محمود ياسين.. اشتهر كجان للسينما لكنه تفوق في الأدوار المعقدة

محمود ياسين.. اشتهر كجان للسينما لكنه تفوق في الأدوار المعقدة

 

خاص: إعداد- سماح عادل

محمود ياسين، ممثل مصري شهير، صعد نجمة في فترة السبعينات، وكان يقف أمام كثير من الممثلات الشهيرات في ذلك الوقت، وحصل في عدة أفلام على دور البطل الرومانسي، كما قام بأدوار فيها صراعات نفسية، ثم تنوعت أدواره فيما بعد.

حياته..

اسمه “محمود فؤاد محمود ياسين” ولد في 2 يونيو 1941، بمدينة بورسعيد، كان أبوه موظفا في هيئة قناة السويس، وكانوا يعيشون في فيللا ملك لشركة القناة، فلما قامت ثورة يوليو وصدرت قرارات التأميم لهيئة قناة السويس في 1956 آلت ملكيتها إلى الشعب. وبعد انتهاء دراسته الثانوية ذهب “محمود ياسين” للقاهرة ليلتحق بكلية الحقوق بجامعة عين شمس، وتخرج عام 1964، ثم التحق بالمسرح القومي، وجاء ترتيبه الأول في ثلاث تصفيات متتالية، وكان الوحيد في هذه التصفيات المتخرج من كلية الحقوق.

ولكن قرار التعيين لم يكتمل، في الوقت نفسه تسلم من القوى العاملة قرارا بتعيينه في بورسعيد بشهادة الحقوق وهو الوحيد في دفعته الذي يعين في موطنه الأصلي، ورغم حبه لمدينته إلا أنه لم يتصور فكرة الابتعاد عن المسرح، لذلك رفض التعيين الحكومي وعمل بالتمثيل المسرحي.

له رصيد كبير من الأعمال الفنية في السينما والمسرح والتليفزيون والإذاعة. حيث قام بالمشاركة في 150 فيلما وأكثر من 60 عملا دراميا و20 مسرحية.

كان يتمتع بصوت رخيم وأداء مميز في اللغة العربية والإلقاء، تولى التعليق والرواية في المناسبات الوطنية والرسمية، كما أدى أدوارا قوية في المسلسلات الدينية والتاريخية.

مسرح..

بعد تعيين “محمود ياسين” في المسرح القومي، بدأ رحلته في البطولة من خلال مسرحية “الحلم” من تأليف “محمد سالم” وإخراج “عبد الرحيم الزرقاني”، بعدها بدأت رحلته الحقيقية على خشبة “المسرح القومي” والذي قدم على خشبته أكثر من 20 مسرحية أبرزها: (“وطني عكا”. “عودة الغائب”. “واقدساه “. “سليمان الحلبي”. “الخديوي”. “الزير سالم (مسرحية)”. “ليلة مصرع غيفارا”.”ليلى والمجنون”).

وتولى خلال هذه الفترة إدارة المسرح القومي لمدة عام ثم قدم استقالته.

سينما..

أما عن السينما في بداياته الأولى لم يكن يدرك أهميتها ومدى تأثيرها على المجتمع، ولم يكن حينئذ قد شاهد أعمال المخرجين الكبار أمثال صلاح أبو سيف وكمال الشيخ وحسين كمال ويوسف شاهين، ولهذا كان تردده في قبول العمل بها حتى أنه بدأ مشواره السينمائي بأدوار صغيرة من خلال أفلام : (الرجل الذي فقد ظله، القضية 68، شيء من الخوف، حكاية من بلدنا)، حتى جاءت فرصة البطولة الأولى من خلال فيلم “نحن لا نزرع الشوك” مع “شادية” ومن إخراج “حسين كمال”، ثم توالت أعماله السينمائية ليصل رصيده لأكثر من 150 فيلما حصد خلالها لقب “فتى الشاشة الأول”.

وفي التلفزيون قدم عشرات المسلسلات منها (الدوامة) و(غداً تتفتح الزهور) و(مذكرات زوج) و(اللقاء الثاني) و(أخو البنات) و(اليقين) و(العصيان) و(سوق العصر) و(وعد ومش مكتوب) و(ضد التيار) و(رياح الشرق) و(أبو حنيفة النعمان).

منحه التقدم في العمر مساحة أكبر للعب أدوار مميزة في السينما وقف فيها بجانب الأجيال التالية من النجوم فشارك في (الجزيرة) مع أحمد السقا و(الوعد) مع آسر ياسين و(عزبة آدم) مع أحمد عزمي وماجد الكدواني و(جدو حبيبي) مع بشرى وأحمد فهمي.

الجوائز..

حصل ” محمود ياسين” على أكثر من 50 جائزة في مختلف المهرجانات في مصر وخارجها وكلها جوائز لها أهميتها فقد حاز على:

  • جوائز التمثيل من مهرجانات طشقند عام 1980.
  • ومهرجان السينما العربية في أميركا وكندا عام 1984.
  • ومهرجان عنابة بالجزائر عام 1988.
  • حصل على جائزة الدولة عن أفلامه الحربية عام 1975.
  • جائزة الإنتاج من مهرجان الإسماعيلية عام 1980.
  • جائزة أحسن ممثل في مهرجان التلفزيون لعامين متتالين 2001، 2002.

كما اختير رئيس تحكيم لجان مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون عام 1998، ورئيس شرف المهرجان في نفس العام، إلى جانب توليه منصب رئيس جمعية كتاب وفناني وإعلاميي الجيزة.

وتم اختياره عام 2005 من قبل الأمم المتحدة سفيرا للنوايا الحسنة لمكافحة الفقر والجوع لنشاطاته الإنسانية المتنوعة.

أكتوبر..

قدم “محمود ياسين” 6 أفلام عن نصر أكتوبر أشهرها فيلم “الرصاصة لا تزال في جيبي” في دور “محمد” فرد الجيش المصري الذي يشارك في حرب الاستنزاف ضد العدو الإسرائيلي، وتنشأ بينه وبين “فاطمة” قصة حب قوية، لكن يشغله عنها حرب أكتوبر المجيدة عام 1973 حتى ينتصر في الحرب ويعود إلى “فاطمة” ليتزوجها.

كما قدم فيلم “بدور” الذي قدم فيه شخصية “صابر” عامل المجارى الذي يعمل في هيئة الصرف الصحي الذي يقع في حب لصة تسرق الأشخاص، إلى أن تتخلى عن السرقة عندما تمكث في منزل “صابر” وتتوالى أحداث الفيلم عندما يستدعى الجيش المصري “صابر” للمشاركة في حرب أكتوبر فيظهر بطولة وشجاعة واستبسالا ضد العدو.

قدم أيضا “محمود ياسين” عام 1974 فيلم “الوفاء العظيم” ولعب خلاله دور “صفوت” الذي تربطه قصة حب قوية ب”ولاء” الفنانة “نجلاء فتحي”، إلى أن تقوم حرب أكتوبر عام 1973 ويشارك بها “صفوت” كضابط جيش، وتنتظر عودته “ولاء”، ثم ينتصر الجيش المصري في الحرب وينتهي الفيلم بزواج “صفوت” من “ولاء”.

شارك أيضا في فيلم “أغنية عن الممر” عام 1972 قبل نصر أكتوبر، لكنه تناول شجاعة واستبسال الجندي المصري في حرب الاستنزاف التي كانت مؤهلة لنصر أكتوبر العظيم وقدم خلاله دور “شوقي”، فرد من أفراد المشاة المصرية التي يتم حصارها من قبل العدو الإسرائيلي في فترة النكسة وحرب الاستنزاف، وجسد حياة أفراد الجيش المصري ومشاعر الإحباط من الهزيمة وطموحات النصر وتحرير الأرض.

كما قدم شخصية “خالد” الضابط الذي يلقى القبض على إحدى الجاسوسات المصريات في فيلم “الصعود إلى الهاوية” عام 1978 والذي شاركته بطولته “مديحة كامل”.

وكانت آخر مشاركات “محمود ياسين” في سينما تتناول نصر أكتوبر العظيم فيلم “حائط البطولات” عام 1998، ولعب دور قائد جيش الدفاع الجوى المصري أمام كوكبة من الفنانين مثل “فاروق الفيشاوي، خالد النبوي، حنان ترك” وآخرين، ويتناول الفيلم قصة مسيرة قوات الدفاع الجوية المصرية في حرب الاستنزاف مع العدو الإسرائيلي بالإضافة لحياة كل فرد من أفراد الجيش المصري.

ثنائيات..

كانت فترة السبعينيات الانتعاشة الفنية ل”ـمحمود ياسين” في ​السينما المصرية​، حيث أصبح من نجوم الشاشة، وكون “محمود ياسين” عدة ثنائيات سينمائية متميزة مع أشهر ممثلات السينما المصرية أبرزهم “فاتن حمامة، نجلاء فتحي، شادية”، حيث وقف أمامهم في أعمال سينمائية مميزة ما زالت تجذب الجمهور إلى الآن وكأنها تعرض لأول مرة.

حظي”محمود ياسين” مع “نجلاء فتحي” بعدد كبير من الأفلام أبرزهم”أذكريني، رحلة النسيان، سونيا والمجنون، حب أحلى من حب، أنف وثلاث عيون، لا يامن كنت حبيبي، الشريدة، امرأة مقاتلة، مدافن مدفونة للإيجار” وتنوعت أدوارهما سوياً بين الرومانسية والاجتماعية، واستطاعا أن يقدما “كاريزما” سينمائية سوياً، تركت بصمة مميزة لدى جمهورهما.

ومع “فاتن حمامة” قدم فيلمه الشهير”أفواه وأرانب” بالإضافة إلى” الخيط الرفيع، حبيبتي”، وتميزت أفلامهما بتقديم رسائل اجتماعية هامة نجحت في تأثيرها الإيجابي على جمهورهما، وخلال مشهد قبلة يجمعه ب”فاتن حمامة” شعر “محمود ياسين” بحالة من الارتباك الشديد، وأعاد المشهد أكثر من عشر مرات، فقالت له “فاتن حمامة”: “ركز شكلك هتكسفني” ليتخلص من مخاوفه وارتباكه وحقق الفيلم نجاحاً كبيراً، وجمع بينه وبين “فاتن حمامة” فيلم ثان “أفواه وأرانب” بعدها بسنوات وفيلم ثالث بعنوان “حبيبتي”.

كما قدم مع “ميرفت أمين” حوالي 13 عملا سينمائيا، مثل “لا تتركني وحدي” و”ليتني ما عرفت الحب” و”وثالثهم الشيطان”، كما شارك مع “مديحة كامل” في سبعة أفلام أشهرها “الصعود إلى الهاوية”، كما شارك مع “سعاد حسني” بطولة ثلاثة أفلام .

وفي فترة الثمانينات قدّم أفلاما منها “عالم وعالمة”، “الثأر”، “أشياء ضد القانون”، “العربجي”، “السادة المرتشون”، “وداد الغازية”، “التعويذة”. حيث اختلفت أدواره عن دور فتي الشاشة والبطل الرومانسي الوسيم الهادئ، ليتنقل في أدوار متنوعة يتخلى في بعض منها عن إبراز وسامته.

بالإضافة إلى مشاركته مع العديد من سيدات السينما المصرية منهم”نبيلة عبيد، نادية الجندي، ماجدة، ناهد شريف”.

الدراما..

نجح “محمود ساسين في الدراما كما نجح في السينما والمسرح، حيث شارك أعمال درامية حققت نجاحاً كبيراً، مثل “جمال الدين الأفغاني”، “غداَ تتفتح الزهور”، وهو العمل الذي حمل مفاجأة لجمهوره بعد أن قدم أغنيته ال​ شهيرة​ “حلوة يا زوبة”، ومن مسلسلاته أيضاً “الزير سالم” و”الأفيال” و”كوم الدكة” و”اللقاء الثاني”.

وواصل النجاحات، وقدم أعمالاً منها “العصيان” و “حنيفة النعمان” و”ضد التيار” و”سوق العصر” و”ماما في القسم”.

الحب..

حوالي 49 عاماً من الحب عاشها “محمود ياسين” مع زوجته الممثلة “شهيرة”، وهي من أشهر قصص الحب في الوسط الفني، حيث جمعت بينهما الصدفة أثناء دراستها في معهد الفنون المسرحية، وجمع بينهما فيلم “صور ممنوعة” وقتها، وكان “محمود ياسين” متردداً في قيامها بالبطولة بعد أن وقف أمام شادية وفاتن حمامة، لكن بعد التصوير وقع في حبها وكان يقوم بتوصيلها للمنزل يومياً، وقد تقدم لخطوبتها في عام 1970 ليتم الزواج سريعا، وتعاونا سويا في 14 عملاً فنياً، منها “سؤال في الحب” و”نواعم” و”عودة الهارب” و”أنا وابنتي والحب” و”عصر الحب” و”شقة في وسط البلد”، وقاما بتأسيس شركة إنتاج باسم “أفلام محمود ياسين”.

ليل وقضبان..

في مقالة للناقد السينمائي “طارق الشناوي” عن “محمود ياسين” بعنوان جان السينما”يقول: “مع «أشرف فهمى» أتوقف مع الفيلم الاستثنائى «ليل وقضبان» عام 73 وهكذا يلتقي مع «سميرة أحمد»، أهم نجمات العنقود الذهبي للسينما، «ليل وقضبان» الفيلم الروائي الرابع لأشرف فهمي هو أيضاً الفيلم الذي حدد له مكانته كواحد من أفضل مخرجي جيل السبعينيات في السينما المصرية ولم يكن لقاء «محمود ياسين» فقط مع «سميرة أحمد» ولكنه يلتقي للمرة الثانية مع «محمود مرسى» الأولى كانت في «شيء من الخوف» في دور صغير.. هذه المرة كان هو البطل أمامه فهو المسجون، و«مرسى» السجان و«سميرة» زوجة السجان..العلاقة تبدأ خافتة وعلى استحياء حتى تزداد سخونتها مع تتابع الأحداث ليقفز «محمود» كعادته بهذا الفيلم درجات أخرى لنجم ممثل يعرف بالضبط كيف يعبر بأستاذية عن مشاعره التي يزداد معدلها الانفعالي لحظة بلحظة.

ويضيف:”الفيلم الذي لا ينسى لمحمود ياسين هو «أين عقلي» 1976.. حكى لى «نور الشريف» كيف شعر بالغيرة الفنية من الأداء العبقري لمحمود ياسين وبرغم ما بينهما من تنافس بحكم التواجد على الخريطة الفنية في فترة زمنية واحدة، إلا أنه ظل طوال الليل يبحث عن «محمود ياسين» حتى عثر عليه وهنأه.. وشعر فقط لحظتها بالسعادة لأنه أفرغ شحنة الحب والإعجاب لمنافسة الأول وما أجمل هذا النوع من التنافس”. ويضيف: “«محمود ياسين» ما يزال خلال تلك السنوات يقف إلى جانب ما اصطلح على أن يطلقوا عليهم مخرجو الموجة الجديدة، ولهذا يلعب بطولة «ظلال في الجانب الآخر» للمخرج فلسطينى الجنسية «غالب شعث» والفيلم يؤكد أن القضية الفلسطينية، هي بؤرة ما يحدث في العالم العربى وأن من خلالها يأتى الحل.. الفيلم أنتجته أيضاً جماعة السينما الجديدة مع مؤسسة السينما المصرية!!”.

وفاته..

توفي “محمود ياسين” في 14 أكتوبر 2020، عن عمر 79 عاما، بعد معاناته مع مرض الزهايمر.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة