خاص : ترجمة – آية حسين علي :
ثمة تفاصيل حدثت في التاريخ، لكنها لم تنقل لنا على حقيقتها، وبني على أساسها أعمال أدبية وسينمائية رغم أنها تفتقر إلى المصداقية، وعلى الجانب الآخر استطاع عدد كبير من المؤرخين حفر أسمائهم في سجلات التاريخ بعد تمكنهم من أرشفة حدث ما وذكر تفاصيله من جميع الجهات.
أصدر المؤرخ الإنكليزي، “أنطوني بيفور”، كتابه الجديد (معركة المعابر)؛ ويقدم من خلاله مراجعة لعملية “ماركت غاردن” وفشل الحلفاء الذي تسبب في تطويل الحرب في أوروبا ببشاعة.
ولـ”بيفور” موقفه من انسحاب “بريطانيا” من “الاتحاد الأوروبي”، وصرح لصحيفة (الموندو) الإسبانية: “لا يمكن تفسير (بريكسيت) لطيار بريطاني شارك في الحرب العالمية، ولا أفهمه أنا أيضًا”.
ماركت غاردن..
بعدما تخطى الكثير من التحديات أثناء الكتابة عن معارك مثل معركة “فولغوغراد” و”برلين”، اللذين منحاه شهرة واسعة، لكنهما تسببتا في حدوث مشكلات مع السلطات الروسية، يسلط الضابط البريطاني السابق الضوء على عملية “ماركت غاردن” العسكرية الفاشلة للحلفاء أسفرت عن تحرير “هولندا” وفتحت الطريق إلى قلب “ألمانيا”.
وقال: إن “ماركت غاردن لها أهمية ورمزية كبيرة، إذ حصل الألمانيون على شحنة أخلاقية كبيرة بفضل هذا الانتصار، لكنها أيقظت الحلفاء الذين شعروا بالنشوة بسبب الهبوط الناجح في منطقة “نورماندي” والتقدم السريع بإتجاه ألمانيا النازية، وبفضل هذه المعركة عرفوا أن الحرب سوف تستغرق وقتًا أطول مما كان متوقعًا، وأن عدد أكبر من الناس سوف يلقون حتفهم في الطريق، إذ قتل خلال هذه الفترة في عام 1944، وحتى إنتهاء الحرب عدد أكبر ممن قتلوا خلال الحرب بأكملها”.
تذكرة سفر إلى المعابر الهولندية..
يعتبر الكتاب تذكرة سفر إلى “المعابر الهولندية” الكبيرة؛ وعند وصول القاريء، فإنه يجلس لانتظار وصول القوات وعلى بُعد يظهر الجنود البريطانيون.
ويقدم “بيفور” تحليلاً لأكبر 3 عمليات نفذتها قوات “مجوقلة”، (محمولة جوًا)، خلال “الحرب العالمية الثانية” وهي؛ “معركة كريت” في “اليونان”، التي إنتهت باحتلال الألمان للجزيرة، و”عملية أوفررلود” لغزو شمال غرب أوروبا، والتي شارك فيها حوالي 3 ملايين مقاتل بريطاني، وإنتهت بانسحاب الألمان، و”ماركت غاردن”؛ التي هدفت إلى السماح للحلفاء باستخدام الجسور الموجودة فوق أنهار “هولندا” في عبور القوات.
وأضاف للصحيفة الإسبانية: “أهم ما في الأمر؛ هو أن الحلفاء خرجوا بنتائج متضادة مع ما توصل إليه الألمان بعد “معركة كريت”، وفي “نورماندي” حقق الحلفاء انتصارًا، لكن جوهريًا يكمن في هذا النوع من الرهانات خطورة عدم وجود قوات مشاه داعمة لعملية انتشار القوات في الجو”.
وأردف: “في عام 1944 تخيل العالم – وخاصة الولايات المتحدة – أن القوات المجوقلة سوف تكون أساسية في المستقبل، ليست فقط في الحروب، وإنما ضمن بعثات حفظ السلام بعد إنتهاء الحرب، لكن في الواقع لم نرى هذا النوع من القوات في أي صراع آخر”.
وذكر: “خلال الثمانينيات من القرن الماضي؛ ظهرت موضة حكاية التاريخ شفهيًا، ولكن عندما بدأت في كتابة “فولغوغراد” أدركت أن علي دمج المعارك العسكرية مع الشخصيات والجنود والمدنيين، وكانت هذه الطريقة الوحيدة لحساب النتائج المترتبة على قرارات “هتلر” أو “ستالين” على من سوف يعانون جراءها”.
أسلوب “فسيلي غروسمان” يتشابه معه..
أضاف “بيفور” أن الصحافي الروسي، “فسيلي غروسمان”، الذي رافق القوات السوفياتية في طريقهم من “فولغوغراد” إلى “باريس”، يتشابه معه كثيرًا في الأسلوب، لأنه أيضًا يهتم بالشخصيات المحيطة بالأحداث، ويرى أن من الواجب على الكاتب أن يعيد القيمة المعنوية للضحايا التي يرغب القتلة في القضاء عليها.
ويسعى “بيفور” إلى البحث عن مصادر لم يتوصل إليها أحد؛ لهذا يتمكن من تدمير أساطير بنيت على أساسها حكايات كثيرة.
وأوضح أنه في هذا الزمن أصبح من الصعب الإبقاء على أساطير معينة، ومع ذلك ثمة أشخاص يصرون على نشر معلومات مغلوطة حول “الحرب العالمية الثانية”، وهناك بعض الراغبين في إعادة تصدير الحكايات، ومنهم الرئيس الروسي، “فلاديمير بوتين”، الذي أنتج فيلمًا حول الحرب مستندًا على الحكايات.