21 سبتمبر، 2024 10:40 ص
Search
Close this search box.

“عبد القادر محمد الصبان”.. تفرغ لكتابة تاريخ حضرموت

“عبد القادر محمد الصبان”.. تفرغ لكتابة تاريخ حضرموت

خاص: إعداد- سماح عادل

“عبد القادر محمد الصبان” مؤرخ وأديب وكاتب صحفي وسياسي وشاعر يمني.

التعريف به..

“عبدالقادر محمد الصبان” من مواليد عام 1921 بمدينة سيئون حاضرة السلطنة الكثيرية الحضرمية. قرأ القرآن وهو في السابعة من عمره على يد الشيخ صالح الكلبي وتلقى من والده علوم الفقه والأصول والحديث واللغة والنحو والصرف.

برزت رغبته وهو في السابعة عشرة من عمره في دراسة التاريخ فواجه صداً من والده وكاد أن يستسلم لولا تدخل الشيخ سعيد عوض باوزير الذي نصح والده بأن يترك ولده ورغبته، إلا إذا رأى سيرته غير صحيحة.

فانكب عبدالقادر الصبان على دراسة تاريخ حضرموت وتاريخ مصر والشام وتاريخ العراق وتاريخ السعودية وتاريخ الدول العربية الأخرى، إلا أنه تفرغ لكتابة تاريخ حضرموت وبلغت حصيلة كتاباته (80) كتاباً.

خاض عبدالقادر الصبان مشواراً طويلاً مع الوظيفة الحكومية والأعمال الخاصة امتد من عام 1937م حتى عام 1996م تخللتها أسفار إلى المملكة العربية السعودية وسوريا ومصر. التحق في العام 1937م بمجلس القضاء الشرعي بشبام، ثم انتقل إلى سلك التدريس الحكومي بالمكلا عام 1944م.

تولى عبدالقادر الصبان رئاسة المجلس البلدي بسيئون عام 1957م وطرق في العام 1969م باب المحاماة ومارسها من واقع خبرته السابقة وقراءاته في مجال الشريعة والفقه، إلا أن رغبته في البحوث التاريخية جرفته للعمل باحثاً متفرغاً لكتابة التاريخ بإدارة الثقافة بسيئون في بداية سبعينات القرن الماضي وأصبح في العام 1979م مديراً عاماً لإدارة الهيئة العامة للآثار والمتاحف والمخطوطات حتى عام 1996م.

نهضوي..

أسهم عبدالقادر الصبان في تأسيس مدرسة جيهوض بوادي سر سنة 1937م وفي تأسيس نادي الشباب الثقافي بسيئون عام 1938م وفي تأسيس مدرسة الشرج بالمكلا وفي تأسيس المدارس الليلية للمزارعين بوادي حضرموت، كما كان عبدالقادر الصبان من مؤسسي رابطة العمال الحضارم وتولى سكرتارية حزب الاتحاد الوطني، الذي تأسس عام 1946م برئاسة الأديب والشاعر صالح بن علي الحامد، وكان الصبان أيضاً من أعضاء اللجنة التحضيرية للمؤتمر الشعبي الذي أسسه الأستاذ عمر باعباد بمدينة الغرفة عام 1963م.

اتخذت رسالة الصبان النهضوية بعداً اجتماعياً إنسانياً عندما أسهم في تأسيس الصيدلية الخيرية بسيئون وتولى إدارتها عام 1963م وهكذا تنوعت رسالته النهضوية في الجوانب التربوية والثقافية والنقابية والحزبية والصحية على خلفية نشأته الأدبية، عندما بدأ نظم الشعر وهو في الثالثة عشرة من عمره عندما طرق لون الشعر الشعبي وجاءت أولى محاولاته في نظم القصيد بقصيدة جاء في مطلعها:

إن صوت الحمام قد أشجاني ذكراني وقت الصفا ذكراني

الصحافة..

أسهم عبد القادر محمد الصبان في تأسيس وتحرير مجلة «زهرة الشباب» وتولى رئاستها عام 1942م ، كما عين مستشاراً لمجلة «آفاق» الصادرة عن فرع حضرموت لاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين بالمكلا، ولم ينقطع انتاجه الصحفي في الصحف والمجلات الوطنية.

توحيد حضرموت..

جاهد عبدالقادر محمد الصبان مع سائر الوطنيين الحضارم من أجل توحيد حضرموت بضم شطريها القعيطي والكثيري ووثق للأستاذ عبدالقادر الصبان قوله للعلامة محمد عبدالقادر بامطرف :«أما أن تأتوا إلينا كإخوة ونأتي إليكم كإخوة وإلا سيفلت من أيدينا وأيديكم كل شيء». زكى العلامة بامطرف كلام نظيره الصبان بقوله: «سنأتي بكل شيء. نعم سيئون وشبام وحضرموت كلها واحدة».

توثيق..

يقول عنه “د. مسعود عمشوش”: “”وتعد إسهامات الأديب المؤرخ عبد القادر محمد الصبان في توثيق الأدب في حضرموت ونقده في غاية الأهمية؛ فللصبان كتابان يدخلان في إطار دراسة الأدب الحضرمي ونقده، هما: (عبد الصمد باكثير شاعر حضرموت في القرن العاشر) الذي صدر بالرونيو عن المركز اليمني للأبحاث الثقافية بحضرموت، و(موازنة بين شاعرين: حضرمي ولبناني) ألفه سنة 1935 إثر حضوره مساجلة شعرية بين صالح بن علي الحامد والشاعر اللبناني: محمد علي الحوماني.

وله كذلك كتاب ثالث طبع بعنوان (الحركة الأدبية في حضرموت)، ويُعدّ الأول من نوعه؛ ففيه حاول الصبان أن يتتبع مسار الأدب في حضرموت عبر العصور، من العصر الجاهلي وحتى القرن العشرين. وفيه، وزّع المؤلف تاريخ الأدب في حضرموت على ستة عصور، وكرس قسما من الكتاب لكل عصر، وذلك على غرار مؤرخي الأدب الغربيين والعرب.

وقبل أن يقدّم لأشهر الأدباء في كل عصر ونماذج من نصوصهم، حرص المؤلف على البدء بتقديم عرضٍ للظروف السياسية والاجتماعية والدينية السائدة في ذلك العصر. ويختم كل قسم بتقييم موجز لأدباء ذلك العصر”.

كتب عنه “د. أحمد باحارثة” في الذكرى العشرين لوفاة الصبان: “يقف الصبان في كتابه (الحركة الأدبية في حضرموت) متفرداً في سرد عرض شامل للأدب الحضرمي وشعرائه، بعدما كانت الدراسات السابقة له تكتفي بدراسة شاعر واحد أو الترجمة المفردة لكل شاعر على حدة، وليس هذا العمل بالأمر الهيِّن لما يعتور التاريخ الحضرمي عموماً في مراحله الزمنية من غموض وشحة في المعلومات وفقد للمصادر التاريخية، ومع ذلك استطاع الصبان الاهتداء في سبيله ووطأ الطريق لمزيد من الدراسة والعمق والتفصيل لمن يأتي بعده”.

التأليف..

كتب خلال مشوار عمره الطويل في مجالات عديدة الشعر والأدب والتاريخ والتراث والفقه وخلف وراءه أكثر من مائة مخطوط في تلك المضامير علاوة على العديد من التعريفات والأدلة والرسائل القصيرة في موضوعات شتى ماتزال مخطوطة مثل «تعريفات تاريخية سياحية عن وادي حضرموت» و«بترول الصحراء بحضرموت» و«المخطوطات والتراث والمتاحف» و«دليل متحف العادات والتقاليد الشعبية بسيئون».

من مؤلفاته:

1- المشروع الروي في مناقب بني علوي.

2- الترجمان في مناقب آل الصبان.

3- الدان في حضرموت.

4- الحركة الأدبية بحضرموت.

5- واقع حضرموت السيـاسي مخطوط.

التكريم..

انتشرت شهرته على المستويين القطري والقومي، فقد ارتبط باتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين بتوليه رئاسة فرع الاتحاد بسيئون منذ تأسيسه وحتى عام 1987م كما كان عضوا ً في اتحاد المؤرخين العرب.

حصد “عبدالقادر محمد الصبان” عدداً من الأوسمة والشهادات أبرزها بحسب تسلسلها الزمني:

1- شهادة تقديرية في 10 سبتمبر 1978م (يوم العلم والثقافة) من ادارة الثقافة بمحافظة حضرموت.

2- الميدالية الذهبية من سكرتارية المكتب التنفيذي بمحافظة حضرموت في 30 نوفمبر 1984م.

3- وسام الآداب والفنون من هيئة رئاسة مجلس الشعب الأعلى (عدن) عام 1988م.

4- وسام المؤرخ العربي من الأمانة العامة لاتحاد المؤرخين العرب.

5- شهادة تقديرية من سفارة الولايات المتحدة الأمريكية في صنعاء عام 1993م.

-6 وسام الاستحقاق للآداب والفنون أنعمه عليه فخامة الرئيس علي عبدالله صالح في 31 مايو 1998م.

الأدب الشعبي..

في مقالة بعنوان (عبد القادر محمد الصبان والأدب الشعبي في حضرموت) كتب “مسعود عمشوش”: “منذ خمسينيات من القرن الماضي أزداد الاهتمام بالأدب الشعبي في مختلف البلاد العربية، وتعددت الدراسات حوله، وبرزت أسماء عدد من الدارسين له مثل أحمد رشدي صالح وفاروق خورشيد وفوزي العنتيل ونبيلة إبراهيم وحسين النصار. ومع ذلك، لم يتم حتى اليوم الاجماع على تعريف واحد لمصطلح (الأدب الشعب) الذي اختاره الدارسون العرب مقابلا للمصطلح الغربي فولكلور Folklore.

وفي اليمن كرّس البردوني واحدا من أهم كتبه النقدية التوثيقية (لفنون الأدب الشعبي في اليمن)، ولم يحظ الشعر الشعبي في حضرموت فيه بأي اهتمام. كما غاب تماما الشعر الشعبي في حضرموت في كتاب د. عبد العزيز المقالح (شعر العامية في اليمن). وبالمقابل اهتم عدد من الأجانب، مثل سيرجانت ولاندبيرج، والحضارم أنفسهم، مثل محمد عبد القادر بامطرف وجيلاني الكاف وغيرهما، بالأدب الشعبي في حضرموت.

وقد انحصر اهتمام الدارسين الأجانب في الغالب في التقديم العام وتوثيق وترجمة بعض النماذج، شعرا ونثرا. واجتهد كثير من الدارسين الحضارم وقاموا بتوثيق أدبهم الشعبي، وركزوا كثيرا على الشعر، لاسيما شعر الدان وقاموا بتوثيقه وحاولوا حصر أوزانه وقارنوا بينها وبين بحور الخليل، واهتموا كذلك بمقارنة الشعر الشعبي بالشعر الفصيح (أو الحكمي). ونال شعر حسين أبوبكر المحضار القسط الأوفر من دراساتهم. وخارج إطار الشعر لم تحظ فنون الأدب الشعبي في حضرموت بأي اهتمام يذكر إذا ما استثنينا الجهد الطيب الذي بذله حسن بن طالب الذي قام بتوثيق الأمثال الشعبية في حضرموت”.

ويضيف: “وبالنسبة لعبد القادر محمد الصبان فقد كان إسهامه في تناول الأدب الشعبي في حضرموت متعدد الأوجه؛ فهو قد جمع بين التوثيق والتقديم والدراسة. وقد قام بنفسه بوضع قائمة للكتب والدراسات التي ألفها ونشرها خلال حياته وتضم: الشعر لدى العرب، والحركة الأدبية بحضرموت، ودراسات في الشعر الشعبي، وعبد الصمد باكثير شاعر حضرموت في القرن العشر الهجري، دارسة تحليليه، وسعيد مبارك مرزوق ملحن الحان ألدان الحضرمي، والشعر الشعبي وشعر الجمهور، والشعر الشعبي مع المزارعين.

وقد قام دار حضرموت للدراسات والنشر بالمكلا بإعادة طباعة بعضها ضمن سلسلة (كتاب الحياة)، مثل: الشعر الشعبي في حضرموت، بحث وتوثيق، والدان في حضرموت، وسعيد مبارك مرزوق ملحن ألحان الدان في حضرموت”.

ويتابع: “وبما أن ما كتبه عبد القادر محمد الصبان في مجال توثيق الشعر الشعبي في حضرموت ودراسته لم ينل حتى الآن حسب علمي اهتمام الدارسين الأكاديميين، فقد رأيت أن أكرس هذه الصفحات لإبراز بعض ملامح المنهج الذي اتبعه الصبان في تلك الكتب التي كرسها للأدب الشعبي في حضرموت، آملا أن يكون ذلك حافزا لمنتسبي أقسام اللغة العربية في جامعة حضرموت في المكلا وسيؤن، التي باتت تحتوي على برامج للدراسات العليا، وتشجيع الطلبة والدارسين على الاهتمام بالأدب الشعبي في حضرموت والدراسات التي كرست له، علما أننا في قسم اللغة العربية في جامعة عدن قد خصصنا مساقا للأدب الشعبي في إطار برنامج الماجستير، ودرسنا كتاب الأمثال التي قام بجمعها حسن بن طالب وبعض الحكايات الشعبية في حضرموت، وتمّ تكريس رسالة ماجستير لشعر أبي بكر بن شهاب ورسالة دكتوراه لشعر عبد الرحمن بن عبيد اللاه السقاف. وفي اعتقادي أن الأوان قد آن لتقوم أقسام اللغة العربية في جامعة حضرموت بواجبها تجاه أدبائنا وتراثنا بشكل عام”.

وفاته ..

توفي “عبدالقادر محمد الصبان” في 13 يناير 1999م عن عمر ناهز الثامنة والسبعين عاماً بسيئون.

 

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة