16 نوفمبر، 2024 9:47 م
Search
Close this search box.

تيمات المسرح الحربي قبيل الحرب العراقية ـ الايرانية

تيمات المسرح الحربي قبيل الحرب العراقية ـ الايرانية

إعداد/ / محمد بناية
باحث متخصص في الشأن الإيراني

تيمات المسرح الحربي قبيل الحرب

لم تكد إيران تخرج من الأزمات التي تمخضت عنها الثورة الإسلامية، حتى دخلت في دوامة الحرب العراقية- الإيرانية، بالشكل الذي وضع البلاد في ظروف استثنائية يستحيل معها اتخاذ مواقف مضادة للنظام أو الحرب. وكان على الأدباء والفنانين آنذاك القيام بالدور الرئيسي في تحفيز المواطنين على النزوح إلى الجبهة والقتال ضد العراق، ولذا فقد غالب على الإنتاج الأدبي والفني في تلك الفترة الرؤية التحفيزية ومدح الشهادة واستدعاء الملاحم القومية والدينية وتصوير مشاهد المدن المدمرة جراء القصف، في حين لم يجرؤ أحد على النداء بوقف الحرب أو على الأقل ذم الحرب وما يترتب عليها من ضحايا بدنية ومادية. وبناءً عليه فقد واكب الأدباء والفنانين الإيرانيين-عن وعي أو بدون- وسواء كانوا من المؤيدين أو المعارضين للنظام، التيارُ الذي استوعب واستغرق إيران برمتها.

فلقد كانت “معظم النصوص المسرحية التي كُتبت طوال سنوات الحرب الثمانية (1980-1988م) تنوء بأحمال من الدعاية المفرطة اتباعًا للأوضاع السائدة آنذاك، والتي يمكن بالطبع إدراجها تحت بند الطبيعي نظرًا لضروريات المرحلة. آنذاك، الكثير من الآثار تحمل، إلى جانب تحفيز الشعب للمشاركة في ساحات القتال، رسالة معنوية وداعمة للمقاتلين في ميادين الحرب”.([1]) وسنحاول فيما يلي حصر موضوعات الأعمال الأدبية التي واكبت اندلاع الحرب العراقية- الإيرانية على النحو التالي:

1-الإثارة والتحفيز

“كان الكثير من الأعمال الفنية والمسرحية منها بوجه خاص يهدف –خلال فترة الحرب العراقية الإيرانية – إلى الدعاية وتنبيه أفراد المجتمع. وكانت هذه المسرحيات ملحمية وسعت إلى تعريف المجتمع بموضوع الحرب أكثر من ذي قبل، وتحفيز جيل الشباب ونشطاء المجتمع على التوجه صوب الجبهة… لقد كان المهم نقل الموضوع وتحريك المشاعر الإنسانية. وعليه فقد كان لهذه المسرحيات هدفان رئيسيان، الأول: تحفيز أصحاب المقدرة والاستعداد والقتال ضد العدو، والثاني: تقوية العامل الروحي للمقاتلين. لكن الميزة الأساسية لمسرحيات فترة الحرب هي أن معظم هذه المسرحيات كان يتسم بالطابع الدعوي. بمعنى أن تعمل جميع عناصر وأجزاء العرض لخدمة هدف معين وهو الدعاية لمشاركة معظم الشعب في النظال ضد المعتدي. ولا شك أنها كانت نظرة طبيعية في ظل هذه الظروف والأوضاع”.([2]) من ذلك يمكن الإشارة إلى عرض “شگرد آخر- منتهى المهارة” من تمثيل انوشيروان ارجمند” ورغم أنها كانت أقل زخمًا من المظلوم الخامس، إلا أنها تتحرك في نفس المسار. وفيها تمتزج الرواية والراوي في الزورخانه([3]) مع جبهات الحرب. وقد استفاد انوشيروان ارجمند من الترابط والتلاحم الموجود بين الزورخانه باعتبارها رمزًا لألعاب القوة من جانب، واستمرار هذه الفتوة في ميادين الحرب من جانب آخر في إبداع عمل مسرحي يحظى بالاهتمام. إن نقل مشهد الزورخانه إلى ميادين الحرب يشكل استمرارًا للحركة الإبداعية والطريقة الرياضية في إيران”.([4])

 

 2- استحضار ذكرى عاشوراء

“الحديث عن قدوة العشق والفداء والاستشهاد وأساطير الشباب، والحديث عن الرجال أصحاب الحلل الخضراء (في فصول العشق الثمانية) التي كانت موجودة على كل شبر من هذه البلاد، إنما تُصقلهم كربلاء، وإلى الآن فإن ذكراهم الخضراء تهب كنسيم الجنة على أنوف أرواحنا، لا تصيبهم الحسرة مثلي أنا المتخلف عن قافلة الشهادة الحمراء”.([5]) ويمكن ملاحظة ذلك من خلال أسماء عدد من العروض التي قُدمت أثناء الحرب مثل عاشوراء الثانية، للمؤلف علي أکبر محلوجيان، والمخرج مهدي مهماني، والتي عُرضت عام 1983م بالقاعة رقم 2 بمسرح المدينة مدة خمسة عشر يومًا. وعاشوراء أخرى في كربلائنا، تمثيل مجتبي شريعت پناهي عُرضت عام 1982م في متحف الفنون المعاصرة. كما حملت بعض الجيوش واللواءات والكتائب اسم الإمام الحسين عليه السلام وأتباعه مثل: مثل جيش سيد الشهداء، وجيش 25 كربلاء، وجيش 31 عاشوراء، وجيش ثأر الله، وجيش أنصار الحسين عليه السلام، وجيش 14 الإمام الحسين، ولواء 44 قمر بني هاشم، ولواء 57 أبو الفضل، ولواء 61 محرم، وغير ذلك. هذا إلى جانب أسماء بعض الخنادق والحسينيات مثل حسينية عشاق كربلاء، وحسينية أبو الفضل. كما حملت اللافتات على طول الطرق والشوارع عبارات تحكي هدف المقاتلين مثل هيهات منا الذلة، يا ثأر الله، ومقاتلون طالما ننبض بالحياة، وهل من ناصر ينصرني؟ وإني سلم لمن سالمكم وحرب لمن حاربكم، وفي الطريق إلى كربلاء وغيرها. وتقدم “مسرحية “ناميرا- ناميرا” وإن كانت من ناحية النص قد وقعت في نوع من الهتاف المفرط، إلا أن تمثيل نعمت الله داريان للنص، وضعنا أمام رواية جذابة عن النضال ضد العدو. حيث استخدم تركيب التعزية والحرب المفروضة واستمرار حضور المجاهدين في مشاهد الحرب للتعبير عن استمرار طريق الحسين (عليه السلام) وأنصاره في كربلاء”.([6])

 

3- الإشادة بالملاحم والبطولات القومية والمذهبية

“أدب المقاومة والصمود ينبع من جوهر وذات الثقافة الشيعية. إذ يمثل أبا عبد الله الحسين في الإسلام رمز المقاومة والصمود ضد الظلم والكفر والشرك والباطل. وما عاشوراء وكربلاء إلا أساطير صالحة لكل العصور والأجيال. وعليه فإن لأدب المقاومة أيضاً جذور في كربلاء وعاشوراء”.([7]) ومن ذلك “دمج الرموز الوطنية مثل كاوه، وسياوش، ودرفش، والبرز، وخزر، وديو، واهريمن وغيرهم، مع الرموز المذهبية والدينية ورموز الثقافة الإسلامية مثل عاشوراء، وكربلاء، وذو الفقار، وبدر وغيرها”.([8]) وفي هذا الصدد يمكن الإشارة إلى مسرحية “خانات- منزل القوافل على الطريق” من تأليف وإخراج رضا صابري، وعرضت للمرة الأولى على القاعة الرئيسية لمسرح المدينة عام 1982م. وتستعرض ظلم وقهر الـ “خان ها- الأعيان”([9]) في العهد القاجاري ضد القرويين الإيرانيين. كما يشكّل “عرض “آب، باد، خاك- الماء والريح والأرض” من تمثيل سلمان فارسي صالحزهي مزجًا في غاية الجاذبية من الآداب والتقاليد الإيرانية ومزج هذه الآداب والتقاليد ونقلها إلى ميدان الحرب. مسرحية الماء والريح والأرض هي عرض مسرحي رمزي، حيث عرض الكاتب والمخرج كافة عناصر المسرحية بشكل صريح عبر مزج الرموز والتقاليد الإيرانية وإحلالها محل الرموز والتقاليد إبان الحرب العراقية- الإيرانية”.([10])

 

4- مدح الشهادة والفداء

من هذا المنطلق يمكن القول “إن أدب المقاومة مظهر بطولي من الفن والأدب المنتظر. وما فلسفة سنوات الحرب الثمانية لأمتنا إلا دليلاً على صحة ادعاء أننا بقدوتنا سيد الشهداء أبا عبد الله الحسين لا نظلم ولا نُظلم، وأن الفصول الثمانية للعشق والإيمان والاعتقاد الراسخ في شرعية هذا الطريق النوراني كانت سر ورمز الصمود والاستقامة المضيئة (عاشوراء الرجال) في هذه البقعة طوال الفصول الثمانية. صمدنا حتى نعلم المستضعفين في العالم وليس القوى الديكتاتورية والشيطانية معاني الجرأة والشهامة. صمدنا حتى نعلم البشر أن الحرية جوهر نقي والسبيل الوحيد للحصول عليها هو التضحية بالنفس. صمدنا وفي أفران الحرب بكينا ليحيا أبناؤنا أحرارًا وإشعال النيران بمصباح الإيمان الليلي في خيم الكفر والظلام بأنحاء المعمورة.”([11]) وفي ذلك يمكن الإشارة إلى مسرحية “حماسه سازان- صانعوا الملاحم” والتي شاركت للمرة الأولى في مهرجان مسرح السابع عشر من شهريور بمدينة تبريز عام 1983م. كما حملت إحدى دورات هذا المهرجان عنوان “گل چهرگان بسيج- الوجوه الزاهرة للتعبئة الشعبية” إحياءً لذكرى الطفل الشهيد محمد فهميده، هذا الطفل البالغ من العمر 13 عامًا، وكان قد ألقى بنفسه مع قنبلته اليدوية تحت دبابة عراقية. وسوف نعرض لحياة الشهيد محمد فهميده عند الحديث عن مسرحية “نخل و كوسه- النخل وسمك الكوسج” بالباب الثاني من الدراسة.

 

 

 

5- تصوير مشاهد الحرب

من المناظر المؤثرة في جذب المقاتلين إلى ساحة القتال، تقديم صورة عن الدمار الذي خلفته الحرب وأوضاع المتضررين من هذه الحرب. ويكفيك أن ترى النساء النازحات عن المناطق الحدودية جراء الحرب، وهن يحملن كل ما استطعن من متاعهن على رؤوسهن، في طريقهن إلى ملاذ آمن يقيهم نيران الحرب. يكفيك أن ترى الآباء يحملون آباءهم كبار السن أو أبناءهم الصغار على أكتافهم، ويعبرون بهم رمال الصحراء والقفار. يكفيك أن ترى مدنًا وقرى وقد سويت تمامًا بالأرض بحيث لم يعد يبقى لها أي أثر. من شأن هذه المشاهد وغيرها أن تلهب حماس الشباب على الانضمام إلى المقاتلين على الخطوط الأمامية للجبهة دفاعًا عن الأهل والولد. ولقد لعبت ذكريات المقاتلين دورًا بارزًا في هذا الصدد، لأن الكاتب في هذا النوع من الكتابة يعرض للوقائع التي كان قد شاهدها بعينه.

 

6- الوعد بالنصر

مما لا شك فيه أن أحد أهم الموضوعات التي تناولتها العروض إبان الحرب هو الوعد الإلهي بالنصر، خاصة بعد إضفاء النظام الإيراني صبغة الدفاع عن الإسلام ومواجهة الكفر على هذه الحرب، يهدف بذلك إلى محاولة بث الأمل في نفوس الجماهير، خاصة مع طول فترة الحرب، وتسرب اليأس إلى نفوس المتضررين من الحرب. فكان الرئيس العراقي الراحل صدام حسين من منظور القيادة الإيرانية، يهاجم نيابة عن وبتأييد من الولايات المتحدة الأمريكية لمواجهة الثورة الإسلامية والإطاحة بالجمهورية الإسلامية. ولأن حرب العراق على إيران، هي حرب الكفر ضد الإسلام – من المنظور الإيراني- لذا فالحفاظ على الجمهورية الإسلامية والثورة الإسلامية هو بمثابة حفاظ للإسلام. فكانت دوافع الرئيس العراقي صدام حسين – بحسب الإمام الخميني- قمع الإسلام لصالح القوى الكبرى، بينما دافع الأمة والقوات المسلحة الإيرانية هو دفاع عن الإسلام والقرآن الكريم لصالح الشعوب الإسلامية والمستضعفين في العالم. وبالتالي فإن هزيمة الجمهورية الإسلامية في الحرب إنما يعتبر بمثابة هزيمة للإسلام الثوري. لكن الله وعد في كتابه العزيز بالنصر كل من يزود عن الإسلام بنفسه وماله، ويضحي في سبيل رفع كلمة “لا إله إلا الله” بالغالي والنفيس، فقال تعالى ولم يزل قائلاً: “ولينصرن الله من ينصره”. وبالتالي فلابد وأن ينتصر الطرف الذي يزود عن الإسلام والمسلمين والجمهورية الإسلامية باعتبارها محور ومركز العالم الإسلامي. وقد سبق وأن عرضنا لنماذج من أعمال تلك الفترة أثناء الحديث عن المسرح خلف الجبهة والعروض الاحترافية أثناء الحرب. ويرى الباحث أن هذه المضامين مستوحاة بشكل عام من خطابات وبيانات الإمام الخميني في المواقف المختلفة.

 

7- تقديم صور من حياة المقاتلين على الجبهة

من الطبيعي في تلك الفترة تقديم صور من حياة المقاتلين على الجبهة. وتناول أسئلة على شاكلة كيف يقضي المقاتلون أوقاتهم على الجبهة؟ وما هي طقوسهم في المناسبات الدينية مثل رمضان والأعياد؟ ومحاولة إضفاء أجواء روحانية على تعاملات المقاتلين مع بعضهم البعض، وربط الحرب مع العراق بواقعة كربلاء، وتصوير الإيثار والتخلي عن الأنا وتقديم الآخرين على النفس. على سبيل المثال كانت احتفالات الجنود بالنيروز وتقليد “سفره هفت سين”([12]) على الجبهة عبارة عن “اللغم الوثاب، ولغم V.S 2.2 المضاد للدبابات، وسك غير مرئي يربط بين لغمين، وكماشة، وأسلاك شائكة، سُنكي، ومتفجرات سي-4، وبندقية قنص”. أما إذا حل النيروز بعد انتهاء العمليات، فكانت صور شهداء العمليات تزين المائدة، مع تعليق الأعلام الحمراء على مواسير البنادق، مع قراءة وصايا أو تشغيل شريط صوت المقاتلين قبيل الشهادة، مع ترك مكان الشهداء والمفقودين على المائدة خاليًا”.([13]) وكنا قد تحدثنا عن مسرحية “المظلوم الخامس” وكيف أن الكاتب أراد تقديم لمحات من حياة المقاتلين على الجبهة، وقد سبقت الإشارة إليها.([14])

8- تسليط الضوء على ملاحم المقاتلين

إن تسليط الضوء على بطولات المقاتلين الإيرانيين إبان الحرب العراقية- الإيرانية؛ من شأنه جذب المئات للقتال على الجبهة وتخليد أسمائهم في الذاكرة الحربية الإيرانية. وتهدف مسرحية “الأم خضيره” إلى تسليط الضوء وتخليد بطولات المقاتلين الإيرانيين في جبهات القتال ودفاعهم عن الأرض والوطن وإحياء ذكراهم.

 

تيمات المسرح الحربي أثناء الحرب

بعد انتهاء الحرب وإقرار وقف إطلاق النار، بدا المناخ والظروف مهيأة للنظر بطريقة أخرى ومختلفة للحرب بعيدًا عن الجوانب الدعائية والمحفزة، وإن لم تخلُ مسرحيات ما بعد الحرب من مضامين التحفيز والإشادة بالملاحم والبطولات، إلى غير ذلك من المضامين التي قامت عليها مسرحيات الحرب خلال سنوات الحرب الثمانية. “وطبقًا للتقارير والأبحاث الميدانية والمكتبات في طهران، فقد تم تقديم 137 مسرحية تتعلق بالثورة والحرب بعد انتهاء الحرب. معظم المسرحيات قُدمت في مسرح المدينة (55 عرض) ومسرح مولوي (33 عرض) والحوزة الفنية (16 عرض)”.([15]) وقد حاول سيد حسين فدايي حسين تتبع هذه المضامين في أكثر من مقالة([16]) من خلال آثار “مسابقة الكتابة ومهرجان الدفاع المقدس”، والرجوع إلى أذهان العاملين في مثل هذا النوع من العروض أو المهتمين بالمسرح. ولقد أوردت هذه المقالات بتصرف مع تزيلها بالنماذج على النحو التالي:

1- روايات الإيثار والمقاومة والاستشهاد (نظرة تاريخية وثائقية للحرب)

حظيت مضامين الإيثار والمقاومة والاستشهاد (النظرة التاريخية الوثائقية للحرب) بعد الحرب بإقبال يغاير موضوع التحفيز والتهييج. بدليل وجود مثل هذه الرؤية في دورات “مسابقة الكتابة ومهرجان الدفاع المقدس” بالكامل. من ذلك مسرحيات “ترانه‌ خاكستر- أغنية الرماد” للكاتب رامين‌ محرابي، و”چهار خاطره از جنگ- أربع ذكريات عن الحرب” للمؤلف مسعود سميعي:

التلميذ: من المقرر أن أتحدث حول الحرب. الحرب تعني تدمير البيوت والشوارع والمدارس. الحرب تعني تغيير أسماء الأزقة وإطلاق أسماء شهداء الحرب عليها، الحرب يعني أن الشخص لن يريد إغلاق المدارس مرة أخرى. الحرب يعني صقل الأزقة الضيقة التي لو أراد المحافظ تحويلها إلى شوارع لاستغرق الأمر عدة أشهر. الحرب يعني ألا تخلع أمي ملابسها السوداء فترة طويلة، لقد فقدت أمي عشرة أشخاص من أسرتها وأنا وخالتي وابنتها وابنها وجدتي التي كنت أقول لها يا أمي. لقد ماتوا جميعهم ذات ليلة بصاروخ. وفهمت صباحًا. عندما ذهبت لمحل إقامتهم ورأيت منزلهم بات والأرض سواء. جميعهم كانوا ضيوفًا على الجدة. ولقد كان المنزل والأرض سواء لدرجة أني لم أفهم أين هو. وأبي أيضًا كذلك، فعندما تم قصف سوقه كان باب دكانه الذي كان يأمرني دائمًا بإحكام إغلاقه قد تلاشى تمامًا، وقد قُذفت كل بضائع الدكان إلى الخارج. ولم يعد لأبي قلب وعقل للذهاب للعمل، وكان يجلس في المنزل ويستمع إلى الراديو. وعندما يتم إطلاق صوت الإنذار الأحمر. كان لونه يُخطف ويحملنا إلى المخبأ تحت الأعمدة.([17])

من النماذج الأخرى كذلك مسرحية “ماه‌ گرفتگي- خسوف القمر” من أعمال مسعود صباح، و”نسيم‌ حضور- نسمة الحضور” من تأليف نادر برهاني‌مرند، و”سقوط‌ سايه‌ها- سقوط الظلال” للكاتب عبدالحي‌ شماسي، و”خاكستري‌ چون‌ دود- رماد مثل الدخان” للمؤلف نجات‌ ميرزايي‌ والتي قُدمت جميعها في الدورات الأولى من “مسابقة الكتابة ومهرجان الدفاع المقدس 1993-1994م”، ومسرحيات  “تكرا” للكاتب‌ محمود نقيبيان، و”شب‌ وبچه‌ها- الليل والأطفال” للمؤلف‌ محسن‌ گودرزي، و”شبهاي‌ حرم- أمسيات الحرم” للكاتب‌ محمد مهدي‌ خاتمي، و”قصر شيرين” من تأليف‌ حسين‌ شمس، و”خاطرات‌ روزگار از دست‌ رفته- ذكريات الأيام الضائعة” للكاتب‌ أسد الله‌ أسدي، و”ستاره- النجمة” للمؤلف‌ عبد الرضا سواعدي التي قُدمت في الدورة العاشرة لمهرجان الدفاع المقدس عام 2003م، وهي تحمل كلها نظرة وثائقية لفترة للحرب وتستعرض ملامح إيثار المقاتلين وحرصهم على الاستشهاد في تلك الفترة.‌

2- المهجّرون والقضايا المتعلقة بمخيمات اللاجئين

اهتم الكُتّاب بموضوعات التهجير والمهجّرين أكثر من اهتمامهم بالموضوعات المرتبطة بهذا الموضوع كأوضاع مخيمات اللاجئين. ولعل السبب يعود إلى موقع ومحل الحدث. فالهجرة تحدث في ظل أجواء مشحونة بالصراع الحربي، وعادة ما يكون الصراع بين المؤيدين والمعارضين للهجرة وإخلاء الوطن، وهو ما يجعل العمل جذابًا ويمنح الدراما شكلاً. لكننا لا نكاد نجد في المحدودة التي تناقش قضايا معسكرات اللاجئين، وبسبب انعدام عوامل الدراما اللازمة، عملاً جديرًا بالملاحظة. وكنماذج على مسرحيات تناقش موضوع الهجرة وإخلاء الوطن يمكن الإشارة إلى “نخل‌ وكوسه- النخل وسمك القرش”‌ للمؤلف‌ ناصح‌ كامكاري:

نگار: لا يمكنني أن أبرح مكاني بدون هذا البساط السحري.

بشير: أيهما أهم البساط أم روحك؟ أسرعي يا أختي. لقد وعدت الأولاد.

نگار: أيمكنك ألا تخبر أحدًا أني بقيت بالمدينة؟

بشير: هل أنا مجنون؟ بعد ذلك لن يقول الأولاد: عجبًا يكف تكون رجلاً غيورًا إذا لم ترسل أختك للذهاب؟

نگار: أنا قلبي هنا يا بشير، لا يمكنني أن أذهب.

بشير: لا تعاندي يا نگار! فقد ذهب الجميع. الباقون في المدينة بعض الشباب ومائتان إلى ثلاثمائة من القوات. الوحيد المتبقي في هذا الحي من الشارع هو بائع السجائر المسن.

نگار: لكن ألا يزال هناك شخص باقي في المدينة!؟([18])

ومسرحية “گل‌ شيپوري- زهرة النوار” للكاتب‌ محمدرضا عباسي‌امجد في الفترة من (1993-1994م) و”يك‌ شب‌ تا صبح- ليلة حتى الصباح” من تأليف‌ سعيد بهروزي، و”الأمرد” من أعمال احمد مرادي، و”چرخ‌ چوبي‌ بهانه‌گير- العجلة الخشبية ذات الحجج” للمؤلف‌ فرزاد صفدري‌، و”روي‌ صحنه- على المسرح” للكاتب‌ حسين‌ مختاري. ومن المسرحيات التي تتعرض لأوضاع معسكرات اللاجئين يُشار إلى مسرحية “شكسته بخوان- اقرأ متضرعاً” للمؤلف علي‌ رويين‌تن‌.

ولم يقتصر الوضع على الهجرة الداخلية فقط وإنما “دفعت الحرب بعض الأسر للهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية ولندن وباريس وتركيا وباكستان، خوفًا من التجنيد الإجباري لأفراد الأسرة”.([19]) وقد استلهم الكاتب محمد يعقوبي فكرة مسرحية (رقص كاغذپاره ها- رقص قصاصات الورق) من مسألة الهجرة الخارجية. فالمسرحية تتناول قصة واقعية لحياة عدد من الأسر المسرحية في أزمنة مختلفة، ولكن يجمعها مكان واحد بعد أن شردتهم الحرب.

جاويد: ليحفظ الله الجميع. ليحفظ الله الأصدقاء. أنا مسافر.

رجل: أين؟ أنت موقوف.

جاويد: دعني أذهب وسأعطيك كل ما في جيبي من أموال.

رجل: ارتكبت جريمة. أنا مكلف ومعذور. هل تعلم كم أمضيت من الوقت في تعقبك؟

جاويد: مهما أُعطيك من أموال وتجاهلني. دعني أذهب.

رجل: أينما تذهب، أنا لا، سيجدك شخص آخر. آخ إلى أين تذهب؟

جاويد: أريد أن باتحاه هذا الماء، إلى أفريقيا. أريد أن أذهب إلى أفريقيا.

رجل: أي دولة؟

جاويد: فرانسا، فرنسا هي المحببة لدى من بين الدول الأفريقية.

رجل: كيف تريد أن تذهب؟

جاويد: لا أستطيع القول.

رجل: نحن نعرف كل شيء. أنت تريد أن تذهب باتجاه الماء، إلى فرنسا. ودفعت كل المال ليخفونك بداخل سفينة ميرزا كوچك خان ويحملونك باتجاه الماء. كنت قد زرت فرنسا، وعاصمتها دمشق جميلة جداً. لكن أقول لماذا لا تذهب إلى أستراليا.([20])

3- انتهاء الحرب ورفض الأوضاع (حسرة الفئة الباقية من الحرب)

موضوع انتهاء الحرب وعدم قبول الأوضاع الجديدة، وكذا السير في الذكريات الجميلة عن الحرب يعتبر موضوعًا خاصًا بأوضاع حربنا ومقاتلي الدفاع المقدس. لأن الحرب وأوضاعها من المنظور العام منفرة ولا يمكن تحملها. لكن الأوضاع والعلاقات والتقاليد المختلفة التي شاعت على الجبهة طوال فترة الحرب تمخضت عن نوع من الثقافة المؤثرة والمحببة، لم تجعل مناخ الحرب الصاخب قابلاً للتحمل فقط، وإنما دفعت البعض إلى الهوس بالمشاركة في مثل هذا المواقف. لدرجة أن بعض المقاتلين لم يكن مستعدًا للبعد عن الجبهة ولو لفترة قصيرة والعودة إلى حياة المدينة. والبعض الآخر ممن اضطر إلى النزوح عن الجبهة والعودة إلى المدينة، كانت قلوبهم متيمة بغرام الجبهة. وعليه فقد كان من الطبيعي في ظل هذه الظروف، أن تتداخل مشاعر مثل هؤلاء الأفراد بانتهاء الحرب، فوقعوا أسرى الندم والحسرة على أيام الحرب المشرقة. ويبدو من الطبيعي والمنطقي أيضًا اهتمام كتاب مسرحيات الحرب بمثل هذا الموضوع، فكانت معظم الأعمال التي تتناول هذا الموضوع، تلحظ نوعًا من الروحانية والتفاؤل وأحيانًا حربية في الشخصيات الرئيسية لا يدركها إلا المخاطبون الذين اطلعوا على جو الجبهة. وهذا الأمر يعتبر نوعًا من الضعف في مثل هذه الأعمال، لأن المقصود بمثل هذا النوع من العروض محدود. من بين هذه الأعمال مسرحية “بوي‌ خوش‌ جنگ- رائحة الحرب الطيبة” للكاتب عبد الرضا حياتي:

(كل شيء مظلم في البداية)

صوت محسن: افتحي النفاذة يا أمي حتى يتجدد الهواء

صوت الأم: أي هواء يتجدد يا ماما؟! أنا التي لا يهدأ بالها من أعمالك. كل شيء هنا مرتبك. (تفتح الأم النافذة يدخل الضوء إلى المسرح. تظهر في هذه الجهة نافذة المسجد الجامع بمدينة المحمرة. تملأ الورود الحمراء ما حول النافذة وحتى داخل المسرح، تمنح المسرح نضارة خاصة).

محسن: (للأم) تعالي انظري يا أمي! مدى جمال مآذن المسجد الجامع من هنا (ينظر إلى الورود ويمسح عليها بيده ويشمها) ما نوع العطر الذي يملأ المكان هنا؟!

الأم: (عابسة) أنت في حالة غير جيدة. المكان هنا ليس أكثر من خراب. أنت ترى بنفسك. سحبتني أنا المهووسة بالشيخوخة ورائك لأجل ماذا؟!

محسن: أنت تعلمين جيدًا، أنني كنت أتمزق في الغربة يا أمي! لطالما كان قلبي هنا والله، لا تجزعي سأفعل لأجلك بأي طريقة.

الأم: آخ عليك أن تفكر فيّ. فأنا التي لا أستطيع الاستمرار في تتبعك هنا وهناك.

محسن: أنت تعِبة اليوم. لأجلك أعطي الحق. استريحي إلى أن تستردي نشاطك.

(وجهه للنافذة) تعالي يا أمي شاهدي الحياة من هذه النافذة. هل تصدقين أننا نتنفس في منزلنا؟

الأم: (حزينة) ليتك لم تتعجل بهذا القدر! وتركتنا نصنعه بأنفسنا، الآن…

محسن: (عصبي) متى؟ كم سنة أخرى؟ (يدور في المسرح) أنا متعلق بهذا المكان. (وجهه للنافذة) بهذه الأزقة (في كراهية) بهذا المسجد. (سكون) كنت أضيع في الغربة تدريجياً.([21])

وكذا مسرحية “آواز پر جبرئيل- صوت جناح جبريل ” ومسرحية “عاشق‌ترين‌ روزگار- أكثر عشاق العصر” للمؤلف‌ “سعيد تشكرى”، ومسرحية “آنسويى روياهاى‌ من- الجانب الآخر من أحلامي” من أعمال‌ محمد رضا آريانفر، ومعظم هذه الأعمال قُدم في الدورات الأولى من مهرجان مسرح الدفاع المقدس 1994-1995م.

4- الأعراض الجانبية للحرب (الأعمال المناهضة للحرب)

الأعراض الجانبية السلبية للحرب من جملة الموضوعات المحببة والجذابة، وتكتظ بالمواقف الدرامية التي تم الالتفات إليها منذ أول دورة لمسابقة الكتابة المسرحية، ومهرجان مسرح الدفاع المقدس. وقد تمخضت هذه الرؤية عن مواقع وأحداث درامية جذابة، بسبب الجوانب الاعتراضية على الآثار السلبية للحرب وخلق التضاد والصراع المناسب في العمل، والتي كانت محط اهتمام الكتّاب وكذا محط قبول المتلقي. في السياق ذاته كان اهتمام وتحفيز المسئولين عن المهرجان والهيئات المنتخبة في التعاطي مع هذه الأعمال مؤثرًا. على سبيل المثال لا يمكن عدم تصور تأثير الاهتمام المبالغ فيه تجاه مسرحية “با من مثل دريا- معي مثل البحر” للكاتب محمد جواد كاسه‌ ساز التي قُدمت في أول دورة لمهرجان مسرح الدفاع المقدس عام 1994م، على رؤية جميع كُتّاب المسرحيات في الدورات التالية في تعاطيهم مع مثل هذا الموضوع. في مسرحية “با من مثل دريا” زوجة أمير، والمقاتل الذي أُصيب بالاكتئاب والذهان منذ الحرب بسبب مشاكل أمير النفسية، ثم تتركه في البداية وتتركه ليبقي وحده، لكنها تعود بعد فترة في شكل ملاك أبيض وتتعلق بأمير على الدوام:

افسانه: الآن بدا أني أعذبك يا أمير- أريد أن أدعك ترتاح. سأذهب من هنا. لقد دمرت كل الكباري من خلفي للوصول إليك، لكن الآن لم أعد تعبة. منك، من نفسي، من حياتي. (ترفع افسانه الإيشارب عن الشماعة. حتى تضعه داخل الحقيبة. لكنها تتخلى عن فعلها بنظرة إلى أمير. تضع الحقيبة بجوار الباب)

افسانه: أمير! أتمنى أن تتحسن يومًا ما.

أمير: انتظري دقيقة. (أمير ومعه غصن ورد يتجه ناحية افسانه)

أمير: هل تعديني أن تتذكري؟ عديني أن تكوني معي كالبحر.

افسانه: أخاف من البحر مذ كنت طفلة. وما كنت قد ذهبت إلى البحر حتى ذاك الحين. بل إني ما رأيت الشاطئ، وعندما كانوا يقولون: نريد الذهاب إلى البحر، كنت أخاف. أخاف ألا أغرق في البحر.

أمير: البحر لطيف.

افسانه: أخاف من أمواج البحر. أخاف أيضًا من نفسي.

أمير: سنطير، كطائرين.

افسانه: لا أفهم يا أمير.

أمير: أطلبي كي تفهمي.

افسانه: صعب.

أمير: ابقي.

افسانه: ادعِ لأجلي.

أمير: افتحي النافذة يا افسانه!

افسانه: أنا أريد، لكن… (تخرج افسانه من الغرفة، يذهب أمير باتجاه النافذة. يحتضن النافذة ويبكي، ثم يخرج من حقيبة الظهر بلوفر أبيض اللون).([22])

ومن المسرحيات الأخرى التي عالجت مثل هذا الموضوع، يمكن الإشارة إلى مسرحيات “صمت با بوى نرجس- صمت برائحة النرجس” للكاتبة زينت صالح بور، و”مرواريد –اللؤلؤة” للكاتب عبدالحي شماسي و”پيراهن‌ هزار يوسف – قميص ألف يوسف” للكاتب علي رضا حسيني وإسماعيل الإسماعيلي” للكاتب جمشيد خانيان و”خداي عشق- إله العشق” للكاتب محمد احمدي و” گفتگوی‌ بی‌ پايان‌ ستاره‌ با مادرش- حوار ستاره مع أمها غير المتناهي” للكاتب محمد جرمشير و”از علقمه تا خرمشهر- من علقمة إلي خرمشهر” للكاتب محمد رضا بشنكيان وغيرها.

5- ترميم الأعراض الجانبية والتخريبية للحرب

اُستخدم مضمون إعادة البناء والتعويض عن تداعيات وخراب الحرب مقترنًا مع التركيب والمضامين الأخرى بشكل عام. وقد اتخذت بعض الأعمال المسرحية التي تعالج مضمون إعادة الإعمار منحى إطلاق الشعارات والتوصيات، إذا كانت أهمية جوانب الالتزام والمحافظة على قيم الكاتب أكبر من الجوانب الدرامية في النص المسرحي. ومن المسرحيات التي تتناول هذا الموضوع يمكن الإشارة إلى مسرحية «دارچنار- مشنقة شجرة السّنار” لكاتبها شهرام كرمي ومسرحية “ئيواران – ثيواران” لكاتبها محمدرضا فرهنگ‌ و”تپه افلاك- تل الأفلاك” للكاتب سيدحسن فدايي حسين، والتي عُرضت في الأعوام الأولى من المهرجان. وفيها يدرك عباس بعد الوصول إلى محيط تل الأفلاك، أن هذه المنطقة شهدت بالليلة الماضية استشهاد سبعين مقاتلاً بسبب انعدام الماء. فقرر عباس الذي كان الطالب الأول في كلية الهندسة حل مشكلة توصيل الماء إلى المقاتلين عبر حفر نفق في هذا التل، كما القرى المجاورة، وفي النهاية يفقد حياته فداء هذا العمل. والكاتب هنا مأخوذ بتراثه؛ حيث تشبه القصة كثيراً قصيدة خسرو وشرين التي تحكي قصة فرهاد المهندس المتواضع الذي كلفه حب شرين ملكة أرمينيا القيام بمهمة مستحيلة اقتضت منه حفر طريق في جبل بيستون من جبال كردستان، وانتهى الأمر بقتل نفسه بعد أن خدعه الملك خسرو برويز بوفاة شرين.

عباس: هذه المهمة تثقل كاهلنا، وخلف العشرات من تل الأفلاك تقع عشرات القرى والعمران في صمت الماء.

رضا: كان علينا أن نفكر، لكنك تسرعت.

عباس: لم أستطع أن أجلس وأفكر، بمعنى أن في اعتقاد كل هؤلاء القرويين أن العطش لن يدوم.

رضا: الآن تعتقد أي عمل مهم صنعت، تقضي على نفسك في سبيل إعمار قرية. قرية واحدة فقط!

عباس: أنا أقضي على نفسي. وما من مكان سليم في بدني الآن، لكننا نجحنا يا رضا. الآن يفتح باب العمل من جديد. وبعدها يستطيعون بسهولة تجاوز جنازتنا والتقدم للأمام.([23])

6- التمشيط واستقصاء جثث الشهداء

إن مضمون التمشيط والتفحص لجثث الشهداء رغم اقترانه بالهروب نحو أيام الحرب واستعادة ذكريات الماضي، فهو من الحالات التي ظهرت في الأعوام الوسطى لإقامة مهرجان مسرح الدفاع المقدس عام 1996م وحظي بالاهتمام بعد عرض مسرحية “نگين- فص الخاتم” للكاتب يعقوب صديق جمالي. وفي مسرحية القطعة يبحث أحد المقاتلين مع مجموعة من الأفراد عن الشهداء المفقودين. وكانت الحرب قد انتهت. والعلامة الوحيدة التي من الممكن أن تكون متبقية من الشهيد الذي يبحثون عنه هي الفص أو السلسلة المعدنية التعريفية التي توضع في رقبة الجنود. ثم يعثر المقاتل في أحد القبور على جثة جندي عراقي والذي كان يبدو أنه يحمل السلسلة المعدنية لذلك الشهيد. بعد ذلك شاعت معالجة هذا المضمون في الأعوام التالية وظهر في مسرحيات ” خاك سبز- التراب الأخضر” و” كانال كميل- قناة كميل” لكاتب المقال و”داغ دل جبهه – حرقة الفؤاد من الجبهة” لكاتبها عبد الرضا حيائي.

هل تفهم… عندي شوق… كنت مشغولاً بشكل ما… (يبتعد) كم منيت نفسي… وكم شغلت نفسي… (صارخاً) أتعلم لماذا؟ حتى لا أفهم ماذا يحدث من حولي… وماذا يحل برأسي… (يبكي) لم أفكر أنه هنا…(يئن) انتهى كل شيء… انتهي…(يدور حول المسرح) وصلت إلى نهاية الخط بلا حيلة…(يتجه مغضباً نحو الجثمان) الآن سيشيعونك في جنازة محترمة لأجل عظامك المهشمة، مع قبر وشاهد بهذه الضخامة… ثم سيندبون قبرك كل ليلة جمعة… ليس أفضل من ذلك…وبعد مرور أسبوع أسبوعين ثلاثة سيكون كل شيء طبيعيًّا، وسيستقر شبر تراب على قبرك…أنا أخشى هذا…(يبكي) كم كنت عطشًا للقياك. وكم أردت العثور عليك…([24])

7– الأسروقضايا المحررين

كان أول من اهتم بمعالجة موضوع الأسر والقضايا المتعلقة بالأحرار هو الكاتب مهدي شجاعي في مسرحية ” صبح‌ غريب – الصبح الغريب”، والتي عُرضت في المهرجان فجر الثالث للمسرح عام 1983م. ولكن كما سبق أن أسلفنا فقد حظي هذا الموضوع باهتمام الرأي العام بعد عامين من انتهاء الحرب وعودة الأسرى المفرج عنهم إلى البلاد ونشرهم المذكـّرات والكتب عن وقائع معسكرات الأسر وتعاطي المحررين مع الظروف الجديدة في البلاد. من المسرحيات الأخرى التي يمكن الإشارة إليها نذكر “ناگهان‌ پنجره‌ سرد- فجأة النافذة باردة” لكاتبها ميلاد أكبرنجاد والتي عُرضت في المهرجان الخامس لمسرح الدفاع المقدس في عام 1998م. ومسرحيات فرودگاه- المطار لكاتبها مرتضي داريوند نجاد:

سميرة: أنا صحفية، صحفية محطمة؛ في كثرة السفر كالريح. ولنا سفريات أيضاً داخل هذه الغابات الكبيرة وصياح، والكاميرا التي أحببتها على الدوام ألتقط بها صور الطيور. (تلتقط سميرة صورة لأمين وبي بي اللذَيْن كانا إلى جوار بعضهما).

سميرة: (مستمرة) جئت من العراق.

بي بي: (تجلس) العراق؟!

سميرة: (عادية) عن طريق تركيا. قضيت معظم عمري في منزل مظلم، وحيدة، ولم أكن أملك حتى ظلاً أتألم لأجله أحيانًا… مع أمها تخرج، أليس كذلك؟ أقول لعاطفة. (تضع سميرة الكاميرا على المقعد، تذهب في إثر الحقيبة، وتخرج هذه المرة قطعة قماش خضراء اللون)

بي بي: لمن أحضرتي هذا الشيء؟!

سميرة: آه، أنا محتارة مجددًا. كلما ارتفعت تظلم عيناي. أريد الهبوط على الأرض. (تشير إلى قطعة القماش) لونها جميل، أليس كذلك؟ ونوعها ليس سيئًا. أخذتها لأجل السيدة نرجس والدة عاطفة.

بي بي: قلتِ… أنك صحفية، هل صحيح ما سمعت؟

سميرة: لكن بلا أخبار عن العالم، مضحك، أليس كذلك؟([25])

وكذا مسرحيات “ماه‌ لب‌ ريخته- القمر مشروخ الشفة” لكاتبها محمد رضا اريانفر و”مهمان‌ سرزمين‌ خواب- ضيف بلاد النوم” للكاتبة تشيستا يثربي و”كيميا وزمين- الكيمياء والأرض” للكاتب سعيد تشكري و”هميشه‌ ماندگار- دائماً خالداً” للكاتب حسن باستاني و”معلمى به نام صفر- معلم باسم الصفر” و” زنگ خاطرات نرگس- جرس ذكريات نرجس” للكاتب سيد حسين فدايي.

8- الصمت وقضايا المفقودين

لطالما حظي موضوع الصمت باهتمام الكتـّاب المسرحيين على اختلاف مشاربهم الثقافية. لكن الكتابة المسرحية للحرب في إيران عن موضوع الصمت اقترنت بقضايا المفقودين والشهداء المجهولين. وعلى الصعيد الاجتماعي فقد حظيت قضية المفقودين بالاهتمام مع عودة آخر قوافل المحررين عامي 1993-1994م تقريبًا وعدم وضوح مصير الكثير من المقاتلين. حينها تحول صمت عودة المفقودين في شكل أسرى أو فدائيين خارج إحصائيات الصليب الأحمر، إلى صمت عودة رفات الشهيد أو حتى دلالات على المقاتل المفقود الأثر. وهذا الصمت لازال موجودًا عند بعض الأسر رغم مضي أكثر من عقدين على انتهاء الحرب. وقد ظهر الاهتمام بموضوع الصمت لأول مرة في العروض المسرحية المشاركة في المهرجان الثاني والثالث لمسرح الدفاع المقدس عامي 1995-1996م. وكانت المسرحيات المعنية عبارة عن مسرحية “شبيه پدر- شبيه الأب” للمؤلف سيد حسين فدايي، ومسرحية ” ئيواران- ثيوران” من أعمال محمد رضا فرهنك ومسرحية “خاتون‌ کربلا – سيدة كربلاء” للكاتبة زينب عوض بور، وفي الأعوام التي تلت ذلك لوحظ مثل هذا المضمون في مسرحيات أخرى مثل “غوغاي عشق- غوغاء العشق”، ومسرحية “زن‌ ويک‌ خانه‌ تنهايی- امرأة وبيت من الوحدة”، ومسرحية “آينه‌ وقت‌ آفتاب – مرآة وقت الشمس” لكاتبها السيد سعيد تشكري، ومسرحية “قمري- القمري” للكاتبة كلبرك ابوترابيان، ومسرحية “قيمت مسيح- قيمة المسيح” للكاتب إسماعيل بابكي، ومسرحية “قطار جنوب- قطار الجنوب” لكاتبها علي رضا حنيفي:

صوت يوسف: أتسمحين؟

مريم: (تتراجع)…

صوت يوسف: ممكن أدخل…؟

مريم: أنا مسلحة… من؟ (تخرج سُنكي ميري من تحت الوسادة وتمسكه في يدها).

صوت يوسف: ما من غريب!

مريم: كان الباب مغلقًا.. كيف دخلت؟

صوت يوسف: ألم تكوني منتظرة؟

مريم: من أنت؟ أنا، أنا لست وحيدة. (بنظرة إلى صورة يوسف)

صوت يوسف: لكني عدت… كنت وحيدة في كل وقت… ربما وقت آخر. (صوت أقدام يوسف أثناء العودة. تفتح مريم باب البدروم بسرعة وحدة. تمر لحظات. يوسف بملابس عسكرية متربة وعلى كتفه مخلة، وزمزمية على خصره وبيادة متربة).

يوسف: (في نفس اللحظة) سلام…!

مريم: (تتراجع مريم وفي يدها السْنك) لا… ولكن… ماذا حدث؟

يوسف: احترسي حتى لا تكسري برواز الصورة.

مريم: أنت… هنا؟!

يوسف: لماذا تتعجبي!؟ وأنت التي اعتدتِ على تأخر مجيئي… وبالطبع لك حق هذه المرة حيث مضت فترة طويلة منذ رأيتك آخر مرة.

مريم: (خائفة حتى الآن) آ… آخر… آخر مرة لك؟ لا أذكر… ألا تريد أن تدخل الآن؟!

يوسف: لم تكوني تنتظرينني أليس كذلك؟… أم أن هناك شخصًا آخر لا يجب أن أراه!([26])

9- تعارض رؤية جيل الحرب مع جيل ما بعد الحرب

يعتبر التقابل بين الأجيال والصراع بين الجيل الذي حضر الحرب والجيل الذي جاء بعدها من الظروف التمثيلية المناسبة التي حظيت باهتمام بعض الكُتـَّاب المسرحيين. وعلى الرغم من أن المواقع والظروف والمكانة التي يحتلها الكاتب في موقفه حيال كل طرف من الطرفين كان مصيريًّا وفي غاية الأهمية. إذ نلاحظ في الأعمال القليلة التي تتناول هذا الموضوع رؤية الكاتب المحايدة تجاه هاتين المجموعتين اللتين ترى كل واحدة منهما نفسها صاحبة الحق وتنوي التعويض عمّا فاتها وحقوقها الضائعة. ومن جملة الأعمال المسرحية التي كتبت بهذا المضمون نذكر مسرحية “شبيه پدر- شبه الأب”، ومسرحية “خاك معصوم- التربة المعصومة” للكاتب سيد حسين فدايي، و”چرخ هشتم- العجلة الثامنة” للكاتب علي رضا حنيفي و”سوسوي فانوس آويخته- الضوء الخافت للسراج المعلق” للكاتب محمد كوهستاني.

 

10- الرؤية التطبيقية للحرب مع الأسطورة والخرافة والمذهبية

الرؤية التطبيقية للحرب مع الأسطورة والخرافة والدين هي من التوجهات المختلفة التي منحت أحداث الحرب القيمة والثراء بما يفوق التصور. والمعروف أن سوابق الثراء الثقافي الإيراني في مجال الأساطير القديمة، والآداب الملحمية، والميول الدينية كانت سببًا في أن يلعب كل حادث أو موضوع مهم دورًا تلقائيًّا في توجيه أذهان المجتمع والرأي العام نحو الملحمة والأسطورة أو الواقعة الدينية التي حدثت في السابق، ومن ثم خلق رؤية تطبيقية حيال الظروف الجديدة مع الواقعة التي حدثت في الماضي. وحدث كبير كالحرب المفروضة كان يستدعي – بما أنه ترك تأثيره لأعوام طويلة – سواء في زمن الحرب أو ما بعدها، أن تتم مطابقة الشخصيات المهمة والوقائع الخاصة الخالدة لها مع مثل هذه السابقة. وعليه كان من الطبيعي دخول هذه الرؤية التطبيقية إلى مجال الفن وخاصة إلى المسرح. وبلورة أعمال مسرحية بهذا التوجه نحو الحرب. ومن أوائل الأعمال المسرحية التي كُتبت بالمنحى الملحمي والأسطوري يمكن الإشارة إلى مسرحية “شبی‌ از شبهای‌ بهرام- ليلة من ليالي بهرام” للكاتبة سمبل رحيمي عام 1996م. إذ تتناول أحداث المسرحية قصة أحد الفدائيين المصاب بالإشعاع يكتشف في بحثه عن همومه الداخلية علاقة وثيقة بين ماضيه وأحداث حياته مع بهرام چوبينه. فهو يبحث عن معرفة هذا القاسم المشترك بينهما. ومن المسرحيات الأخرى التي كُتبت بهذا المضمون نذكر “آفتاب دشت- شمس الصحراء” لكاتبها نصرت الله سيافي، و”سياوش به روايت من- سياوش بروايتي” لكاتبها علي رضا غفاري، و”غربتت را هيچ شعري نسروده- غربتك لم ينشدها أي شعر” للمؤلف فارس باقري.

كذا فقد حظي التوجه التطبيقي والاندماجي للحرب مع الوقائع الدينية، وخاصة واقعة كربلاء باهتمام عدد من كتـّاب الحرب. وفي هذا الصدد لم يكن إطلاق عنوان العاشورائيين على الدورة الثالثة من مهرجان مسرح الدفاع المقدس عام 1996م عديم التأثير. ورغم أننا قد شاهدنا قبل ذلك أعمالاً بمثل هذا، لكن كان اختيار عنوان العاشورائيين بالنظر إلى تزامنه مع إقامة المهرجان في أيام المحرم، بما يشير إلى اهتمام ورغبة المسئولين عن المهرجان في دفع العروض المسرحية نحو الدمج العاشورائي لأعمال الحرب المسرحية. وكان أول الأعمال التي اتخذت هذا المنحى يمكن الإشارة إلى مسرحية “شبيه پدر- شبيه الأب” التي عُرضت في المهرجان الثاني لمسرح الدفاع المقدس عام 1995م. في هذه المسرحية يقف نجل أحد الشهداء- والذي كان يلعب دور علي أكبر في التعزية- أمام تابوت والده مع رجل دين. وكان والده يحكي عن حلمه بتمثيل شبيه سيدنا العباس في سنوات الحرب، ويعلم أن ابنه سيحل محله في تمثيل شبيه علي أكبر. من المسرحيات الأخرى التي تناقش هذا المضمون مسرحية “عكس يادگاري- الصورة التذكارية” للمؤلف حسين محمدي و”سوسوي پنهان ستاره‌ای‌ کوچک- البريق الخفي لنجمة صغيرة” للكاتب محمدرضا بي كناه و”تپه افلاك- تل الأفلاك” للكاتب سيد حسين فدايي.

11- الرؤية من منظور الجبهة المضادة

إن النظرة من موقع الجبهة المقابلة وإن كانت في معظم الحالات تجليًّا خياليًّا وغير واقعي، لكنها من الموضوعات التي حظيت بالاهتمام بسبب اختلاف نظرتها إلى الحرب. ومن جملة هذه الأعمال المسرحية يمكن أن نشير إلى مسرحية “حلبچه- حلبجة” للكاتب مجتبي شعبان عام 1996م. وفي هذه المسرحية يقرر عقيد طيار عراقي يعاني من تأنيب الضمير بسبب قصفه مدينة حلبجة بالأسلحة الكيميائية ويقرر الانتحار، فلم يعد له أي أمل في الحياة بعد أن تسبب في مقتل زوجته وولده. ويتكرر الحدث نفسه في مسرحية “من زاره عذره طاها هستم- أنا زرارة عذراء طه” للكاتب ميلاد أكبر نجاد، وزرارة هو جندي عراقي لا تنسجم أفكاره مع دعاة الحرب العراقيين وكان إجباره على الخدمة العسكرية قد أبعده عن دياره وعن خطيبته وتدفعه المشاعر الرقيقة إلى التمرد والهروب من الحرب. ومسرحية صباح صادق للكاتب محمدرضا برمايون، وتحكي قصة عراقي وابنته، يقرران مساعدة أسير إيراني فر من معسكر الموصل:

الأب: (بتركيز) الحمد لله أن وصلنا إلى المكان لنجدته. (صمت)

سمن: إذا سلمناه، مؤكد سوف يتعاملون معه بحسب اتفاقية جنيف.

الأب: لو أن هذا الكلام سمع من فتاة صغيرة، لكان مضحكًا جدًّا، ولكن منك يا سمن مضحك.

سمن: لماذا يا أبي لماذا؟

الأب: في هذه المملكة، العمل باتفاقية جنيف، مجرد مزحة تتداول بين مجموعة العاملين في الصليب الأحمر فقط.

سمن: الأمر ليس بهذه الصورة يا أبي، ما من شك أنه لا يجوز قتل الأسرى.

الأب: حتى الأسرى الهاربين؟

سمن: لماذا نعرّض أنفسنا للخطر أساسًا بسبب هذا الشاب؟

الأب: في حياتي، وفي أوضاع أسوأ من ذلك، لم أُفشِ سر أي شخص يا سمن.

سمن: كلما مر الوقت، كما ثقل جرمنا. لا تدع القاتل إلى الصباح يا أبي.

الأب: حين لا يسترد صحته، عله هو نفسه يضع الطريق أمام أرجلنا.

سمن: وإذا انتهى بنا هذا الطريق إلى مكان، فأي مكان تريد يا أبي؟

الأب: ألا تعتقدين أنه لابد من مساعدته لنفس هذا السبب؟

سمن: لا أريد أن أبدأ الشجار، لكن هذا العمل محض انتحار.

الأب: حتمًا سيظهر الطريق، إذا صبرتِ إلى الغد. الآن ساعديني في نقل الحقائب إلى الأعلى.([27])

 

12- النظرة الفانتزية والشاعرية والعالمية الشاملة والخيالية للحرب 

قلّما حظيت الرؤية الخيالية والشاعرية والشمولية العالمية للحرب بالاهتمام رغم الفرق الواضح الذي كان يميزها عن باقي الأعمال المسرحية الحربية بسبب منحاها. وتعود جذور الرفض– وإن احتاج الأمر إلى البحث والاستقصاء- إلى رؤية مجتمعنا الخاصة والمختلفة للحرب باعتبارها دفاعًا مقدسًا من جانب وعدم سيطرة الفنانين على اللغة والأدوات التعبيرية الخاصة لتقديم مثل هذه الرؤية للحرب، لم يكونا بلا تأثير في العزوف عن مثل هذا التوجه من المضامين. مع ذلك بذلت جهود وإن كانت حثيثة في هذا الحقل طوال الأعوام الماضية. وتعتبر مسرحية “فرشتگان با بال شكسته- ملائكة بأجنحة متكسّرة” لكاتبها عبدالرضا رضائي عام 1995م من أوائل الأعمال المسرحية المقدمة في هذا الحقل. وتقع أحداث المسرحية في مدينة يعيش أهلها في عزلة عن بعضهم البعض، لكنهم يبحثون جميعًا من الصباح وحتى المساء عن هدف غير واضح. ثم تهبط الملائكة والتي ترمز إلى التعبويين المجهولين الذين بحضورهم يزول الاستقرار الأسري. ومن الأعمال المسرحية الأخرى “ربي هذا حجابي” للمؤلف مسعود سميعي، و”شهادت در باره آن چوپان كه راست گفت- الشهادة حول ذلك الراعي الذي قال الصدق” من أعمال ميلاد أكبر نجاد، ومسرحية” آ. ج‌ 671 – 905″ للكاتب شهرام نوشير وغيرها. وبالنظر إلى الأهمية التي تم استشعارها حيال مثل هذا التوجه، تجدر الإشارة إلى أن موضوع الرؤية الخيالية والشاعرية والشمولية العالمية للحرب تعتبر إحدى الحلقات المفقودة في التوجه المسرحي. وعند الاهتمام بها سنشهد بالتأكيد تحولاً جديرًا بالاهتمام في مضامين النصوص المسرحية للحرب، وهو ما سيعقبه بلا شك اهتمام المخاطبين وإقبالهم على مسرح الحرب كذلك. ومن الموضوعات التي عالجتها مسرحيات الحرب أيضاً يمكننا الإشارة إلى:

13- قصص الحب

عادة ما تنطوي الحروب على أحداث ووقائع جميلة تتنافي وطبيعة الحرب المؤلمة، ولا يمكننا استثناء الحرب العراقية الإيرانية من هذا الموضوع، إذ تتحدث “بوی خوش جنگ- الرائحة الجميلة للحرب”. للكاتب عبدالرضا حياتی عن ميلاد الحب من رحم الدماء والأشلاء والجثث، حيث يغرم أحد قدامى المحاربين الإيرانيين ويدعى محسن بفتاة عراقية تدعى صبرية، لكنه يحظى بالشهادة:

محسن: أعيش مع قلبي. لقد اخترتك ولا أشكو.

صبرية: ألا تنفر مني؟

محسن: لأنكِ عراقية؟ لا! (كلاهما ينظر للنافذة)

صبرية: لا أعرف ماذا أفعل؟ فمستقبلي مظلم! (يختفي الضوء بهدوء ويعود)

(تقف صبرية وحيدة أمام النافذة ويدخل محسن بكرسي متحرك)

محسن: ألم تبرحي هذه النافذة من الليلة الماضية وحتى الآن؟

صبرية: أصلاً لم يقرب النوم عيني.

محسن: أنتِ في حاجة إلى الهدوء.([28])

وبالعكس فقد فرقت الحرب بين الأحباء والأبناء والأزواج. فقبل الحرب كان العراق وإيران بلدًا، ولكن مع بدء المناوشات كان على الإيرانيين المقيمين في العراق العودة إلى ديارهم الإيرانية والعكس. وبدأ الجانبان في زرع السياج والقنابل على الحدود بينهما.

14- انتقاد أوضاع المقاتلين والمصابين بعد الحرب

تقديم عروض مثل “عطا سردار مغلوب- القائد عطا المغلوب” للكاتب عليرضا نادري عام 1992م في مهرجان المسرح الطلابي السابع إنما يدل على وجود معدن موضوعي مختلف عن الحرب في مثل هذه الفترة. عليرضا نادري الذي هو نفسه من شباب جيل الحرب وقاتل على الجبهة أيضًا ينتقد في مسرحيته الأوضاع الحالية للمقاتلين ومصابي الحرب:” عطا مقاتل مصاب كان يومًا ما فارس ميادين القتال، وهو اليوم يحتضر في إحدى المصحات. وهو دائم التجوال في ماضيه.” ومسرحية إسماعيل، إسماعيل الذي يلجأ للإقامة في مصحة نتيجة المشاركة في الحرب:

الشاب: (متعجبًا) ألا ترين؟! انظرِ حول نفسك! للغرفة، للسرير، لهذه المزهرية الممتلئة بالورد، لهذه المنضدة، لهذه السلة الممتلئة بالتفاح (بتركيز) لي!… هنا مصحة وأنا مريض يا آسية!… إلى متى يجب أن أخدعك وأخدع نفسي والآخرين، أصدق ما قاله الدكتور ماهان من أنه لا شيء أم أنتِ… لكن ما كل هذه الأشياء؟ لو لم أخرج من هذا السرداب، أكون كارهًا للحوائط الأربعة أم تعتقدين أن قلبًا أُخذ باللون الأبيض لقناع الأطباء وممرضيه، لا. أريد أن أدفن هنا كل ما أملك، أدعو وأمشي، يكون أو لا يكون.

الفتاة: إلى متى يا إسماعيل؟

الشاب: لا أعلم.

الفتاة: (مشوشة وعصبية) لا أعلم، لا أعلم، أنت تقول هذا دائماً (بتركيز) لا أعلم… لماذا لا تقول عما في رأسك، ولماذا تعذب نفسك بالجبهات؟ لماذا لا تتكلم؟ لماذا تطبق أسنانك؟ (صارخة) لماذا لا تقول ما هي أسبابك؟([29])

15- معاناة الأبناء في غياب آبائهم

لا شك أن الأبناء هم الضحية الأكبر في الحرب. يتجرعون مرارة غياب آبائهم وعدم مشاركتهم حياتهم اليومية. عاشوا على أمل عودة أبائهم، وفي كثير من الأحيان كانوا يصابون بخيبة الأمل. من ذلك يمكن الإشارة إلى مسرحية زنگ خاطرات نرگس للمؤلف سيد حسين فدايي، وفيها يتناول قصة طفلة تنتظر عودة أبيها أحمد الأسير في سجون الاحتلال. وتلجأ للعيش في خيالها. وتتولى مسئولية رعاية طائر جريح يعيد إلى ذهنها صورة أبيها الأسير، ثم يتعافى الطائر من إصابته ويطير باتجاه الشمس. وبينما تذهب والدة نرجس لاستقبال والدها العائد من الأسر، يدخل الأب على ابنته وهي بين النوم واليقظة، يستأذنها في الذهاب فتأذن لها وتودعه ويذهب، لتعود والداتها بنبأ استشهاد الأب.

أحمد: قلت أنه حتمًا سيأتي. بشرط ألا تحزني، ولا تبكي. موافقة؟

نرجس: يمكنني أن أبكي قليلاً. فلو لم أبكي يتحطم قلبي.

أحمد: حسناً، ابكِ لكن قليلاً. بالقدر الذي يحزن أباك لأجلك ويأتي لرؤيتك.

(يذهب باتجاه باب الفناء)

نرجس: هل أنت ذاهب؟

أحمد:…

نرجس: جاءت أمي، هل أخبرها بمجيئك؟

أحمد: قولي: إذا تحبين قولي.

نرجس: هل ستعود غداً؟

أحمد: لا، لكن سيأتي شخص غداً. في نفس الوقت. في نفس المكان، وسيقرع جرس المنزل. إنه مرسال. ولكن لم يحضر رسالة. فقط يجلب خبر لأجلك، خبر ذهاب بابا باتجاه الشمس. وعند سماعك، ربما لن تحزني! وربما لن تبكي كثيراً! عدي أباك. (يخرج أحمد من الباب. تراقب نرجس ذهابه للحظات. كما لو أنها لا تستطيع تصديق ما رأته. تعود باتجاه القفص. الطائر في القفص لا يتحرك. تنظر نرجس إلى السماء والشمس. في عينها، يذهب الطائر باتجاه الشمس).([30])

17- دور النساء والشباب والأطفال

وهو من الموضوعات التي ركزت عليها مسرحيات الحرب أثناء وبعد الحرب، وسيرد الحديث عن هذا الموضوع مفصلاً في الفصل الرابع نظراً لأهمية الدور الذي لعبته المرأة في الحرب.

 

 

دور المرأة في مسرح الحرب

حظي دور المرأة في الحرب بالكثير من الجوانب والمضامين الدرامية التي سوغت عملية نقل هذه الموضوعات عبر خشبة المسرح. فظهرت بعض المسرحيات التي تتناول دور المرأة الإيرانية الشجاعة والصابرة إبان الحرب، وتعكس بخطوط فنية الدور الظاهر والخفي للمرأة الفدائية والصامدة، في محاولة لتخليد مقولة قائد الثورة من أن مشاركة المرأة في الحرب تمخض عن الكثير من البركات. وقد وجد الفنانون في تقبل المرأة لفكرة غياب العائل، وصبرها واحتسابها عند استشهاد الأبناء، وحرصها على المشاركة بالمال والنفس في الدفاع عن الوطن، وبطولاتها على خط القتال الأمامية وغيرها مادة غنية للعرض على خشبة المسرح. ولم يكن من المستغرب أن تتناول عشر مسرحيات من مجموع ثلاثة وعشرين مسرحية في مهرجان الذكرى الثالثة لمسرح الدفاع المقدس بالتركيز على دور المرأة، التي لم تفاخر يومًا بهذا الدور كما جاء في مقالة للكاتب: طلعت أحمد وفيها: “… راقبت جيدًا عوائل أسرى الحرب. رأيت النساء اللائي وقع أزواجهن في الأسر يتحملن الضغوط الناجمة عن الانفصال وانقطاع الصلة مع الأزواج بوقار وجلَد. ولم يضغطن على الحكومة للقبول بمطالبهن التي قد تنال من مظهر دولتهم. وهذا النوع من الصمود يختلف تمامًا عن بكاء ونحيب اللائي وقع أزواجهن أسرى خلال الحرب الباكستانية… فالمرأة الإيرانية على استعداد تام لأي حدث مفاجئ وبعضهن شاركن في فصول الفنون العسكرية… لقد خضعن للتعليم في مواقف مختلفة منها القصف الكيماوي والانضمام إلى المستشفيات الصحراوية خلف الجبهة لتقديم الخدمات العلاجية”.([31])  وسنحاول فيما يلي تقديم بعض النماذج المسرحية التي تعبّر عن شكل ومكانة المرأة في الحرب على النحو التالي:

1- النضال ضد العدو

تقدم مسرحية “آفتاب دشت- شمس الصحراء” للمؤلف نصرت اللّه سيافي إشارات جميلة عن قدرات النساء وتضحياتهن وصمودهن، من مثل صمود النساء في مواجهة العدو بعد تعرضهن للخداع بسبب غياب الرجال، وأخيرًا وبعد عودة الرجال، تحقق الواقع والملحمة التي عجزت النساء عن تحقيقها بطرد العدو.

أغار جيش الظلام والشر على القرويين، ولوث المياه التي هي نبع الحياة بالدماء، وباتت المحاصيل مهددة بالفناء. ونهضت القرويات اللائي كن يشعرن بعدم الأمان لمواجهة الهجوم. فأرسلن رجالهن إلى الجبهة وتكفلن بأعباء الرجال.

الرجال أثناء الذهاب: كونوا شجعانا إزاء كل ما يقابلكم.

النساء: إلى من تتركون الوطن؟

الرجال: لله ولكم أيها النساء.

الخصلة البيضاء (زعيمة النساء): ذهبت آمال النوم من أعيننا الليلة.

تأتي اثنتان من النساء الخائفات بعد أن أبصرن قصف الصحراء والدخان والتفجيرات: ما هي الأوامر؟

الخصلة البيضاء: يجب أن تحصلن على أوامركن… ارفعن المرايا وأبقوا معًا، لأن  بقاءنا مرتهن بالبقاء معًا.([32])

وتتناول المسرحية المفاهيم السياسية والاجتماعية في قالب مسرحي جميل وظريف، والبقاء معًا إشارة إلى الوحدة… لكن بعيدًا عن أعين رجال القرية، جاء أحد الأعداء مرتديًا ملابس مدنية في محاولة لخداع النساء، وطلب إليهن تحطيم المرايا، لأنها تمثل روح النساء الطاهرة، وبهذا يستطيع الحصول على وطنهم بسهولة. ودخلت النساء في المواجهة حتى وصل رجالهن، ونجحوا بالتكاتف من طرد العدو.([33])

2- الجلد والصبر على تحمل تبعات الحرب

تحكي لنا مسرحية حوار ستاره الذي لا ينتهي مع أمها للكاتب محمد چرمشير قصة إحدى النساء وقد فقدت ابنتها في القصف، فجلست على طرف سرير الفتاة وأخذت تتحدث مع جثمانها كما لو كانت على قيد الحياة. فجاءها جميع أهل المدينة لكن المرأة أصرت على البقاء بشدة، حتى استُشهدت هي الأخرى في النهاية. ويجري على لسان المرأة وفي نظرتها جميع آلام الحرب والقدرة على التحمل. لذا تمثل المسرحية نموذجًا على مسير تطور المرأة الإيرانية خلال فترة الحرب، وذلك على الرغم من عدم استفادة المخرج من العناصر المسرحية المختلفة كالإضاءة، والموسيقى، وتعدد الممثلين، والاقتصار على الممثلة القديرة سپيده نظري پور فقط. كمؤشر على وقوع جميع مسئوليات الحياة على كاهل الكثير من الإيرانيات إبان فترة الحرب. وعن المسرحية تقول سپيده نظري پور: “وحيدة عادت إلى مدينتها. الجميع إما ذهبوا أو استُشهدوا. والمشاهد لن يفهم في البداية أن ابنة المرأة استشهدت ويتصور أنها تتحدث إلى طفلتها الحية. لكنه يدرك في اللحظات الأخيرة استشهاد الطفلة، ويفهم أن قلب هذه المرأة يتألم الآن مع جسد ابنتها. ولكن أثناء هذا الحوار تحصل على القوة، بحيث تتطلع إلى الشهادة… وفي النهاية تحتضن جسد طفلتها بأجمل علامات الأمومة، وتسلم روحها إلى بارئها…”([34])

“سيدة ترتدي ملابس عسكرية، وكل ممتلكاتها سلاح، تمسح على جسد ابنتها الصغيرة وتستعيد الذكريات الحلوة والمرة، بحيث يُخيّل للمشاهد في البداية أنها أُصيبت بالرهبة والدهشة، ولكن تبرز من كلماتها روائح الملحمة.

ستاره! بلا أب، بلا أم، وحيدة بلا أحد، لكنها ما كانت بلا تراب… لا أريد أن أضع هذا التراب وأرحل. قال زوجي: لن أذهب، ولكن اذهبي أنت. لكني ذهبت وعدت… أنا أحتضر يا ستاره! ولكن لا، يجب أن أقاوم. أن أبقى على قيد الحياة، في النهاية ستعود الحياة يومًا ما إلى مدينتنا، أريد أن أكون ترابك يا ستاره، أريد أن أكون أنا نفسي غسلك، ولكن لا، ستاره! الشهيد لا يغسل ولا يكفن.([35])

حراسة رسائل الشهداء

أطلق الكاتب محمود ناظری على مسرحيته اسم “هنگامه” بمعنى المعركة وقصد به حارس رسائل الشهداء، وهي من المهام التي اضطلعت بها النساء أثناء الحرب، بعبارة أخرى أراد الكاتب من استخدام لفظة هنگامه تمثيل جيل نساء الحرب.([36])

مستشفى. يقبع في أحد أقسامها تحت الملاحظة مصاب في غيبوبة منذ سنوات. وهو من الناحية الطبية يعتبر على قيد الحياة، ولكن عيناه تنطقان بخلاف ذلك، عيناه تنبضان بالحياة وأحيانًا تتحدث عن الحرب، والحياة، وأمه، وزملائه في الخندق. ويعتقد الطبيب “جواد پورآزماست” أنه لا يزال على قيد الحياة، ومعارضه العنيد يعد اللحظات لإعلام المديرية بوجود سرير شاغر! وكان المصاب أيضًا يحمل اسم “جواد” وكان الثلاثة يومًا ما أصدقاء على الجبهة… والآن يلاحظ المصاب ممرض باسم هنگامه صارمي…. كان جواد المصاب يرقد على سرير رقم 72 –وهو نفس عدد شهداء عاشوراء- وأُسقط في يد الدكتور جواد پورآزماست بكل ماضيه المجيد الذي فقد قيمته في مستنقع الاضطراب حين سادت المعايير المادية، ويلتمس من المصاب أن يبقى على قيد الحياة، لأنه بذلك يمنع تحول كابوس پورآزماست الرهيب إلى واقع، كما يحول دون سيطرة أمثال الدكتور عطاران على جميع الصعد.

… يراقب هنگامه جواد المصاب حاليًا!

وكان الدكتور پورآزماست المتعب من صمت تحسن حالة المصاب قد تقدم باستقالته هربًا من اضطراباته. وهو الآن يعدم أي مسئولية بالمستشفى، لكن حضر للمرة الأخيرة إلى سرير المصاب – الذي قال إنه ما من مؤشرات ولو صغيرة على آثار الحياة بداخله- ويقول له:

هنا، وجدتك يا جواد آذرسينا. طالب الطب الذي كان مفعمًا بالثورة الثقافية، وتعرفنا على بعضنا قبل سبع سنوات أمام الإدارة التعليمية. ثم كان شخصًا آخر. وكنا الثلاثة جواد. أتذكر؟ الآن لم يعد الإخفاء ذا جدوى. لا تقل إنك لا تذكر شيئًا. يجب أن تتذكر. افتح عينيك. نحى البطانية جانبًا. انهض يا جواد. أتسمع؟ أنا أنادي عليك يا جواد آذرسينا.

يدخل الدكتور عطاران في هذه الأثناء، ويبدأ بين الاثنين سجال لفظي.

الدكتور پورآزماست: كنت تعرف جواد، لكن لم يكن لديك الجرأة….

الدكتور عطاران: إلى ما تسعى؟ أجل هو ذاك. جواد آذرسينا. هذا الألم الذي يعتصرك الآن هو بسببك. لأنك لم تسمح باكتمال راحته. لماذا تراقبه؟ لأجل نفسك؟

الدكتور پورآزماست:… أنت هربت حين أحضروه إلى هنا. بينما كنت تفر من نفسك. أنت تنفر من نفسك أصلًا وتشير بهذا النفور الذي قادك إلى ما تذكر.

الدكتور عطاران: هذا الميت.

الدكتور پورآزماست: كنت تقرأ دروسك في ظله الدافئ. إلى أين تريد الذهاب؟… يجب أن تبقى وتراه ينهض وتصدق!

الدكتور عطاران: هل تصنع المعجزات؟ مجنون!

الدكتور پورآزماست: (مواجهًا السرير) انهض. ليس لأجلي، وليس لأجل الموجودين هنا، ولكن لأجلك أنت… انهض يا جواد فأنت لا يجب أن تسقط!

يسقط الدكتور پورآزماست. تتحرك البطانية. يرتعد عطاران ويتجمد في مكانه. پورآزماست الذي كان قد سحب نفسه تحت السرير، صرخ حين رأى الشخص المدد على السرير يقف… ولم يكن أحدًا سوى هنگامه.

هنگامه: السلام عليكم.([37])

زوجة تساعد زوجها المصاب على الخروج من عزلته:

تحكي لنا مسرحية من علقمة حتى المحمرة الكاتب والمخرج: محمدرضا پشنگيان، بما يحمل الاسم من مرارة قصة مقاتل أُصيب بقطع النخاع، وهو يتهرب من الدنيا ويقضي لحظاته وحيدًا. وتسعى زوجته لإخراجه من عزلته عبر تصوير المجتمع له، وتذكيره بضرورة مشاركته المجتمعية. ويعجز المقاتل الذي كان منشدًا للتعزية عن قبول المشاركة في التعازي بحالته الجسمانية الجديدة. وتتناول مسرحية “من علقمة حتى المحمرة” فكرة المقاومة النسائية في إيران حتى الآن وبعد مرور سنوات على انتهاء الحرب. صحيح أن الحرب انتهت، لكن هذه الملحمة خالدة.

شهد رجل عملية استشهاد رفيقه على الجبهة، ومذ ذاك أُصيب بالحزن والاكتئاب الشديد، وكلما تحدث نطقًا يأسًا وخيبة أمل. لكن كانت هناك سيدة تحمل في رقبتها “دمام”([38]) وكانت تحفز الرجل على المشاركة في التعزية. بدأت تعزف على الدمام وتنشد ملحمة عاشوراء. أخذت الشال الأخضر عن رقبتها وربطته على جبينها وقرأت:

– اسمي العباس… وأخذ الرجل يردد الجمل وراءها بشكل لا إرادي. وكان أن أعادت مشاركة الرجل في التعزية الحياة إليه مرة أخرى. وكانت المرأة قد نذرت أن يلعب زوجها دورًا في هذه التعزية.

المرأة: يحملون السلاح فقط في أيديهم، يهرولون من هذا الحاجز إلى ذاك، يضربون الدبابات العراقية و… إنها ليست الحرب. لا يخافون شيئًا في الحياة فهي نفسها حرب.([39])

والمرأة هي زوجة أحد معاقي الحرب، وكانت تحمل في ذهنها لسنوات الكثير من مشاهد الحرب، وهي تنثر عطر الحياة والأمل على حياة الناجين من القتال المقدس. واشترت من السوق زوجًا من الأحذية الجديدة كل منها يحمل الرائحة الجميلة للورود الحمراء، كبديل عن قدمي زوجه المعاق المتوقفتَين عن الحركة. وعلى الرغم من أنه مهما يكن فلن يعطى رائحة شلمچه على حد تعبير الرجل، إلا أن جهودها لم تذهب سدى وفي نهاية المسرحية، تحيى شعلة الحياة من جديد في الرجل بموافقته المشاركة في التعزية.([40])

أم تحيا على أمل عودة ابنها المفقود:

كثير من الأمهات حملن أولادهن على الذهاب إلى الجبهة، وكن يتألمن في صمت أي أخبار ترد عن أبنائهم، بل إن إحداهن تأخذ على ابنها أنه لم يعد يأتيها حتى في الأحلام. وقد أبدع الكاتب عبد الرضا حياتي عبر مسرحيته “حرقة الفؤاد من الجبهة” في تصوير مشهد الأم الحريصة على استقصاء أخبار ابنها:

أخشى عودة كل شيء إلى طبيعته بعد ذلك… ولن تسلم على أمك ثانية… (مفكرًا) كل يوم قرب السحر، تقصد البيت وتقول: أنت في المنزل حتى الآن، إذا من سيبحث عن ولدي؟! وكنت أقول لها: أنا مستعد للذهاب… ثم بكت وقالت: أخشى الموت دون أن أجده… (على رأس الجثمان) كم كان هذه الصمت جميلاً… (ينهض) ليت… ليتني لم أعثر عليك… (مغضبًا) أنت الذي أردت أن أعثر عليك بهذه السرعة، لماذا اختفيت؟… لماذا؟!… (يبكي) بماذا سأسعد قلبي بعد ذلك؟… وبأي أمل سأحيي نهاري غدًا؟… (جلس على رأس الجثمان) ألم تكن تسحبني في إثرك، الآن لم يعد هذا وضعي… كل شيء مضى كحلم، كالقصص التي كانت تحكيها لنا أمك.([41])

عروس تحيا على أمل عودة زوجها المفقود:

لم يمنعه الزواج من المشاركة في جبهات القتال تاركًا وراءه عروسًا لم يُكتب لها معرفة معنى الفرحة بهذا الزواج. تجلس في صمت عودة الزوج الغائب الذي منى بالشهادة. هذا هو مضمون مسرحية أكثر عشاق العصر للكاتب سعيد تشکري:

(تنظر ليلاً في المرآة. يسطع ضوء أحمر في المرآة، ونرى عددًا لا يحصى من النساء ينظرن إلى الشروق الدامي. وما تراه ليلا هو أن المرآة كلها دماء)

ليلا: أخبروني هل أنظر في المرأة أم في دماء؟ ليخبر أحد هذه العروس. كانت هذه المرآة بيضاء. كانت مضيئة. هل يسمعني أحد؟ أنا ليلا، ليلا حقيقت، شقيقة السيد مهيار حقيقت، ابن السيد أمين حقيقت. أنا العروس، عروس. أول عروس في هذا المكان يعقد عرسها بالمسجد. أين القمر؟ أين المرآة؟ أين قرص القمر؟ أين ليلة الرابع عشر؟ أين الأثاث الجديد؟ أين صوت الدف؟ أين صوت الدف؟ أين سقوط حلوى نقل([42]) السعيدة؟ ليخبرني أحد معنى الكلمات التي ذكرتها! وما معنى الدم الذي يغطى المرآة؟ أخبروني. ليغلق شخص ما عيني مجددًا.([43])

زوجة تعاني مشاكل جمة في حياتها مع زوجها المصاب:

وهذه زوجها تعاني مشاكل الحياة اليومية بعد إصابة زوجها في الحرب، إذ يقع على عاتقها مهام البيت، ومهام العناية بزوجها المقعد والمصاب بالذهان. ورغم ذلك لا تشكو، بل تصبر وتحسب عند الله. وفي مسرحية محرم الحي يحاول الكاتب يعقوب صديق جمالي إضفاء المزيد من الضوء على حياة مثيلات هذه المرأة:

الأم: انظري يا ابنتي، أنا أعلم أن العذاب هو ملح الحياة، وسكرها المصالحة. لكن القضية هنا مختلفة. لو كانت فقرات محرم الأربعة معافاة. لو وقف على قدميه لبعض الوقت وكان هو محرم السابق، كنت جئت في إثرك، وأدور في البيت لأجلك… لكن أنا نفسي أعلم كم هي صعبة الحياة، قلت أنت الآن سوف تذهبين، ولابد أنكِ لا تريدين العودة مجددًا، ولا فائدة من الإصرار على أن آتي في إثرك… لا يخفى على الله شيء ولا أخفيكِ سرًا، أردت عدة مرات أن أهاتفك، ورفعت سماعة التليفون، وطلبت الرقم، لكن تقع عيني على محرم وأضع السماعة لا إراديًّا. كأن عيناه تقول:لا، تقول: لا تؤذيها… دعيها تذهب في إثر عملها وحياتها.([44])

زوجة تتخلى عن زوجها المصاب في البداية ثم تعود بعد استشعار الندم:

عجزت بعض النساء عن تحمل صعوبات الحياة مع شخص مصاب، لأن متطلبات الحياة كثيرة، وعجز عائل الأسرة عن توفير احتياجات أسرته يزيد من صعوبة الحياة. الأمر الذي دفع بعض زوجات المصابين إلى التخلي عن أزواجهن، إلا أن بعضهن عدن إلى حياتهن بعد استشعار الحرج. هكذا عبر الكاتب محمد جواد کاسه ساز من خلال مسرحية كن معي كالبحر، عن ملحمة مقاومة وصمود المرأة الإيرانية حتى بعد انتهاء الحرب.

أمير: أما كان لذيذًا؟! حسنًا، نحن هنا! (صمت) آخ كيف يمكنني البعد عنكِ. أتسمعين؟ أصوات طيور البحر، جاءت في إثري، لابد أن أذهب مجددًا. (صمت) هي! يومًا ما سوف نذهب مع بعضنا. نذهب أمام المقدمات. إلى مكان لا أرى فيه الشاطئ مجددًا حينها يكون العروس، عرس بحري. حسنًا أنا تأخرت جدًا. ليحفظكِ الله فعلاً. (يأتي أمير باتجاه النافذة. يريد فتحها. لكن النافذة مغلقة. يبذل جهدًا أكبر لكنه يفشل)

أمير: أتسمعين صوتي؟ انظري إلى غصة حلقي. تريد البعد. آخ وحشتني أريد أن أصرخ. (ضاحكًا) أريد أن أقول ليتني ما رأيتك مطلقًا.

(يرفع أمير الإيشارب عن الشماعة وينشد)

أمير: أنا من حبك طائر فلا تصدقي القدقد.([45])

(يتقدم أمير إلى وسط المسرح، يرفع الإيشارب ويتركه فجأة، يبسط الإيشارب على الأرض. تعلو ضحكات أمير الهادئة وتزيد علوًا).

أمير: أنت نفسك! آخ أنا لست مجنونًا، وبالطبع لم أكن عاقلًا أيضًا.([46])

أزمة العلاقات الأسرية

مما لا شك فيه أن أوضاع المدنيين في المدن البعيدة عن مناطق القصف، تختلف تمامًا عن أوضاع المدنيين الذين عايشوا الحرب. إذا كانت حياة الأسر في طهران أكثر عرضة للتفكك جراء القصف. وقد حاول الكاتب المخضرم محمد يعقوبي من خلال مسرحية شتاء 87 استعراض حياة أسرة إيرانية تنتقل إلى شقة جديدة، وتحدث بين أفراد الأسرة شبكة من سوء الفهم، بشكل يوضح استحالة شيوع الهدوء بين أفراد الأسرة الواحدة إذا كانت البلاد تتعرض للقصف. وهو في ذلك متأثر براوية الإخوة كارامازوف للكاتب الروسي فيودور دوستويفسكي، والتي تهتم بمعالجة الكثير من القضايا البشرية، كالروابط العائلية وتربية الأطفال، ومسئولية كل شخص تجاه الآخرين.

الأم: أنا غير راضية عنكِ، غير راضية عن كلاكما، لأنكما لا تتعاملان مع بعضكما بأسلوب جيد. باستمرار تفحشان القول مع بعضكما. أساسًا لا تحترمان بعضكما. لا يمر يوم دون أن تتشاجرا. كلاكما سيء وقاسٍ، تتناظران.

ناهيد: لابد أن يخشى ناصر من أحد. هو لا يخشاكِ، وعليّ أن أتعامل معه بهذا الشكل حتى يخشاني.

الأم: أنتِ يا ناهيد لسانك بذيء. مشكلتك أنك لا تعرفين أن تتكلمي بلسان حسن.

ناهيد: ألم تتكلمي معه طوال هذه السنوات بلسان حسن، هل حصلتِ على نتيجة؟

الأم: أجل. هو يحترمني، ولكن ليس معكِ.

ناهيد: هو يحترمك؟ لو كان يحترمك، لأخبرك إلى أين يذهب.

الأم: سمعتي، هو في البداية قال لن يعود الليلة. وأنا لم أسأله، هو أخبرني من تلقاء نفسه. لكن حين سألته أنتِ إلى أين تريد أن تذهب، لم يُجِبْ.

ناهيد: أنت يا أمي، ابنك سخيف.

الأم: أنتِ لا تعرفين كيف تتعاملين مع الآخرين. تتعاملين مع زوجك بهذا الأسلوب الخاطئ الذي هو غير موجود الآن ليساعدنا.

ناهيد: ذهب ناصر لأنه كان يبحث عن ذريعة للذهاب. لأنه كسول. وكذلك علي. كلاهما كسول. ولابد من ربط الاثنين في عربة.([47])

معاناة المرأة في الأسر

تقدم لنا مسرحية دائمًا خالد للكاتب حسن باستاني لمحة عن حياة الإيرانيات في معسكرات الاعتقال العراقية، والأجواء الصعبة اللائي كن يعشن فيها، وعمليات التعذيب والمعاناة اللائي كن يتعرضن لها يوميًّا، وصمودهن أمام محاولات استقطابهن مقابل الخلاص. ويعتقد حسن باستاني أن المسرحية تقدم جانبًا من ملحمة المفقودات في الحرب المفروضة، ويضيف: “على مدى فترة الحرب لم يتحدث أحد عن وجود النساء في الجبهة وخلق البطولات، وذلك لأن المرأة أساسًا منسية في مجتمعنا، وخاصة دورها في مجال الحرب… وللأسف تنعدم الوثائق الدالة على وجود النساء في الجبهة، ومسرحيتنا للأسف لا تمثل وثيقة وإنما هي بمثابة إشارات لموقف أسيرات الحرب”.([48])

مناخ رطب، حفرة قذرة ومظلمة تقبع فيها الأسرى من النساء، وتكشف عن مدى معاناتهن. وقد وقعت مريم معلمة الأدب وزهرا معلمة الرياضة بالأسرى في إحدى الغارات العراقية. وهما تسعيان إلى الحفاظ على معنوياتهن، ولعل الثالثة واسمها فاطمة كانت منافقة جاءت إلى  الميدان لكسر آخر مقاومة لهن:

فاطمة: هل يفكر عاقل في الجريمة؟ الشيء الذي تريدونه منا هو البقاء والتحلل في هذا القبو. إذا لم نُقضَ بالمعاناة والمرض فسوف يقتلوننا.

زهـرا: الفعل الذي تريدين منا هو بمثابة الموت ألف مرة، وليت الموت…

مريـم: كفى بالله عليك. كما لو أننا نترك أنفسنا لهم حتى نقطع أنفسنا. لو أن هناك حلاً، حسنًا… لما لا؟!

زهـرا: الفرق بين الوجود والفناء كلمة واحدة فقط يا مريم!

فاطمة: لو كان عندك فكرة أفضل للخلاص، لماذا لا تقولين؟

زهـرا: بأي شيء وعدوك للقدوم إلى هنا وقول هذا الكلام؟

مريـم: أنا تعبت… لا أريد البقاء والموت في هذا المستنقع. أنا أحب الحياة، أريد أن أعيش، كالجميع!

زهـرا: طول الحياة ليس مهمًا يا مريم! فاملأي عرض حياتك.

مريـم: أريد الجلوس والبكاء… لطالما كانت أمي تقول البكاء يُثقل المرء.

زهـرا: ويكون أثقل عند الوقوف على السجادة، حيث تُنقي الصلاة رأسك من البغض.

مريـم: الطقس اليوم شديد البرودة! شديد البرودة…

فاطمة: كان الطقس ممطرًا، حين أخذت منك فسحة… رأيت بخار أنفاسي، كان باردًا، كانت جميع الأشجار عارية! إنه الشتاء…

مريـم: الشتاء؟! ليس شهرًا، ليس شهرًا نكون فيه هنا.

فاطمة: هذا أمر لا يصدق. تقول لي عدة أسابيع… كيف تتحملين؟!

زهـرا: ها تذكرين يا مريم؟! إنها تمطر ثلجًا، إنها تمطر ثلجًا، على الأشواك والجرانيت… هل تغنين لأجلي؟

مريـم: ترقب العيون طريق القوافل بأصوات الجرس، بعيدًا، ذاك الكوخ المضيء إلى جوار النار، يقص على أبنائه قصة عمو النيروز.

فاطمة: ماذا بكم؟

مريـم: ماذا كانت القصة يا زهرا؟

زهـرا: حاولي أن تتذكري.

مريـم: قلت… قلت… لا أذكر.

زهـرا: حاولي، حاولي يا مريم، كنت معلمة أدب. لا يجب أن تنسي هذه الأشياء.

مريـم: كنت قد قلت… لا أذكر، لا أذكر. نسيت، فقدت ذاكرتي.

زهـرا: لا، لا يجب أن يحدث هذا. يجب أن تتمرني. التمرين! تمرني يا مريم.

فاطمة: ماذا تفعلين؟

مريـم: كنت قد قلت إن الحياة جميلة، القول وعدم القول، الكثير من الملاحظات مخبوء هنا… أجل، أجل أن يأتي، أن يذهب، أن يجري، أن يعشق، أن يجلس المرء مغمومًا، أو أن يطأ الناس بأرجل السعادة، أن يعمل، أن يعمل…([49])

سيدة تعتزل العالم بعد استشهاد زوجها:

عانت بعض زوجات الشهداء من صعوبة الحياة بعد استشهاد رجالهن، وقد أصيبت بعضهن بأمراض نفسية عقب سماع نبأ استشهاد الزوج. وتلك هي واحدة من الأفكار التي اعتمد عليها المؤلف محمد أمير ياراحمدي في مسرحية (خداي عشق- إله العشق). فالمسرحية تتناول وصفًا لحالة مريم التي ألمّ بها المرض بعد استشهاد زوجها أحمد، وجهود الإخوة والأبناء الرامية إلى إخراجها من أزمتها.

حامد: ألم تتجاوز هذه المرحلة؟ عساها تتحسن؟

مهدي: لا.

حامد: انظر، أنت فقدت الأمل، أليس كذلك؟ حسنًا، لكن ألا يتغير الوضع.

مهدي: حاولنا مدة ست سنوات، وقمنا بكل ما يمكن…

حامد: حسنًا جدًا.

مهدي: أنا خائف.

حامد: من ماذا؟

مهدي: من أن تزداد الأوضاع سوءًا أكثر مما هي عليه.

حامد: أليس مسار المرض بالصورة الحالية مرضيًا؟([50])

 

[1]– عليرضا اسدى، بحران درام نويسى براى دفاع مقدس، دو ماهنامه نقش صحنه، شماره 18، بهمن و اسفند 1386هـ.ش، صـ8.

[2]– دفاع مقدس و تاثير آن در سينما وتئاتر،  موسسه فرهنگی و اطلاع رسانی تبیان، 1390هـ.ش.

[3]– المكان الخاص بألعاب القوة التقليدية.

[4]– حسين فرخى، مرورى بر تئاتر دفاع مقدس در دههء شصت، صـ73.

[5]– رضا اسماعيلى، هشت يادداشت كوتاه دربارهء ادبيات مقاومت وپايدارى، مجلة شعر، شماره 39،  نیمه اول زمستان 1383هـ.ش، صـ79.

[6]– حسين فرخى، مرورى بر تئاتر دفاع مقدس در دههء شصت، صـ74.

[7]– رضا اسماعيلى، هشت يادداشت كوتاه دربارهء ادبيات مقاومت وپايدارى، صـ79.

[8]– محمدرضا سنگرى، ادبيات پايدارى، مجله شعر، شماره 39، نیمه اول زمستان 1383هـ.ش، صـ 53.

[9]– لقب قديم لكبار رجال الترك

[10]– حسين فرخى، مرورى بر تئاتر دفاع مقدس در دههء شصت، صـ74.

[11]– رضا اسماعيلى، هشت يادداشت كوتاه دربارهء ادبيات مقاومت وپايدارى، صـ79.

[12]– مائدة النيروز وتضم سبعة أنواع من الأطعمة تبدأ بحرف السين.

[13]– هفت سين جبهه، هفته نامه حيات طيبه، شماره 243، جمعه 28 اسفند 1394ه.ش، صـ2.

[14]– رضا صابرى، گزيده ای از متن مظلوم پنجم، راجع صـ 76.

[15]– مهدى حامد سقايان، فرهنگ جامع تئاتر دفاع مقدس، بنياد حفظ آثار ونشر ارزشهاى دفاع مقدس، جلد اول،1390هـ.ش، صـ79.

[16]– سيد حسين فدايى حسين، سير تحول‌ مضامين‌ نمايشى در تئاتر دفاع‌ مقدس، روزنامه جام جم- جمعه 28 فروردين 1388هـ.ش- سيد حسين فدايى حسين، بررسي تئاتر دفاع مقدس يا نگاه آسيب شناسي، سايت ساجد، 19/4/1390هـ.ش- سيد حسين فدايى حسين، نگاهى به مضامين دفاع مقدس در نمايشنامههاى پيش و پس از 8 سال دفاع مقدس؛ شاهد اندىشه فصلنامه فرهنگى و پژوهشى.

[17]– شاگرد: قرار است كه درباره جنگ انشاء بخوانم. جنگ یعنی خراب شدن خانه ها و خیابانها و مدرسه ها. جنگ یعنی اسم كوچه ها را عوض كردن نام یك نفر شهید را روی آن گذاشتن جنگ یعنی اینكه آدم دیگر دلش نمی خواهد مدرسه تعطیل باشد. جنگ یعنی صاف كردن كوچه های تنگ كه اگر شهردار می خواست آنرا خیابان بكند چند ماه طول می كشید. جنگ یعنی لباس سیاه مادرم كه خیلی وقت است از تنش بیرون نیاورده است، مادرم ده نفر از خانواده اش را از دست داده است و من   خاله ام را دختر خاله ام را و پسر خاله ام را و مادر بزرگم را كه به او بی بی می گفتیم. همه شان یكشب با یك موشك از بین رفتند. ما صبح فهمیدیم. وقتیكه به محله شان رفتیم دیدیم كه خانه شان صاف صاف شده است. همة آنها آن شب در خانة مادر بزرگم مهمان بودند. آنقدر خانه صاف شده بود كه من نفهمیدم كجا به كجا است. پدرم هم همینطور، وقتیكه راسته بازارشان بمباران شد در كركره ای مغازه اش را كه همیشه به من سفارش می كرد قفل آن را محكم ببندم، داغان شده بود و تمام اجناس مغازه به بیرون پرتاب شده بود. پدرم هم دیگر دل و دماغ رفتن سر كار را ندارد، و همه اش در خانه می نشیند و رادیو گوش می دهد. وقتیكه صدای آژیر قرمز می آید. رنگ از رویش می پرد و ما را به پناهگاه می برد پناهگاه زیر ستون است.

مسعود سمیعی، نمایشنامه چهار خاطره از جنگ، منتخب مسابقه نمایشنامه نویسی دفاع مقدس،  بنیاد حفظ آثار ـ مدیریت ادبیات و انتشارات، خرداد 1373هـ.ش.

[18]– نگار: من نمی تونم بدون اين قاليچه جايی برم.

بشير: مگه اين قاليچه  مهمه يا جون خودت؟ زودباش دىگه آبجی. من به بچه ها قول داده م.

نگار: نكنه به كسی گفته باشی كه من مونده م توی شهر؟

بشير: مگه دىوونه م؟ بعد بچه ها نمی گن عجب آدم باغيرتی هستی كه آبجی ت رو نفرستاده ی بره؟

نگار: من دلم اينجاست بشير، نمی تونم برم.

بشير: لجبازی نكن نگار! همه رفته ن. مونده ن چندتا جوون محل و دويست سيصدتا نيرو توی شهر. تُو اين محل يكی تومونده ی يكی هم يه پيرمرد سيگارفروش؛ سر خيابون.

نگار: پس هنوز كسی هست كه توی شهر مونده باشه!؟

بشير: دلت خوشه … تا برمی گردم حاضر شده باشی ها. (خارج می شود.(

(نگار بقچه را برمی دارد. از دار قالی بالا می رود. بر گلوله های نخ زرد و قالی نيمه تمام دست می كشد. ناخودآگاه دفتين شانه را برداشته بر ردىف آخرين گرهها می كوبد. ضربه ها پی در پی شده و كم كم با ريتم موسيقی هماهنگ می شود. با تغيير نور، از پشت دار قالی، ماهور وارد می شود).

نمايشنامه نخل وكوسه، ناصح كامگاري، تهران، تالار فارابی؛ 1376هـ.ش.

[19]– هجرة الإيرانيين داخل إيران وخارجها، يحيي داود عباس، دورية مختارات إيرانية، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، يونية 2011م.

[20]– جاويد: خدا حافظ همگى. خدا حافظ دوستان. من دارم مى رم سفر.

مرد: كجا؟ تو بازداشتى.

جاويد: من هر چى پول توى جيبم دارم مى رم به ت بذارم برم.

مرد: تو مرتكب جرم شدى. من مامور ومعذور. مى دونى چه قدر دنبالت گشتم؟

جاويد: هر چه پول دارم مى دم به ت من رو نديد بگير. بذارم برم.

مرد: هر جا برى، من نه، يكى ديگه پيدات مى كنه. آخه كجار رو دارى برى؟

جاويد: مى خوام برم اون ور آب، به آفريقا. مى خوام به آفريقا برم.

مرد: كدوم كشور؟

جاويد: فرانسه. ميون كشورهاى آفريقايى بيشتر از همه از فرانسه خوشم مى آد.

مرد: چه جورى مى خواى برى؟

جاويد: نمى تونم بگم.

مرد: ما از همه چيز خبر داريم. تو مى خواى برى اون ور آب، به فرانسه. كلى پول دادى كه توى كشتى ميرزا كوچك خان قايمت كنند ببرنت اون ور آب. من يه سفر به فرنسا رفتم، پايتختش دمشق خيلي جاى قشنگى ئه. اما مى گم چرا نمى رى استراليا؟

محمد يعقوبى، نمايشنامه رقص كاغذپاره ها، نشر اندیشه سازان، 1383هـ.ش.

[21]– [در آغاز همه چيز تاريك است]‌ صداي محسن: مادر اين پنجره را واكن هواي تازه بياد تو.

صداي مادر: چه هواي تازه اي مادر؟!‌ من كه از كاراي تو سر درنمي آرم. اينجا همه چيز بهم ريخته است.

[مادر پنجره را مي گشايد  نور به صحنه مي پاشد. در آن سوي پنجره مسجد جامع خرمشهر به چشم مي خورد. دور تا دور پنجره تا درون صحنه را گلهاي قرمز پُر كرده است كه به صحنه طراوت خاصي مي بخشد.]

محسن: [به مادر] بيا نگاه كن مادر! از اينجا گلدسته هاي مسجد جامع چقدر قشنگن [به گلها خيره مي شود بر آنها دست مي كشد مي بويدشان]‌ چه عطري پيچيده اينجا؟!‌

مادر [با اخم]: تو يه دنده اي. اينجا يه مخروبه بيشتر نيس. خودت كه مي بيني. منُ سر پيري دنبال خودت كشوندى كه چي بشه؟!‌

محسن: تو كه بهتر مي دوني. تو غربت داشتم مي پوسيدم مادر! هميشه ي خدا دلم اين جا بود، غصه نخور هر طور شده رو براش مي كنم.

مادر: آخه تو بايد به فكر منم باشي. منكه نمي تونم هي اين طرف و اون طرف دنبالت بدوام.

محسن: تو امروز خسته اي. بهت حق مي دم. استراحت كني حالت جا مي آد. [رو به پنجره] مادر بيا از اين پنجره زندگي رو تماشا كن. باورت مي شه تو خونه ي خودمون نفس مي كشيم؟

مادر [با اندوه]: كاش اينقدر عجله نمي كردى!‌مي ذاشتي خودشون بسازنش حالا…

محسن: [عصباني]: كي؟ چند سال دىگه؟ وقتي كه من و تو تو غربت مردىم!! نكنه به آوارگي عادت كرده اي يا بهت خوش گذشته؟ [دور صحنه مي گردد.]‌ من به اينجا تعلق دارم. [رو به پنجره] به اين كوچه ها [با بغض]‌ به اين مسجد [مكث] تو غربت ذره ذره آب مي شدم.

عبدالرضا حياتي، نمايشنامه بوى خوش جنگ، كتاب‌هاى سيمرغ وابسته به موسسه انتشارات اميركبير، 1389هـ.ش.

[22]– افسانه: امیر حالا كه دیدنِ‌ من عذابت می ده ـ می خوام راحتت بذارم. من از این جا می رم. برای رسیدن به تو همه ی پلهای پشت سرم را خراب كردم اما حالا دیگه خسته شدم. از تو، از خودم. از زندگی م.

[افسانه روسری روی رخت آویز را بر می دارد. تا داخل ساك بگذارد. اما با نگاهی به امیر از این كار منصرف می شود. با ساك كنار در می ایستد]‌

افسانه: امیر! امیدوارم یه روزی خوب بشی.

امیر: یك دقیقه صبر كن.  [امیر شاخه ی گلی را به طرف افسانه می گیرد]‌

امیر: تو به من قول دادی یادته؟ قول دادی با من مثل دریا باشی.

افسانه: من از كودكی از دریا می ترسیدم. آخه تا اون موقع دریا نرفته بودم. حتی ساحل رو هم ندیده بودم وقتی بهم گفتن می خوام بزنیم به دریا، ترس برم داشت. ترسیدم نكنه تو دریا غرق بشم.

امیر: دریا مهربونه.

افسانه: من از موج های دریا می ترسم. من از خودم هم می ترسم.

امیر: پرواز می كنیم، مثل دو تا پرنده.

افسانه: نمی فهمم امیر.

امیر: بخواه تا بفهمی.

افسانه: سخته.

امیر: بمون.

افسانه: برام دعا كن!

امیر: پنجره را باز كن افسانه!‌

افسانه: دلم می خواد ولی…

[افسانه از اتاق خارج می شود. امیر به طرف پنجره می رود. پنجره را بغل می كند و می گرید سپس از داخل كوله پشتی بادگیر سفید رنگی را بیرون می آورد]

محمد جواد کاسه ساز، نمايشنامه با من مثل دریا، منتخب مسابقه نمایشنامه نویسی دفاع مقدس ـ خرداد 1373هـ.ش، بنیاد حفظ آثار ـ مدیریت ادبیات و انتشارات.

[23]– عباس: اين وظيفه ما رو سنگين مي‌كرد، ده‌ها تپه افلاك كه پشت هر كدوم ده‌ها روستا و آبادى منتظر آب بودن.

رضا: ما بايد فكر مي‌كردىم، اما تو عجله داشتي.

عباس: نمي‌تونستم بشينم و فكر كنم، يعني خيال اون همه روستاهاي تشنه نمي‌گذاشت.

رضا: حالا فكر مي‌كني چه كار مهمي كردى خودت رو از بين بردى تا يه روستا رو آباد كني. فقط يه روستا!

عباس: من خودم رو از بين بردم. من حالا يه جاي سالم تو بدنم نيست ولي ما موفق بودىم رضا. حالا تازه داره راه كار باز مي‌شه. بعدى‌ها مي‌تونن راحت از روي جنازه‌ ما رد بشن و جلو برن.

سيدحسن فدايى حسين، تپه افلاك، كتاب‌هاي سيمرغ- وابسته به مؤسسه انتشارات اميركبير، 1389هـ.ش.

 

[24]– مي فهمي… يه شوق داشتم… به طوري سرم گرم بود…(دور مي شود) چقدر به دلم وعده دادم… چقدر خودمو مشغول كردم…(با فرياد) ميدوني واسه چي؟ كه نفهمم اطرافهم چي ميگذره… كه چي داره به سرم مياد…(مي گريد) فكر اينجاشو نمي كردم…(مي نالد) همه چي تموم شد… تموم شد… (به دور صحنه مي گردد) من بيچاره به آخر خط رسيدم…(با خشم به طرف جسد) حالا واسه پارهء استخوونات يه تشييع جنازهء حسابي ميگيرن، با يه قبر ويه سنگ قبر به اين گندگي… بعد هر شي جمعه ميان سر قبرت، هاي هاي گريه ميكنن… بهتر از اين نميشه… يه دو سه هفته كه گذشت همه چيز عادى ميشه، يه وجب خاك رو قبرت ميشينه… منم از همين مي ترسم… (مي گريد) چقدر تشنهء دىدارت بودم. چقدر دلم مي خواست پيدات كنم… عبد الرضا حياتي، داغ دل جبهه، كتاب‌هاي سيمرغ- وابسته به مؤسسه انتشارات اميركبير، 1389هـ.ش.

[25]– سميره: خبرنگارم؛ يه خبرنگار درب و داغون؛ در بدر مثل باد. ما هم توي اين جنگل بزرگ هايي داريم و هويي، و يه دوربين که هميشه دوست داشته ام باهاش از پرنده ها عکس بگيرم.

[سميره از بي بي و امين که اکنون درکنار هم هستند عکس مي گيرد.]

سميره: [ادامه] از عراق اومدم.

بي بي: [جا مي خورد] عراق؟!

سميره: [عادى] از راه ترکيه. من بيشتر عمرم رو تو تاريکخونه گذروندم؛ تک و تنها؛ حتي سايه اي هم نداشته ام که گاهي براش درد دل کنم… با مادرش رفته بيرون، نه؟ عاطفه رو مي گم.

[سميره دوربين را بر نيمکت نهاده، به سراغ چمدان مي رود، و اين بار پارچه اي سبز رنگ بيرون مي آورد.]

بي بي: اومدى کي چي؟!‌

سميره: اَه، باز سرم گيج رفت. بلند که مي شم جلوي چشمام تاريک مي شه. مي خوام بخورم زمين. [با اشاره به پارچه] رنگش قشنگه، نه؟ جنسش هم بد نيست. براي نرگس خانوم گرفته ام، مادر عاطفه.

بي بي: گفتي… خبرنگاري، درست شنيدم؟

سميره: اما از همه جا بي خبر، خنده داره، نه؟

مرتضى داريوندنژاد (سخاوت)، نمايشنامه فرودگاه، بنياد شهيد انقلاب اسلامى- تهران، نشر شاهد ١٣٧۶هـ.ش.

 

[26]– صداي يوسف: اجازه هست؟  مريم: [عقب نشيني مي كند]…

صداي يوسف: ممكنه بيام داخل…؟

مريم: من مسلحم… كيه؟ [به سرعت يك سرنيزه نظامي را از زير بالشت بيرون آورده و در دست مي گيرد.]

صداي يوسف: غريبه نيست!  مريم: در قفل بود چه جوري اومدى داخل؟

صداي يوسف: مگه منتظر نبودى؟

مريم: تو كي هستي؟ من، من تنها نيستم. [نگاهى به عكس يوسف]

صداي يوسف: پس برمي گردم… هر وقتي كه تنها شدى… شايد يك وقت دىگر.

[صداي پاي يوسف كه در حال برگشتن است. مريم با عجله و تند در زيرزمين را باز مي كند وحشت زده و متعجب از     پله ها پايين مي آيد. و فقط نگاه مي كند. لحظات مي گذرد. يوسف با لباس نظامي خاك آلوده و با يك كوله پشتي در يك طرف شانه آويزان و يك قمقمه در كمر با پوتين هاي خاك آلوده]

يوسف: [همان دم در] سلام…!

مريم: [با سر نيزه در دست در حال عقب نشيني.] نه… ولي… چه جوري؟

يوسف: مواظب باش اون قاب عكس را نشكني.  مريم: تو… اينجا؟!

يوسف: چرا تعجب مي كني!؟ تو كه به دىر اومدناي من عادت داشتي… البته اين بار حق داري از آخرين باري كه دىدمت مدتهاست كه مي گذره…

مريم: [هنوز وحشت دارد] آ… آخر… آخرين بارت؟ يادم نمي آد… حالا كه نمي خواي بيايي تو؟!‌

يوسف: مگه صمت منو نداشتي؟… يا اينكه كس دىگه اي هست كه من نبايد ببينمش!

عليرضا حنيفي، قطار جنوب، انتشارات عابد، زمستان 1383هـ.ش.

[27]– پدر: [با تأکيد] خدا رو شکر که به موقع رسيدىم به دادش. [سکوت]

سمن: اگه تحويلش بدىم، حتماً طبق قرارداد ژنو باهاش رفتار مي کنن.

پدر: اين حرف اگه از دهن يه دختر بچه شنيده بشه، خيلي با مزه اس؛ ولي از جانب تو مضحکه، سمن.

سمن: چرا پدر چرا؟

پدر: توي اين مملکت، رعايت قرارداد ژنو، يه شوخي دست چندمه که فقط بين کارمنداي صليب سرخ، رد و بدل مي شه.

سمن: اينطور نيست پدر،‌ هيشکي حق کشتن اسرا رو نداره.

پدر: حتي اسراي فراري رو؟

سمن: اصلاً چرا ما بايد جونمون رو به خاطر اون، به خطر بندازيم؟

پدر: من تويِ‌ زندگيم، در شرايط بدتر از اين هم، کسي رو لو ندادم، سمن.

سمن: هر چي بيشتر بگذره،‌ جرم ما سنگينتر مي شه. نذارين به صبح بکشه پدر.

پدر: وقتي نا به تنش برگرده، شايد خودش يه راهي پيش پامون بذاره.

سمن: اگه اون راه به جايي داشت، اين جا چه مي خواست پدر؟

پدر: فکر نمي کني درست به همين دليل بايد به اون کمک کرد؟

سمن: نمي خوام مشاجره راه بندازم؛ اما اين کار خودکشي محضه.

پدر: اگه تا فردا حوصله کني؛ حتماً يه راهي پيدا مي شه. حالا پاشو کمک کن چمدون ها رو ببريم بالا.

محمدرضا برمايون، صبح صادق، منتخب مسابقه نمايشنامه نويسي و دومين جشنواره تئاتر دفاع مقدس- سال 1374هـ.ش، بنياد حفظ آثار ـ مديريت ادبيات و انتشارات.

[28]– محسن: با دلم زندگي مي كنم. خودم انتخاب كرده ام و گله اي ندارم.

صبريه: از من نفرت دارين؟

محسن: چون عراقي هستيد؟ نه!‌

[هر دو رو به پنجره.]‌

صبريه: نمي دونم چكار كنم؟ فرداي من تاريكه!

[نور به آرامي مي رود و باز مي گردد.]

[صبريه تنها رو به پنجره ايستاده كه محسن با ويلچر وارد مي شود.]

محسن: نكنه از دىشب تا حالا دم اين پنجره اين؟

صبريه: اصلاً خواب به چشمم نرفت.

محسن: نياز به آرامش دارين.

عبدالرضا حياتي، بوي خوش جنگ، كتاب‌هاي سيمرغ وابسته به موسسه انتشارات اميركبير، 1389هـ.ش.

 

[29]– مرد جوان : { با تعجب} نمی بینی؟! – به دور رو برت یه نگاهی بنداز! به اتاق، به این تخت خواب ، به این گلدون پر از گل، به این میز ، به این پاکت پر از سیب {با تاکید} به من ! … اینجا یه آسایشگاهه ومن یه مریضم ، آسیه !… تا کی باید هم تورو، هم خودم رو ، هم بقیه روفریب بدم ، گیریم که دکتر ماهان بگه چیزیش نیست یا تو… پس ین همه چیزچیه ؟ اگه ازاین دَخمه نمی زنم بیرون ،عاشق چار دیواریش نیستم یا فکر کنی دلم رفته تو رنگ سفیدروپوش دکترها وپرستارهاش ، نه. می خوام  هر چی دارم همین جا دفن کنم  ، بذارو برم ، یا میشه یا نمی شه .

زن جوان : تا کی اسماعیل ؟

مرد جوان : نمی دونم .

زن جوان : {کلافه وعصبانی } نمی دونم ، نمی دونم ، تو همش همینو می گی {وبا تاکید } نمی دونم…چرانمی گی چی به سرت اومدهتو جبهه ها چراخودت خوری می کنی؟ چرا حرف نمی زنی ؟ چرا دندون رو جیگر می ذاری؟ {بافریاد} چرا نمی گی حُجّت کیه ؟

جمشيد خانيان، نمایشنامه اسماعیل اسماعیل، بنیاد حفظ آثار و نشر ارزشهای دفاع مقدس، 1380هـ.ش.

[30]– احمد: گفتم كه حتماً مياد. به شرطي كه تو نه غصه بخوري، نه گريه كني . قبول؟

نرگس: يه خورده كه مي تونم گريه كنم. آخه اگه گريه نكنم دلم مي تركه!

احمد: باشه، گريه كن اما فقط يه خورده. انقدر كه دل بابا برات تنگ بشه و بياد دىدنت. [به سمت در حياط مي رود.]

نرگس: شما دارين مي رين؟   احمد: …

نرگس: مادرم كه اومد، بگم شما اومدىن؟

احمد: بگو، اگه دوست داري بگو.   نرگس: فردا باز هم مياين؟

احمد: نه، اما فردا يه نفر مياد. همين ساعت. همين جا، زنگ خونه رو مي زنه. اون يه قاصده. ولي نامه اي نياورده. اون فقط يه خبر برات مياره، خبر رفتن بابا رو به سمت خورشيد. وقتي شنيدى، مبادا غصه بخوري! مبادا زياد گريه كني! تو به پدرت قول دادى. [احمد از در بيرون مي رود . نرگس لحظاتي رفتنش را نگاه مي كند. انگار نمي تواند آنچه را كه دىده است باور كند. بر   مي گردد سمت قفس. پرنده داخل قفس تكان نمي خورد . نرگس به آسمان و خورشيد نگاه مي كند. در چشمهايش، پرنده اي به سمت خورشيد مي رود.]

سيد حسين فدايى، زنگ خاطرات نرگس، انتشارات عابد، 1378هـ.ش.

[31]– معصومه راغبي، چهره زن ايرانى در مطبوعات بيگانه، ماهنامه پيام زن، فروردىن – 1384هـ.ش.

[32]– مردان هنگام رفتن: در برابر هر چه پیش آمد، دلاور باشید.

زنان: سرزمین را به که وا می گذارید؟

مردان: به خدا و به شما زنان.

گیسو سفید (رهبر زنان): امید خواب را از چشمهامان می بریم امشب.

دو تن از زنان وحشت زده با دیدن تیرگی دشت و دود و تیر و انفجار می آیند: تکلیف چیست؟

گیسو سفید: تکلیف را باید یافت … آینه ها را بردارید و گرد بمانید که ماندن ما به گرد ماندن است.

[33]– فتح الفتوح کار خوب بچه های باختران، گفتگو با نصرت الله سیافی، جمهوری اسلامی (ویژه نامه آغاز پنجمین سال پیروزی انقلاب اسلامی(، 1361/11/21هـ.ش.

[34]– فريبا شيرازي، سومين يادواره تئاتر دفاع مقدس، نشريه پيام زن، دفتر تبليغات اسلامي حوزهء علميه قم، شماره 55، مهر 1375هـ.ش، صـ82.

[35]– زن در حالی که لباس نظامی بر تن دارد و همه داراییش یک اسلحه است، بر بالای جسد فرزند خردسالش به مرور خاطرات تلخ و شیرین زندگی پرداخته و در ابتدا اگر چه به نظر می رسد از مرگ شوهر، فرزند و اقوامش دچار بهت و خیرگی است، اما به تدریج از سخنانش بوی حماسه استشمام می شود.

ستاره! بی پدر، بی مادر، بی همه اینها می شه بود، اما بی خاک نمی شه بود … نمی خوام این خاک را بذارم و برم. شوهرم می گفت: من نمی رم، ولی تو برو. اما من می رفتم و برمی گشتم …

… من می میرم ستاره! ولی نه، من باید مقاومت کنم. من زنده می مونم. بالاخره یک روز زندگی به شهر ما برمی گرده، می خوام خودم خاکت کنم ستاره، می خوام خودم بشورمت، ولی نه، ستاره! شهید غسل و کفن نداره.

محمد چرمشیر، نمایشنامه گفت‌وگوی بی پایان ستاره با مادرش به وقت مردن، نشر صنوبر؛ 1378هـ.ش.

[36]– فريبا شيرازي، سومين يادواره تئاتر دفاع مقدس، صـ82.

[37]– دکتر پورآزما خسته از صمت بهبود مجروح در فرار از اضطراب خود استعفا داده است. او حالا مسؤولیتی در بیمارستان ندارد، اما برای آخرین بار بر بستر مجروح که می گویند دیگر کوچکترین آثار حیاتی در او دیده نمی شود، حاضر شده و با وی سخن می گوید:

ایناها، پیدات کردم جواد آذرسینا. دانشجوی پزشکی که انقلاب فرهنگی بهت خورده بود و هفت سال پیش توی اداره آموزش با هم آشنا شدیم. یه نفر دیگه هم بود. ما سه تا جواد بودیم. یادت هست؟ حالا دیگه پنهان کاری بی فایده است. نگو که چیزی یادت نیست. تو باید به یاد بیاری. چشماتو باز کن. ملحفه رو کنار بزن. بلند شو جواد. می شنوی؟ تو رو صدا می زنم، جواد آذرسینا.

در این احوال دکتر عطاران وارد می شود و حضور این دو کنار هم به درگیری لفظی می انجامد.

دکتر پورآزما: تو جواد رو شناخته بودی، اما به روی خودت نمی آوردی.

دکتر عطاران: تو دنبال چی بودی؟ بله این همونه. جواد آذرسینا. این رنجی که حالا می کشه به خاطر شماس. چون نذاشتین راحت تموم کنه. چرا نگهش داشتین؟ به خاطر خودتون؟

دکتر پورآزما: … وقتی آوردمش اینجا تو فرار کردی. از خودت بود که فرار می کردی. تو خودتم از خودت متنفر بودی و این تنفر رو با روندن اونایی که تو رو به یاد خودت می انداختن، نشون می دادی.

دکتر عطاران: اون مرده.

دکتر پورآزما: هرگز.

دکتر عطاران: اون مرده و تو نمی تونی با خیال اینکه یک جوری خودتو به اون مربوط کنی وجدانتو راحت کنی.

دکترعطاران:اطلاع بدین بیان جسد رو ببرن.

دکتر پورآزما: تو توی گرمی سایه اون بود که درستو می خوندی. کجا می خوای بری؟ … باید بمونی و بلند شدنشو ببینی و باور کنی!

دکتر عطاران: معجزه می کنین؟ دیوانه!

ـ دکترپورآزما(رو به تخت): بلند شو بایست. به خاطر من نه، به خاطر اینا نه، به خاطر خودت … بلند شو جواد تو نباید افتاده باشی!

دکتر پورآزما فرو می افتد. ملحفه تکان می خورد. عطاران وحشت زده سر جایش می ماند. پورآزما پایین تخت در خود فرو رفته است، با دیدن کسی که روی تخت بر پا می ایستد فریاد می کشد … او کسی جز «هنگامه» نیست.

هنگامه: سلام.

محمود ناظري، نمايشنامه هنگامه، بنياد حفظ آثار ـ مدىريت ادبيات و انتشارات، خرداد ماه 1375هـ.ش.

[38]– نوع من الطبول يُستخدم في التعزية.

[39]– مرد شاهد شهادت همرزمانش بوده و اینک دست به گریبان اندوه و افسردگی شدید، هر چه می گوید بوی یأس و ناامیدی می دهد. اما زن که «دمام» (نوعی طبل که ظاهرا از آن در تعزیه استفاده می شود) بر گردن دارد، مرد را به شرکت در تعزیه ترغیب می کند. دمام را می نوازد و حماسه عاشورا را می سراید. شال سبز دور گردن را بر پیشانی می بندد و می خواند:

ـ منم عباس نام آور

… و مرد بی اختیار جمله او را پی می گیرد. حضور مرد در تعزیه حیات دوباره او است. زن نذر کرده است که همسرش در این تعزیه نقش آفرینی کند.

زن: فقط اسلحه به دست گرفتن، از این خاکریز به آن خاکریز دویدن، تانک عراقی زدن و … جنگ نیست. در زندگی نترسیدن هم خودش یک جنگه.

[40]– فريبا شيرازي، سومين يادواره تئاتر دفاع مقدس، صـ82.

[41]– مي ترسم بعد از اين همه چيز عادى بشه… دىگه مادرت هم تحويلم نگيره…(در فكر) هر روز سحر نزده، در خونه رو مي زد وگفت: كه هنوز خونه أي، پس كي ميري دنبال پسرم بگردى؟! من مي گفتم: دارم آماده ميشم كه برم… بعد گريه مي كرد ومي گفت: مي ترسم بميرم وپيداش نكنم… (بالاي سر جسد) چقدر اين صمت شيرين بود… (بر مي خيزد) كاش… كاش پيدات نمي كنم… (با خشم) تو كه به اين زودى مي خواستي پيدا بشي چرا گم شدى؟… چرا؟! (مي گريد) دىگه به چي دلمو خوش كنم؟… به چه اميدى روزمو به فردا سر كنم؟… (مي نشيند بالاي سر جسد) اگه منو دنبال خودت ميكشوندى، حالا اين وضعم نبود… همه چي مثل يه خواب گذشت، مثل قصه هايي كه مادرت واسمون ترعيف مي كرد…

عبد الرضا حياتى، داغ دل جبهه، كتاب‌هاي سيمرغ- وابسته به مؤسسه انتشارات اميركبير، 1389هـ.ش.

[42]– نوع من الحلوى أصغر من الفندق ويصنع من السكر والحبوب المعطرة. محمد معين، فرهنگ فارسي معين،  چاب اول، انتشارات فرهنگ نمت لا همكارى انتشارات كتاب آراد، 1387هـ.ش، صـ1169.

[43]– [ليلا در آينه مي نگرد. نوري سرخ در آينه طلوع مي کند،‌ زنان بي شماري را مي بينيم که در طلوع خونين به نظاره اند. ليلا آنچه را در آينه مي بيند، خون تمام است.]

ليلا: به من بگوييد در آينه مي نگرم يا در خون؟ يکي به اين عروس بگويد. اين آينه سپيد بود. روشن بود. کسي صدايم را مي شنود؟ منم ليلا، ليلا حقيقت، خواهر سيد مهيار حقيقت،‌ فرزند سيد امين حقيقت. من عروسم، عروس. اولين عروسي که در اين محله، عروسيش به مسجد است. کو ماه؟ کو آينه؟ کو قرص قمر؟ کو شب چهارده؟ کو رخت نو؟ کو صداي دف؟ کو صداي دف؟ کو بارش نقل شيرين شادماني؟ يکي به من بگويد معناي کلماتي که مي گويم! معناي خوني که در آينه ي بختم تابيده چيست؟ به من بگوييد. باز کسي چشمانم را مي بندد.

سعيد تشکري، نمايشنامه عاشق ترين روزگار، منتخب مسابقه نمايشنامه نويسي و دومين جشنواره تئاتر دفاع مقدس، بنياد حفظ آثار ـ مدىريت ادبيات و انتشارات، سال 1374هـ.ش.

[44]– مادر: ببين دخترم. منم مي دونم كه قهر نمك زندگيه، آشتي شكرش. اما اينجا قضيه فرق مي كرد. اگه محرم چهار ستونش سالم بود. اگه سر پا بود و اون محرم سابق بود، مي اومدم دنبالت، برت مي گردوندم خونه… اما من كه خودم مي دونستم اين زندگي چقدر سخته، گفتم حالا كه مي ري، لابد دىگه نمي خواي برگردى، منم اگه بيام دنبالت اصرار بيخودىه… از خدا پنهون نيست از تو چه پنهون، چند دفعه خواستم زنگ بزنم، گوشي را برداشتم، شماره را گرفتم، اما چشمم كه به محرم افتاد بي اختيار گوشي را گذاشتم. انگار با چشماش مي گفت: نه، مي گفت: اذيتش نكن… حالا كه رفته بذار بره دنبال كار و زندگيش.

يعقوب صدىق جمالي، نمايشنامه محرم زنده است، انتشارات عابد، زمستان 1383هـ.ش.

[45]– صوت الدجاج المنزلي أثناء وضع البيض. حسن انورى، فرهنگ بزرگ سخن، انتشارات سخن، تهران، 1381هـ.ش، صـ5497.

[46]– امیر: بامزه بود نه؟! خوب دیگه، ما اینیم! (مكث) آخه چطوری می تونم تركت كنم. می شنوی؟ صدای پرنده های دریائی یه، اومدن دنبال من، دیگه باید برم. (مكث) هی! یه روزی ام با هم می ریم. می ریم اون جلو جلوها. جایی كه دیگه ساحلُ‌ نبینم اون وقت یه عروسی، عروسی دریا. خوب دیگه من خیلی دیرم شده. فعلًا خداحافظ.

[امیر به طرف پنجره می آید. می خواهد آن را باز كند. اما پنجره قفل است . تلاش فراوان می كند اما كاری از پیش نمی برد]

امیر: صدای منُ می شنوی؟ بغض گلومُ‌ ببین. می خواد بتركه. آخه دلم تنگ شده می خوام داد بزنم. [با خنده]‌ می خوام بگم كاش هیچ وقت نمی دیدمت!

[امیر روسری را از رخت آویز بر می دارد و می خواند]

امیر: از عشق تو من مرغم باور نداری قدقد…

[امیر به وسط صحنه می آید، روسری را بالای سر می برد و ناگهان آن را رها می كند، روسری روی زمین پهن می شود. خنده های آهسته ی امیر بلند و بلندتر می شود]

امیر: خودتی! آخه من كه دیوونه نیستم، البته عاقل هم نبودم.

محمد جواد کاسه ساز، نمايشنامه با من مثل دریا، منتخب مسابقه نمایشنامه نویسی دفاع مقدس، بنیاد حفظ آثار ـ مدیریت ادبیات و انتشارات، خرداد 1373هـ.ش.

 

[47]– مادر: من از شما راضى نيستم. از هيچ كدوم تون راضى نيستم. چون با هم خوب رفتار نمي كنين. مدام به هم فحش مي دين. اصلا به هم احترام نمي ذارين. يه روز نشده كه با هم جر وبحث نكنين. همه اش بد وبيراه، بحث ودعوا.

ناهيد: ناصر بايد از يكى حساب ببره. از تو كه حساب نمي بره. من بايد باهاش اين طور رفتار كنم كه از من حساب ببره.

مادر: تو ناهيد زبانت خيلى تلخه. مشكل تو اينه كه بلد نيستى به زبان خوش حرف بزنى.

ناهيد: مگه اين همه سال كه تو به زبان خوش باهاش حرف زدى، نتيجه گرفتى؟

مادر: آره. او به من احترام مي ذاره، اما به تو نه.

ناهيد: به تو احترام مي ذاره؟ اگه احترام مي ذاشت، به تو مي گفت كجا داره مي ره.

مادر: شنيدى، كه اول ش گفت شب بر نمي گرده. من از ش نپرسيدم، خودش به من گفت. اما همين كه تو ازش پرسيدى كجا مي خواد بره، جواب نداد.

ناهيد: تو مامان، پسرت رو لوس بار آوردى.

مادر: تو نمي دوني چه طور با دىگران رفتار كني. با شوهرت هم همين طور غلط رفتار كردى كه الان نيست كمك مون كنه.

ناهيد: ناصر رفت چون دنبال بهانه مي گشت كه بره. چون تنبله. على هم همين طور. هر دو تا شون تبل اند. دو تا شون رو بايد بست به يه گاري.

محمد يعقوبي، نمايشنامه زمستان 66، تهران، انتشارات قصيده، اسفندماه ؛1377‏هـ.ش.

[48]– نمایش «همیشه ماندگار» گوشه ای از حماسه ی زنان گمنام هشت سال دفاع مقدس را به تصویر می كشد، خبرگزارى ايسنا، 23 تير 1387هـ.ش.

[49]– فضای نمور، کثیف و تاریک سیاهچالی که زنان اسیر را در آن اندخته اند، نمایانگر اوج رنجی است که آنان می برند. مریم و زهرا یکی معلم ادبیات و دیگری معلم ریاضی است که در یورش عراقیها به اسارت گرفته شده اند. آنها برای حفظ روحیه خود تلاش می کنند و سومی فاطمه شاید منافقی است که برای شکستن آخرین مقاومت آنها به میدان آمده است:

فاطمه: آیا عاقلانه فکر کردن جرمه؟ چیزی که تو از ما می خوای موندن و پوسیدن تو این دخمه است. اگه با درد و مرض هم نمیریم اونا می کشنمون.

زهرا: کاری رو که تو از ما می خوای هزار بار مردنه، و کاش مردن …

مریم: تو رو خدا بس کنین. مثل اینکه ما

اونا رو گذاشتیم تا خودمونو پاره کنیم. اگه راهی باشه، خوب … چرا که نه؟!

زهرا: فاصله بین هستی و نیستی فقط یک کلمه است مریم!

فاطمه: اگر فکر بهتری داری که بشه خلاص شد، پس چرا ساکتی؟

زهرا: چه وعده ای بهت دادن که بیایی اینجا و این حرفها رو بزنی؟

مریم: دیگه خسته شدم … دلم نمی خواد تو این فاضلاب بمونم و بمیرم. من زندگی کردن را دوست دارم، می خوام زندگی کنم، مثل همه!

زهرا: طول زندگی مهم نیست مریم! عرض زندگیتو پر کن.

مریم: دلم می خواد بشینم و گریه کنم … مادرم همیشه می گفت گریه آدمو سبک می کنه.

زهرا: و سبکتر وقتی می شی که پای سجاده، سر دعا بغضت بترکه و خالی بشی.

مریم: امروز خیلی سرده! خیلی سرد …

فاطمه: از تو محوطه که می آوردنم، هوا بارانی بود … بخار نفسم رو می دیدم، سرد بود،

همه درختها لخت بودند! زمستونه …

مریم: زمستون؟! نه ماه، نه ماهه که اینجاییم.

فاطمه: باور کردنی نیست. به من گفتن چند هفته … چطور تحمل کردین؟!

زهرا: آرش یادته مریم؟! برف می بارد، برف می بارد، به روی خار و خارا سنگ … برام می خوانی؟

مریم: راهها چشم صمت کاروانی با صدای زنگ، آنک، آنک کلبه ای روشن در کنار شعله آتش،قصه می گویدبرای بچه های خود،عمونوروز.

فاطمه: شماها چتونه؟

مریم: قصه چی بود زهرا؟

زهرا: سعی کن یادت بیاد.

مریم: گفته بودم… گفته بودم … یادم نمی آد.

زهرا: سعی کن، سعی کن مریم. تو معلم ادبیات بودی. نباید این چیزها رو فراموش کنی.

مریم: گفته بودم … یادم نمی آد، نمی آدم. من فراموش کردم، دارم حافظمو از دست می دم.

زهرا: نه، نباید این اتفاق بیفته. باید تمرین کنیم. تمرین! تمرین کن مریم،

فاطمه: شما چی کار می کنین؟

مریم: گفته بودم زندگی زیباست، گفته و ناگفته، ای بس نکته ها کاینجاست … آری، آری آمدن، رفتن، دویدن، عشق ورزیدن، در غم انسان نشستن، یا به پای شادمانیهای مردم پای کوبیدن، کار کردن، کار کردن ….

حسن باستاني، نمايشنامه همیشه ماندگار، تهران، حوزه هنری، بهمن؛1387هـ.ش.

[50]– حامد: عبور از يك مرحله نيست؟ شايد بهتر بشه؟

مهدي: نه.

حامد: ببين، شما ها تقريبًا قطع اميد كرديد، درسته؟ پس وضع تغييرى نمى كنه.

مهدي: شش سال تلاش كرديم، هر كارى كه مى شد انجام داديم…

حامد: خيلى خوب.

مهدي: مى ترسم.

حامد: از چى؟

مهدي: اوضاع از اين كه هست، بدتر بشه.

حامد: سير بيمارى به اين صورتى كه هست رضايت بخشه؟

محمد امير ياراحمدى، نمايشنامه خداى عشق، سايت جامع دفاع مقدس، 1390هـ.ش.

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة