14 مارس، 2024 3:57 ص
Search
Close this search box.

جلال أمين.. برع في رصد التغيرات التي حدثت للمصريين 

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص: إعداد- سماح عادل

“جلال الدين أحمد أمين” عالم اقتصاد وأكاديمي وكاتب مصري، من أشهر كتبه كتاب “ماذا حدث للمصريين؟” الذي يشرح التغير الاجتماعي والثقافي في حياة المصريين خلال الفترة من 1945 إلى 1995 أي خلال نصف قرن من الزمان، ويعزي هذا التغير الملحوظ إلى ظاهرة الحراك الاجتماعي، ووالده هو الكاتب “أحمد أمين”.

حياته..

تخرج “جلال أمين” في كلية الحقوق جامعة القاهرة عام 1955, حصل على الماجستير والدكتوراه من لندن. شغل منصب أستاذ الاقتصاد بكلية الحقوق بجامعة عين شمس من 1965 إلى 1974، وعمل مستشارا اقتصاديا للصندوق الكويتي للتنمية من 1974 إلى 1978، كما عمل أستاذا زائرا للاقتصاد في جامعة كاليفورنيا من 1978 إلى 1979، وأستاذا للاقتصاد بالجامعة الأميركية بالقاهرة من 1979 وحتى وفاته.

استرداد الإرادة..

في حوار معه أجراه “محمود القيعي” يقول “جلال أمين” أحوال الأمة العربية: “أظن أن هناك سببا واحدا في الجراح التي ألمت بالأمة، وهو أنها فقدت إرادتها، والذي يحدث لها ليس نابعا من قرارات مستقلة، بل هي قرارات يتخذها غيرها، لذلك كان لابد أن تحدث الجراح لها سواء كانت جراحا سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية. أظن النظرة التاريخية هنا مهمة جدا، لكي نفهم مدى ارتباط الجراح ببعضها، وعادة ننظر إلى ما حدث سنة 67 كنقطة فاصلة، وواضح للكثيرين أن الهزيمة في 67 شلت الإرادة العربية، بل إن فكرة الأمة العربية نفسها أصبحت محل جدل لأول مرة، وهي التي لم يكن فيها شك أبدا، وبالتالي الجراح كلها تتابعت بعد ذلك. وسلمت مصر أمورها للخارج، وتوجد كلمة مشهورة للسادات، عندما قال إن 99 % من أوراق اللعبة في يد الأمريكان، وهي كلمة خطيرة جدا أن تصدر من رئيس دولة !”.

وعن مصر يواصل: “مصر مريضة مرض عضال، وإذا كان ما قلته سابقا صحيحا، فلابد من استرداد الإرادة، وهذا أمر سهل قوله وصعب تنفيذه! دائما أميل للاعتقاد، سواء كنت مصيبا أم مخطئا، أن مصر وكثيرا من الأمم غيرها تخضع للظروف الخارجية أكثر من الداخل، وأظن أنه في عصر (العولمة) تبدو المسألة أكثر وضوحا. وبالتالي المخرج لابد أن يكون بتوقع شيء جيد يحدث في العالم ككل، والى الآن لا توجد بوادر لانقشاع الأزمة”.

وعن سؤال من يصنع الاستبداد في العالم العربي؟ يجيب “جلال أمين”: “أحيانا أقول إن السبب أن منطقتنا مهمة جدا، لا يمكن أن تترك وشأنها، ليس فقط لأن الدول الكبرى لها مصالح مهمة في منطقتنا سواء في البترول والقواعد العسكرية أو حماية إسرائيل. ولأن المنطقة مهمة جدا لا يمكن أن تُترك وشأنها. الملاحظ أن الديكتاتورية جاءت منذ 52، وبدأت بانقلابات عسكرية في كثير من دول العالم، وكان معظمها انقلابات تقف وراءها إما أمريكا أو الاتحاد السوفييتي. إذن القوى الكبرى هي التي تصنع الاستبداد. وليس صحيحا ما يقال إن المصريين من طبعهم أن يقبلوا الاستبداد، الواقع أن المنطقة مهمة ومصر أهم بلد فيها، لذلك كانت هدفا دائما للقوى الاستعمارية الكبرى”.

وعن رأيه في الديمقراطية يقول: “إن إيماني بالديمقراطية ليست كبيرة، وكتبت ذات مرة مقالا بعنوان “أكذوبة الديمقراطية ” ليس فقط عندنا. أنا مثلا ذهبت إلى أمريكا وذهلت أنه ليس هناك ديمقراطية بالمعنى الحقيقي. وذهلت من عملية الـ Brain washing التي يتعرض لها الأمريكيون، وكيف تحركهم وسائل الإعلام ورأس المال الكبير الذي يسيطر عليها، وبالتالي تمتع حتى الولايات المتحدة بالديمقراطية مش كبير، انجلترا أحسن، البلاد الاسكندفانية أحسن لأنه ليس لها دور”.

وعن توغل صندوق النقد الدولي في سياسات مصر في الوقت الحالي يوضح “جلال أمين”: “أرى أن صندوق النقد يتدخل الآن أقل من زمان، ودوره ليس واضحا كما كان أيام السادات ومبارك، حيث كان تدخله أوضح وأقوى. وأظن أن الصندوق ليس محتاجا للتدخل الآن “.

جورج أورويل..

وعن آخر مؤلفاته ” تجديد جورج أورويل” يحكي: “بداية أنا أحب هذا الرجل، ليس فقط من كتابيه المشهورين “1984” و”مزرعة الحيوانات” ولكن أيضا لمقالاته، وهو رجل بديع نفسيا وكاتبا. وأورويل الآن أصبح موضة في الولايات المتحدة، وأظن أنني قرأته أول مرة بعد هزيمة 67. لماذا الآن أورويل؟ أظن هو شعور الإنسان في معظم الأماكن بفقدان القدرة على تشكيل مصيره، وسيطرة قوة مركزية عليه، وهذه النقطة قوية جدا عن أورويل. استدعاء أورويل جاء نتيجة انتشار غسيل المخ نتيجة العولمة، أو بشكل أعم الفرد في مواجهة التكنولوجيا، وهي إحدى الفلسفات المهمة عند أورويل. الفرد والآدمية والقدرة على التأثير للأسف  تضعف بشدة الآن. ولأورويل جملة شهيرة يقول فيها “سأكون سعيدا جدا لو استطعت الحفاظ على الكام سنتيمتر المكعب الموجود داخل دماغي”.

وعن الطبقة الوسطى الآن يضيف: “الطبقة الوسطى لا يمكن أن تختفي، هي الآن في ظروف صعبة، مع زيادة الأسعار، وزيادة بطالة طلبة الجامعة وغيرها، وهناك ظروف تجعلنا نتحدث عن الطبقة الوسطى، وعندما كتبت “ماذا حدث للمصريين؟ ” كنت أكتب عن مرحلة نمت فيها الطبقة الوسطى بشكل كبير كميا وكيفيا. الآن لا أستطيع أن أقول إن للطبقة الوسطى ذات الأهمية بسبب كل الأشياء التي تكلمنا فيها سابقا، فضلا عن ضعف الحراك الاجتماعي والحراك الاقتصادي. وعن كم تقدر الطبقة الوسطى الآن؟  سؤال ليس سهلا الإجابة عنه، وتختلف فيه الآراء بحسب الحد الأدنى والحد الأعلى، ولابد مراعاة التأثير الثقافي والتأثير الاقتصادي، لأن لكل سؤال حينئذ سيكون له تعريف مختلف للطبقة الوسطى. أعتقد الطبقة الوسطى في مصر الآن لن تقل عن حوالي 40 % من حيث تأثيرها.  في بداية القرن العشرين كانت نحو10 %، وفي الخمسينيات كانت نحو20%”.

التوتر الاجتماعي..

وفي مقالة له بعنوان (ماذا حدث للحراك الاجتماعي في مصر؟) يقول “جلال أمين”: “لا يشك أحد في أن الحراك الاجتماعي في مصر ارتفع بشدة ابتداء من أوائل الخمسينيات من القرن العشرين، حينما طبق قانون الإصلاح الزراعي أدى إلى تفتيت الملكيات الزراعية الكبيرة، ونمو الطبقة الوسطى في الريف نتيجة لما حصلت عليه من ملكيات جديدة، وفى الحضر نمت الطبقة الوسطى أيضا نتيجة مشروعات التصنيع وازدياد دور الدولة في الاقتصاد. جاءت ظاهرة الهجرة إلى الخليج في أواخر الستينيات واستمرت مع ارتفاع أسعار البترول خلال السبعينيات، وزيادة الطلب على العمالة المصرية في دول الخليج، وكذلك في العراق مع نشوب الحرب بين العراق وإيران، وزيادة الطلب على العمالة المصرية للحلول محل العراقيين الذين ذهبوا للقتال. وأسهمت الهجرة بأنواعها في ارتفاع معدل الحراك الاجتماعي، مما بدت آثاره في الريف والحضر في مصر، وأصبح منظر المصريين العائدين من دول الخليج حاملين السلع الاستهلاكية الجديدة رمزا واضحا لما حدث من صعود اجتماعي لشرائح اجتماعية ظلت عقودا (وقد أقول قرونا) طويلة تعيش كما اعتاد أن يعيش أجدادها، فقامت فجأة ببناء مساكن من الطوب الأحمر، ودخلتها الكهرباء ولحق بها التليفزيون والثلاجة الكهربائية.. الخ.. خلال ربع القرن التالي (أي منذ منتصف الثمانينيات وحتى الآن) لم يعد الحراك الاجتماعي في مصر يعتمد في الأساس (كما كان في ربع القرن السابق) على الهجرة إلى خارج مصر. لم تتوقف الهجرة إلى الخارج بالطبع، ولكن الطلب على العمالة المصرية في الخليج وليبيا لم يستمر بنفس المعدل، ومن ثم رأينا نوعا جديدا من الهجرة (وأكثر بؤسا) يتمثل في محاولات غير شرعية لعبور البحر المتوسط إلى شواطئ اليونان وايطاليا، بما يقترن به من الغرق في الطريق. وقد أسهم هذا بالطبع بدرجة أو أخرى من صعود اجتماعي، ولكنها لم تبلغ قط ما خلفته أفواج الهجرة السابقة من فرص جديدة للحراك الاجتماعي. كما أن تباطؤ جهود التصنيع والتنمية في داخل مصر في ربع القرن الأخير لم يخلق فرصا كافية للعمل تعوض النقص في فرص الهجرة إلى خارج مصر، ومن ثم تباطأ معدل الحراك الاجتماعي في هذه الفترة رغم استمرار الزيادة في حجم القوة العاملة الباحثة عن عمل، سواء من خريجي الجامعات والمعاهد العليا أو غيرهم” .

ويضيف: “لابد أن يزيد التوتر الاجتماعي نتيجة لهذه الزيادة في الطلب على فرص العمل مع ندرة وجود هذه الفرص، الطموحات مستمرة ولكن درجة الإحباط تزداد مع تكرار خيبة الأمل في تحقيق هذه الطموحات. وأظن أن كثيرا من مظاهر التوتر الاجتماعي في مصر خلال ربع القرن الأخير يرجع إلى زيادة درجة الإحباط الناتج عن الفشل في الحصول على العمل المأمول. وهذا هو بالطبع ما يجعل تدخل الدولة في الاقتصاد أكثر ضرورة منه في أي ظروف أخري. في مثل هذه الظروف لا يجوز التعلل بمزايا القطاع الخاص بالمقارنة بالقطاع العام، فهذه هي بالضبط الظروف التي كانت، في التجارب التاريخية المختلفة، تستدعى درجة أعلى من تدخل الدولة. بل إن هذه الظروف هي التي تحتم أن يتخذ تدخل الدولة بصورة أو أخرى إقامة المشروعات العملاقة، ولكن المشروعات العملاقة لا تلبى دائما الحاجات الاجتماعية الحالية، وخاصة خلق فرص العمالة المطلوبة. ليس الهدف الأساسي في مثل هذه الظروف رفع معدل نمو الناتج القومي، فهذا المعدل قد يرتفع على الرغم من بقاء معدل البطالة مرتفعا، ومن ثم لابد أن نستبدل بمعدل نمو الناتج معدلا أهم منه في ظروفنا الحالية، وهو معدل التشغيل، حتى إذا اقترن بمعدل متواضع لنمو الناتج أو الدخل القومي. إن معدل الحراك الاجتماعي يعطينا مؤشرا جيدا على الارتقاء بنوعية الحياة والتقدم الاجتماعي بوجه عام. فالحصول على وظيفة ليس مجرد وسيلة للحصول على دخل، بل أنه يمنح صاحبها فرصة لتحقيق الآمال المختلفة لنفسه ولأسرته، بما في ذلك تحقيق احترام المرء لنفسه والحصول على احترام المجتمع من حوله. والحراك الاجتماعي له تأثير مثل تأثير المحرك (أو الدينامو) للحياة الثقافية. فمع ارتفاع معدل الحراك الاجتماعي تزدهر عادة الحياة الثقافية، إذ أن الشرائح الاجتماعية الصاعدة أكثر حرصا على التعبير عن نفسها بالمقارنة بالشرائح الثابتة في مكانها أو المتدهورة، فضلا عن أن الشرائح الصاعدة لديها عادة من الفصاحة التي يمكن أن تعبر بها عن نفسها، وتعبر في نفس الوقت عن الإمكانات الثقافية للمجتمع ككل”.

 

أهم كتب له..

–  ” وصف مصر في نهاية القرن العشرين”.

– “عولمة القهر: الولايات المتحدة والعرب والمسلمون قبل وبعد أحداث سبتمبر”.

– “عصر الجماهير الغفيرة” يتناول الكتاب جوانب من تطور المجتمع المصري خلال الخمسين سنة الأخيرة في مجالات: الصحافة، الاقتصاد، الثقافة، التليفزيون، السوبر ماركت والسياحة، الأزياء والحب، والعلاقة بين الدين والدنيا.

– “عصر التشهير بالعرب والمسلمين”.

–  “خرافة التقدم والتأخر”.

– “ماذا حدث للمصريين؟ تطور المجتمع المصري في نصف قرن- 1945 إلى 1995”.

– “ماذا علمتني الحياة: سيرة ذاتية”.

– “كشف الأقنعة عن نظريات التنمية الاقتصادية”.

– “شخصيات لها تاريخ”.

– “فلسفة علم الاقتصاد: بحث في تحيزات الاقتصاديين وفي الأسس غير العلمية لعلم الاقتصاد”.

– ” رحيق العمر” وهو سيرة ذاتية.

–  “مصر والمصريون في عهد مبارك” صدر بعد تنحى الأخير في ثورة 25 يناير.

– “العولمة”.

– “العرب ونكبة الكويت”.

وفاته..

توفى “جلال أمين” 25 سبتمبر 2018 عن عمر يناهز 83.

 

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب