خاص: قراءة- سماح عادل
رواية “العبيد” للكاتب المصري “محمود الغول” تحكي عن العبودية وعن العنصرية المرتبطة بها، وكيف أن الناس لم يتخلصوا من العنصرية رغم انتهاء العبودية نفسها.
الشخصيات..
بلال: البطل، هو من نسل عبيد، يعيش في قرية اسمها العرب، ويعاني من العبودية، ومن حرمانه ممن يحب، ويعيش حياة مأساوية.
فاطمة: أخت “بلال”، هي أيضا تعاني من العبودية، وتتساءل عن أصل تلك العبودية، وتعاني من حياة صعبة.
عبد الموجود: والد “بلال”، رغم انتهاء العبودية يظل خاضعا ل”الحاج حامد” الذي كان يمتلكه، ويتركه يخرب حياته.
الحاج حامد: شيخ القرية، رجل ظالم وجشع، يعامل العبيد بقسوة شديدة، ويتسبب في تخريب حياة “بلال” وعائلته، ويعمل في كل الأعمال غير المشروعة من بيع الآثار وتجارة المخدرات والسلاح.
الشيخ عودة: يعيش في الصحراء ويعمل أيضا في الأعمال غير المشروعة، لكنه طيب ويتعامل بحب مع الجميع، وينقذ حياة “بلال”.
وهناك شخصيات أخرى داخل الرواية..
الراوي..
الرواية تنقسم إلى جزأين، الجزء الأول يحكي بصوت “فاطمة” والتي تحكي عن عائلتها وعن قرية العرب، وعن العبودية، وعن شعورها الداخلي بكل ذلك ووقعه عليها، ثم الجزء الثاني يحكيه “بلال” أخوها وعن حياته ويحكي فيها عن شعوره إزاء ما تمر به من أحداث ومواقف يعني الرواية تحكي من قبل اثنين من الرواة.
السرد..
تقع الرواية في حوالي 254 صفحة من القطع المتوسط، وتحكي حكاية بطل إشكالي يتعرض لمشكلات في حياته لكنه يقاوم حتى النهاية ويظل يتلقى الضربات لكنه يقوم من كل ضربة ليبدأ المقاومة من جديد. وكانت النهاية مفاجئة لكنها كانت متوقعة قليلا مهد لها الكاتب لكنه كشفها في نهاية الرواية كمفاجأة ولم يستغرق في تناول تداعيتها طويلا.
العبودية تظل باقية..
أهم ما تحكي عنه الرواية العنصرية التي يتعامل بها ما يعرفون بأنهم أحرار مع ما يسمونهم العبيد، حيث تم جلبهم من إفريقيا وأتوا بهم إلى القرى، وقرية العرب هي المكان الذي تجري فيه الحكاية وهي ليست بالقرية بالمعنى المفهوم لأنها تحولت من الزراعة بعد أن جفت الأراضي وأصبحت بورا واستبدلت بها بعض المصانع داخل القرية، ويقال أن الأرض جفت بعد مجيء العبيد وكأن العبيد هم مصدر شؤم للقرية، وهذه الأقاويل التي تنتشر في القرية دليل على العنصرية.
وتظل الرواية تحكي عن تفاصيل الاستعباد والعنصرية التي يعاني منها من كانوا عبيدا وتحرروا وفقا لقرارات سياسية في الدولة، لكن هذا التحرير لم يكن مجديا لأنهم ظلوا عبيدا في نظر الناس وظل الاستعباد يحاوطهم. وكانت عائلة “عبد الموجود” خير دليل على ذلك.
حيث تحكي عنهم الرواية بالتفصيل، الرجل استغله “الحاج حامد” وخرب أرضه وظل يستغله حتى النهاية، والأم اعتدى عليها “الحاج حامد” حتى أنجبت منه طفلا، و”عبيد” كان يعامل كخادم لابن أخو “الحاج حامد” “عامر”. و”بلال” تم جلده من قبل “الحاج حامد” الذي ستكشف الرواية أنه أبوه في النهاية وتغيرت حياته بعد ذلك.
العبيد يظلون عبيدا حتى لو حررتهم الدول لأن الاستعباد موجود في أذهان الناس، والعنصرية متأصلة في نفوسهم الخربة، ويظل العبيد يعانون حتى مماتهم بشكل مأساوي، هذا ما صورته الرواية.
البطل الإشكالي..
صورت الرواية “بلال” حيث رسمته بطلا إشكاليا يعاني من كل العقبات والصعوبات لكنه يقاوم، ويسقط ويقوم، تظل الضربات تلاحقه لكنه يقوم من كل تلك الضربات ويواصل، وفي النهاية ينتصر ويتحرر ويرفض أن يكون شيخا للعرب.
المرأة تعاني أكثر..
كما ترصد الرواية أن المرأة هي من تعاني أكثر حتى في ظل الاستعباد، فقد عانت أم “بلال” من العبودية ومن الاعتداء الجنسي ومن تشويه السمعة ومن انقلاب زوجها عليها كل ذلك لأنها امرأة وعبدة، كما عانت “فاطمة” حين تزوجت دون إرادتها برجل لا تحبه ولا تريده وعانت من كونه لا ينجب، وظلت تدور في ظل الجهل المتفشي على الشيوخ والدجالين وفي النهاية طلقت دون إرادتها، وحسناء ورغم أنها من عائلة شيخ العرب الغنية، إلا أنها أيضا عانت من حرمانها من الرجل الذي تحبه، وكادت أن تجبر على الزواج من رجل شرير هو “عامر” ابن عمها، فالمرأة تعاني اكثر في كل الظروف والمجتمعات.
تحكي الرواية عن فترة السبعينات وتحاول الإشارة إلى ذلك ببعض الإشارات التاريخية ومن المدهش أن يعاني “بلال” وعائلته في ذلك الوقت من العبودية لأنها انتهت من مصر قبل ذلك بكثير.
كما تحكي عن نمو التيارات المتطرفة دينيا وعن استخدام الشرطة للمجرمين والمهربين. وعن إمكانية الاغتناء من الأعمال غير المشروعة، كما تشير إلى زحف العمران على القرى وتجريف الأراضي والاتجاه إلى أعمال أخرى غير الزراعة.
استخدم الكاتب لغة سلسة، وعبر عن الشخصيات ومايشعرون به، ورسم بعض الشخصيات بعمق، وإن كانت لغة فاطمة غير المتعلمة كانت أكبر من عقلها ومستواها التعليمي، ميلها إلى التفلسف والتفكر في قوانين الحياة.
الكاتب..
“محمود الغول” كاتب صحفي صدرت له العديد من المؤلفات الكتابية منها “العبيد”، و”المواطن زيرو”