19 ديسمبر، 2024 2:03 م

فاروق الفيشاوي.. علي الزيبق يتخلي عن ملاعيبه ويرحل

فاروق الفيشاوي.. علي الزيبق يتخلي عن ملاعيبه ويرحل

خاص: إعداد- سماح عادل

“فاروق الفيشاوي” ممثل مصري، اسمه “محمد فاروق فهيم الفيشاوي” اشترك في حوالي 300 عمل ما بين سينما ودراما ومسرح، واشتهر بأدوار عدة منها مسلسل “علي الزيبق” ومسلسل “غوايش”.

حياته..

“فاروق الفيشاوي” من مواليد 5 فبراير 1952، في إحدى قرى مركز سرس الليان بمحافظة المنوفية، لأسرة ميسورة الحال لديها خمسة، أولاد ثلاثة أبناء وابنتين، كان هو أصغرهم، وقد توفي والده عندما كان في الحادية عشرة من عمره، فتولى شقيقه الأكبر رشاد رعايته وتربيته. حصل على البكالوريوس في الطب العام وقبلها على ليسانس الآداب من جامعة عين شمس.

لفت “فاروق الفيشاوي” إليه الأنظار خلال مشاركته في مسلسل “أبنائي الأعزاء شُكرًا” مع الفنان “عبد المنعم مدبولي”، وبرز في مسلسل “ليلة القبض على فاطمة”، ثم بدأت نجوميته في بداية الثمانينيات بعد ظهوره في فيلم المشبوه مع “عادل إمام”.

ومن أهم أعماله في التلفزيون: (حافة الهاوية، مخلوق اسمه المرأة، حضرات السادة الكدابين، قابيل وقابيل، رجال في المصيدة، أولاد آدم، غوايش، علي الزيبق، عصفور في القفص، أبناء العطش).

شارك “فاروق الفيشاوي” في أكثر من مائة وثلاثين عملًا دراميًا بين السينما والتلفزيون، من بينها: (القاتلة، الطوفان، الرصيف، لا تسألني من أنا، سري للغاية، مطاردة في الممنوع، غدا سأنتقم، حنفي الأبهة، فتاة من إسرائيل، الفضيحة، ديك البرابر، نساء خلف القضبان، قهوة المواردي، والمرأة الحديدية).

تزوج “فاروق الفيشاوي” من الفنانة “سمية الألفي” وأنجبا “أحمد الفيشاوي” و”عمر الفيشاوي”. ثم تزوج من الفنانة “سهير رمزي”، وكانت آخر زيجاته من فتاة تدعى “نورهان” من خارج الوسط الفني.

السرطان..

في 3 أكتوبر 2018 أعلن “فاروق الفيشاوي” بعد تسلمه درع تكريمه من مهرجان الإسكندرية، عن إصابته بمرض السرطان، الأمر الذي أصاب الحضور بالصدمة، وقال “الفيشاوي” في كلمته: “بعد بعض التحاليل والفحوصات والأشعة، طبيبي المعالج أخبرني أنني مصاب بالسرطان، سأتعامل مع هذا المرض على أنه صداع، وبالعزيمة والإصرار سأنتصر على هذا المرض.. سأهزمه وسأحضر الدورة القادمة لمهرجان الإسكندرية لأكون معكم وأهنئ زميلًا آخر على تكريمه”.

ذاكرة الفن..

في حوار مع “فاروق الفيشاوي” لموقع “الراي” يقول عن غيابه عن السينما: “لم يكن غيابي عن شاشة السينما بإرادتي، وإنما هناك ظروف وأسباب قوية منعتني من تقديم أفلام جديدة، لعل أهمها حالة تردي مستوى الأفلام الموجودة على الساحة والتي تعتمد على موضوع واحد بتغيير الممثلين، وهذا موجود منذ منتصف التسعينات تقريباً، وطوال الفترة الماضية لم أعثر على الفيلم الذي يحرك عقلي ويدفعني لتقديمه، إلى أن وجدت مجموعة عمل فيلم «القط»”.. وابتعادي عن السينما كان يؤرقني للغاية، فالفنان السينمائي لا يستطيع الابتعاد وقتاً طويلاً عن الشاشة الفضية، وأنا أعتبرها معشوقتي وحبي الأول، فالسينما هي ذاكرة الفن وأطول عمراً من الفيديو، وأنا أعتز بما قدمته بها من أفلام، وبالتالي ابتعادي عنها لابد أن يكون بسبب قهري”.

وعن تجربة السينما المستقلة في مصر يقول: “أرى أنها تحتاج وقتاً لكي تصل للناس، فالأصل في السينما أن تعرض للجمهور ويقيم التجربة، سواء بالسلب أم الإيجاب، لذلك أعتقد أنها ما تزال متقوقعة.

وعن مشواره الفني الطويل من الأعمال السينمائية وهل ندم على عمل أو يعتز بعمل يواصل: “كل ما قدمته من أعمال كان باختياري، و60 في المائة كانت أفلاماً جيدة، حتى الأفلام التي لم تنجح لم أندم عليها لأنها كانت اختياري”. الأفلام التي أنتجتها لها معزة خاصة في قلبي، منها «مشوار عمر» و«استغاثة من العالم الآخر»، أيضاً أحب أفلام «ديك البرابر» و«أرجوك أعطني هذا الدواء»”.

وعن كيفية خروج السينما من أزمتها يقول” فاروق الفيشاوي”: “أرى أن تقديم أفلام مأخوذة عن أعمال أدبية سيثري محتواها ويجعلها تخرج من حالة «اضمحلال» القيمة التي أصابت السينما في السنوات الأخيرة، والتي بدأت من منتصف التسعينات، واستمرت إلى أن ظهرت بوادر أمل بأفلام مأخوذة عن الأدب. والدليل فيلم «الفيل الأزرق» الذي حقق نجاحاً كبيراً، وأعتقد أن السينما المصرية على مدار تاريخها شهدت تقديم روائع الأعمال الأدبية على شاشتها.

وعن الموسم الدرامي في رمضان والخروج من سطوته يقول: “هذه ضرورة كان لا بد أن تحدث منذ زمن حتى نقضي على التخمة الدرامية، التي أصبح يعاني منها المشاهد بسبب الـ 80 مسلسلاً التي تُفرض عليه خلال شهر واحد. وأنا أقول هذا الكلام بالرغم من أنني ابن رمضان، فزمان قبل ظهور الفضائيات كانت لدينا قناتان في التلفزيون تعرضان مسلسلين، ووقتها الشوارع كانت خالية من الناس والأسر مجتمعة حول التلفزيون لمتابعته، وكانت هناك مسلسلات جديدة على مدار السنة. لكن الآن الأمر اختلف، موسم رمضان أصبح مرتبطاً بالإعلانات وكثافة المشاهدة، وهذا جعل هناك مسلسلات «تُفرم» وسط كل هذا، لذلك أتمنى أن نعود كما كنا ويستمر عرض المسلسلات على مدار العام، ولا يتم حصرها في شهر واحد، وأعتقد هذا سيكون في صالح المشاهد لأنني ضد العرض الرمضاني”. وعن المسرح المصري في السنوات الأخيرة يوضح: “المسرح يمر بأزمة، حاله حال كل شيء في مصر، وأتمنى أن يستعيد عافيته”.

مقاومة المرض..

وفي حوار آخر أجراه معه “عربي السيد” فور إعلانه عن مرضه يقول “فاروق الفيشاوي”: “فور عودتي من إجازتي الصيفية من الساحل الشمالي، شعرت بإرهاق شديد، وذهبت للطبيب الخاص، وطلب مني بعض الفحوصات التي أجريتها، وأبلغني يوم السبت الماضي أنني أصبت بالسرطان. استقبلت الخبر بالضحك، لدرجة أن الطبيب المعالج استغرب الأمر، وردد لي خلال المكالمة “أنت مصاب بالسرطان مش دور برد عشان تضحك”. لم يكن الضحك في هذا الموقف صدمة، ولم أصب بصدمة فور علمي بالخبر، كنت واعيًا جدًا لما يقوله الطبيب، ولكن لدى إرادة قوية لمحاربة مثل هذا المرض اللعين.. أقصد أنني سأحارب السرطان وأقضي عليه بإذن الله، ولم أستسلم يومًا واحدًا له، وأدعو الله دائمًا أن ينصرني عليه، وإن شاء الله سيحدث، وأنا قررت فور معرفتي بالخبر أن أدخل في صراع قوي معه، وأن أفعل كل ما لدي لكي أفوز، من التزام بتعليمات الطبيب، والخضوع للعلاج، وكل ما ينصرني على هذا المرض. وسأبدأ في تلقى العلاج فور الانتهاء من مهرجان الإسكندرية السينمائية، نهاية الأسبوع المقبل. وعلى حد علمي إلى الآن، سأتلقى العلاج وأنا في المنزل، ولكن إن طُلب مني التواجد في المستشفى لن أتأخر عن هذا الأمر”. ولقد أعلنت عن مرضي لأن الجمهور وأصدقائي الفنانين أقرب الناس لي، وأحتاج دعواتهم، فكان علي أن أقوم بإعلان الخبر، لكي لا يتأخر أحد منهم في الدعوة لي”.

كابوتشي..

وفي حوار آخر مع “نجوم وفنون” يقول “فاروق الفيشاوي” عن الشخصية التي يحلم بتقديمها: “حلم من أحلامي السينمائية أن أقدم فيلما عن المطران “كابوتشي” وهو قس سوري كان سفيرًا للفاتيكان في القدس، وذلك بعد أن شاهدت فيلم “شندلر ليست”، الذي قدم معلومات مغلوطة عن العرب، ومنذ ذلك الوقت وأنا شغوف بأن أقدم فيلما عربيا يرد على الدعاية الصهيونية التي تتهم العرب وتقول أننا إرهابيون، ولم أجد ردا أنسب من قصة حياة هذا الرجل العظيم الذي تعاطف مع القضية الفلسطينية وتحمس لها وكان يجلب السلاح من لبنان إلى فلسطين ليساعد المقاومة الفلسطينية وهذا لإيمانه الحقيقي بالقضية وأننا أصحاب حق، وهذا الرجل كان لديه ضمير حي. وعندما فكرت في تقديم فيلم عن المطران “كابوتشى” لم أكن أنوى أن أجسد شخصيته، لكنني كنت سأشارك في إنتاجه مع صديقي المخرج عمر عبد العزيز والمؤلف الراحل محسن زايد، لكن لم تساعدنا الظروف على إتمام العمل، وذكرت من قبل أنني سأوصى ابني أحمد بالاهتمام بهذا المشروع والسعي وراءه لحين خروجه إلى النور”.

جرأة في الاعتراف..

في عام 1987 وفى أثناء نجوميته جاء الاعتراف الصادم الكبير، حيث أعلن “فاروق الفيشاوي” بقوة وجرأة أنه كان مدمنا للهيروين، وصارح الجمهور بتفاصيل رحلة إدمانه وشفائه من خلال حوار صحفي  طلب بنفسه أن يجريه مع الكاتب الصحفي “صلاح منتصر” ليتحدث فيه عن هذه التجربة الصعبة وينقلها للجمهور كي يحذر من خطورة الإدمان ويحمى الشباب من هذا الشبح، وجاء الاعتراف تحت عنوان “كنت عبدا للهيروين”،  وأكد “فاروق الفيشاوي” إنه يمتلك شجاعة الاعتراف بأي خطأ ارتكبه، وأن الإنسان لن يتعلم من أخطائه طالما لا يدركها ولا يعترف بها. وكان هذا الحوار دافعا للكثير من الشباب للإقلاع عن الإدمان.

تحدث “فاروق الفيشاوي” خلال الحوار الذي نشرته مجلة أكتوبر بتاريخ 13 ديسمبر عام 1987 عن تفاصيل حياته خلال تسعة أشهر كاملة كان فيها عبدًا ذليلًا للهيروين، وعن دور زوجته وقتها الفنانة “سمية الألفي” في مساعدته على التعافي من الإدمان، مؤكدا أن قضية المخدرات في مصر، والهيروين بالذات، أخطر مما يتصورها الكثيرون وأننا  لن نستطيع مواجهة هذا الخطر بغير المعرفة بكل أبعاده، والمصارحة بكل أسراره، واعتبر مصارحته واعترافه بما حدث له خلال الرحلة من الإدمان للتعافي تجربة أراد أن يضعها أمام كل شاب حتى يحميه من هذا الشبح، حيث أشار إلى حجم الخسائر المادية والنفسية والصحية التي عاشها، مشيرا إلى أن هذه الشهور التسعة كانت عارًا يجب أن يخفيه عن كل العيون. لكن حبه لشباب مصر وإحساسه الكبير بالخطر الذي يهددهم جعله يقبل بكل الرضا كشف ما كان يجب أن يخفيه عن العيون.

وفاته..

في فجر يوم الخميس 25 يوليو 2019، توفي “فاروق الفيشاوي” عن عمر ناهز 67 عاما بعد صراع مع مرض السرطان. وكان “الفيشاوي” يعالج في مستشفى “ابن سينا” في الجيزة، وسرعان ما تدهورت حالته الصحية ودخل في غيبوبة كبدية إثر توقف الكبد عن العمل، ولم تمض فترة طويلة على ذلك حتى أعلن عن وفاته.

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة