24 نوفمبر، 2024 11:42 ص
Search
Close this search box.

مع كتابات.. عامر حميو: ثمة نهضة ثقافية تنمو مثل تعريشة نبتة صغيرة

مع كتابات.. عامر حميو: ثمة نهضة ثقافية تنمو مثل تعريشة نبتة صغيرة

خاص: حاورته- سماح عادل

“عامر حميوّ” روائي وقاص ومسرحي عراقي، من محافظة بابل، ولد عام 1964، حاصل على الدبلوم في المحاسبة. بدأ الكتابة منذ عام 1984 وبدأ النشر عام 2015. وهو عضو الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق، وعضو الهيئة الاستشارية للبيت الثقافي في القاسم.

إلى الحوار:

(كتابات) في رواية (بهار) حكيت قصة بهار الأيزيدية وفيفيان المسيحية وآمال الشيعية اللاتي وقعن في أسر داعش.. هل كنت تريد أن تقول أن مصائب العراق تقع على الجميع؟.

  • ليس في العراق حسب، بل في كل شعوب العالم ما ظهر تطرّف إجرامي ولم يكن عادلاً في توزيع بطشه على كل الناس، والبطش يزداد غياً إن تلبّس في عقيدة يراد لها أن تكون السائدة على الناس، وأساسها أن لا رأي للآخر فيما يفعله، وما جاءت به داعش كان منتهى الانحطاط للبشرية، وقد أبهرت العالم في عدالة توزيع ظلمها على العراقيين كافة.

(كتابات) هل كانت رواية (بهار) محاولة لرصد الانتهاكات التي وقعت بيد داعش وأفظعها سبي النساء؟

  • تعرض الأيزيديون عبر التاريخ إلى أربع وسبعين إبادة ومحوٍ للهوية، وحسب البحوث التاريخية فإن أبشع تلك الحملات كانت هذه الأخيرة على يد داعش، لأن ما جرى قبلها كان يتم بوسائل قتل بدائية (سيف ثم بندقية قريبة المدى) أمّا هذه التي فعلها داعش فكانت بوسائل حديثة (المدفع والقناص والطائرة المسيرة وملاحقة من يريد النجاة بسيارات رباعية الدفع وقصف مكامن الاختباء بالهاونات) ولهذا فقد كانت خسائر الأيزيديين كبيرة جدا، وأقسى ما صار فيهم أن نساءهم سُبيت في زمن يسمى بزمن الرقي البشري علمياً وروحياً، وهذه الإبادة كان وقعها عليهم كبيرا من الناحية السايكولوجية.

(كتابات) في رواية (سُلَّم بازوزو) تحكي من أواخر الستينات حتى 2017 متتبعا البطل (برهان العسافي) والتغييرات الهائلة التي حدثت في المجتمع في تلك الفترة.. حدثنا عنها؟

  • من إحالة عنوان الرواية واستلهامه لرمز تاريخي عراقي، أسقطت اسم الإله (بازوزو) وهو كبير الآلهة الشيطانية للعالم السفلي في ميثلوجيا الديانة البابلية والآشورية، أسقطت إحالته الرمزية على تاريخ العراق، لأنه في الأساطير البابلية والآشورية يرد كونه مسئولا عن الرياح الجنوبية الغربية التي تكون من مهامها العواصف والجراد شتاءً والتصحر والجفاف صيفا، جاعلا من تاريخ العراق منذ العام 1968 مثل بئر يسيطر عليه هذا الإله لأتدرج من قاعه بعدٍّ تنازلي وأنا صاعد في بناء فصول الرواية لأتتبع حياة (برهان العسافي) صغيرا، لأصل به وهو كبير عند السلمة فوق حافة البئر من الأعلى وهي عبارة عن حلم يراوده هو وحبيبته (ندى) المقتولة عندما كان شابا، لما يراه من مستقبل العراق. وطبعا أغلقت بعض سُلّمات ذلك البئر حتى لا أعطي فيها رأيا سياسيا قد يجعلني منحازا لحدث تاريخي لم تتفق الأغلبية على رأي فيه، أو هو لم يحصل على رأي فيه أغلبية.

(كتابات) كيف بدأ شغفك بالكتابة وكيف طورته؟

  • ولدت في قرية حُرمت فيها من أن أمارس أحلام الطفولة ولعبها، وعندما سُجلت في المدرسة وتعلمت القراءة والكتابة في بداية السبعينيات، وجدت أمامي مكتبة زاخرة بكافة العلوم: علم نفس، وعلم اجتماع، وفلسفة، واقتصاد، وفيها كم وافر من الرواية ومجاميع القصص القصيرة والشعر، فكانت كتب هذه المكتبة خير تعويض للطفل عمّا حُرم منه، وعلى ما أذكر فإنني في الصف الرابع الابتدائي ولد عندي حلم أن أكون كاتبا قصصيا وروائيا، ومن يومها رحت أقرأ الكتاب دارسا قبل أن أقرأه مستمتعا. وباعتقاد متواضع أستطيع أن اجزم أن الإصرار والدراسة هما من أولويات صناعة المبدع.

(كتابات) ما تقييمك لحال الثقافة في العراق في الوقت الراهن؟

  • ثمة نهضة فكرية وثقافية تنمو مثل تعريشة نبتة صغيرة، وأستخدم هذا التشبيه ل (تعريشة النبتة الصغيرة) لأنها تنمو عرضياً في الأرض وليس طولياً، لأدلل أن شغف القراءة بين الشباب العراقي من كلا الجنسين ينمو في الوقت الحاضر بهذا الشكل، وهو مؤشر على أن الساحة الثقافية العراقية لن تخلو مستقبلا ممن يحمل مشعل التنوير فيها من شباب هذا اليوم، رغم مقدار الخيبة والضياع الذي يلفّ الحياة حولهم.

(كتابات) هل أصبح للكتاب الالكتروني حضور كبير في مقابل الكتاب الورقي؟

  • الكتاب الالكتروني نعمة أجادت صنعها التكنولوجيا الحديثة للقرّاء الشباب وللكتّاب أيضا، إذ من السهولة بمكان أن يكتب القارئ اسم كتاب على صفحة كوكل لتظهر له نسخته الالكترونية، وإن لم تتوفر فإن باستطاعته أن يقرأ عما كتب من مقالات عنه وعن كاتبه، والمتلقي الشغوف بالقراءة عادة ما يقرأ نسخة الكترونية لكتاب ما ثم يبحث عن نسخته الورقية، والتي قد يعاود قراءتها ثانية. وهو نعمة لإيصال كتابات الروائيين إلى أي مكان حول الأرض يقرأ لغة ذلك الكاتب.

(كتابات) رواية (رمال حارة جدا) تتناول غزو الكويت.. هل كان العراقيون مع الغزو أم ضده في ذلك الوقت؟

  • شخصيا أنا أحد العراقيين الذين زجوا عنوة في تلك المحرقة للجيش، ومن هو بعيد عن العراق وظروف تلك المرحلة لا يستطيع أن يعرف إن العراقيين وقت ذاك كانوا يعيشون في سجن كبير مفتوح الأبواب، لهم الحق فيه أن يتجوّلوا بين زنزانته، لكنهم تحت أمرة السجان، فهو إن أراد جرّهم لسخرة الأعمال الشاقة فعل، ومن يتمرد منهم فالسوط وحبل المشنقة بانتظاره أمام كل من يراه، وبحضور كل ذويه. ورواية (رمال حارة جدا) كانت رصدا لانتهاكات حقوق الإنسان في الكويت إبان غزو العراق لها، وهي محاولة من كاتبها لأن يطلق صرخة، تبقى مدوية حتى لا تنتهك حقوق الإنسان ثانية من حكومة بلد ضد شعب بلد مجاور لدولته.

(كتابات) في رأيك هل لابد للأدب أن يكون عاكسا لقضايا المجتمع وهمومه؟

  • القاص والروائي مرآة لأحلام الشعوب في مذهب المدرسة الواقعية بكافة فروعها، فهو يرمّز لما يخبئوه من أحلامهم إن خشي سوط السجّان، ويباشرها وجها لوجه إن أمن من الخوف والبطش، وعليه أن يُخرج تلك الأحلام والأمنيات للناس كسنبلة زُرعت وسط حقل من الأشواك، ويوم تسْوَدّ ظروف الناس وتتعقّد الحياة عليهم، يتوجب على الكاتب أن يجعلهم يتنشقون عبير الورود حتى وإن تكدّست أكوام الزبالة من حولهم، لأن الإنسان من دون بارقة الأمل ستبدو له الحيوات من حوله: غزال وسط غابة مليئة بالأسود والنمور.

(كتابات) حين قررت أن تصبح كاتبا لِمَ كانت الرواية هي الطريق الذي اخترت أن تسلكه؟

  • ربما لاعتقاد رسخ في ذهني مذ كنت طفلا أن أصنع الحياة الجميلة، وأطوّع الحلم ليكون حقيقة، فكتابة السرد يوتيوبيا المدينة الفاضلة لمن يدوّنه.

(كتابات) في رأيك ما هي أسباب ازدهار الرواية العراقية في الوقت الحالي؟

  • الرواية نبتة تنمو في البيئة الخصبة بالمعاناة، وهي تستمد ثيمتها الخالدة من الحلقات المفصلية لتاريخ الشعوب التي مرّ عليها القهر والضيم، وكُبتت الحرية فيها حتى بح صوت تمرد السجناء لأجل نيلها. ومقدار الحروب والقتل والتشرد والجوع التي عانى منها العراقيون كفيل بأن يجعل إرهاصات نشأة هذه الثيمة ونتائج صيرورتها على الذاكرة الجمعية للسارد العراقي مادة خصبة لإنتاج الرواية العراقية.

صدر له:

– رواية (بهار) بطبعتين، عام 2016 سوريا.

– رواية (رمال حارة جدا) عام 2017 العراق.

– رواية (سُلَّم بازوزو) عام 2018 العراق.

– رواية (حبّة خردل) منجزة/ لم تطبع بعد.

– رواية(الأنتيكة) منجزة/ لم تطبع بعد.

– مسرحية (جحر الفئران) نشرت في مجلة الثقافة الجديدة/عدد أيار 2016.

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة