسانيته وهويته، إنّها باختصار يوميّات إنسان وافر الألم والبؤس وخيبات الأمل في هذا الكوكب الذي يعجّ بالألم”.

(كتابات)  في “مزامير يوميّة” قصص قصيرة جدا تعبر عن أحاسيس الاغتراب والوحدة ومشاعر أخرى.. لما اخترت نمط التكثيف والاختزال للتعبير؟

  • إنَّ من أهم مقومات القصة القصيرة جداً التكثيف, والاختزال, والمفارقة، والدهشة التي تحدثها بضعة كلمات أو بضعة سطور عند القارئ أو كما قال الكاتب الاورغواياني “ادواردو غالياني”: “أحاول قول الأكثر بالأقل؛ لأن الأقل هو الأكثر”.

من هنا تأتي صعوبة كتابة القصة القصيرة جدا, ووجدت أنها الشكل المناسب للتعبير عن أحاسيس الاغتراب والوحدة والمشاعر بأقل الكلمات التي تؤدي رسالة جمالية تلهب مشاعر القارئ، وتعمد إلى إدخاله في متاهات الحكاية وصولاً إلى متعة التأويل، كل هذا يحدث من خلال الحكي لتشكيل الذاتي والآخر ببناء جديد وفق تشكيلات الدلالة والمفردة الشعرية داخل إطار القص. والأولوية عندي ببساطة أن أطرح فكرة تهم طرفي المعادلة “الكاتب – القارئ”، ومن دون هذه المعادلة لا يوجد نص البتة.

(كتابات) في “خطى فراشة” حنين لأيام الطفولة بأماكنها وذكرياتها.. هل الحنين للوطن مفرح أم محزن؟

  • الحنين لوعة لشيء بعيد المنال أو ضائع أو فقد ربما يكون البوح الحكائي تعويضاً موضوعياً ومحاولة لإحياء أماكن محفورة في الذاكرة كمراتع الطفولة الأسرة، وغوايات الشباب، ومجون المراهقة، وسط احتشاد الأسئلة والفشل في العودة إليها ثانية؛ بسبب الصراع الدامي على السلطة وفوضى الواقع في العراق التي أفسدت علينا كل شيء حتى لهفة العودة للوطن التي انتظرناها طويلاً ولم تتحقق. بكل تأكيد “خطى فراشة” تعبير صارخ عن الحنين المبرح والمنفى “إجبارا أو اختيارا”، وتعمياته الذي لا يعرفه إلا من جربه  وتجرعه “خطى فراشة” الوجع المتماهي في أعلى صورة الأسى والاغتراب, من هنا يأتي مبعث هذا الحزن وهو صنو العراقي بالمنفى أو في الداخل يعاني من اغتراب من نوع آخر، واللاإستقرار منذ عقود ويحن للحظة الفاصلة والانفكاك عن الفوضى المدمرة  بكل شيء والشعور بوجوده الإنساني والمجتمعي السويّ.

(كتابات) هل يمكن القول أن الأدب العراقي في مجمله مهموم بالوطن؟

  • بالتأكيد أن الأدب العراقي مضمخ بهموم الوطن والإنسان العراقي، الوطن ليس مجرد مكان جغرافي بل انتماء وذاكرة وهوية وموروث وكل هذه الأواصر تشكل كينونة العراقي موجودة عند الأديب باللاوعي واللاشعور، وهي خامته الجمالية والأدبية، والمكان هو طبوغرافيا وجودنا الحميم كما يقول الفيلسوف “غاستون باشلار”, ومن هنا إن الوطن بكل تفاصيله النفسية والتاريخية والاجتماعية والسياسية، هو الوجود الحميم للأديب والمبدع والإنسان  العراقي عموماً.

(كتابات) في رأيك هل ولى عصر ازدهار المجلات الثقافية المتخصصة خاصة مع ظهور الانترنت والتطور التكنولوجي.. أم لا؟

  • لا اعتقد ذلك. على الرغم من أن الانترنيت سحب البساط من تحت المطبوع الورقي واختفت معظم الصحف لصالح النشر الالكتروني، لأنها أقل كلفة، ويمكنها الوصول لشرائح واسعة من القراء بالوقت نفسه من لحظة الإصدار، إلا أنه مع المجلات الأدبية المتخصصة الأمر مختلف لازال لها جمهورها وتتطور وتلاقي تفاعل من الكتاب وتستأثر بقبول جماهيري ملحوظ.

على الرغم من أننا نستطيع أن نحمل مكتبة ضخمة على هواتفنا وأجهزة المحمول بكل سهولة ويسر، والأمر لا يأخذ سوى وقت قصير، سيبقى للورق سحره ورائحته ومتعة تصفحه، ربما عربيا تراجعت أو اختفت المجلات الثقافية المتخصصة بسبب غياب التمويل والدعم، حالها حال الثقافة بشكل عام، في حين في أوربا والأمريكتين واستراليا نجد كتاب الجيب والمطبوعات الخاصة بالأطفال والمجلات الثقافية المتخصصة في المولات والمكتبات ومحطات الوقود وسفن نقل المسافرين، ولها رواج عند القراء منقطع النظير. لقد استفادت أصناف من المطبوع الورقي من التقنيات الرقمية وطوعتها لصالح استمرارها، واعتقد أن المجلات الثقافية والأدبية المتخصصة ومجلات الموضة نجحت إلى حد ما بذلك، وكل شيء مفتوح للتحولات المستقبلية التي سمتها السرعة الفائقة والتحولات الثورية المذهلة في الاتصالات.

(كتابات) في رأيك هل يمر الأدب العراقي بنهضة خاصة بعد 2003م.. وما أبرز معالمها؟

  • بكل تأكيد يمر الأدب العراقي بنهضة كبيرة وغير مسبوقة، بعد انهيار الدولة المركزية ورقابتها الصارمة وسيطرتها على الثقافة وتسخيرها لأيدولوجيتها، وقمع الصوت الآخر والرأي الآخر، وهذه حال معظم الدول العربية اليوم. أصبح الآن سقف الحرية عالياً جداً في العراق، ومع بزوغ الانترنيت ووسائل الاتصال الرقمية أصبح العالم فعلاً قرية، ولا يمكن حجر الأفكار والإبداع والرأي الآخر.

كان العراقي محروماً من كل وسائل الاتصال الحديثة ويعيش بسجن كبير حقا، أمَّا اليوم فالكتاب العراقي موجود بكل المعارض الدولية، والسلطة الجديدة ما بعد (2003م) غير معنية بالثقافة والتعليم، وما يحصل من نهضة يتحمل أعباءها اليوم الأدباء، وبعض دور النشر الجادة، والنخب التي تعيش قلق الثقافة باعتبارها أهم مرجعيات الأمة، وهذه علامة عافية، وسنشهد مساراً جديداً للثقافة العراقية، طالما أنها تتوافر على مرتكزات وأسس معرفية عبر الأجيال والأدباء المؤسسين منذ ثلاثينيات القرن المنصرم، قبل الانكفاء نسبيا الذي حدث إبان الحصار الجائر على العراق، ومع كل المصائب والفظاعات لن تنطفئ جذوة الإبداع العراقي، ودوره الريادي ضمن المشهد الثقافي العربي والحضاري الإنساني.

(كتابات) اخترقت الرواية العراقية حواجز كثيرة وحازت على جوائز عدة.. في رأيك هل تأخر هذه الاستحقاق كثيرا؟

  • المشهد الروائي العراقي أصبح لافتاً للنظر كما وكيفا, فخلال الخمسة عشر عاماً التي تلت سقوط بغداد 2003م بلغ المنجز الروائي في العراق مئات الروايات، ولا يحضرني العدد الدقيق, مما حدا بالبعض بوصفه بانفجار روائي, وشهدت الرواية العراقية ولادة جيل جديد من الروائيين نجحوا في استلهام الواقع ما بعد غزو العراق بكل انقساماته وتعقيداته الغرائبية الشائكة، وحققت جوائز عديدة وحضورا باهرا.

لكن على رغم من كل الجوائز والنجاحات الكبيرة المهمة التي حققتها الرواية تبقى محل تساؤل، لأن هناك انفلات في النشر واستسهال في كتابة الرواية من قبل بعضهم سعياً ولهاثاً خلف الجوائز, وعلى رغم من ذلك هناك روايات ناجحة كثيرة حققت حضوراً لافتاً عند المهتمين والقراء على حد سواء, ويحسب لها جرأتها في كسر التابوهات إلا أنها لم تنل حظوة الجوائز, وهذا موضوع آخر تناوله روائيون ونقاد عرب ووقفوا عند أسبابه طويلاً، وهو موضوع جدلي، كما سكت بعضهم عن الخوض فيه لسبب أو آخر .

(كتابات) هل واجهتك صعوبات ككاتب.. وكيف؟

  • معظم الكتاب العرب يعانون من صعوبات خارجة عن إرادتهم بشكل أو آخر كالتفرغ للكتابة مثلاً, والمعضلات التي تواجه الكاتب العربي عموماً هو العمل الذي يمارسه معظمهم لا علاقة له بالكتابة لا من قريب ولا من بعيد. أنا انقطعت عن الكتابة لسنوات عديدة؛ بسبب عملي البعيد كل البعد عن الكتابة والقراءة.

فضلاً على ذلك لا توجد مؤسسات ثقافية توفر للكاتب منحاً دراسية كما في الغرب مثلاً أو تبني للمنجز الإبداعي، وإن وجدت عن طريق وزارات الثقافة في بلداننا العربية، التي تتحكم بها الحزبية و”الشللية” وحالها حال كل المؤسسات الأخرى مترعة بالفاسدين والانتهازيين. وتبقى المبادرات الفردية هي التي تتصدر المشهد. والإبداع فردي أوَّلا ًوأخيراً، لكن لا غنى عن الدعم المؤسساتي بكل أشكاله. وفي الغرب استطاعوا تحويل الثقافة من عبء مالي إلى مورد مهم للإسهام بالتنمية المجتمعية المستدامة وتوفير فرص عمل للمشتغلين فيها.

من مزامير يومية..

لكن تذكر.. تذكر

العصفور يغني كل يوم للجميع دون تملق أو مصلحة بلا كلل أو تقاعس، الوردة للأمير والعاشق والفقير وعابر السبيل على القبر أو في يد عروس تشيع عطرها لكل المخلوقات، والنجمة رغم خداعها تلمع في عيون أحقر المخلوقات نذالة، وفي عيون البحارة ومن اشتد بهم السهاد وعابري الصحراء اللامتناهية الأسرار.

فكن عصفور أو وردة أو نجمة. ضوء النهار أو ضوء شمعة في هزيع الليل أو أغنية تتدثر بها روحك العارية من برد الغربة والوحدة، أيها الفتى العالق في تخوم الروح وطين الأرض، أيها الماثل مثل خيوط الملح على حيطان سومر العتيقة، إنك مثل نهر لا يدري أين يرحل ومتى يتوقف ويجف… هل تعلم بأي أرض تموت؟

إنك جرة نبيذ ملفوفة بليف النخل مدفونة منذ فجر السلالات لا تتعفن، ختم سومري لا يمحى، تمثال أكدي لا يبلى.

انظر إلى ضفاف الروح بسلام واستلقي على عشب أحلامك الهيولية بسكينة، قرص وجه حبيبتك السمراء يكفيك ويقيك من الجوع والعطش. ضحك الأطفال يشفيك من المرض، ويطرد دود الذاكرة، وينقي الروح ويحيي الأمل الرميم.

****

لكن تذكر..

مدامة استكان الشاي اللذيذ في “مقهى عابد” بشارع اللاتوازن، الذي ما زال يموج بالأبكار والثيب كل مساء، ترجمهم سهام النظرات المحرومة من كل صوب، تذكر طعم صبير القهوة المرة في “مقهى الشيوعيين” أحفاد “أبا ذر”، لمة الأصدقاء في مقاهي الأرصفة وطقوسها الرتيبة، بعثرهم المجهول والحروب وأكلهم الحصار بضراوة، وأثقلتهم حكمة الشيخوخة المبكرة والوهم الرحيم، ونثروا على أصقاع الأرض، رمموا أجنحتهم توبؤا الريح متورطين في اصطياد لحظة فرح كلما اقتربوا منها هربت إلى حيث لا مستقر.. لا مستقر..

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة