18 نوفمبر، 2024 11:40 ص
Search
Close this search box.

مع كتابات.. حسين منصور: القصة القصيرة فن يرتبط بكاتبه ويعبر عن رؤيته للعالم

مع كتابات.. حسين منصور: القصة القصيرة فن يرتبط بكاتبه ويعبر عن رؤيته للعالم

 

خاص: حاورته- سماح عادل

“حسين منصور” قاص وروائى مصرى، من مواليد منوف 1966، حاصل على ليسانس اللغات والترجمة جامعة الأزهر الشريف، أسبانى، 1989 ، يعمل مدرس بالأزهر الشريف.

صدر له:

  • (ومازال)  قصص، قصور الثقافة
  • (ثمّ ) رواية، المجلس الأعلى للثقافة 2006.
  • (الرمانة الذهبية) قصص للأطفال، نشر خاص
  • (جحا والحبل المسحور)، قصص للصغار، نشر خاص
  • (سأحكى لكم) قصص، قصور الثقافة 2015.
  • (حكايات شعبية من محافظة المنوفية.. جمع وتوثيق وتعليق) الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2019.
  • (على مقعد خلف نافذة) قصص الهيئة المصرية العامة للكتاب 2021.

كان لنا معه هذا الحوار التالي:

** متى بدأ شغفك بالكتابة وكيف تطور؟

– معرفتي بأني أستطيع الكتابة بدأ مبكرا،وهذا ليس خاصا بي وحدي، بدأت بالوعي بالقدرة على كتابة نصوص شعر فصيح ركيكة، ثم كتابة نصوص عامية لها إيقاع منضبط، لكن بقى همي الأكبر هو كتابة قصة، ومن بداية الاهتمام بكراسة التعبير وتفضيل الكتابة على الكلام فعندما أمسك القلم وأضع الورقة أمامي فأنا في عالم آخر.

وتطور شغفي بالكتابة عندما عرفت أن كتابة القصة فن مختلف عن مجرد تسجيل أسماء الشوارع أو الطقوس في بلدي التي هي مدينة شكلا وقرية  ثقافة وتقاليد، لأني بدأت كتابة القصص بغرض التسجيل والتوثيق لبلدتى وشواعها وموالد الأولياء فيها والأحداث الهامة فيها.

** لك كتاب بعنوان (حكايات شعبية في محافظة المنوفية) احكي لما عنها ولم فكرت في جمعها؟

– أنا ابن ناس حكائين وهي سمة في الفلاحين والحرفيين عموما، احفظ حكايات نقلتها عن أبي وسمعتها من جلسائه، وهي في ذهني دائما وعندما قرأت حكايات أندرسن الخرافية وجدت قصة تتشابه مع حكايات جحا التي أعرفها، فرأيت أن من واجبي تسجيل تلك الحواديت التي أحفظها،  ضمانا  لحق شعبنا في حكاياته وثقافاته، ولم يكن لدى قبلها إهتمام بجمع التراث، فقمت بتفريغ الشرائط التي سجلتها لوالدي وهو يحكي حكايات جحا وغيرها من الحواديت.

وقدمت ما كتبت لسلسلة الثقافة الشعبية، ولكن حجم الكتاب لم يكن مناسبا للنشر ووجهني الدكتور “خالد أبو الليل” رئيس السلسلة ناحية جمع حكايات أخرى تضاف إلى الكتاب، وكانت فرصة اعتمدت فيها على خبرتى في العمل في قرى المنوفية، وكانت فرصة لمقابلة رواة من أعمار مختلفة وأماكن متعددة، مما أعطى للكتاب تنوعا، وقمت بعمل مقدمة كدراسة تمهيدية للحكايات أحسب أن لها قيمة عضدت الكتاب، وقدمت للحكايات بشكل مناسب.

** تكتب قصص للأطفال، ماذا تحتاج الكتابة للأطفال في رأيك وماهي الصعوبات التي تواجه كاتبها؟

– أنا أدخل لكتابة قصص الأطفال من باب التسلية للطفل، وهي قيمة مهمة وما كتبته ونشرته نشرا خاصا اعتمدت في أسلوبه على طريقة حكي الحواديت، ونمط “ألف ليلة وليلة” في الحكي، والكتابان يعتمدان على أصول حكاية شعبية، وما أريد أن أعلمه للطفل يأتي ضمن الحكاية وليس العكس.

أدب الأطفال تكمن الصعوبات التي تواجه في أمرين: الأول هو ضعف الخيال الذي تحتاجه فكرة التسلية أو الإبداع ويجعل القصة جديدة ومختلفة، أما اعتبار القصة وسيلة للتعليم المجرد فهذا يجعل القصص متشابهة، وقصص الأطفال الهامة والباقية في التاريخ هي قصص خيالية أو خيال الكاتب فيها واسع ومنطلق.

الأمر الثاني صعوبة النشر بالشكل المناسب من حيث الطباعة  والرسم، وهذا أمر قد يتحدث فيه الناشرون أفضل مني وهي أمور لا بد أن تكون مبهرة، وهو أمر مكلف.

** لك رواية بعنوان (ثم) حدثنا عنها؟

– رواية (ثم)  اسمحي لي أن أسميها (الرواية الجميلة الشهيدة) لأنها لم تحظ  بالاهتمام النقدي أو التوزيع المناسب، غير دراسة مهمة للأستاذ “سيد الوكيل” في مؤتمر المنوفية الأدبي، بعد نشرها في عام 2006 وحلقة في برنامج كتابات جديدة الذى يقدمه الشاعر “هشام محمود” في إذاعة البرنامج الثقافي ناقشها الناقد “محمد بسيوني”.

بدأت كتابة رواية ثم خلال فترة التجنيد عام 1990 ونشرت في عام 2006 ضمن سلسلة الكتاب الأول بالمجلس الأعلى للثقافة، وهي تأريخ أدبي سردي لفترة من أحرج فترات منطقتنا عبر تاريخها، وهي فترة ما يعرف بعاصفة الصحراء أو حرب تحرير الكويت، والرواية  من النوع القصير، عن يوميات لثمانية من المجندين تشمل ثماني وجهات نظر وثمان مواقف متباينة حول قبول أو رفض المشاركة، كجنود مصريين، في هذه الحرب التي كانت كارثية  النتائج على مستقبل المنطقة كلها.

أهميه الرواية “ثم” الفنية تكمن في الشكل القصير المكثف اعتمادا على تقنية القصة القصيرة، وأظن أن هذا الشكل من الكتابة وكذلك موضوع الرواية كان يحتاج إلى تقدير أكبر وانتشار أوسع.

 

**  هل تستقي الأحداث والشخصيات في أدبك من الواقع وهل لابد للأدب أن يكون له هدف اجتماعي؟

– أنا أكتب القصة القصيرة بشكل أساسي،  والقصة هي البشر في حالاتهم الاستثنائي ، وإذا لم يوجد بشر فلن توجد القصة القصيرة، وكذلك أكتب قصصا تخصني، وقصص ناس أعرفهم، والقوام الأساس للمجتمع هو الناس، والمجتمع حاضر بالضرورة، ولكن ليس من الحتمى أن يكون للأدب هدفا اجتماعيا، بمعنى توجيهي أو تعليمي ولكن هدف الأدب القصصي الضروري والحتمي هو إبراز الحالة الإنسانية، سواء أدانت المجتمع أو برأته أو طالبت بإحداث تغيير فيه.

والقصة القصيرة  فن فريد يرتبط أكثر بكاتبه ويعبر عن رؤيته للعالم وعن حيرته، ولا يمكن أن يتفق كل كتاب القصة على وجهة نظر واحدة همها الأوحد توجيه المجتمع أو تنميطه.

** تكتب القصة القصيرة والرواية، هل تسيدت الرواية على عرش الرواج تجاريا وعلى مستوى إقبال القراء وماهي أسباب حدوث ذلك؟

– أولا القارىء يتجه لقراءة ما يمتعه بشكل شخصى،  وقراء الرواية أكثر من قراء القصة وخاصة فى حالة هجران القارىء للصحف التى كانت تعطى مساحة وجمهورا للقصة القصيرة والشعر، وتسيد الرواية على عرش الرواج تجاريا جاء بسبب الدعاية لها، وانتشار بعض كتابها ووجودهم ضمن قوائم ما يسمى بالأكثر مبيعا، وكذلك بسبب الجوائز العربية الكبرى المرصودة لها، وتسيدت بسبب رعاية دور النشر في مقابل إهمال القصة القصيرة والشعر، لكن ذلك أدى الى تضخمها من حيث الإنتاج، وأصبح هناك كم من الانتاج الرديء الناتج عن اهتمام الكتاب بمواكبة مواعيد المسابقات والصراع عليها، فظهرت روايات مصنوعة على عجل.

وأسوأ هذه الروايات هي القائمة على إعادة تدوير تيمات وأحداث قدمتها روايات أخرى هامة مصرية وعربية، وانتقلنا  من حالة الابداع الشخصي والذاتي إلى مرحلة التقليد واستعماء القارئ وخداع لجان التحكيم، كل هذه المعارك والصراعات، في حين أن قصة قصيرة واحدة ليحيى حقي أو يوسف إدريس أو نجيب محفوظ، تفوق فنيا، وإبداعيا، وإنسانيا كل ما كتبه المتسارعون على هذا التسيد الوهمي.

** ما تقييمك لحال الثقافة في مصر وهل تدعم الكتاب؟

– مصر منجم للمواهب الثقافية والفنية، ودورها في الثقافة العربية والعالمية لا يمكن انكاره، والثقافة في مصر حاليا تتحرك بشكل بطيء ومخصصات  مالية محددة، وميزانيات مؤسساتها الثقافية المستهدفة للمواطن تضيع في شكل مرتبات للموظفين، وما تبقى منها لا يكفي لدعم الأنشطة بالشكل المناسب، والإجابة على أسئلة عن  عدد الأفلام السينمائية الجيدة التي تنتج في مصر، أو عدد دور العرض السينمائي في الأقاليم، أو عدد المكتبات في القرى، أو عدد المسارح، أوعمليات الدعاية للعروض المسرحية التي تقام في قصور الثقافة كيف تتم، هى التى تحدد وضع الثقافة في مصر.

وبالنسبة لدعم الكتاب في الحقيقة لا يوجد دعم يمكن اعتباره كافيا، هذا ليس كلامي بل كلام الجميع، الأديب يدفع لينشر هذا يلخص المسألة، ولا أظن أن مكافآت النشر في المؤسسات الحكومية أو مكافآت النشر في المجلات يعوض الكاتب عن قيمة الورقة الذي يكتب عليه.

** حصلت على عدة جوائز.. ماذا تحقق الجوائز في رأيك للكاتب؟

– الجوائز تسلط الضوء على الكاتب وخاصة الجوائز ذات القيمة المادية الكبيرة، أما الجوائز ذات القيمة البسيطة فلا تؤثر، وبعض الدول التي تنظم مسابقات أدبية تتبنى الفائزين بها وتدعوهم لمناسبات تجعلهم أكثر حضورا من الناحية الاعلامية، والكتاب يتجهون للمسابقات طبعا في القيمة المالية في المقام الأول، لأن الجميع يعاني من ضعف الدخل ولا ننكر أن الجوائز العربية نقلت بعض الكتاب إلى مصاف الميسورين ماديا، ولكن حالة اللغط التي تحدث بعد اعلان نتائج تلك المسابقات، ومنها جوائز الدولة، تدل على أن الحصول على الجائزة لا يدل على قيمة العمل بقدر ما تعبر عن زائقة لجان التحكيم.

بشكل شخصي أنا سعيد جدا بجائزة “نادي القصة” المصري العريق وجائزة “أحمد بفوزفور المغربية” لأنها أتت من متخصصين في فن القصة القصيرة.

** هل يعاني النقد من إشكاليات في الوقت الحالي وماهي في رأيك؟

– الحقيقة أن هذا السؤال لا يمكن أن يجيب عليه شخص واحد بشكل محيط، وخاصة أنا لأني أهتم أكثر بالنصوص الأدبية، وقليل من كتب النقد التي تعني بفكره الفنون أدبية وغير أدبية،  ولكن حسب ما أراه أن النقد في مصر على ثلاثة مستويات أو تصنيفات: الأول يعتمد على مدارس ومناهج أكاديمية لا يعنيها العمل الأدبي وقيمته بقدر ما يعنيها المنهج وحشد عدد من المقولات المنقولة، بهدف التنظير للفكرة وتقوية  الدراسة، لدرجة تجعل على القاريء العادي ينفر من إكمال القراءة، نتيجة حالة الاستعلاء التي يصدرها الناقد الباحث، أضيفى إلى ذلك كم المصطلحات الغربية التي تحتاج الى ترجمة، حتى بعد محاولة  تعريبها وفي هذا خسارة للعمل الأدبي فالناقد هنا يقدم نفسه فقط.

الثاني ناقد مثقف متطور لكنه لا يكتب إلا عن الكتاب الذي يصل إليه بشكل شخصي من الكاتب أو من دار النشر، أو عن طريق دعوة لمؤتمر سيشارك فيه ببحث تحت عنوان محدد مسبقا، وربما كان هذا هو الدافع لخلق اتجاه نقدي يمكن أن نعتبره حركة نقد بديلة عن النقد الأكاديمى المتعالي أو المتسلط وهم (الأدباء النقاد) الذين يعمدون إلى التقييم الفني للعمل والدخول في صلب الإبداع، لكن مشكلتهم أنهم لا تتوافر لهم غير صفحات قليلة في الصحف والمجلات الأدبية،  بالاضافة لدخول المدعيين من باب النقد وهذا ظاهر جدا في نوادي الأدب والمؤتمرات الاقليمية.

ولكن وسط هذا كله يجب أن نشير الى وجود نقاد يعملون على حسب ما تمليه عليهم ضمائرهم ولا يفرقون بين أديب ذائع السيط وأديب آخر مغمور ما دام العمل المقدم جيدا إبداعيا.

 

**هل الصحافة الثقافية مزدهرة ، وهل تحاول عمل تغطية شاملة لجميع ما يصدر من أدب وثقافة؟

– وصف مزدهرة لا يناسب أي مطبوعة  تحتاج الى قارئ يدفع مقابل شراء صحيفة أو مجلة فنية كانت أو أدبي،ة فالقارئ غير موجود بدليل إغلاق بعض الصحف والمجلات آخرها مجلة الكواكب، لأنها لا تغطي تكاليف طباعتها ورواتب موظفيها، أما الإجابة الكاملة على السؤال فتحتاج إلى عمل دراسة ومتابعة لكل الصحف الثقافية وسيكون هناك حكم عادل ومنصف.

أنا أحد المستفيدين من النشر في الصحف والمجلات الأدبية فأول عمل لى  نشر في جريدة “الجمهورية “ونشرت في جريدة” القاهرة” و في “مجلة القصة” ومجلة “سطور”  و”الثقافة الجديدة ” ولكن من معطلات نشر القصص في أن بعض الصحف لديها  ضوابط للنشر وبالتالي تحرم القارئ من أعمال أدبية جميلة. وعموما استطيع قول أن الصحافة الثقافية تقوم بدورها في حدود المتاح من الصفحات أو مرات الصدور بالنسبة للمجلات، مثلا الصفحة الثقافية في أهرام الجمعة ومجلة الهلال وجريدة القاهرة وأخبار الأدب ومجلات إبداع والثقافة الجديدة لا يمكن إهدار جهد القائمين عليها، والتغطية الشاملة لا يمكن أن تحدث وسيكون هناك دائما من يشعر بالظلم أو عدم الرضا.

** ما طموحك في كتابة القصة القصيرة؟

– طموحي أن أكتب قصة جميلة ممتعة، وأن يكون لي مكان في تاريخ القصة العالمية ولو بقصة واحدة من كل ما كتبت.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة