17 نوفمبر، 2024 11:20 ص
Search
Close this search box.

رواية حذاء لك.. حين يفسد الغموض الحكي

رواية حذاء لك.. حين يفسد الغموض الحكي

 

خاص: قراءة- سماح عادل

رواية “حذاء لك” للكاتبة اليابانية “يوكو أوغاوا” رواية تحكي قصة غرائبية ملفوفة بغموض كبير، وهي لا تسعى إلى كشف ذلك الغموض حتى النهاية..

الشخصيات..

البطلة، وهي فتاة شابة، عملت في مصنع للمشروبات الغازية، ثم عملت في مختبر غرائبي، لكن مع ذلك لم تعطها الكاتبة اسما رغم أنها راوية الحكاية، وهي البطلة الرئيسية واكتفت بأن تتركها تحكي.

السيد ديشيمارو: رجل غريب، اشترى منزل قديم كان مخصصا لسكن الفتيات ثم حوله لمختبر للعينات، لكننا لا نعرف عنه شيئا سوى ما تشاهده البطلة وما تعايشه معه من أحداث وتفاصيل.

 الراوي..

الراوي هو البطلة التي تحكي من بداية الرواية إلى نهايتها، تحكي عن نفسها ومشاعرها وأفكارها، وتحكي عن “السيد ديشيمارو” وعملها معه ومع الزبائن لكنه حكي غير مشبع ولا يقدم سوى القليل.

السرد..

الرواية قصيرة تقع في حوالي 94 صفحة من القطع المتوسط، تعتمد على سرد موجز ومختصر وغرائبي وغامض، فالبطلة تحكي عن نفسها وعن المختبر الغريب الذي قابلته وعن بعض الجمل التي يقولها الزبائن لها. وربما اعتمدت الكاتبة على فكرة الرموز والإيحاءات لكنها رغم ذلك لم تقدم تفسيرا لتلك الرموز أو حتى تركت مساحة كافية لفهمها، فهي تحب أن تمتلئ حكايتها بالغموض غير المنكشف.

مختبر الذكريات..

بعد أن تتعرض البطلة الشابة إلى تجربة حزينة حيث ينجرح أصبعها أثناء عملها في مصنع لتعبئة المشروبات الغازية، تكتشف بالصدفة وجود مختبر ووجود إعلان عن موظفة فيه، ولأنها لا أهل لها ولا أسرة ترعاها تقرر العمل في ذلك المختبر، تقابل المسئول “السيد ديشيمارو” والذي يثير فيها انطباعات غريبة ورغم ذلك توافق على العمل معه.

ثم تبدأ في حكي تجربتها في العمل في ذلك المختبر، والذي نكتشف أنه يجمع العينات بهدف الحفاظ عليها، لكن ما هي هذه العينات، أنها عينات لأشياء غريبة يريد الزبائن الحفاظ عليها، ذكريات ربما تمثل الألم ورغم ذلك يريدون الحفاظ عليها والإبقاء عليها موجودة، وأيضا رغم ذلك لا يأتي الناس مرة أخرى لمشاهدة تلك العينات، وإنما يرضون بوجودها داخل المختبر ووعد “السيد ديشيمارو” أن يحافظ على بقاءها. وتحكي البطلة انطباعاتها المختلفة منذ بداية تعرفها على المختبر ومع مرور الوقت وتعاملها مع الزبائن، ومشاهدتها لأشياء كثيرة يريد الناس الحفاظ عليها.

علاقة محايدة..

كما تحكي عن حكايتها مع “السيد ديشيمارو” والذي يحاول التقرب منها، لكنه اقتراب محايد تماما فليس هو انجذاب مشاعر وأحاسيس أو علاقة إنسانية، وإنما تقارب غريب، حيث يصر على أن يدعوها إلى المنطقة التي يحب الجلوس فيها حين يريد أن يسترخي، وهي منطقة الحمامات التي كانت فيما سبق حمامات تستخدمها الفتيات للنظافة والاستحمام وأصبحت فيما بعد منطقة هادئة ومهجورة، حيث يتحدثان ويمارسان علاقة حميمة.

لكن رغم ذلك لا توجد علاقة حقيقية بينهما وإنما هي رهن مزاج “السيد ديشيمارو” الذي قد يدعوها لمصاحبته إلى منطقة الحمامات وقد يتجاهلها في يوم آخر ويودعها في حزم بعد انتهاء دوام عملها، والغريب هو رد فعل البطلة التي تستلم تماما لما يفعله “السيد ديشيمارو” بها دون تساؤلات أو رغبة في الفهم.

حذاء..

حتى حين أعطاها حذاء فاخرا وطلب منها ألا تخلعه وأن ترتديه كل الأيام انصاعت له تماما، ووافقت على ما طلبه منها، وحين حذرها أحد الزبائن من أن ذلك الحذاء خطر عليها، وأنها إذا لم تتوقف عن ارتدائه فلن تستطيع فعل ذلك أبدا، لأنه سيتحول لجزء من جسدها، لكنها ترفض خلعه، وتؤكد للرجل الذي يعمل ماسحا للأحذية، أنها لا تريد خلعه وأنها تريد أن يتحول إلى جزء من جسدها.

كما أن هناك تفاصيل غرائبية أخرى، مثل السيدتان العجوزتان اللتان تعيشان في المختبر، وهن الوحيدتان المتبقيتان من مجموع الفتيات اللاتي كن يسكن مبنى المختبر، والفتاة التي تعرضت لحريق منزلها وأتت لكي تودع ندبة الحريق في وجهها ليكون عينة يتم الحفاظ عليها، واستغراب البطلة وسعيها لفهم كيف أخذ “السيد ديشيمارو” العينة منها، وأين ذهبت الفتاة بعد ذلك، وأيضا الفتيات اللاتي كن يعملن معه قبل البطلة وأين يذهبن، حيث تقول لها إحدى العجوزتين أن الفتيات يختفين دون معرفة ما حدث لهن.

غموض..

كل تلك التفاصيل الغرائبية كان ممكن أن تكون مفهومة ومحببة إذا سعت الكاتبة إلى كشف غموضها، أو إعطاء تلميحات للقارئ، لكنها أصرت على الغموض حتى النهاية ولم تكشف أي لغز من تلك الألغاز، ولم تكشف معاني الرموز التي استخدمتها داخل الرواية، مما جعلني لا أحب تلك الرواية كقارئة، وأشعر بالندم على قراءتها، ربما يحبها قراء آخرون وتلمس داخلهم أمورا ما. لكني لم أحبها وشعرت أن الكاتبة أفرطت في الغموض، في حين أن وظيفة الرواية هي تقديم حكاية جذابة وممتعة للقارئ، أو حتى حكاية حزينة لكنها لابد وأن تكون حكاية مكتملة تشبع فضوله ورغبته في التماهي مع حكاية ما أو تمثلها.

الكاتبة..

“يوكو أوغاوا” كاتبة روائية يابانية، ولدت يوم 30 آذار 1962، في محافظة أوكاياما. وتخرجت من جامعة واسيدا، وتعيش في مدينة آشيا مع زوجها وابنها.

من روايتها:

  • الأستاذ والمعادلة التي أحبها.
  • غرفة مثالية لرجل مريض.
  • حوض السباحة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة