9 أبريل، 2024 3:33 م
Search
Close this search box.

فاضل عبد الواحد.. كشف أسرار الحضارة السومرية مؤكدا على وحدة حضارة العراق

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص: إعداد- سماح عادل

الدكتور “فاضل عبد الواحد” عالم السومريات، رمزا علميا وأكاديميا كبيرا، وشغل عدة مناصب مهمة، منها عمادة كلية الآداب- جامعة بغداد، فضلا عن كونه عضو المجمع العلمي العراقي، ولد عام 1935 في محافظة البصرة، وأنهى دراسته الثانوية فيها، ثم انتقل إلى بغداد ليكمل دراسته الجامعية في كلية الآداب والعلوم/ قسم الآثار عام 1953، بعدها حصل على بعثة دراسية في جامعة “بنسلفانيا”، ودرس على يد العالم الكبير “صمويل كريمر”، فحصل على درجة الماجستير في مادة السومريين وآدابهم عام 1960، كما حصل على الدكتوراه في فلسفة الآثار عام 1963، وعاد بعدها إلى بغداد ليعمل أستاذا في جامعتها.

درس”فاضل عبد الواحد” علي يد نخبة من رواد علم الآثار العراقي أبرزهم الأستاذ العلامة “طه باقر” حيث يصفه “فاضل عبد الواحد”: “من خلال تتلمذي على يد الدكتور طه باقر عرفت عنه حبه اللامتناهي لسيرة البطل كلكامش فقد أحبه أكثر من غيره، فإذا كانت الملحمة تبدأ بالبيت الشهير (هو الذي رأى كل شيء) فأنا أقول للأستاذ طه باقر هو الذي عرف كل شيء”.

متخصص في السومريات..

تكمن أهمية “فاضل عبد الواحد” علي في كون اختصاصه في السومريات، و معرفته باللغة السومرية بالإضافة إلى اللغات الأخرى كالأكدية والآرامية جعلته واحداً من القلائل الذين يجيدون قراءة هذه اللغة بسهولة، و الحضارة السومرية هي أكثر الحضارات غموضاً من حيث إنه لا يتوفر عنها معلومات بخلاف الحضارتين البابلية و الآشورية، ولقد انكب “فاضل عبد الواحد” على دراسة النصوص السومرية المحفوظة في المتحف العراقي، والتي لم يتعرض لها أحد و لم تعرف معانيها أبداً، فكان ينقب فيها و يقارن ويترجم ليضيف نصوصاً جديدة معدلاً أو مكملاً لأسطورة هنا و أسطورة، هناك ناشراً كل أبحاثه و مكتشفاته في كتبه أو في أهم المجلات آنذاك، مثل “مجلة سومر” بحيث أصبح مرجعاً بحد ذاته في الحضارة السومرية.

ولقد خصص جزءاً كبيراً من مؤلفاته لتناقش السومريين أصولهم، عاداتهم لاهوتهم و آدابهم، وأصدر مجموعة من المؤلفات المختصة أهمها: (عشتار و مأساة تموز، الطوفان في المصادر المسمارية، عادات و تقاليد الشعوب القديمة، من ألواح سومر إلى التوراة، سومر أسطورة و ملحمة، تاريخ العراق القديم)، وشارك في تأليف موسوعة العراق في التأريخ.

حضارة واحدة..

رأى “فاضل عبد الواحد” أن حضارات العراق تتصل ضمن حلقاتها التاريخية، مؤكداً في تصريحات صحافية نشرت في بغداد أن: “حضارة العراق حضارة واحدة أصلية هي الحضارة السومرية التي نمت وتطورت على مر العصور التاريخية، زمن البابليين والآشوريين، ثم أنها انتشرت في ما بعد إلى بلدان دانية وقاصية من العالم القديم، وهي حضارة أصيلة ومؤثرة انتقلت تأثيراتها إلى شعوب كثيرة أفادت منها.. وتأثيرات حضارة العراق كانت واسعة ومختلفة ففي حقل الكتابة السومرية كان هناك انتشار إلى بلدان عدة، كذلك الحال في مجال اللغة البابلية التي انتشرت هي الأخرى مع الخط المسماري، كما انتشرت تأثيرات من حضارة العراق في مجال المعتقدات الدينية والآلهة والفنون والعلوم والآداب”.

ويصر “فاضل عبد الواحد” على استخدام مصطلح “بلاد بابل” عوضاً عن “بلاد سومر”، مشيراً إلى أن الأخيرة تعبير جغرافي تاريخي يدل على المنطقة الممتدة من أقصى جنوب العراق إلى حدود مدينة نفّر، بينما بلاد بابل تعبير أشمل، فهو يدل على سومر وأكاد.

ملحمة غلغامش..

وكان رأيه في “ملحمة غلغامش”: “ملحمة غلغامش درة في تاج الأدب العالمي القديم، وهي ملحمة إنسانية تدور حول قدر الإنسان وهو الموت، والموت كما هو معروف قاسم مشترك بين البشرية جمعاء، ولهذا فإن الملحمة اختارت موضوعاً إنسانيا بحتاً هو قدر الإنسان، وهو ما منحها تمايزاً عن الملاحم اليونانية..وهناك فجوات في النص، وفي ألواح الملحمة، ويمكن أن تكتمل عن طريق العثور على ألواح جديدة، وهذا ما يحدث فعلاً، إذ جرى ترميم بعض الفجوات في ضوء نصوص جديدة مكتشفة”.

وبخصوص ترجمات “ملحمة غلغامش” يرى “فاضل عبد الواحد” أن: “ترجمة عراقية كفوءة كالتي أنجزتها ترجمات طه باقر وسامي سعيد الأحمد وعبد الحق فاضل، إضافة إلى ترجمتها إلى لغات أجنبية كانت الأبرز في ترجمات الملحمة من نصوصها الأصلية، إن الترجمة المميزة هي التي تعتمد على قراءة النص وتحليله واستيعاب المعنى المقصود، ودلالة الصورة في النص، وهذه لا تتيسر إلا لذوي التخصص في الكتابات المسمارية”.

خبرة الآثاري..

وعن قدرة الآثاري في التعرف على ما يحويه الأثر يرى “فاضل عبد الواحد” أنها: “تعتمد على الخبرة المكتسبة للباحث والآثاري في استقراء الأثر من الوجهة الفنية والجمالية، والمادة المصنوع منها ذلك الأثر، وإذا كانت هناك كتابات مسمارية عليه فهي معلومات إضافية مهمة عن تاريخه والعصر الذي يعود له ومدلوله.. إن جهداً في التنقيب العلمي عن الآثار القديمة تشهده مواقع في العراق.. نحن نتابع ما يستجد في حقل الآثار العراقية، وعندما تظهر مكتشفات، نفيد منها في تقويم الحقائق الآثارية والتاريخية”.

رحيل هاديء..

يقول عنه “حامد خيري الحيدر” في مقالة له على الحوار المتمدن: “بهدوء وبعيداً عن الأضواء وحمى التكالب المجنون على المناصب الرخيصة الذي أعقب الانتخابات العراقية، رحل يوم الأحد 20/5/2018، العالم والمفكر العراقي الكبير أستاذ الدراسات السومرية وعالم الآثار الدكتور فاضل عبد الواحد علي، بعد معاناة مع المرض امتدت لسنوات عديدة، وبعد أكثر من أربعة عقود قضاها باحثاً مُتقصياً في تاريخ بلاد الرافدين وحضارتها العريقة. بهدوء رحل كما عرفناه أيام دراستنا في قسم الآثار هادئ الطبع رقيق الكلمات ذو ابتسامة وادعة جميلة يمنحها للجميع دون تردد، ليكسب قلوب واحترام طلبته قبل زملائه الأساتذة. عشق حضارة سومر بشكل لا يوصف حتى كان يتغزل بها كأنها معشوقته التي لا بديل عنها.. أحب سيّر أبطال العراق جاعلاً منهم رموزاً ومثابات راسخة في كتابة تاريخ أرض الرافدين. فكره لم يتجرد يوما عن عراقيته الماضية بعد أن تشبع فكره بثقافة أرض سومر، حيث نشأ وعاش مع جذور وطنه ليعشق طبيعة أرضه وطيبة أهلها، ولتغدو حياته العلمية متناقضة مع هدوء طبعه، بل كانت ثائرة عنيفة، تفتش بين دهاقين الزمن عن تاريخ أرض الرافدين، لتكشف عن عراقتها ودورها الملهم البنّاء في تشييد حضارات العالم”.

ويواصل : “تكمن ميزة الدكتور فاضل عبد الواحد كونه من القلائل الذين اختصوا في علم السومريات لصعوبته الكبيرة وعزوف الكثير من الباحثين على الخوض فيه، وبالتالي معرفته باللغة السومرية بالإضافة إلى اللغات الأخرى كالأكدية والآرامية، مما جعله واحداً من القلائل في العالم الذين يجيدون قراءة هذه اللغة ويتقنون قواعدها ويفهمون مفرداتها، ليوظف ما ناله من علمه النادر هذا بشكل نتاج تميز به عن غيره من الباحثين، بعد كسره القواعد القديمة في الدراسات المسمارية، وجعله للكثير من النظريات القديمة موضع الشك والانتقاد، خاصة فيما يتعلق بأصل الشعب السومري، وكونه عراقي أصيل ولد من رحم أرض الرافدين الخالدة وشيّد حضارته العريقة بين روابيها، مخالفاً بشجاعة نادرة كل النظريات والآراء المغرضة التي حاولت على مدى سنين طويلة من تزوير التاريخ وجعل أصول شعب سومر ترجع إلى بلاد أخرى، حيث كان يُردد دوماً عبارته الشهيرة (السومريون عراقيون حتى يثبت العكس)، ليغدو مرجعاً متفرداً في الحضارة السومرية”.

ويقول “علاء اللامي” في مقالة له عنه: “بصمت ودونما اكتراث من الوسط الثقافي ومن الدولة العراقية المشوهة إلا ممن ندر، رحل عن عالمنا قبل يومين العلامة العراقي القدير وأستاذ علوم “السومريات” والتاريخ القديم في جامعة بغداد د. فاضل عبد الواحد علي بعد معاناة طويلة مع المرض واكبها إهمال معهود من الدولة وسلطاتها له ولحالته الصحية.. شغل كرسي الدراسات التاريخية في جامعة بغداد ورئاسة قسم الآثار في كلية الآداب التي كان طالبا فيها لسنين عديدة. وكان يتقن اللغة الأكدية إتقانا تاما ويتكلمها بطلاقة، ويقرأ بها اللقى والرُّقم والمعثورات الأثرية مباشرة شأنه شأن زميله الرائد في هذا الميدان د. طه باقر. ألف الراحل العديد من المؤلفات العلمية المهمة وله يعود تأكيد أطروحة “عراقية الطوفان القديم””.

ويضيف: “العلامة الراحل هو مبتكر مصطلح ” الجزيرية والجزيريون” كبديل عقلاني للمصطلح التوراتي الخرافي “السامية والساميون”، وكنت قد توقف عند ابتكاره هذا في مسودات كتابي “موجز تاريخ فلسطين القديم” التي نشرتها على صفحتي هذه، وسجلت فيها أن هذا المصطلح من ابتكاره، وقد استعمله للمرة الأولى بلفظ “الجَزْري” في بحث له بعنوان “الأكديون ودورهم في المنطقة” سنة 1979، وقد وافقه على ذلك، واستعمله بعده، العلامة الآثاري العراقي الراحل د. طه باقر”.

أعماله..

1_ رسائل سومرية (بالانكًليزية) 1964

2_ عشتار ومأساة تُموز 1973 ثم 1986

3_ الطوفان في المراجع المسمارية 1975

4_ عادات وتقاليد الشعوب القديمة 1979 (بالاشتراك مع الدكتور عامر سليمان)

5_ العراق في التاريخ 1984 (بالاشتراك مع عدد من المؤرخين العراقيين)

6_ تاريخ العرق القديم… بجزئين 1981 (بالاشتراك مع العلامة طه باقر)

7_ من ألواح سومر إلى التوراة 1989،

8_ سومر أسطورة وملحمة 1997

9_ له عشرات البحوث والمقالات باللغتين العربية والانكًليزية منشورة في مجلة (سومر) الآثارية، ومجلة كلية الآداب، ومجلة المجمع العلمي العراقي، إضافة إلى العديد من المجلات والدوريات التاريخية العربية والعالمية.

10_ مشاركته في تأليف عدد من الموسوعات التي توثق تاريخ وحضارة العراق:

_ موسوعة حضارة العراق (ثلاثة عشر جزء)

_ موسوعة المدينة والحياة المدنية ( ثلاثة أجزاء)

_ موسوعة الموصل الحضارية (خمسة أجزاء)

_ موسوعة الجيش والسلاح (ثلاثة أجزاء)

 

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب