19 نوفمبر، 2024 3:31 ص
Search
Close this search box.

صدمات الطفولة (3).. كل علاقة جديدة تعد تأكيدا لفكرة أننا نستحق الحب والحنان

صدمات الطفولة (3).. كل علاقة جديدة تعد تأكيدا لفكرة أننا نستحق الحب والحنان

خاص: إعداد- سماح عادل

تظل الأحداث التي يعايشها الطفل موجودة في لاوعيه، تحكم تصرفاته، ودوما ما تؤثر البيئة التي عاش فيها وأنماط السلوك التي كان يتعامل بها الآباء تظل هي السلوك الذي يتبعه ويقلده ويسترشد به. وقد تؤثر معاملة الآباء والأهل في العلاقات العاطفية التي يدخلها الطفل بعد أن يكبر وتحدد مخاوفه.

الإجهاد النفسي بعد الصدمة..

حالة اضطراب تتسم بقلق يصاب بها الإنسان بعد أن يعايش حدثا مأساويا أو موقفا قد يهدد حياته، مثل التعرض للموت أو التهديد بالموت أو مواجهة عنف جنسي أو التعرض لتهديده. كالاعتداء الجسدي أو الدخول في مشاجرة أو التعرض لحادثة خطيرة.

أعراضه..

استرجاع الحدث المأساوي عن طريق ذكريات متكررة.

شعور قوي بمعاودة الحدث الأليم تدعى باسترجاع الأحداث.

كوابيس يرى فيها المصاب الحدث الذي مر به.

الشعور بكرب شديد عند تذكر الحدث.

أعراض جسدية ناتجة عن القلق مثل العصبية، والخوف لأي سبب كان، والأرق وعدم القدرة على التركيز.

المعاناة من المشاعر السلبية المستمرة بخصوص الحادث، مثل الشعور بالذنب والعار والخوف والغضب.

تجنب الأمور التي تُذكره بالحدث الصادم.

فقدان القدرة على تذكر كل الحدث أو جزءا منه.

تناقص اهتمام المريض تدريجيا بالأمور التي كانت تهمه في السابق.

الشعور باليأس تجاه المستقبل.

اذا استمرت هذه الأعراض أكثر من شهر تعني أن الإنسان يعاني اضطراب الإجهاد النفسي بعد الصدمة  وأنها تؤثر على حياته الاجتماعية أو العملية أو علاقاته. معظم أعراض هذا الاضطراب تظهر خلال الأشهر الثلاثة التالية للحدث الصادم، وقد تظهر في وقت متأخر أي بعد سنوات عدة من وقوع الحدث. كما أنه قد يصيب هذا الاضطراب أناس لم يتعرضوا لحدث مأساوي أو صادم.

المصابون..

لا يعرف علي وجه التحديد سبب الإصابة بعض الأفراد به. وقد حدد الدارسون عوامل خطورة تزيد من احتمال الإصابة بهذا الاضطراب وهي:

مواجهة حادثة صادمة سببها الآخرين، مثل الاغتصاب أو الاعتداء.

التعرض لحوادث صادمة متكررة أو طويلة الأمد.

الإصابة مسبقًا بمشاكل نفسية، خاصة القلق.

عدم توفر الدعم الكافي من أفراد الأسرة والأصدقاء بعد التعرض للصدمة.

العلاج..

ليس هناك علاج واحد ينفع لكل المصابين وإنما طرق مختلفة للعلاج،  وتعد طرق العلاج السلوكية المعرفية، سواء جماعية أو فردية، من أهم الطرق التي تحقق نتائج ملموسة.

علاج المواجهة المطول: خصص هذا النوع من العلاج للأشخاص الذين يعيشون حالة خوف من الصدمة ويتفادون الأفكار والمشاعر والمواقف التي تذكرهم بها. وهدف هذا العلاج تقليل شعور المريض بالخوف من ذكرياته، وتدريبه على كيفية السيطرة على أفكاره ومشاعره حيال الحدث المأساوي. وعلاج المواجهة المطولة يعتمد على أربعة عناصر هي :

التوعية الخاصة بهذا المرض وطرق علاجه.

التدرب على أسلوب تنفس يساعد في التخلص مع حالة القلق.

التدرب على التعامل مع مواقف حياتية متعلقة بالصدمة.

التحدث باستفاضة عن تجربة الصدمة.

المعالجة بواسطة العمليات المعرفية: هذه المعالجة تساعد على تحكم المريض بالأفكار والمشاعر المزعجة، وتمنحه القدرة على فهم الصدمة وآثارها بشكل أحسن. وخطوات المعالجة هي:

التوعية المتعلقة بهذا المرض وسبل علاجه.

مراقبة أفكار المريض ومشاعره وإدراك أثر الصدمة في تغيير نظرة المريض لنفسه ولغيره وللعالم.

تطوير مهارات المريض لمساعدته على تغيير الأفكار الهدامة التي تمنع تعافيه.

محاولة إرجاع المريض للتمسك بمبادئه التي تزعزعت نتيجة حدوث الصدمة، الشعور بالأمان والثقة بالنفس والآخرين وتقدير الذات.

إعادة البناء المعرفي:

هذا النوع من العلاج يساعد المريض في تحديد أنماط الأفكار غير السوية والاعتقادات الناجمة عن الصدمة ومن ثم تغييرها. ويعتمد هذا العلاج على استخدام مفكرات يومية تُدون فيها أفكار المصاب وأحاسيسه. وعلى المصاب أن يتعلم، بمساعدة طبيبه، استبدال هذه الأفكار بأخرى غير مزعجة. كما يمكنه أن يتعلم طرق التعامل مع مشاعر الغضب والذنب والخوف. وتتحسن أعراض الصدمة في الغالب بعد أن يدرك المريض مفاهيمه المتعلقة بالصدمة ويعمل على تغييرها.

إبطال التحسس وإعادة المُعالجة بحركات العين:

هي طريقة علاج تجمع بين عناصر طريقتي العلاج بالمواجهة والعلاج المعرفي، وتتلخص فكرتها في استخدام طريقة معالجة الدماغ للمعلومات للتخلص من ردات الفعل الناجمة عن الصدمة. وتتضمن جلسات المعالجة التفكير بالحدث، وتحديد الأفكار السلبية المرتبطة به، والتفكير بالنواحي الإيجابية، وتحريك العين من جانبٍ لآخر بصورة سريعة، مع التركيز على الصدمة المُراد علاجها.

وتستخدم هذه المعالجة الأصوات والنقر إلى جانب الطرق الأخرى التي تعمل على تفعيل التحفيز في نصفي الدماغ والتي أثبتت أنها على الدرجة نفسها من الفعالية في علاج الحالة.

الأدوية..

نجحت فئة من الأدوية المضادة للاكتئاب،تعرف بمثبطات استرجاع السيروتونين الانتقائية، في علاج هذا الاضطراب. وأكثر الأدوية شيوعا في هذه الفئة دواء سيتالوبرام وفلوكسيتين وباروكسيتين وسيرترالين. وقد تمت المُصادقة على استخدام عقاري زولوفت وباكسيل لعلاج هذا الاضطراب على المدى الطويل.

وتؤكد الدراسات أن التدخلات العلاجية فعاليتها أكبر من الأدوية المستخدمة لعلاج الاضطراب. ورغم ذلك  قد يفضل بعض المصابون العلاج بالأدوية أو الجمع بين أخذ الدواء وجلسات المعالجة.

اضطرابات التعلق..

يري الطفل في أثناء فترة نموه وتطوره من يربيه هو النموذج لطبيعة العلاقات من حوله، ولو تصرف أحد والديه بطريقة غير صحية تزيد احتمالية محاكاة الطفل لتلك السلوكيات غير السوية، دون تعمد منه.

تتضح تأثيرات الأذى، بالنسبة لبعض الناس في هيئة علاقات شخصية غير سوية وتكون نتيجة اضطرابات التعلق في مراحل تطور هامة من مرحلة الطفولة.

يتم تحليل سلوك الإنسان البالغ اعتمادا على طبيعة طفولته أو فترة مراهقته. فالطريقة التي يتعامل بها الآباء مع الأطفال أو بين بعضهم البعض تشكل رؤية هؤلاء الأطفال  للعالم من حولنا. وتؤثر في ثلاثة هياكل أساسية إحساسنا بالذات، والطريقة التي نتواصل بها مع الآخرين، وكيفية تأسيس علاقاتنا. هذه الهياكل تتشكل وفق الطرق التي يتصرف بها الآباء، إذا لم يسعي الأفراد إلي تطوير الادراك والوعي الذاتي وراء السلوكيات.

مخاوف يعاني منها الأطفال..

–  الخوف من الهجر والتخلي:

يعاني الأطفال الذين تعرضوا للهجر من ذويهم الخوف من الهجر في مرحلة البلوغ، رغم عدم اعترافهم بذلك.

ينبع الخوف الأساسي من تخلي شريكهم عنهم في العلاقات، ويظهر هذا الخوف في شكل أفكار تراودهم. وقد تصبح هذه المخاوف كبيرة لدرجة توقع عدم عودة شريكهم إذا خرج من المنزل، أو العجز عن التماسك إذا غادر الشريك الغرفة أثناء حوار محتدم دار بينهما. يتجلى هذا الخوف بشكل كبير في صورة التملك أو الشعور بالغيرة.

–  سهولة الانزعاج:

النشأة في بيئة الانتقاد فيها عادة، سواء أكان الانتقاد موجها للفرد أو لشخص آخر، يعلم ذلك الطفل أن الانتقاد هو الطريقة الفضلي للتعبير عن عدم الرضى عن العلاقة، وأن العيوب والعادات لا يمكن تحملها من قبل هؤلاء الأطفال، وينعكس هذا النفور على الشركاء.

–  الرغبة دائما في المساحة أو الوقت المخصص لأنفسنا:

الوجود في بيئة ممتلئة بالفوضى، وعدم الاستقرار والثبات، ينتج ذلك أن الجهاز العصبي المركزي للأطفال الذين يعيشون في هذه البيئة يكون  في حالة دائمة من التيقظ ، وعندما يكبرون يحتاجون لوقت كثير، منعزلين في منازلهم لكي يحققوا الاسترخاء في بيئة يمكن السيطرة عليها، يسعون في ذلك لتهدئة هذه المشاعر غير المرغوبة، والتي تتمثل في القلق والخوف والتوتر. قد يصل الأمر إلى انطباق معايير التشخيص بالقلق الاجتماعي على بعضهم، أو ربما حتى رهاب الخلاء.

عدم المساواة في المسؤوليات المنزلية:

نتيجة لطفولة لم يتم التعامل معها بشكل سوي ينشأ الخوف من الاعتماد كليًا على الشريك في العلاقات خوفًا من الاتكال على شخص آخر، أو يتولي الأفراد مسؤولية متطلبات المنزل المالية كاملةً في العلاقة، أو مراعاة جميع احتياجات الشريك ومتطلباته ماديةً كانت أم عاطفيةً لدرجة الاستغلال من جانبه، أو قد يحدث  العكس ويتكل الفرد على شريكه لدرجة تلبية احتياجاته جميعها.

–  البقاء في علاقة غير مجدية:

النشأة في وسط غير آمن حيث يدمن أحد الآباء أو كليهما أمرا أو يعانون مرضا نفسيا أو جسديا، أو حتى وفاة أحد الأبوين يؤدي ذلك إلى تطور شعور من الذنب ناتج عن رغبتنا في إنهاء العلاقة قبل أن يتسنى لنا «إصلاح» الطرف الآخر. فالاستمرار في علاقة قد لا تبدو الأنسب لنا يظل أفضل من الوحدة.

– إما الخلاف الدائم، أو لا خلاف على الإطلاق:

يفتقد الأطفال الذين نشأوا في منازل خللتها النزاعات أو لم خلت منها تمام تعلم المهارات اللازمة لإدارة النقاش بطرق صحية تعبر عن مشاعرهم.

– صعوبة التعافي من النزاعات:

عجز التعامل مع النزاعات بطريقة صحية، يؤدي إلي افساد العلاقة بعد خلافات حتمية تحدث مع الشريك، إما يتصرف الفرد بتجاهل، أو يتعمد الصمت أو يعجز عن منح شريكه المساومة المُحبذة.

–  المواعدة المستمرة:

كل علاقة جديدة تعد تأكيد لفكرة أننا نستحق الحب والحنان اللذين لم نتلقاهما صغارا. فالاستمرار في البحث عن شريك، حتى لا نظل وحدنا، أو لأننا خائفون من أن نصل إلى مرحلة في علاقتنا الحالية نُجرح فيها مجددًا.

–  القلق من العلاقة الجدية، أو الخوف من الدخول في علاقة من الأساس:

عندما يكون الآباء غير أكفاء لتحمل مسؤوليتنا، أو إذا قرروا الهجر، تراودنا المخاوف، ونضطرب من هؤلاء الذين يتقربون منا تجنبا للاستقرار لأنه يمنحنا حرية إنهاء العلاقة متى تطلب الأمر خوفا من أن مغادرة الشريك في منتصف الطريق، كما فعل الأهل.

–  محاولة «إصلاح» الشريك وتغييره:

تلك المحاولة ناتجة عن اعتقادنا بأننا لا نستحق ما هو أفضل من الشريك الحالي، ولذلك علينا تحسينه، لأنه أنهاء العلاقة معه لأنها غير متوافقة قد تؤدي بنا الي شريك أكثر سوءا منه.

لأن الأطفال لا يمتلكون سلطة تغيير سلوك آبائهم  لذلك يحاولون دائما التكيف مع ما يصدر عنهم. ويستمر هذا النمط في الكبر، فنحمله إلى علاقاتنا محاولين تغيير شركائنا والتعديل على سلوكياتهم لتهدئة مخاوفنا من العلاقات. فإذا كان بمقدورنا «إصلاح» أحدهم ليصبح شريكًا أفضل لنا؛ لاستطعنا إثبات استحقاقنا الحب، وعلاقة ناجحة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة