27 ديسمبر، 2024 11:54 م

فيلم “فاصل من اللحظات اللذيذة”.. عالم من الرفاهية لكنه يخلو من اللذة

فيلم “فاصل من اللحظات اللذيذة”.. عالم من الرفاهية لكنه يخلو من اللذة

خاص: كتبت- سماح عادل

فيلم “فاصل من اللحظات اللذيذة” فيلم صدر في 2024 ومازال يعرض في دور السينما، فيلم مصري كوميدي خفيف، يحكي عن قصة حب في عوالم موازية.

الحكاية..

يبدأ الفيلم بدرية وصالح حيث استدعت الزوجة زوجها لكي يحضرا سويا إلي مدرسة ابنهما، وكذبت درية علي صالح مدعية أن ابنهما سيتم تكريمه بسبب تفوقه في حين أن ابنهما كان قد احتجز بعض التلاميذ محدثا بعض الشغب في المدرسة وقام بعمل انفجارات خفيفة، وله مطالب، ومن ضمن مطالبه أن يتوقف والداه عن العراك والصراخ بشكل يومي، ويقوم الطفل بفضح والديه وأفعالهما، ويحاول الوالدان ضرب الطفل الذي يحدث انفجارا بسيطا في المدرسة.

ثم يربطونه في سقف السيارة ويتشاجران داخلها بصوت عال وصخب وشتائم، ويقرر صالح طرد درية من السيارة لكنها تهدده موضحة أنها تعمل ولا تستطيع الجلوس مع ابنه، وأنها هي من تقوم بدفع كل المصاريف الخاصة بالمعيشة، ثم يهرب صالح بالسيارة.

فشل..

ونري صالح في عمله، مهندس فاشل لا يجيد القيام بمهنته، ويتم رفده منها، وفي البيت يخفي عن زوجته أنه قد فقد عمله، ثم نسمع مشاجرات الزوجين وخاصة بسبب البيت الذي بناه صالح لهما الذي يمتلئ بعيوب غير طبيعية، حتى أنه من غير باب فهم يدخلون للمنزل ويخرجون منه من النافذة، وتفاصيل أخري كوميدية في المنزل غرضها إضحاك الناس.

ثم يسمع صالح بعد خروج زوجته وابنه صوتا غريبا، ويذهب إلي غرفة تتكدس فيها الأشياء القديمة ليجد ثقبا هائلا في الحائط، وحين يقترب منه يجده يجتذبه، يقلق صالح لدقائق ثم يترك نفسه ينجذب لقوة هذا الثقب، ويتم جذبه ويقطع مسافة كبيرة وهو يذهب في اتجاه آخر بسرعة شديدة.

عالم ساحر..

ويجد نفسه في بيت راق مجهز بشكل عال ومليء بديكورات فخمة، ثم يري زوجته لكنها نسخة أجمل منها ذات شعر أصفر وبشرة بيضاء وصوت هادئ وكلمات رقيقة، تراقص أحد الرجال وحين يستدير يكتشف صالح أنه يشبهه تماما، لكن نسخة أفضل علي مستوي المظهر والسلوك. يتعجب صالح ويأخذ معه مطبوعة ويهرب من نفس الثقب الذي أتي منه، وبقراءة المطبوعة في منزله يفهم أنه ذهب لعالم آخر متواجد فيه هو وزوجته، أو نسختان منهما لكن في عالم أفضل وأجمل وأكثر غنا ورقيا. حيث يعمل صالح، النسخة الأخرى منه، مهندس شهير ولديه أعمال كبيرة، وتعمل درية مذيعة شهيرة.

يقرر صالح أن يذهب ليعيش في هذا العالم، ويغير شكله ليصبح شبيها بصالح في العالم المواز، وتظن درية في العالم المواز أنه زوجها، ليكتشف أن صالح الآخر في رحلة عمل ستستغرق ثلاثة أسابيع. يقضي صالح هذه الأيام بصحبة درية الأخرى ويتمتع بالغني والرفاهية. ونلاحظ هنا تفاصيل خيالية ساحرة حيث الأماكن فاخرة ونظيفة ومجهزة بشكل جيد من حدائق وأماكن للترفيه، فالناس في العالم المواز يعيشون حياة الرفاهية التي يتمناها أي إنسان ولا يوجد فقراء أو كادحين، ولا توجد أحياء عشوائية أو أماكن فقيرة أو ملوثة والجميع يحصل علي حياة كريمة مرفهة.

لكن هناك ضوابط وقيود علي الحياة مثل أنه ممنوع التعبير عن الغضب أو الوصول لمرحلة الغضب أو التلفظ بشتائم وسباب، أو حدوث معارك أو مشاجرات ومن يفعل ذلك يتم عقابه بجرعة مخففة من الكهرباء، ومن يكرر تلك السلوكيات غير المقبولة في هذا العالم المواز يتم عقابه بان يذهب إلي الجنينة.

حيلة..

يعود صالح الآخر ويتخلص منه صالح الأول حيث يأتي به إلي عالمه القديم ويتركه هناك ويغلق الباب المؤدي إلي الثقب جيدا. ليعود ويستأنف حياته في العالم الغني، لكنه يفاجئ أن زوجته درية قد لحقته هي أيضا، وقد غيرت شكلها لتصبح درية الأخرى، فتحدث المشاجرات بينهما ويتم عقابهما بجرعات كهرباء لكنهما لا يتوقفا عن العراك، حتى يستدعيهما كمال المسئول عن النظام والانضباط في العالم المواز والذي هو نسخة من كمال ابن عم صالح في العالم القديم. لكن كمال هذا صارم قاسي وحاسم ولا يتراجع عن أي عقوبة أو قرار، لكنه يخبرها أنه لن يحولهما إلي الجنينية وأنه سيعطيهما فرصة للعودة إلي السلوكيات الآمنة واللائقة.

عالم موحش..

يكتشف صالح الآخر سوء وضعه حيث يجد نفسه في عالم غير نظيف، فقير، وغير منظم، عالم من الفوضى، ويجد زوجته أيضا التي تندهش بدورها ويظلا هما الاثنان لا يفهمان شيئا، لكن يوضح لهما كمال تفاصيل ذلك العالم الذي وجدا نفسيهما فيه فجأة، لكنهما مع ذلك لا يشعران باليأس وإنما يفكران في التعامل مع العالم الذي جلبا إليه ويحاولان ذلك، وتحدث لهما مواقف مضحكة كثيرة لكنهما يتعذبان بهذه الفوضى وهذا العالم الذي ليس لهما فيه أية مكانة اجتماعية أو أي دور. ويحاول صالح العمل في أي مهنة وكذلك درية ويبدأن في التعود علي تفاصيل هذا العالم الموحش، بل يحسنان منه، فيستطيع صالح الآخر تصليح المنزل السيئ الذي بناه صالح الأول ويجعل شكله منظم ونظيف.

الاستمتاع بالرفاهية..

فنجد أن صالح ودرية الآخرين يستطيعان تحسين عالمها الموحش، في حين أن صالح ودرية الأصليان يحاولان الاستمتاع بالحياة المرفهة. وتنجح درية في عملها أكثر ويتم تكريمها، وينتبه صالح أنه كان يتجاهل زوجته ويعاملها بشكل سيء ولا يعطيها أي اهتمام أو مودة أو محبة، ويخطئ ابنهما أخطاء كثيرة في المدرسة تجعله يستوجب العقاب، ويعرفان ما هو العقاب، أن يتجول إلي شجرة يتم وضعها في الجنينة، وهنا يفزعان ويعودان إلي عالمهما القديم ليحاولا إنقاذ ابنهما بأن يأتيا بكمال الذي يشبه كمال في عالمها، لكن يتعرف عليهما صالح ودرية الآخران وتحدث معركة مليئة بالضرب، وحين يعودان لا يستطيعا إنقاذ ابنهما ويتحول إلي شجرة.

عودة نهائية..

ويحاول كمال مدير الأمن فهم الأمر ويفهمه بالفعل، وتقرر درية العودة إلي العالم القديم لكي تستعيد ابنها بإعادته إلي الأصل الذي أتي منه، وبالفعل يذهب صالح ودرية والشجرة التي هي ابنهما وكمال في العالم المواز بينما يبقي كمال الأول هناك.

وتستقر الحياة في العالم القديم حيث يعود الطفل إلى حالته الطبيعية ويعيش صالح ودرية الأصليان مع نسخهما في تعايش وإن كانا يستغلان صالح ودرية الآخران بسبب لطفهما وبسلوكياتهما الراقية. ثم تأتي نسخة أخري لهما في نهاية الفيلم كوسيلة لإضحاك الجمهور.

تبسيط شديد..

الفيلم يميل إلي التبسيط الشديد ورغم نجاحه في عمل كوميديا تضحك نسبة كبيرة من الجمهور إلا أنه مال إلي التبسيط المخل للفكرة التي اقتبسوها من الأفلام الأجنبية، حيث اقتبس السيناريو فكرة العوالم الموازية وقام ببناء الفيلم كله عليها، لكنه لم يحاول تقديم أي طرح نظري لتلك الفكرة كما تفعل الأفلام الأمريكية أو أرضية معرفية لهذه الفكرة، لكي يفهم المشاهدون فكرة العوالم الموازية، حتى وإن كانت الفكرة خيالية ولا تعتمد علي أي أساس علمي كان ولابد من وضع إطار معرفي لها للجمهور يتم طرحه.

نسختان متناقضتان..

طرح الفيلم عالمان متناقضان تماما ونسختين من درية وصالح متناقضان تماما، وحاول السيناريو تخيل ماذا سوف يحدث إذا انتقلت كل نسخة إلي عالم معاكس تماما لعالمها، فالنسخ الراقية استطاعت التأٌقلم وتحسين ظروف الحياة بينما النسخ التي انعجنت بعالم عشوائي فوضوي صاخب لم يستطيعا تحقيق التأقلم الكامل، وإن كانا قد حققا بعض الاستقرار والاستمتاع بحياة الرفاهية.

يخلو من اللذة..

ويلاحظ هنا أن عالم الرفاهية لم يكن مثاليا تماما بالنسبة لدرية وصالح الأصيلان، حيث كان يتمتع بالرفاهية والغني لكنه يخلو من اللذة، يخلو من لذة الطعام، حيث يأكل الناس خضروات وفواكه فقط، ويخلو من لذة الاتصال الحميمي بين الزوجين، وكأنه عالم مرسوم بيد رجل قاسي يريد للناس أن يكونوا نماذج مثالية لا تشعر أو تحس أو تتمتع. ولو كان الفيلم قد استغرق في تلك الفكرة ليوضح مدي الظلم الواقع علي الناس في العالم المواز ومدي جهلهم بهذا الظلم ربما كان قد قدم معالجة رائعة.

لكن اعتقد أن الفيلم لم يقصد ولم يهتم بتقديم رسائل أخلاقية أو اجتماعية ما أو حتي معالجة شيقة ومنطقية، وإنما اهتم بعمل فيلم ينجح في إضحاك الناس لذا اعتمد علي المبالغات والمفارقات الشديدة التي تصل في بعض الأحيان إلي مخالفة الواقع.

وقد نجح الفيلم في هذا الهدف وهو إضحاك الجمهور بإفيهات ومواقف ومفارقات، كما أن الفيلم حاول تقديم ديكورات مبهرة وملابس وأزياء وأماكن لكي يبهر الجمهور وهذا الاتجاه في الإبهار أصبحت تعتمد عليه أفلام السينما في وقتنا الحالي. علي مستوي القصة هي اقتباس لم يتم استغلاله بشكل جيد أو عمل قصة معبرة وهادفة من وراءه. لكن يحسب للممثلين براعتهم في التنقل بين الأدوار المختلفة.

 الفيلم..

واصل فيلم “فاصل من اللحظات اللذيذة” تصدره لشباك التذاكر، والذي يخوض بطولته كلًا من هشام ماجد وهنا الزاهد، وتربع على المركز الثالث في شباك إيرادات السينما خلال الأسبوع الثالث من عرضه.

حققا إيرادات بلغت 886 ألفًا و316 جنيهًا، ليصل إجمالي إيراداته خلال الأسبوع الثالث من عرضه يوم إلى 46 مليون جنيه حسب بيان الموزع السينمائي محمود الدفراوي، والفيلم يد انطلق عرضه يوم وقفة عيد الفطر 2024. الفيلم يضم نخبة من ألمع نجوم الفن فهو من بطولة كلًا الفنان هشام ماجد، هنا الزاهد، الطفل جان رامز، محمد ثروت، وغيرهم.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة