8 مارس، 2024 7:21 ص
Search
Close this search box.

القدرات العسكرية الإماراتية والإيرانية بين الكم والنوع

Facebook
Twitter
LinkedIn

إعداد / مازن محمود علي
تعج منطقة الخليج العربي بجيوش دول مدججة بالسلاح بالإضافة إلى قوات أجنبية على خلفية الأهمية الاستراتيجية لهذه المنطقة على الأمن العالمي للطاقة وتوترات حدودية بين وحداتها الإقليمية، لتبقى
(معضلة السجين الأمنية) الشهيرة هي من تشرح حال العلاقة بين قطبيها الرئيسيين؛ دول مجلس التعاون الخليجي والجمهورية الإيرانية. مفاد معضلة السجين أن فك التوتر في المنطقة لايرقى إلى ثقة متبادلة بين الطرفين تحل هذه المعضلة في نديّة سياسية ثقافية وإقتصادية تتمظهر على حشد عسكري وإعلامي ومقارعة في اكثر من بقعة جغرافية من منطقة الشرق الأوسط في ظل وجود قضايا ذات صلة غير مستقرة معرضة للصراعات مثل قضية العراق واليمن والآن سوريا.

يواجه مجلس التعاون الخليجي تهديداً من إيران وهي إحدى القوى الإقليمية الطموحة التي تسعى للحصول على أسلحة نووية. لكن وجود القوات الأمريكية وفّر إلى حد كبير حالة ردع من تطور أي نزاع إلى مواجهة شاملة. ورغم أن الولايات المتحدة لا تزال ملتزمة بشكل كبير بتأمين الاستقرار لدول “الخليج العربية” ودورها الحيوي فيه فإن خفض الإنفاق الدفاعي وإعادة التوازن للاستراتيجية العالمية الأمريكية تجاه آسيا ربما يفضي إلى تخفيض عدد القوات الأمريكية المنتشرة في الخليج حتى لو ازداد التهديد الإيراني يوماً بعد يوم.

تزداد جيوش دول الخليج العربي ديناميكية يوماً بعد يوم، مدفوعة بالتكنولوجيات التحويلية والآراء الناشئة حول القومية والتعليم في “مجلس التعاون الخليجي”. ويذكر الباحث مايكل نايتس[1] إن مقارنة جيوش دول “الخليج العربية” بالقوات المسلحة الأمريكية يعتبر أمراً غير مفيد حيث إن دولاً قليلة جداً قد تعكس نتائج إيجابية جراء هذه المقارنة. إلا أن الأمر الأكثر نفعاً في هذا السياق هو مقارنة قدرات القوة العسكرية لدول “مجلس التعاون الخليجي” الرئيسية — السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت وسلطنة عمان — بتلك الخاصة بشركاء واشنطن العسكريين من أوروبا وآسيا. واستناداً إلى عينة من مقاييس تقاسم الأعباء العسكرية التي استعرضناها في هذه الدراسة، وجدنا أن دول “الخليج العربية” تأتي في مرتبة جيدة كشركاء عند مقارنتها بدول حليفة للولايات المتحدة مثل تركيا وبريطانيا واستراليا وكوريا الجنوبية وتايوان وألمانيا.

ويرى نايتس أن تطوير قدرات عسكرية مناسبة وقوية داخل دول “مجلس التعاون الخليجي” ربما يكون ممكناً تماماً إذا رُكزت الجهود على المهام الأكثر أهمية لاستكمال ما تتمتع بها الولايات المتحدة من قدرات ولردع إيران. ومن الممكن أن يتم دعم تطور هذه القدرات في كافة أرجاء دول “الخليج العربية” بدلاً من التركيز المحدود على واحد أو اثنين من المعجزات العسكرية (على سبيل المثال، دولة الإمارات العربية المتحدة) على حد قول نايتس.

لهذا كان يجب دول مجلس التعاون الخليجي أن تبدأ بتطور استراتيجية دفاعية متكاملة مقابل التحديات والتهديدات التي تهدد أمنها القومي إلى جانب المهام الدفاعية مجموعة من المهام الدفاعية الأكثر حساسية التي ربما سيجد مجلس التعاون نفسه أمامها في غضون السنوات والعقود المقبلة. مثل تسهيل مرور ناقلات النفط عبر مضيق هرمز وحماية البنية التحتية الحساسة والدفاع المدني والأمن السيبراني[2] في المنطقة، وبالتالي نموذج الرفاه الخليجي.

تعتبر دولة الإمارات العربية المتحدة – نموذجاً فاقعاً لهذا الرفاه الإقتصادي بموقعها الجغرافي كواجهة بحرية تقابل الواجهة البحرية الإيرانية بالإضافة إلى ملف الجزر الإماراتية الثلاث المحتلة من قبل إيران – وهي جزء حيوي من أمن الخليج تطلب منها جهوزية عالية وامتلاك أدوات صراع عالية التقنية لتوازن بها التهديد الإيراني وتحقق مروحة أمنية بالتعاون مع دول الخليج الأخرى، هذه الثلاثية تتلخص بـ:

الأمن الداخلي والدفاع المدني وحماية البنية التحتية الحيوية.
الإنذار المبكر المشترك والدفاع الجوي والصاروخي المتكامل.
الدفاع عن “المناطق الاقتصادية الحصرية” والمياه الإقليمية والموانئ.
وبإجراء مقارنة بين القدرات العسكرية الإماراتية والإيرانية سنلحظ ميزة نسبية لصالح إيران في عدد الأفراد العاملين في الجيش الإيراني وعدد القطع الحربية المتنوعة من كافة الأصناف، إلا أن الكثير من القطع الحربية العسكرية الإيرانية تعاني من تقادم الزمن عليها وحاجتها للصيانة المكلفة جداً وقطع الغيار التي يصعب تأمينها في ظل الحصار الدولي المطبق عليها، بينما تعتمد الإمارات العربية المتحدة على التكنولوجيا المتطورة وقدرة سيطرة وتحكم مركزية عالية التقنية فضلاً عن امتلاكها أحدث الاسلحة في مجالي الدفاع الجوي وسلاح الطيران، وفيما يلي استعراض مجدول للقدرات العسكرية الإيرانية والإماراتية كما عرضها موقع تقرير واشنطن عن مركز الدراسات الدولية والإستراتجية الذي نشر سلسلة تقارير حديثة يستعرض خلالها القدرات العسكرية لمجموعة من دول الشرق الأوسط تتضمن إيران والمملكة العربية السعودية، والعراق، والكويت والبحرين، واليمن، وعمان وقطر والإمارات.

أولاً: القدرات العسكرية لدولة الإمارات العربية المتحدة·:

يعد الإنفاق العسكري الإماراتي من أعلى معدلات في المنطقة، حيث تجاوزت الـ 9 مليار دولار سنويا بين 2003 و2005، مقارنة بمتوسط إنفاق 3 مليار دولار سنويا في عهد التسعينيات. كما تشير الدراسة الصادرة عن مركز الدراسات الدولية والإسترتيجية إلى حجم واردات الأسلحة الهائل في الإمارات: 3,7 مليار بين 1993 و1996، 4,2 مليار بين 1997 و2000، و6,8 مليار بين 2001 و2004.

القوات البرية الإماراتية

يقول التقرير إن الجيش الإماراتي أحرز انجازات كبيرة في تجديد مقدراته العسكرية من حيث الاستحواذ على التقنيات الحربية الحديثة، ولكنه لازال يواجه صعوبات ملحة بما يتعلق بغياب التدريب اللازم لتشغيل العدد الكبير من المعدات الحديثة التي تشتريها الحكومة الإماراتية كل عام. وورد في الدراسة أن الجيش الإماراتي تضمن في الماضي عناصر أجنبية (ضمنهم عناصر عمانية) ولكن حاولت الحكومة في السنوات الماضية أن تحد من الاعتماد على العنصر الإماراتي الوطني.

القوات الجوية

وفي تقييمه للقوات الإماراتية يقول التقرير إن الخبراء يجمعون أن الإمارات تتمتع بإحدى أفضل القوات الجوية بمنطقة الشرق الأوسط من حيث المعدات وطائرات، وإن كان التدريب لازال في حاجة إلى تحسين.

القوات البحرية الإماراتية

ثانياً: القدرات العسكرية لإيران:

يذكر نفس التقرير الصادر عن مركز الدراسات الدولية والإستراتيجية أن مصادر الواردات العسكرية الإيرانية شهدت تغيرا ملحوظا منذ ثورة 1979 عندما انقطعت الواردات من السلاح الأمريكي وبدأت إيران تعتمد على الصين والإتحاد السوفيتي، علاوة على دول شرق أوروبا لتوفير المعدات العسكرية، وإن خسرت إيران العديد من مقدراتها الحربية أثر الحرب مع العراق في عهد الثمانينات.

القوات البرية الإيرانية

يشير التقرير إلى أن الجيش الإيراني يتمتع بحجم كبير من القوات البرية مقارنة بجيوش دول الخليج. ويقول كوردسمان إن عدد الدبابات بالجيش الإيراني شهدت زيادة ملحوظة في السنوات السابقة، من 1,135 عام 2000 إلى 1,565 في 2003 و 1,613 عام 2006. ويشير التقرير إلى أن عدد الدبابات “الحديثة” طبقا للمعايير السائدة لا تتعدى الـ 580 دبابة، وعدد الدبابات الجاهزة للاستعمال لا تتعدى الـ 1,000. ويذكر التقرير أن إيران تستورد الأسلحة المضادة للدبابات من روسيا والصين وأوكرانيا، كما تصنعها محليا طبقا للنماذج السوفيتية التي تمتلكها. كما تنتج المصانع الحربية المحلية قاذفات الصواريخ المتعددة. وفي تقييمها العام للمقدرات الجيش الإيراني، تقول الدراسة إنه بالرغم من تحسينات في تنظيم وإعداد قوات الجيش، لازالت القوات تعاني من قصور ملحوظة من حيث قدرتها على صيانة المعدات الحربية وتوفير الإعداد والتدريب الكافي للموارد البشرية. ويوضح المؤلفان أن مقدرات الجيش الإيراني تعتبر دفاعية في طبيعتها، حيث أن التدريبات المعدات المتوفرة لا تؤهل القوات للقيام بمهمات كبيرة خارج البلاد.

القوات الجوية الإيرانية

تتكون القوات الجوية الإيرانية من 52,000 شخص بما فيهم من 15,000 في قطاع الدفاع الجوي. وتمتلك إيران أكثر من 300 طائرة حربية. ويقول التقرير أن القوات الجوية تعاني من ضعف في إمكانيات الصيانة. كما تعتبر المقدرات التكنولوجية المتوفرة للقوات قديمة مقارنة بالقوات الإقليمية الأخرى. وفيما يلي تلخيص لموارد

القوات البحرية الإيرانية

ختاماً لابد من التنويه وأنه وبالرغم من زيادة الإنفاق العسكري الإيراني في السنوات الماضية نتيجة ارتفاع صادرات النفط (23 مليار دولار عام 2000 إلى 33,6 مليار عام 2003 إلى 62 مليار عام 2006)، نجد أن الواردات العسكرية الإيرانية في هبوط مستمر. على سبيل المثال هبطت واردات السلاح الروسي من 1,3 مليار دولار في الفترة 1993-1996 إلى 0,1 مليار في 2001-2004. وانخفضت واردات السلاح الصيني لإيران من 0,9 مليار إلى 0,1 مليار في نفس الفترة. ولذا ركزت إيران في العهود الماضية على تطوير صناعة السلاح المحلي، ولكن تشير الدراسة أن تلك الجهود لم تسفر عن نتائج ملحوظة في تحسين وضع القطاع العسكري الإيراني الذي يواجه عدة تحديات خطيرة أهمها فشل إيران في توفير قطع غيار للمعدات العسكرية الغربية التي لازالت في حوزة جيشها، إضافة إلى تردي حالة المعدات الحربية القديمة، وغياب التقنية التكنولوجية الحديثة التي تتمتع بها جيوش الخليج الأخرى.

 

المراجع:

ملاحظة: إن المعلومات والأرقام الواردة مستقاة من عرض للتقرير الذي أعده أعدها الباحثان في مركز الدراسات الدولية والإستراتيجية أنتوني كوردسمان وخالد الروحان المنشور بموقع تقرير واشنطن.
[1]- مايكل نايتس هو زميل ليفر في معهد واشنطن، ومتخصص في الشؤون العسكرية والأمنية للعراق وإيران وليبيا واليمن ودول الخليج. وقد اضطلع ببحوث واسعة عن الدروس المستفادة من العمليات العسكرية الأمريكية في الخليج منذ عام 1990

[2]- السّيبرانية هي ترابط حواسيب مع أنظمه اوتوماتيكيه. والنظم السيبرانيه المركزيه ستنسّق كل آلات والمعدات التي ستخدم كل المدينه، الأُمه ، والعالم بشكل شامل لتحقيق اعلى رفاهيه للبشر جيمعا. يمكن للمرء ان يفكر بهذا كنظام الكتروني عصبي لا إرادي يمتد في كل مناطق التركيبه الإجتماعيه.

نقلاً عن مركز المزماة للدراسات والبحوث

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب