قال الكاتب د.يوسف زيدان ” أشعر أن حياتي استطالت أكثر مما يجب. والمتشدّدون يردعونني بالخوف منهم، وأنا لا أخاف لا منهم، ولا من غيرهم، فأنا مقاتل شرس” جاء ذلك ردّا على سؤال حول الثمن الذي يدفعه بسبب آرائه الجدلية خصوصاً في مجتمعات الاغلبية فيها لاتتقبل الرأي المخالف، وتكثر فيها المجموعات متشددة، خلال استضافته في برنامج “كتاب مفتوح” الذي يعدّه، ويقدّمه الشاعران عبد الرزاق الربيعي، ووسام العاني برعاية مركز حدائق الفكر للثقافة والخدمات في سلطنة عمان، وذلك مساء الخميس 4/2/2021 في أمسية افتراضية بُثت على جميع منصات التواصل الاجتماعي
وأضاف” أنا لم أتجنَّ على أحد، إنما وصفت ما رأيت وصفاً صادقاً، فأزعج ذلك بعض أصحاب المصالح. واكتويت طبعاً بنيران موقفي هذا لكنني لم أتراجع قط، وإذا عدت إلى ما كتبته قبل بلوغي الثلاثين من العمر وبعيد بلوغي الستين ستجد أنه بنغمة واحدة هي نغمة العقل والمنطق والفهم والتفهم وكشف المخادعات وإبراز ما هو مسكوت عنه. أنظر في كتابي (التراث المجهول) الصادر عام 1990 وإلى رواية (حاكم) الصادرة قبل أيام ستجد الهاجس نفسه وهو هاجس الاستنارة الحقيقية ليس تحت مسمى العلمانية البائس وليس تحيزاً لجماعة ضد أخرى ولكن تحريراً للعقل والفكر والفن الرفيع والنزعة الإنسانية الأصيلة”.بُعد متوهّم
و تحدّث الدكتور يوسف زيدان عن جعله التاريخ مادة خام لأغلب كتاباته والغرض من ذلك، قائلاً:”هذا السؤال مهم. ولكن يجب أن أوضّح كيف أنظر للتاريخ أو للزمن الإنساني. عادة ما يعتقد الناس أن الزمن الإنساني ينقسم إلى ثلاثة أبعاد هي: الماضي، أو التاريخ والحاضر أو المعيش والمستقبل أو الآتي. لكن إذا أمعنا النظر سنجد أن البعد الأوسط وهو الحاضر هو بعد متوهَّم، فعندما نقول (الآن) فإننا نعبر من بوابة ما سبق إلى ما سيأتي بمعنى أننا محكومون ببعدين هما ما مضى، وما سيأتي. أما الحاضر فهو لحظة انتقال دائم، وليس بعداً من الأبعاد الثلاثة كما نتوهم. من هنا أعمالي توزعت بين هذين البعدين، ولم تقتصر على التاريخ، أو التراث. وفي مجال التراث العربي أديت ما رأيت أنه واجبي تجاه هذا التراث الضخم والمهمل. عندما بدأت أكتب مقالات في الأهرام في الثمانينيات، وأنا مازلت في منتصف العشرينيات من عمري، ثم الكتب التي توالى صدورها منذ ذلك الوقت، ففي ذلك الزمن الذي يبدو الآن بعيداً جداً لم يكن أحد يتحدث عن التراث أو المخطوطات وكان الاشتغال بالتراث يكاد ينقرض بسبب حكم الزمن وتقدم الأعمار وتكاد الساحة تخلو تماماً. في هذا الوقت، أظن في عام 1986، كتبت في جريدة الأهرام مقالة بعنوان (تراثنا بين المحقّقين والبيروقراطيين) وكانت أول كتابة لي في صحيفة عربية. وفي نفس السنة صدر لي كتابان هما (تحقيق مقدمة في التصوف لأبي عبد الرحمن السُلَمي) وكتاب من تأليفي هو (عبد الكريم الجيلي فيلسوف الصوفية) وكان ذلك بدافع الواجب تجاه التراث. بعدها، وعبر اشتغال طويل بالتأليف تنوّعت الأعمال، فمنها الفكرية مثل (شجون مصرية) و (شجون عربية) التي تناقش قضايا معاصرة جداً ويستبق الآتي بخطوة، ويشير إليه وفق الصفة الأساسية للمثقف وهي أن يكون زرقاء يمامة. وفي نفس الوقت هناك كتاب (شجون تراثية) حيث تجد طرحاً يتعلق بقضايا مغلوطة في الأذهان يجب أن يعاد النظر فيها والطابع الأساسي هو التاريخ والتراث. أيضاً في الأدب، فإذا كانت (عزازيل) تدور في القرن الخامس الميلادي، فإن (ظل الأفعى) تدور بعد زمن نشرها بقرابة خمسة عشر عاماً، وكذلك (النبطي) التي تدور في زمن الفتح أو الغزو الإسلامي لمصر، أما (محال) فتبدأ أحداثها عام 1990، لذا فهي رواية معاصرة وهي ثلاثية تضم أيضاً (غوانتنامو)، و (نور). ثم بعد ذلك عودة للتاريخ في رواية (فردقان) وفي روايتي الأخيرة (حاكم). هذا يبين انتقالي بين بعدين هما الماضي، والحاضر، وبحثي في كليهما عن الإنسان المختفي خلف الصراعات بمختلف أنواعها وأسبابها وأعيد الكشف عنه بنفض غبار التاريخ عن صورته المخفية. وهدفي من هذا هو الآتي وليس الماضي فالماضي عنصر من عناصر الفهم مع المنطق، والتحليل، وغيرها من العناصر. والغاية أيضا أن نتعقل حاضرنا وبالتالي نسير إلى المستقبل سيراً رشيداً”.مشاكسة المرويّات
وعن دوافع مشاكسته للمرويات التراثية، وموقفه من الفقهاء، ومشايخ الدين، تحدث زيدان قائلاً:
“مشاكستي لما يسمى، في ثقافتنا المعاصرة والمريضة بالثوابت، هي لفظة مهذبة تدل على تعاملي المهذب مع البلايا الكوابت المسماة بالثوابت. وهذه الثوابت كانت هي الفخّ، أو الحجة لشن الحرب على اليمن مؤخراً، والغاية التي تفسخ بسببها لبنان، والعراق وسوريا وليبيا وكادت السودان أن تضيع هي الأخرى وأرجو ألا يتم ذلك. من أين انطلقت جماعات داعش ودامل وبوكو حرام؟ من هذه الثوابت الكوابت بالتالي فالمشاكسة هي أقل ما يجب مني. ولو كان الأمر بيدي لتعاملت معها بعيداً عن الرفق بالمعاصرين على قاعدة النسف، والهدم التام لأنها أزرت بنا منذ مئات السنين، ولا زالت تزري بنا أمام العالم. انظر إلى التعصب المقيت في العراق ولبنان والخليج، وإلى محاولة تهييج الخواطر من كل فريق ضد الآخر. أما بخصوص موقفي من رجال الدين، فيحتاج الأمر إلى تصويب. ففي الوقت الذي هاجم فيه المتعالمون الإمام البخاري دافعت عنه وهو رجل دين. وفي الوقت الذي أسيء وهابياً للفقيه المتشدّد ابن تيمية حرصت على تبيان الصورة الحقيقية لهذا الرجل الذي أعرف أنه كان متشدّداً، وقلت هذا وأرجعته إلى اللحظة الحرجة التي كان يعيشها، لكن ذلك لا ينفي عبقريته. وأنا هنا لست بمعرض الدفاع عن ابن تيميّة بقدر ما أستشعر ألم هذا الرجل، وأكشف للمعاصرين اللعبة التي قام بها الوهابيون. لا يوجد في التراث العربي نص مخطوط باسم (الفتاوى الكبرى) فهذا الكتاب ذو الأربعة والعشرين مجلداً مختلق قام به أحد النجديين وطبعه، كما قال في مقدمته، بمنحة ملكية من خادم الحرمين قدرها مليونا ريال سعودي وذلك عام 1972 لكنه لم يقدم لنا صورة المخطوط وقال إنه جمعها من كتب كثيرة رغم أنها فتاوى والفتاوى، كما يفهم رجال الدين، مرتبطة بزمانها وبظرفها، وبالسائل. نعم عندما قرأت كتب ابن تيمية الأصولية وجدت تشدّداً، ووجدت سمات الفكر الحنبلي، وكان في زمن أزمة، ولكنه ليس الشيطان. الناس اعتبروا أن ابن تيمية هو سبب داعش والتقطوا ما قيل إنه فتاواه وهو نفسه لا يعلم أن لديه كتاب بعنوان (الفتاوى الكبرى) بل هذا اختراع سعودي. فقلت لهم وماذا عن القرامطة؟ هم أشقاء توأم ل(داعش)، وكانوا قبل ابن تيمية بخمسة قرون. هذا الرجل لم يتاجر بالدين وعاش حياة مضطربة، وكتب معظم كتبه بخط يده وفيه ما فيه من تشدّد وتوسّع. لكن باستثناء هذه النوادر، وخلال تاريخنا البعيد والقريب كان رجال الدين سيفاً مسلطاً على الإنسان الذي فينا ويتاجرون بالعقيدة سعياً للدنيا بالدين. وكمثال على هذا ما حدث قبل عشرين سنة في التسعينيات، حيث قفز هؤلاء على المشهد الثقافي العربي في الوقت الذي انسحب فيه الفكر، والشعر، والفن الرفيع وامتلأت القنوات الفضائية، بتمويلات نفطية وهابية، بمشايخ ما أنزل الله بهم من سلطان، وما هم إلا أعوان الشيطان ذي الرغبة المحمومة في الرغبة الجنسية، والحور العين التي أدت إلى العقيدة الانتحارية لدى المغرر بهم من الشباب والمراهقين. كذلك أنظر مباركات المشايخ لحرب اليمن في وقت كنت أصرخ بملء القلب، والروح واللسان عبر مقالات وندوات محذّراً من حرب اليمن، وها هي السنوات قد مرّت، فإلى ماذا انتهت هذه الحرب؟ زعماً بأنها حرب بين السنّة والشيعة، علماً بإن كلّ دارس يعلم أن شيعة اليمن ليسوا الشيعة الاثني عشرية، وأن المذهب الزيدي أقرب ما يكون إلى اعتقاد السنة وكانت الناس هناك في علاقات تزاوج وتزاور وتعاون بين المذهبين. ولكن أطل غالبية رجال الدين بوجوههم القبيحة وأفكارهم المشوهة فجعلوا واقعنا العربي معتماً، وتبدّدت الثروات على حروب لا معنى لها بعضها بتكليف من جهات غربية معلنة، وبعضها تنفيس عن غل كامن في نفوس بعض الأسر الحاكمة، أو الجماعات الحاكمة، وبعضها استجابة للمنطقة المظلمة من النفس الإنسانية التي تدعو البشر إلى نقيض الحضارة.
عين محايدة
وعن اتهام البعض له بأنه لم يقرأ التاريخ بعين محايدة وأنه اتخذ الانتقاء منهجاً أو ما يطلق عليه بالاستقراء الناقص، رد زيدان قائلاً:
“الاستقراء منهج للعلوم الطبيعية وهذا شيء، لكن الاستقراء الناقص أيضاً منهج لكنه لا ينطبق هنا. من الجدير بالذكر أن روايتي (فردقان) هي عن ابن سينا ورواية (حاكم) عن ابن الهيثم وأعمدة الحكمة العربية في كتاب (دوامات التدين) كانت عن الأولياء والفقهاء الكبار الذين أناروا أزمنتهم والأزمنة التالية، وهذه كلها مناطق إيجابية ولم أهاجم فيها أحداً. وما أكتبه الآن في رواتي الجديدة عن علاء الدين ابن النفيس هو أيضاً وجه مشرق فأين الانتقائية السلبية في تناولي للتاريخ؟ ربما من يتهمني بالانتقائية يقصد بعض تصريحاتي الإعلامية وأقوالي في لقاءات مثلما وصفت أحد الشخصيات المحتفى بها في تاريخنا بأنه من أحقر الشخصيات في التاريخ وهذا ليس تتبعاً للسلبيات بل حكماً قائماً على دراسة ولم أتراجع عنه ولو كنت مخطئاً لتراجعت عنه بكل تأكيد بل أنا مصر على إنه واحد من أحقر الشخصيات في تاريخنا. طبعاً هناك من هو أحقر منه مثل الملقب بناصر السُنة وقامع البدعة (محمود الغزناوي) الذي يفتخر بقتل مليوني هندي والهنود يقولون قتل خمسة ملايين. وإذا بنا نحتفي بهذا التاريخ وهذا خلل في تفكيرنا وفي اختيارنا. كان الواجب يقتضي أن أنبه إلى ذلك وأقول إن أبطالنا هم ليسوا (قطز) و(بيبرس) و(صلاح الدين الأيوبي) و(محمود الغزناوي) بل أبطالنا هم من جعل لنا مكانة في تاريخ الإنسانية وأطلقت أسماؤهم على المدرجات العلمية كما فعلت السوربون عندما أطلقت على قاعاتها إسمي ابن رشد وابن سينا. وعلى فوهات القمر مثل فعلت وكالة (ناسا) عندما أطلقت أسم (أبي عبد الرحمن ابن عمر الصوفي) على إحدى فوهات القمر. هؤلاء هم الأبطال الحقيقيون. والتزييف الذي جرى في النصف الثاني من القرن العشرين لعقلنا الجمعي أدى إلى جعل هؤلاء الحقراء أبطالاً بالباطل. والذين اهتاجوا عندما سمعوا رأيي بصلاح الدين الأيوبي صمتوا تماماً عندما قدمت في كتاب (شجون عربية) و(شجون تراثية) الدلائل التي اعتمدت عليها والحقائق التي جمعتها من كتب السنة وليس من كتب الشيعة لأنهم اتهموني بالميل إلى التشيع ومن ثم بالعلمانية إلى آخره من الاتهامات. وسكوتهم يعني أنهم إما مخدوعين أو كاذبين وأنا لا أخاف لا من هؤلاء ولا من هؤلاء مهما زعقوا وكما قال عبد القادر الجيلاني (زعاق المنافق من لسانه وندائي عليكم من قلبي وشتان ما بين القلب واللسان)”.
الاستبداد الكنسي
وعن فكرة أن لا شيء يسلم من انتقاده حتى الكنيسة، أجاب زيدان قائلاً:
“ليس الكنيسة بل الاستبداد الكنسي مثل تحويل الأرثوذوكس المصريين إلى عبيد لدى الكنيسة تتحكم في زواجهم وطلاقهم وأمورهم اليومية مع أن المسيح قال (مملكتي ليست من هذا العالم). وإذا كنت تصدق ما زعمه الزاعمون من أن رواية (عزازيل) تنتقد المسيحية فأقول لك أن بابا الفاتيكان رأس الكنيسة في العالم، عندما ترجمت الرواية إلى الإيطالية وتصدرت المبيعات هناك، صرح بأن رواية (عزازيل) ليس فيها شيء ضد المسيحية، بل بالعكس هي في صف المسيحية لأنها تدعو للمحبة، والسلام. أما الساعون إلى الدنيا بالدين فكانوا يلعبون لعباً سياسياً وقد رددت على ذلك تفصيلاً في كتابي (متاهات الوهم) و(دوامات التدين) ويمكن العودة إليهما لمن أراد المزيد من التفصيل”.
ذهنيّة تنويريّة
وفي مداخلة للناقد، والأكاديمي العراقي الدكتور سعد التميمي قدّم فيها شهادة بحق الدكتور يوسف زيدان وفكره وموسوعيته وتواصله المباشر والدائم مع جمهوره والإشكالات التي تثيرها عليه ذهنيته التنويرية وكثرة الخصوم تدل على أنه صاحب رأي حر، طرح بعدها تساؤلا عن سبب طغيان الجانب الأكاديمي التنظيري على مجمل أعماله الروائية مثل رواية عزازيل، أجاب زيدان قائلاً:”اسم عزازيل ليس عبرياً فالكلمة (إيل) هي تعني اسم الإله في لغتنا العربية القديمة وفي الآرامية وفي العبرية والارتباط بين العربية والعبرية ارتباط وثيق ولكن إيل وعزازيل من الآرامية والسريانية أكثر. وللمداعبة فإنك عندما سردت صفاتي لم تذكر واحدة من أهم صفاتي وهي حبي للعراق ولسوريا ولليمن وللمغرب ولكل بلد له طعم لأن له تاريخ. وربما أنت تقصد غلبة النزوع الفلسفي على الأعمال الأدبية وهذه تهمة لا أنكرها وشرف لا أدعيه بمعنى أن الأدب إذا خلا من الفلسفة والفكر والرسوخ والتثبت الأكاديمي يصبح مجرد حكايات ما قبل النوم أو دردشة مقاهي. الأدب الرفيع مثلما رأيناه عند المتنبي والتوحيدي وعند الجاحظ بشكل أعمق وعند أبي العلاء بشكل متعمق وهذه كلها أمثلة تدل على حيوية حضور الفكر في النص الأدبي. وفي مقابل هذه الملاحظة ينتقدني كثيرون على فرط اهتمامي باللغة، وغلبة الشعرية على النص الروائي عندي حتى أنني كثيراً ما أقطع السياق السردي بنصوص شعرية، كما في رواية نور وعزازيل وحتى في ظل الأفعى مثل النصوص التي قدمتها في النصف الثاني من الرواية إلى درجة أن ظن البعض أنها مكتوبة بهذا الشكل بالتراث القديم، والقلة فقط انتبهوا إلى أنها صياغة عربية قديمة للنصوص القديمة، وبالتالي شعرية النص فيها عالية، ولا تقدح في الوقت نفسه بعمق الفكرة في النص. الفلسفة والشعر هما عماد التأليف الأدبي عندي ولا أظن أن أحدهما تغلب على الآخر أو بقدر المستطاع لا أجعل أحدهما يطغى على الآخر. إذا تتبعت التنوع عندي في العشرين سنة الأخيرة ستجد كتاباً فكرياً تتلوه رواية وهكذا أتنقل ما بين هذه الحدائق لأقدم نسمة استشراقية للمستقبل”.
لا طقوس محدّدة
وعن سؤال حول طقوس الكتابة عند، أجاب قائلاً:
“بخصوص طقوس الكتابة، فلا طقوس محدّدة عندي للكتابة، وأستطيع أن أقول إني في حالة كتابة دائمة وهذا لأني لم أنشغل بأمور أخرى أو لأن الزمان لم يسمح لي بزوجة عراقية فاتنة تشغلني أو هو شغف باللغة والكتابة. فاللغة إذ تتخلق أمامي وتحول الأوراق البيضاء إلى نصوص، وكل هذا يحدث بدون طقوس معينة أحياناً أكتب على وريقات وقصاصات وأحياناً أكتب وأنا في الطريق أو في المقهى كما أنني أكتب أوقات مختلفة، وفي ظروف مختلفة. بشكل عام أنا أفرغ نفسي للكتابة، ولا أشغلها بمشوشات أخرى”.
وعن سؤال لأحد المتابعين حول تسميته دخول الإسلام إلى مصر بالغزو، أجاب قائلاً:
“لا فرق بين الفتح والغزو إلا في أمر وحيد، فكلاهما يأتي بجيش من مكان إلى مكان، فإذا غلب ثم عاد إلى موطنه فهو غزو، وإذا غلب واستوطن فهو فتح، كما نقول عن محمد الفاتح لأنه فتح القسطنطينية، وهي إسطنبول حالياً، واستقر فيها، كما نقول ذلك على عمرو ابن العاص الذي غلب وبقي في مصر. كما أننا نقول غزوات النبي لأنه لم يعقب الاقتحام العسكري استقراراً حيث فرض جزية أو شيئاً آخر ثم عاد إلى موطنه. ولا أعرف سبب الحساسية من مفردتي الغزو والفتح فمفردة الغزو تم الاحتفاء بها في السنة النبوية مثل مصطلح (غزوات النبي) بل ويتباهى بها الناس في ثقافتنا حيث يطلقون على أولادهم أسماء من قبيل غازي وغانم وغنيم وغنيمي”.
فتح الأندلس
وحول رأيه في التسمية الأصح لدخول العرب والمسلمين إلى الأندلس، أجاب زيدان قائلاً:
“كان فتحاً لأنه استقر من بعد ذلك قروناً. وكلمة الاستعمار العربي للأندلس هي سيئة الدلالة الاصطلاحية لكن جيدة المعنى اللغوي، فاستعمار موطن يعني تعميره، وجعله آهلاً لكنها في الاصطلاح المعاصر تعني السيطرة على بلد آخر بالقوة العسكرية ونهب ثرواته وأنا أُفضّل أن أسميها الكولونيالية وليست الاستعمارية. دخول الإسلام إلى الأندلس كان بسبب اضطرابات سياسية واجتماعية موجودة. أما عبد الرحمن الداخل الملقّب ب(صقر قريش)، فأرى أنه واحد من سفاحي التاريخ وليس من رجاله العظماء. العظمة بدأت هناك مع الخليفة العربي الثالث وبدأت العمارة والقصور والحدائق والاستعمار بالمعنى الجيد للكلمة، وامتدّت قرونا بعد ذلك أنتجت لنا الشعر الأندلسي والموشحات والعمارة الأنيقة التي نراها في قصر الحمراء والنظريات الهندسية إلى أخره من الإبداعات التي استمرت لدى الاسبان المعاصرين. حتى بعد خروج العرب والمسلمين من الأندلس إثر حركة الملك فرناندو والملكة إيزابيلا ظل ذلك الأثر ممتداً فيهم مثل شعراء التروبادور والمزاج الإسباني بشكل عام وهذا ما تراه حتى الآن قائماً في إسبانيا حيث تجد سبعين بالمائة من المناطق السياحية هي آثار العمارة العربية والإسلامية. إذن هو فتح لما أعقب دخول طارق بن زياد من الاستقرار الذي امتد قروناً طويلة حتى ظهور ملوك الطوائف الذي أدى إلى زوال هذا الوجود من الأندلس. لو قست على هذا ستجد مثلاً أن روما دخلت مصر وتحكمت فيها قروناً لكننا لا نقول (الغزو الروماني) لمصر بل نسميها الفترة (الهيلينستية) بتغليب الجانب الثقافي. وفي هذه الفترة لعبت الإسكندرية دوراً كبيراً سواء في شقها اليوناني من خلال تلامذة الإسكندر (بطليموس الأول) إلى كليوباترا، أو في الزمن الروماني القح”.
عبدالرحمن السفّاح
وحول وصفه لعبد الرحمن الداخل بالسفّاح، أفاض زيدان بالحديث قائلاً:
“لدي دراسة بعنوان الأفق الأندلسي منشورة في أحد كتبي وفيها أحصيت من قتلهم هذا الرجل من المسلمين وليس المسيحيين فكانوا ثلاثة وعشرين ألف شخصاً. وعندي من يقتل هذا العدد ليحكم هو سفاح. وهذا البحث جمعته من مصادرنا العربية، والإسلامية عن حروب هذا الرجل وليس من أقوال الأعادي وبإمكان أي شخص العودة إليه. فمنذ دخول طارق بن زياد إلى حين دخول عبد الرحمن الداخل كان هناك كثير من القبائل المسلمة التي استقرت في جزيرة أيبيريا، وتعين على عبد الرحمن الداخل محاربتهم لتأسيس دولته فكان له هذا العدد الكبير من الضحايا العرب والمسلمين وبالتالي فهو يستحق عندي صفة سفاح”.
وحول ما يقوله بعض منتقديه من أنه وقع في الخطأ نفسِه الذي يدّعي مقاومته؛ فقد حصرَ التاريخ في رؤية واحدة وسعى لفرضها بكل ما منحه الإعلام من سلطة، رد زيدان قائلاً:
“الأمر ليس إعلاماً. أنا أتحدث عن دراسة قمت بها وفيها المصادر التي تحدثت عن دخول عبد الرحمن الداخل أو صقر قريش وتتبع لسيرته ومن ثم فأنا لا أقول رأياً هنا وبالتالي أنا انقل لك تاريخاً فعلياً بعيداً عن التشويش والتهميش الذي قام به الإعلام المعاصر فأي إعلام الذي أستغله؟ أنا لست صحافياً ولا مذيعاً مسلطاً على عقول الناس. بل كثير من الإعلاميين اشتكوا من هروبي منهم ومن عزوفي عن البرامج ولكن إلحاح الناس عليّ هو الذي يدفعني للظهور. ثم أين الإعلام الذي يقدمني في مصر والمتواليات التي قدمتها كانت في قناة إماراتية وليست مصرية. وإذا رجعت على الفيديوهات في اليوتيوب ستجد كثيراً منها كان في قنوات خليجية أو إماراتية ومن بينها هذا اللقاء الذي ينطلق من عُمان وليس من مصر. فكرة أن الإعلام المصري يرحب بي تبدو وكأنها أتهام ولكن بدون الإعلام هل عهدنا في الوطن العربي عمل ندوة مفتوحة فيحضرها آلاف من الشباب كما حصل في الجلسات الثقافية التي عقدتها منذ سنوات طويلة في ساقية الصاوي حتى صارت خشية من الازدحام الشديد؟ هذا تعامل مباشر مع القراء بعيداً عن الإعلام. أو تصدر طبعات كتبي فتكون الطبعة الواحدة عشرون ألف نسخة وتنفد سريعاً فهذا أيضا ليس بسبب الإعلام فأنا لست مقدم برامج بل أقدمها أحياناً تحت إلحاح الناس أو انطلاقاً من شعوري بالواجب الجزئي تجاه العقلية العامة أما عملي الأول فهو الكتابة. الاحتفاء الإعلامي ليس مقتصراً على مصر وحدها وليس هو الأساس الذي أعتمد عليه في مخاطبتي للعقل الجمعي العربي. منبري الأساسي هو الكتابة وليس الإعلام”.
آراء جدليّة
وحول الردود التي أثيرت حول الكثير من آرائه الجدلية التي طرحها في برنامجه (متواليات) مثل ما يخص عام الفيل والمسجد الأقصى ومراجعته لها، تحدث زيدان قائلاً:
“يسعدني الاشتباك الفكري معي سلباً أو إيجاباً فالمهم أن تحدث الحركة. لكن بعض القضايا واضحة البطلان مثل قضية المسجد الأقصى. وبعيداً عن الأخذ والرد والحجج فإن هذا المسجد لم يكن قد بُني بعد حينما أسري بالنبي من مكة إلى فلسطين المعاصرة. بناء هذا المسجد بدأ سنة 72 هجرية أي بعد وفاة النبي بستة عقود. القول بان الإسراء كان من مكة إلى فلسطين هو خبل. قلت فيما كتبت في كتاب شجون عربية أن المقصود بحادثة الإسراء قد يكون موسى وليس النبي محمد خصوصاً وأن سورة الإسراء، التي وجدتها في المخطوطات القديمة باسم إسرائيل، تبدأ بالآية التي تقول {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا العظمى وَآتَيْنَا مُوسَى البينات…..} (الآية هنا كما ذكرها الدكتور يوسف زيدان) فالأرجح أن يكون الكلام عن موسى. فإن كانت الإشارة عن نبينا محمد فالأرجح أن تكون الإشارة إلى المسجد الأدنى والمسجد الأقصى على طريق الطائف في المنطقة المسماة بالجعرّانة. هم تركوا هذا الكلام والتقطوا فيديو لأستاذ يهودي أو إسرائيلي لا أعرفه وقالوا إنني أردد كلام اليهود. أولاً كلامي هذا مذكور في كتبي من قبل أن نسمع بهذا الرجل ثم زيفت الجماعات الدينية (المحترمة) الأمر وعملوا صفحة مزيفة لوزير خارجية إسرائيل ووضعوا عن لسانه مدحاً فيّ ونشروه وتداولوه بشكل صور والرجل لم يسمع بي أصلاً ولا يعرفني ولا أعرفه. ولكن هؤلاء المتسفلين والسافلين يكذبون ويزيفون الوقائع لضعف حجتهم. أنا أطرح فكرة ومستعد للتخلي عنها أو تعديلها أو تطويرها إن وجدت تصويباً. أما في المطلق هكذا من باب هيا إلى المسجد الأقصى مسرى النبي فهذه خرافات. الإسراء أمر ثابت دينياً في سورة إسرائيل أو الإسراء ولم أنكره. أما المعراج المزعوم والمأخوذ غالباً من التراث الزرادشتي في الزمن الأموي فهم يحتجون عليه بما ورد في سورة النجم وهذه السورة لم تقل أبداً أن النبي صعد إلى السماء وهذه إسرائيليات أو أمويات دست علينا وتقادم عهدها فظننا أنه اليقين”.
بناء المفاهيم
وحول اشتغاله على إعادة بناء المفاهيم وفق أسس صحيحة سواء في اللغة، أو في التاريخ، ومدى نجاحه في هذا الأمر، تحدث قائلاً:
“أرى في أحيان كثيرة نتائج إيجابية مرضية جداً وفي أحيان أخرى أرى الصدى أضعف من الصوت. لكني لا أقدّم ما أقدمه مستشرفا نتيجة ما، بل أؤدي ما يجب عليّ. زرقاء اليمامة عندما اخبرت قومها أن الشجيرات تتقدم إليهم وكذبوها كما في القصة المشهورة، لم تكن تبحث عن رضاهم بل كانت تخبرهم بما تراه صحيحاً. وأنا كذلك أخبر بما أراه منطقياً وعقلانياً وصحيحاً ولا أترقب مدحاً ولا ذماً. لو جلسنا نشتغل وننتظر النتيجة فقد تأتي بعد سنة أو بعد مائة سنة. ابن النفيس كان يقول (لو لم أعلم أن تصانيفي تبقى بعدي عشرة آلاف سنة ما كتبتها). وابن سينا أيضاً كان يموت ببطء في السنوات العشر الأخيرة من حياته لكنه ظل يكتب بغزارة. هؤلاء هم علامات الطريق عندي وليس استحسان الناس أو غضبهم بل أدعوهم إلى التفكير وإعادة بناء التصورات الأساسية والمفاهيم الكلية. الأمة العربية لا ينقصها أشخاصاً فالقاهرة وحدها فيها عشرون مليون إنسان ولا ينقصها المال فالثروات النفطية وغير النفطية وصلت حد السخف من كثرتها، ولا ينقصها تاريخ فلها تاريخ مجيد، ولا ينقصها لغة غنية فلها لغة غنية بالمعرفة والعلم والشعر والأدب. لكن ما الذي ينقصنا فعلاً؟ ينقصها طريقة تفكير وهذا ما أدعو إليه وليفزع الفزعون ولينزعج المنزعجون فهذا لا يعنيني في شيء”.
أحلامنا واحدة
وعن سؤال حول مقولته التي أطلقها في عمّان «أن أحلامنا واحدة ولغتنا واحدة وبالتالي على الأديب مهمة إضافية للحفاظ على اللغة باعتبارها من الروابط الباقية بعد التباين السياسي والاقتصادي والتعليمي، إذ لم يبقَ من رابط غيرها» وعن مدى تطبيقه الفعلي لها خصوصاً وأنه ما زال يقدم كل يوم طرحاً فيه الكثير من الجدل، أجاب قائلاً:
“نعم قلت هذا في عمّان وفي عُمان وفي لبنان وفي مصر وفي كل مكان. وأقضي فيه وقتي بالكامل. أنظر مثلاً ما أكتبه بشكل شبه يومي على الفيس بوك. بعض هذه الكتابات مثل فقه الحب وفقه العشق وفقه الهيام صارت كتباً عالية التوزيع. اليوم فقط أخبرني الناشر الأول لكتاب فقه الحب أن الطبعة الأولى منه وزعت اثنين وعشرين ألف نسخة. هذا الكتاب كان عبارة عن منشورات يومية أكتبها في زمن الغل الإخواني، عندما تولى الإخوان ومعهم السلفيون حكم مصر في هذه السنة التعيسة، حيث كان هناك حالة من الغل والكراهية المقيتة في الشارع المصري فكتبت فقه الحب بهذه اللغة الشعرية من أجل تذكير الإنسان بإنسانيته. كان ذلك فعلاً يومياً وليس مقولة نظرية أطرحها في عُمان أو غيرها. وأحياناً أقوم بكتابة أعمالي مرات عديدة، خصوصاً الروائية والقصصية منها، لتأتي اللغة ناصعة وواضحة. الذي فعله المتنبي ومحمود درويش والجاحظ والتوحيدي والشعراء والكتّاب العرب عبر التاريخ هو ما أفعله الآن بإعادة النصع إلى اللغة. نحن هذه اللغة وهي أفكارنا وهي وسيلة تواصلنا وطريقة حلمنا بالبعيد واستشرافنا للآتي. كل هذا يصاغ عبر المفردات وعبر اللغة لذا اهتمامي المفرط باللغة هو اهتمام واجب جداً”.
وعن سؤال للكاتب العماني يعقوب الخنبشي حول رؤيته لمستقبل الفكر العربي وهل سيكون له تأثير في التحولات الفكرية العالمية، أجاب زيدان قائلاً:
“هذا مرهون بعوامل كثيرة بعضها داخلي والآخر خارجي لأننا لا نعيش وحدنا في هذا العالم ولا إحاطة لنا بكل هذه العوامل وكيفية تفاعلها. لكن علينا أن نعمل ونكتب ونقول قولاً سديداً ونعمل العقل في الخبر وهذا ما في أيدينا ثم نأمل أن يكون الآتي أفضل من الماضي”.
اسم الوردة
وحول اتهامات سابقة بأن روايته (عزازيل) مأخوذة عن رواية( اسم الوردة) لإمبرتو إيكو، أجاب قائلاً:
“هذا كلام عبيط! لأن إمبرتو أيكو نفسه امتدح رواية (عزازيل). ومن يسوق هذا الاتهام فهو لم يقرأ لا روايتي ولا رواية (اسم الوردة)التي رواية الوردة هي رواية بوليسية تدور في الأديرة في العصور الوسطى، بينما (عزازيل) رواية فلسفية مكتوبة باللغة العربية التي أحد أبطالها الأساسيين. ولما ترجمت إلى الإيطالية قرأها إمبرتو إيكو وقال إنها رواية عظيمة وهو نفسه لم يلمح التشابه. وعندما لم تفلح هذه الحيلة بالهجوم عليّ قالوا إنها مسروقة من أديب إنكليزي كان قد كتب قصة وعظية كنسية في منتصف القرن التاسع عشر واسمها (أعداء جدد باسم قديم) أو شيء من هذا القبيل، فإذا بعزازيل تفوز بثلاث جوائز كبرى إنكليزية وكأن هؤلاء المساكين أدرى بالإنكليز من أدبهم. عزازيل رواية غير قابلة للخدش”.
بطّلوا هبل!
وعن موقفه من شخصية صلاح الدين الأيوبي وحول ما فسره البعض تجنياً على سيرة شخصية كبيرة لها حضور في الروح العربية والعقل الجمعي، تحدث قائلاً:
“ثلث كتابي (شجون تراثية) عن هذا الموضوع في بحث مفصل بالأدلة بستين إلى سبعين صفحة. المشكلة عندما يتحدث أحدهم عن صلاح الدين يتبادر إلى ذهنه (أحمد مظهر) بطل فلم الناصر صلاح الدين إنما صلاح الدين شخصية حقيرة جداً وبإمكان أي واحد تلمس هذا من تاريخه فالمسألة لن تأخذ معه أكثر من ساعة. سترى كيف أوقع هذا الرجل الأمة في أزمة حضارية وسترى كيف كان تعامله مع الذين أحسنوا إليه ابتداءً من السلطان نور الدين حيث مكر به وغالباً سمَّه وبعد ذلك قتل ابنه وتزوج امرأته. ثم ما فعله بالخليفة الفاطمي حيث سحب منه كل ما يملك إلى درجة أخذ منه حتى الحصان وغالباً هذا الخليفة انتحر بأخذه للسم. انظر كذلك ما فعله في الصعيد وفي اليمن وكيف ذبح المسيحيين في مصر وكيف حرق الأطفال والنساء في حي المنصورة القاهري وما فعله في حلب وكيف كان يتعامل مع الصليبين سراً حيث انهزم منهم مرتين وهزمهم مرة في حطين كما هو مشهور إنما لا يقال إنه انهزم منهم وتدمر جيشه بالكامل في مرتين قبل وبعد حطين. ثم تصالح معهم ومنحهم ساحل الشام كله الذي هو فلسطين ولبنان وغرب سوريا حالياً لكي يتفرغ لقتال الخليفة العباسي ثم توفى بعدها. من يشاهد الفلم لا يعرف أن صلاح الدين كان أعرج ولم يكن في جيشه مصرياً واحداً أو شامياً واحداً بل كان كلهم من المماليك الذين حكمونا بعد ذلك مدة خمسة قرون وأضاعونا. كانت أوروبا تصنع التقدم الأوروبي المعاصر بينما كنا نحن تحت همّ المماليك الذين اشتراهم صلاح الدين بأموال أجدادنا لكي يحكم. صلاح الدين ليس كردياً بل تركي وأنا قدمت للناس صورته وملابسه كواحد من الأتراك كما اشترى القبائل التركية ليكونوا جيشاً له لأنه كان خائفاً من المصريين. كما أنه حاول أن يغزو شمال العراق وفشل وأنه جبُن عن مواجهة شيخ الجبل لما وجد الرسالة إلى جانب سريره وهو نائم. وبالنسبة للفلم لا أقول إن يوسف شاهين ضللنا بل جمال عبد الناصر هو من ضللنا. يوسف شاهين وأحمد مظهر كانا يكرهان هذا الفلم وآسيا المنتجة لهذا الفلم أخذت ستين ألفاً من حكومة الضباط الأحرار جداً لتنتج هذا الفلم وتكذب على الناس. حتى نجيب محفوظ أكد إنه لم يكتب الفلم. حتى ريتشارد قلب الأسد الذي ظهرت شخصيته في الفلم كانت مغايرة للواقع فهو أسوأ حاكم في تاريخ إنكلترا بشهادة الإنكليز أنفسهم وكان شاذاً جنسياً. أول ما نزل عكا سأل إن كان هناك أسرى من المسلمين فأخبروه بوجود ثلاثة آلاف وسبعمائة أسير فأمر بإخراجهم جميعاً إلى الساحل ليذبحوا صبراً أي بسكين غير حادة لكن الفلم لم يتناول هذه الواقعة لأنه فلم كذب. وأنا أقول للناس المكذوب عليهم فكروا و(بطلوا هبل)”.
وفي نهاية اللقاء أعرب الدكتور يوسف زيدان عن سعادته بهذا اللقاء معرباً عن أمله بتجدده في المستقبل. بالإمكان مشاهدة الأمسية كاملة عبر الرابط https://youtu.be/XSEV9cklImY