8 أبريل، 2024 5:17 ص
Search
Close this search box.

“كوكب حمزة”.. أحب الأغنية التي تحمل قضية واستعان بالفلكور

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص: إعداد- سماح عادل

“كوكب حمزة” عازف، وملحن، وأستاذ جامعي عراقي، اشتهر في سبعينات القرن العشرين.

التعريف به..

ولد في محافظة بابل ناحية القاسم في العراق. درس في معهد الفنون الجميلة في بغداد. وأكمل دراسته في معهد الدراسات الموسيقية.

بدأ كمعلم فنية في مدرسة المربد في البصرة، وبسبب تخرجه من معهد الفنون الجميلة في بغداد أصرّ زملاؤه على أن يقوم بالتلحين. بعد فشل أغنيته الأولى التي سجلها في الإذاعة «مر بيّه» وبأداء المطربة غادة سالم وكتابة طارق ياسين، قرر عمل أغنية عراقية حديثة تواكب الأغنية العربية، يقول: «بدأت أنظر إلى رتابة الأغنية العراقية التي كانت مخنوقة بالمقام والموال والبستة، على العكس من تطور الأغنية المصرية الهائل، واستنتجت بأنني لا يمكن أن أخلق أغنية حديثة بأدوات قديمة».

درس الفولكلور، وأفاده وجوده في البصرة وتنوع الشعراء والملحنين. ولحن أغنية «يا نجمة» بأداء حسين نعمة وكانت مزيجاً من الغناء العراقي الفولكلوري والموشح الأندلسي، وأغنية «القنطرة بعيدة» التي في مدخلها تأثير من غناء البادية.

امتهن التلحين في العراق منذ ستينيات القرن العشرين، وانسجاماً مع حركة التطور ظهرت موجة الأغنية العراقية الحديثة وكانت تحمل ملامح جديدة في أسلوب البناء الموسيقي والآفاق التعبيرية في الألحان وأصوات جديدة خالفت المألوف في شكل الأغنية . هذه الموجة الجديدة كان يقودها مجموعة من الملحنين الشباب أبرزهم كان الملحن “كوكب حمزة” وكانت أولى ألحانه مقطوعة موسيقية بعنوان «آمال».

منع أغانيه..

هرب من العراق يوم 21 تموز 1974، عن طريق زمالة إلى تشيكوسلوفاكيا ومن ثم إلى الاتحاد السوفيتي، بعدها درس الموسيقى في أذربيجان وتنقل ما بين كردستان وسورية وأمريكا، حتى استقر في الدنمارك منذ العام 1989. منع النظام العراقي تداول أغانيه وعد حيازتها جريمة يعاقب عليها، ولكنها بقيت تتداول في الجلسات الخاصة.

أطلق النقاد عليه لقب (مكتشف النجوم) فهو من اكتشف أفضل الأصوات العراقية مثل حسين نعمة ورياض أحمد وستار جبار وسعدون جابر وعلي رشيد. كما قام باكتشاف المطربة المغربية أسماء لمنور، فهو أول من قدمها للجمهور حين لحّن لها أغنية «دموع إيزيس» عام 1997 والأغنية من كلمات الشاعر المصري أحمد فؤاد نجم وقدمت الأغنية في القاهرة بمناسبة الاحتفاء بالشاعر أحمد فؤاد نجم وبمناسبة عيد ميلاده السبعين.

لحّن للعديد من الفنانيين العراقيين والعرب مثل مائدة نزهت، حسين نعمة، ستار جبار، فاضل عواد، كريم منصور، فؤاد سالم، المطربة أصالة نصري حين كانت في بداياتها، المطرب الكويتي عبد الله الرويشد وغيرهم الكثير. له العديد من الألحان التي وضعت للمسلسلات التلفزيونية والأفلام السينمائية. زار العراق بعد سقوط النظام ولكنه عاد إلى الدنمارك.

رثاء..

في مقالة بعنوان (وداعا كوكب حمزة .. فنان الشعب) كتب “هاني الريس” : ” تعرفت على الفقيد الفنان العراقي والعربي الكبير كوكب حمزة قبل أكثر من أربعة عقود تقريبا في لقاء عابر في العاصمة السورية دمشق التي كان صدرها يتسع دائما لاحتضان الآلاف من المناضلين العرب والأجانب من كل بلدان العالم الذين ضاقت بهم سبل العيش في أوطانهم الأصلية بسبب آرائهم السياسية، ولم تتسع إلا لمحاربتهم وتشريدهم، وذلك عندما كنت ورفاقي البحرينيين المناضلين في صفوف الجبهة الشعبية في البحرين نعيش حياة المنافي القسرية ونعمل من أجل القضية الوطنية البحرينية، وقال وقتها إنه كان في زيارة قصيرة للعاصمة السورية دمشق التي كان يتردد عليها بين فترة وأخرى، وكان الرجل في حديثة الخاطف معي حول البحرين متدفقا بمعرفة حقائق الأوضاع المأساوية التي تعيشها البحرين في ذلك الوقت وشد على يدي في مواصلة النضال السياسي ضد الظلم والاستبداد .

وفي أواخر العام 1989 جمعتني الصدفة مع كوكب حمزة في العاصمة الدنماركية كوبنهاجن التي احتضنتنا كلاجئين سياسيين ومنحتنا حق اللجوء السياسي ووفرت لنا الحماية الدولية من الاضطهاد، ومن وقتها ربطتنا علاقة أخوية حميمية استمرت تحث الخطى من دون انقطاع حتى قبل رحيله المفاجئ إلى جوار ربه راضيا مرضيا في 2 نيسان/ ابريل 2024″ .

ويضيف: “كوكب حمزة الذي عشق الفن والسياسة معا ولحن لنجوم الطرب في العراق وغيرها من بلدان الوطن العرب قصائد شعرية أسعدت الناس بطربهم وعذوبة أصواتهم السحرية وأدخلت البهجة في قلوبهم في زمن القهر والردة العربية ومحاولات نظام البعث العراقي قمع الحريات المدنية وتشويه الحركة الثقافية ومحاربة المعارضين السياسيين والمثقفين والفنانين والكتاب والشعراء بسبب آرائهم المناهضة لسياسات النظام البعثي، كان رمزا فنيا يحتدى به في العراق وسائر الوطن العربي المفرد بإنتاجه الغزير في ألحانه الموسيقية والثقافة الفنية .

لقد كان كوكب حمزة الفنان والإنسان الذي لم يتعب من إنتاج المميز في اللحن بسعة أفقه الفني والوطني ووفائه وتفانيه من أجل سعادة الناس ونشر البهجة والفرح في قلوبهم، ظل طوال عمره المديد وبالرغم من كبر سنه الذي بلغ الثمانين من العمر رجل ممتلئ بحيوية الشباب وعنفوان العطاء الفني، وقد عرف كيف يؤثر في أجيال من المطربين العراقيين والعرب ويكتشف نجوميتهم ويصعد بأسمائهم في سماء عموم العالم العربي، وبالإضافة لذلك كان دائما نصير الإنسان المقهور رجلا أم امرأة عراقيا كان أم بحرينيا أم عربيا أم أمميا”.

الالتزام..

في مقالة أخري بعنوان (في وداع كوكب حمزة .. رحيل فنان ملتزم) كتب “مؤيد عبد الستار” : “كوكب ينتمي إلى نخبة الفنانين الملتزمين الذين تمردوا على السلطة الغاشمة التي حكمت العراق طوال ثلاثة عقود واضطروا إلى ترك الوطن واللجوء إلى بلدان بعيدة للخلاص من الملاحقة والاعتقال والتعذيب الذي كان الأسلوب المفضل لسلطة الطغمة التي لاحقت كل من يرفع أصبع الاحتجاج على سياسة النظام المتخلف والذي سلم العراق لقمة سائغة للقوى الكبرى .

رحل صاحب الأغاني التي ترنم بها أبناء الرافدين في وطنهم ومنافيهم .. رحل صاحب أغنية يانجمة .. وأغنية ياطيور الطايرة ..ولكنه سيبقى خالدا في ضمير الناس ما بقيت الطيور تحلق فوق الرؤوس وما زالت يانجمة تتلألأ في السماء .”

مشاكس..

في حوار معه أداره الكاتب “حميد الأمين” حيث استضافه ملتقى الثلاثاء في لقائه الثقافي الأسبوعي يقول “كوكب حمزة” عن خروجه من العراق «خرجت من العراق بإرادتي وبسبب لساني الذي حاولت مراراً أن أقصّره لكنه يطول». وأشار إلى أنه كان طالباً مشاكساً في معهد الفنون الجميلة، وقد دخل السجن وهناك تعرف إلى الشاعر مظفر النواب حينما كان مدرساً في الثانوية ولحّن له بعض الأعمال. وتحدث عن أول ألحانه حيث كانت أغنية للمطربة غادة سالم بعنوان «مر بيّه» عام 1969، وهي باكورة أعماله الغنائية في الإذاعة العراقية، لكن هذه الأغنية أصابها الفشل بسبب إخراجه كل «عنترياته» فيها، لكن أغنية «يا نجمة» من كلمات كاظم الركابي وغناء حسين نعمة أسهمت في شهرته، وهي من نتاج حواري مع عزيز عبد الصاحب، حينما أراد أن يقدم شيئاً من الفلكلور العراقي فجاء تلحين «يا نجمة» بمزاوجة بين الأغنية العراقية والموشح الأندلسي. بعدها جاءت النقلة الأخرى في حياته الفنية مع الشاعر أبو سرحان (ذياب كزار)، الذي أثرى مشواره من خلال أغنيات: شوق الحمام (غناها فاضل عواد)، الحاصودة (غنتها مائدة نزهت)، ابن آدم (غناها حسين نعمة)، والكثير من الأعمال، مشيراً إلى أن كلماته تشكل لغة جديدة في تاريخ الأغنية العراقية، حيث كتب الأغنية التي أصبحت تحمل قضية وليست ترفيهاً.

ثم التقى مع أبي علي وهو الشاعر زهير الدجيلي، حيث صار للنص الغنائي طعم آخر وفق كلام حمزة، والتعاون في أغنيات: يا طيور الطايرة (غناها سعدون جابر)، نحبكم، هوى الناس، مكاتيب، صار العمر محطات. وكان همّ حمزة هو تقديم أغنية معاصرة من خلال نص وصوت جديدين، مشيراً إلى كونه أول من لحن للشعراء أبو سرحان وزهير الدجيلي وكامل العامري وكريم العراقي وغيرهم، لأنه يريد تأسيس أغنية عراقية حديثة.

المرحلة التراجيدية..

أطلق “كوكب حمزة” على مرحلة خروجه من العراق المرحلة التراجيدية، والنقلة الأكبر أمضاها في سورية ومصر والولايات المتحدة الأميركية ثم استقر في الدنمارك، تعاون من خلالها مع الأديب الكويتي إسماعيل فهد إسماعيل الذي قدم له ثلاثة نصوص مع التنازل، فاختار واحدا هو «يا صاحبي» من غناء عبدالله الرويشد. أما تعاونه مع الشاعر المصري أحمد فؤاد نجم، فكان بمناسبة الاحتفال بسبعينيته حيث قدم له أغنية بعنوان «دموع ايزيس» من كلماته وغناء الصوت المغربي أسماء المنور. وعلق حمزة على تجربته مع الشاعر رياض النعماني بأنه «يعرف ماذا أريد»، مستفيداً من تجربتي الشاعرين أبو سرحان وأبو علي، حيث تعاون معه في العديد من الأغنيات بينها: بساتين البنفسج (غناها سعدون جابر)، لو رديت، هب الفرح، شموع الفرح، صارت أيامي حزن. وقد وثّق المخرج العراقي طارق هاشم بعض أعماله حيث نجح بإقناع حمزة في دخول الأستوديو لتسجيل سبع أغنيات بصوته ثم صورها له. وكشف حمزة عن خوفه من شعر الشعراء مظفر النواب وبدر شاكر السياب ويوسف صايغ، وعن عقدته من النص الشعري فيجب أن يستهويه أولاً ليدفعه إلى التلحين، لكن هذه النصوص أصبحت قليلة.

وفاته..

توفي “كوكب حمزة” عن عمر ناهز 80 عاما، داخل أحد المستشفيات في الدنمارك، إثر أزمة صحية مفاجئة.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب