خاص: إعداد- سماح عادل
قد تتشبث بعض النسويات بفكرة المساواة ما بين الجنسين لدرجة متطرفة تجعلها تنكر وجود اختلافات نوعية في تركيب الدماغ والتركيب الجسدي بشكل عام ما بين المرأة والرجل.
الثقافة والفروقات..
تغرس الثقافة غرس الفروق بين الجنسين، لأن الاختلافات في بنية الدماغ بين الجنسين تنشأ بالتربية أكثر مما تنشأ بالفطرة. الدماغ طيّع، يمكن تطويعه بالتجربة والتدريب. الصبيان والفتيات قد يتعرضوا منذ سن صغيرة لأشكال التنميط الجنسي التي تحثهم على عمل سلوكيات معينة أوالقيام بأدوارا معينة وفق نوع الجنس.
الطفل يمتص المعلومات الاجتماعية، وعندما يمارس تلك السلوكيات التي تملي عليه تتكيف الدوائر العصبية لديه بشكل تدريجي وفقا لسلوكياته بحيث يتشكل الدماغ وفقا للقوالب النمطية الجنسية التي يمليها عليه المجتمع.
تصنيف الألعاب بحسب نوع الجنس لها تأثيرات كبيرة على أدمغة الأطفال منذ المراحل الأولى من العمر، لأن أوقات اللعب تعد بمثابة فرص للتدريب تتشكل خلالها دماغ الطفل.يتعرض الأطفال لرسائل توحي بالسلوكيات والأدوار المتوقعة منهم كأولاد وبنات، وتسهم هذه الرسائل في تشكيل نظرتهم لمكانتهم في العالم
مثلا الألعاب التركيبية، مثل “ليغو” أو ألعاب الفيديو مثل “تتريس”، تركيب المكعبات بطرق مبتكرة يساعد في بناء الشبكات العصبية التي تساعد في المعالجة المكانية والبصرية للمعلومات. وكلما تدرب عليها الطفل تحسنت مهاراته، وقد يحصل يوما ما على وظيفة تحسن هذه المهارات. إن تصنيف الألعاب وفرص التدريب بحسب القوالب النمطية للفتيات والصبيان قد يغذي الفروق بين الجنسين.
في دراسة قامت بعملها عالمتا النفس “ميليسا تيرليكي ونورا نيوكومب” إلى أن ألعاب الفيديو، مثل تتريس، تنمي المهارات المكانية لدى الفتيات وتسهم في تقليص الفوارق بينهن وبين الأولاد في هذه المهارات.
التنميط الجنسي..
إحدى مشكلات القرن الحادي والعشرين أننا نصادف التنميط الجنسي في كل مكان، بدءا من مواقع التواصل الاجتماعي ووصولا إلى الحملات الإعلانية التي تملي سلوكيات وأدوار معينة على الذكور والإناث. إذا اعتقدنا أن هناك اختلافات بين أدمغة الرجال والنساء، وأن هذه الاختلافات يترتب عليها فروق في المهارات والأمزجة والشخصيات، ستتأثر حتما نظرتنا لأنفسنا وإمكانياتنا أو نظرتنا لغيرنا وتوقعاتنا لإمكانياتهم بحسب النوع الاجتماعي.
النسوية..
رأي أستاذ علوم الأعصاب بجامعة “كمبريدج””جو هيربرت” أن التاريخ يظهر أن القمع ضد النساء كان منتظما. وأن المرأة اعترفت بذلك لفترة طويلة، ويقول: “من الحقائق التاريخية أن الرجال أدركوا أن قمع المرأة حقيقة واقعية، وأنه لم يعد مقبولاً. إلا أن التقدم نحو المساواة بين الجنسين، رغم حدوثها، كانت محدودة للغاية. والتقدم المحقق نحو تحقيق المساواة بين الجنسين، وإن كان قد حدث ، لم يكتمل بعد ويختلف اختلافا ملحوظا بين الثقافات المختلفة”.
لذا فإن الحركة النسوية تستحق التشجيع والدعم إلا أنها تصر على عدم وجود اختلافات حقيقية في أدمغة وسلوك الرجال والنساء. وإنكار الاختلافات الحقيقية بين الجنسين في المخ إنما هو إنكار لاستقلالية كل منهما. لا أحد يجادل بأن الرجال، بشكل عام أقوى من النساء. لأن الذكور يملكون المزيد من هورمون التستوستيرون Testosterone. فإذا أخذت النساء كميات غير طبيعية من هرمون التستوستيرون أو المواد ذات الصلة، وهذا ما حدث بين الرياضيات من ألمانيا الشرقية، وكانت النتيجة أنهن أصبحن أقوى، أو أكثر شبها بالرجال. ولكن حتى بدون أي تدخل هرموني، فإن بعض النساء أقوى بطبيعة الحال من بعض الرجال. بمعنى أن الاختلافات بين الجنسين، قد تحدث بعيداً عن هرمون التستوستيرون.
الثدييات..
الثدييات وقرد البابون مثلا، من الصعب تصور أن ضغوطا اجتماعية، مثل تلك التي يعيشها النساء تؤثر عليهم. ومع ذلك هناك اختلافات ملحوظة وواضحة بين الجنسين، ليس فقط في حجم الجسم، ولكن أيضا في السلوك.ويحدث هذا مع معظم أنواع الثدييات الأخرى.
ورأي “هيرببرت” إن الاختلافات في القدرة والدوافع والظروف هي السبب في ثراء مجتمعاتنا. إن ذلك الثراء نتيجة واحدة للاختلافات بين الجنسين في السلوك. لابد من قبول إمكانية أن يكون هناك عدد أكبر من الرجال يعملون في مهن مثل السباكة أو الميكانيكا أكثر من عدد الإناث، وأن عددا أكبر من النساء يعملن في مهن مثل التمريض والطب النفسي أكثر من الذكور. قد يكون لذلك علاقة بالاختلافات الحقيقية في المخ. ولذا فمن الخطأ أن تحاول بعض ناشطات الحركة النسوية القضاء على التمييز من خلال القضاء على الاختلافات الواقعية بين الجنسين، التي هي حقيقة لا يمكن نكرانها”.
الاختلاف في التفكير بين الرجل والمرأة..
العقل البشري عضو بالغ التعقيد، توصلت دراسات اختصت بالمعرفة، والإدراك، والذاكرة، والوظائف العصبية في الدماغ البشري إلى وجود اختلافات في تلك الجوانب بين الرجل والمرأة، تعود الاختلافات إلى عوامل وراثية وهرمونية وبيئية مختلفة، ولا تعني أفضلية أحد الجنسين على الآخر، أو ارتفاع نسبة الذكاء لديه مقارنة بالآخر، وإنما تشير إلى اختلاف في الآلية التي يعمل فيها دماغ كل منهما، حيث يستخدم الرجال أجزاء مختلفة من الدماغ لتشفير الذكريات، واستشعار العواطف، والتعرف على الوجوه، وحل بعض المشكلات واتخاذ القرارات عن تلك التي تستخدمها النساء، مما يؤدي إلي وجود العديد من الاختلافات في طرق تفكير المرأة والرجل في عدّة أمور:
مواجهة الضغوط:
يختلف الاثنان في الطريقة التي يواجهان بها الضغوط، حيث يتعامل الرجل مع ضغوط الحياة من خلال مواجهتها أو الهروب منها عند عجزه عن مواجهتها تجنبا لطلب المساعدة من الآخرين، بينما المرأة تواجه الضغوط بإستراتيجية مختلفة تماماً تسمّى “الميل والصداقة”، إذ بينّت “تشيلي إليزابيث تايلور” أستاذة علم النفس في جامعة كاليفورنيا أنّ المرأة تستخدم إستراتيجية الميل والصداقة التي تجعل اهتمامها بتقوية علاقات الصداقة والروابط الاجتماعية يزيد عند تعرّضها لضغوطات الحياة، بهدف إيجاد حل مع استمرارية اهتمامها بنفسها وأطفالها أثناء ذلك.
يعود السبب في هذا الاختلاف إلى الهرمونات، فعند تعرض أي ذكرا كان أم أنثى للضغط يُفرز الجسم هرمون الأوكسيتوسين (Oxytocin) للتخفيف من الشعور به، وهو الهرمون الذي يعززه هرمون الإستروجين (Estrogen) الأنثوي، مما يُساعد على الحفاظ على الهدوء والتؤدة عند المرأة، أما هرمون التستوستيرون (Testosterone) الذي يُفرَز لدى الذكور فإنّه يُقلّل من أثر هرمون الأوكسيتوسين مما قد يتسبب بزيادةٍ في درجة الانفعال لديهم.
القدرات الرياضية:
دماغ الإنسان يتكون من عدد من الأجزاء الصغيرة، ومن هذه الأجزاء الفص السفلي الجداري (Inferior-parietal lobule) والذي تتمثّل وظيفته في معالجة المعلومات الحسية، إضافةً إلى معالجة المعلومات الرياضية الذهنيّة، ونظراً لكبر حجم الفص الجداري لدى الذكور مقارنة بالإناث خاصة ذلك الموجود في الجهة اليسرى تكون القدرات الرياضية الذهنية والتحليلية عند الرجال أعلى من النساء، فيما يُرى أنّ النساء يُركزن على المثيرات التي تتطلب قدراً أعلى من الدقة كالانتباه إلى بكاء الطفل في منتصف الليل مثلا، حيث يعُّد ذلك من مسؤوليات الجزء الأيمن في الدماغ والذي هو أكبر عند النساء.
حل المشاكل:
الرجل يميل عند معالجة القضايا المختلفة إلى المعالجة بشكل أفضل في النصف الأيسر من دماغه، بينما تميل المرأة إلى المعالجة بشكل متساو في جزئي الدماغ الأيمن والأيسر، وهذا يؤثر على كيفية معالجة القضايا لدى كل منهما، فمعالجة القضايا وحل المشاكل عند الرجل تتميز بأنها باتجاه واحد، مما يترتب عليه تفكير الرجل في قضية واحدة، أما المرأة تتميز بأن معالجة القضايا لديها تكون بشكل إبداعي أكثر من الرجل، كما أنها تهتم بمشاعر الآخرين أثناء ذلك.
اللغة:
تتميز المرأة بتفوقها على الرجل في الموضوعات القائمة على اللغة والتفكير المرتبط بها بسبب وجود قسمين مسئولين عن اللغة لدى المرأة، وهما أكبر من القسمين المسئولين عن اللغة لدى الرجل، بالإضافة إلى أن المرأة تعالج اللغة في نصفَي الدماغ أما الرجل فتتم معالجة اللغة عنده في الجزء الأكبر من دماغه، لذا فإنّ تركيب دماغ المرأة ووجود مراكز للغة في نصفي الدماغ يساعدها على التعافي بشكل أسرع في حالات السكتة الدماغية التي تؤثر على مراكز اللغة، بينما يتطلب التعافي منها وقتا أطول عند الرجل.
كمّا أن ذلك يخلف تفاوتا كبيرا بين الرجل والمرأة فيما يتعلّق بعدد الكلمات التي ينطقها كل منهما خلال اليوم الواحد، وعدد الحبال الصوتية المستخدمة أثناء ذلك، وحركات الجسد.
الانفعالات والألم..
تتميز النساء بعاطفتهن وقدرتهن على التعبير عن مشاعرهن أمام الآخرين، مما يزيد من قدرتهن على التواصل، إلا أن ذلك يجعلهن أكثر عرضة للاكتئاب من الرجال، كما تؤثر التغيرات الهرمونية التي تمر فيها النساء خلال فترات معينة في الحالة العاطفية لديهن كتأثرهن باكتئاب ما بعد الولادة مثلاً، وبشكل عام فإنّ عملية التفكير لدى الرجل تتسم بكونها عمليّة منطقيّة بعيدًة عن العواطف، كما أنّ نمط التفكير لديهم يتوجه في خطوط مستقيمة دون تداخل للأفكار، على عكس المرأة التي يتميّز نمط التفكير لديها بأنه تشابكي متشعب.
كما تميل المرأة للحديث عن ألمها وتسعى لمعالجته بصورة كبيرة، فيما يتعامل الرجال مع الألم بشكلٍ مختلف، بالإضافة إلى أنّ تعرّض المرأة للألم يتطلب كمية أكبر من المُسكّنات للوصول إلى مستوى الألم نفسه مع الرجل.
الاهتمام بالتفاصيل:
تتميز النساء عن الرجال بالتركيز على التفاصيل بشكل كبير، وهذا يفسّر سبب ما تقضيه النساء من وقت طويل أثناء اجتماعاتهنّ التي تتم فيها مناقشة الأمور بتفصيلاتها الكاملة، على عكس الرجال الذين يواجهون القضايا بصورة مباشرة دون الخوض في التفاصيل، بالإضافة إلى قدرة المرأة على التنقل بين الحقائق والمشاعر بيسر وسهولة بسبب كِبر الجسم الثفني أو الصوار الثَفَني (Corpus Callosum) في الدماغ، والذي يُمثّل مجموعة واسعة وسميكة من الأعصاب التي تربط جانبي الدماغ الأيسر والأيمن معاً، حيث يُلاحظ أنّه عند النساء أكبر بنسبة 25% منه عند الرجال.
تمييز الألوان: المرأة تملك القدرة علي التمييز بين الألوان المختلفة بسبب الاختلاف في مقدار الأطوال الموجية الذي يحتاجه كل منهما لإدراك اللون نفسه، مما يجعل الرجال يرون اللون البرتقالي أكثر حُمرة مقارنةً بالنساء، فيما ترى النساء العُشب أكثر خُضرة مثلاً، وقد بيّنت الدراسات أن النساء يعتبرن الأكثر قدرة على التمييز بين الألوان، كما أنّ الرجال أقل قدرة على تمييز ظلال كل من الألوان: الأزرق، والأخضر، والأصفر وهي الألوان التي تتوسط طيف الألوان.
وبالمقابل فإنّ الرجال يتميزون بقدرة أعلى على تتبع الأجسام سريعة الحركة، بالإضافةً إلى إدراكهم الأكبر لتفاصيل الأجسام الأبعد.
القدرة المكانية:
دماغ المرأة محاط بطبقة أكثر سمكاً من تلك التي تحيط بدماغ الرجل، مما يقلل من قدرتها على تدوير الماديات من حولها بذات الحرية التي يدوِّرها بها الرجل، حيث تعتبر هذه الخاصية إحدى ركائز القدرة المكانية، وهو الأمر الذي يكسبه القدرة على استحضار الأشياء والربط بينها بعلاقات ديناميكية مما يعزّز قدرة الإدراك المكاني لديه، كما وُجد أنّ الرجال يميلون إلى تخيُّل الأجسام بشكل ثلاثي الأبعاد، مما يولّد لديهم القدرة على تصوّرها من جميع الزوايا وهذا بسبب كِبَر الفص الجداري لأدمغتهم.
أسباب اختلاف دماغي الرجل والمرأة..
يمكن حصرها في مجالات رئيسية أربعة وهي:
المعالجة:
يحيط بدماغ الإنسان قشرة دماغية تحتوي على 2 مل إلى 4 مل من المادة الرمادية، وهذه المادة لها الدور الأساسي في كلٍ من معالجة المعلومات وحركة العضلات، وتشير الدراسات إلى أنّ الرجال يستخدمون سبعة أضعاف المادة الرمادية عند معالجة القضايا المختلفة، والتي ينتج عنها تركيز الرجال بشكل كبير في مسألة معينة يريدون حلها، لذا فإنّهم يتميزون في إنجاز المشاريع التي تحتاج إلى تركيزٍ عالٍ، أما النساء فتستخدم عشرة أضعاف المادة البيضاء الأساسية الموجودة في قشرة الدماغ، والتي تُمثّل شبكة من الخلايا وظيفتها ربط المادة الرمادية مع مراكز المعالجة المختلفة في الدماغ، لذا فإنّ النساء تسعى لتغيير المهام الموكلة إليهن بشكل أسرع من الرجال، مما يُفسّر تميُّز النساء في السباقات متعددة المهام.
الكيمياء:
يُفرز دماغ الإنسان عدداً من المواد الكيميائية العصبية التي تُساعد الإنسان على البقاء على قيد الحياة بمساعدة المواد الكيميائية الأخرى التي يفرزها الجسم. وهذه المواد الكيميائية العصبية يتم معالجتها بدرجاتٍ مختلفة في أدمغة الذكور والإناث ومن خلال اتصالات بين العقل والجسم، كما أنه يتم معالجة المادة الكيميائية العصبية بطريقة مختلفة في كل من دماغ الرجل والمرأة. ومن هذه المواد الكيميائية هرمون التستوسيرون والذي يُعتبر هرمون ذكري؛ إذ إنّه يُفرز في أجسام الذكور بنسبة أكبر منه في أجسام الإناث، على عكس هرمون الإستروجين الذي يُفرز لدى الإناث بنسبة أكبر منها لدى الرجال.
اختلاف المواد المُفرزة ليس هو السبب الوحيد الكامن وراء الفروقات القائمة بين تفكير الذكر والأنثى، بل إنّ التفاوت في معالجة هذه المواد في أجسام الذكور والإناث يلعب دوراً في هذا، فيُرى أنّ الرجال أكثر عدوانية واندفاعاً من النساء بسبب مستويات هرمون التستوستيرون الأعلى لديهم مثلاً، مما يترتب عليه من اختلاف في معالجة هرمون السيروتونين -الذي يرتبط بالسعادة والاكتئاب- بين أدمغة الرجال وأدمغة النساء، فأدمغة النساء تعالج هرمون السيروتونين بشكلٍ بطيء مقارنة مع كمية إنتاجه الأمر الذي يُفسر سبب تعرّض النساء لحالات من الاكتئاب أكثر من الرجال،كما أن هذا الاختلاف في المواد الكيميائية يفسّر أيضاً قدرة النساء على تقديم تحليلات واستنتاجات أفضل، بينما يتميَّز الرجال بإدراك أعلى وقوة في المهارات الحركية.
كما أنّ المخيخ وهو أحد أجزاء الدماغ يؤثر في الاختلافات بين دماغي الرجل والمرأة، إذ أشارت الدراسات الحديثة إلى تأثير المخيخ على كلٍ من السلوك والتفكير عند الإنسان.
بنية الدماغ:
وتدل كلمة بُنية على الأجزاء التي يتكوّن منها الدماغ، وكيفية بنائها وارتباطها معاً، إضافةً إلى حجمها، وكتلتها، وهذا الاختلاف في بُنية الدماغ يفسّر اختلاف كثير من سلوكيات النساء عن سلوكيات الرجال، ومن الاختلافات تلك المتعلّقة في المراكز اللفظية عند الرجال والنساء، إذ تملك النساء مراكز لفظية موزّعة في جزئي الدماغ الأيمن والأيسر، كما أنّ النساء يستطعن ربط الكلام بشعورهنّ وبتجاربهن الحسيّة، أمّا المراكز اللفظية للرجال فهي موجودة في الجزء الأيسر للدماغ لديهم حيث تتم جميع العمليات المُرتبطة بالكلام في الجزء الأيسر للدماغ فقط. كما أن وجود مراكز لفظية أكثر لدى النساء يُفسر سبب استخدامهن لعدد أكبر من الكلمات أثناء نقاش موضوع أو حدث ما.
كما أنّ الاختلاف في حجم الحصين الذي يعد مركزاً أساسياً للذاكرة في الدماغ ينتج عنه اختلاف في التفكير لدى الجنسين، فهو لدى النساء أكبر منه لدى الرجال، كما أنّ عدد الوصلات العصبية الواصلة بين الحصين ومراكز الإحساس والعواطف أكثر عند النساء،وهو الأمر الذي يُفسر سبب قدرة النساء على مناقشة عواطفهن ومشاعرهن بشكل أفضل من الرجال.
نشاط الدماغ:
تستخدم أدمغة النساء المادة البيضاء بشكل أكبر من الرجال بسبب تدفق الدم إلى دماغ المرأة بصورة أكبر منها إلى دماغ الرجل، كما تتميز النساء بالتفكُّر بعواطفهن واسترجاع ذكرياتهن المرتبطة بالأحاسيس بشكل أكبر من الرجال عند معالجة القضايا؛ وذلك بسبب تدفق الدّم إلى التلفيف الحزامي أو القشرة الحزامية (cingulate gyrus) الذي يعدُّ ما سبق إحدى مهامه، فيما يتميزّ الرجل بقدرته على التحليل والتركيز في أداء المهمة لإنجازها والانتقال إلى ما يليها. إذ إن زيادة تدفّق الدم في أدمغة النساء يرتبط بمستويات التركيز والاتصال، فعند تعرُّض المرأة لمشكلة ما فإنها تفكّر فيها عدّة مرات مع التفكير في تبعاتها العاطفية عكس الرجل الذي يحدث لديه اتصال عاطفي بسيط يتبعه مرحلة من التحليل، فالانتقال إلى أداء مهام أخرى.