27 ديسمبر، 2024 11:57 م

الغييشا.. الفقيرات يعملن علي ترفيه أبناء الطبقات المخملية

الغييشا.. الفقيرات يعملن علي ترفيه أبناء الطبقات المخملية

خاص: إعداد- سماح عادل

هن فنانات تقليديات في اليابان يمارسن دور مضيفات عندهن مهارات في الفنون المسرحية اليابانية المختلفة مثل الموسيقى الكلاسيكية والرقص والألعاب.

المصطلح..

غايشا أو غييشا ككل الأسماء اليابانية ليس لديها جمع أو مفرد معين. الكلمة مؤلفة من مفردتين (غي وتعني الفن)‏ و وشا التي تعني الإنسان والترجمة الحرفية لهذه الكلمة هي فنان أو مؤدي أو فنان مزدي. وللغييشا مسمى آخر وهو جيكو  والذي يرمز للغييشا من غرب اليابان خاصة كيوتو.

يطلق على الغييشا المتدربة اسم مايكو أو الطفلة الراقصة أو هانقوكو نص جوهرة بمعنى أنه يدفع لها نصف ما يدفع للغييشا الكاملة. أو بالاسم الجديد اوشاكا  ومعناه الحرفي التي تصب الكحول.

سن الدخول..

المكياج الأبيض والكيمونو المعبر والشعر المصفف على طريقة المايكو هي الصورة المأخوذة عن الغييشا، ليس على كل من تدخل مجتمع الغييشا أن تكون مايكو فبإمكانها أن تكون غييشا كاملة. بكل الأحوال يتضمن ذلك سنة تدريب كاملة قبل أن تصبح مايكو أو غييشا. وتعتبر المرأة في عمر الواحد والعشرين كبيرة لتكون مايكو ولكنها تصبح غييشا كاملة منذ بدايتها في مجتمع الغييشا. وبوجه عام هؤلاء اللاتي يمرون بمرحلة المايكو يتمتعن بحياة أكثر رفاهية لاحقاً. فقط المايكو العصرية في كيوتو هي من تستطيع بدء التمارين الخاصة بها قبل سن الثامنة عشر. وبهذا المعدل فإن هانقوكو كايوتو (يبدأن في سن الثامنة عشر) أكبر من قريناتهن في كيوتو (حيث يبدأن بسن الخامسة عشر).

يمكن للغييشا أن تبدأ بالتدريب في مراحل مبكرة من عمرها ربما حتى في سن الثالثة أو الخامسة. وتستمر المراحل المبكرة لسنوات ومنها مرحلتي شيكومي وتعني الخادمة وميناراي وتعني المشادة المتدربة والتي تعتبر فترات طويلة في الأزمنة المعاصرة. ما يزال يقال أن الغييشا تسكن منفصلة عن الحياة الفعلية وهو ما يسمى بـ أو (الزهرة وعالم الصفصاف)، قبل أن يختفوا المحظيّات كانوا زهورا ملونة والغييشا هن الصفصاف بسبب رقتهن وقوتهن وجمالهن.

بداية الترفيه..

في المراحل المبكرة للتاريخ الياباني كان هناك فتيات للترفيه وتعني فتيات الخدمة، معظم الفتيات كانوا من عائلات مشردة ومكافحة في أواخر 600 م. وقد قام بعض هؤلاء الفتيات ببيع أجسادهن مقابل الجنس. بينما البعض الآخر تلقين تعليماً أفضل كسبوا معيشتهم من خلال العمل في الترفيه في مناسبات اجتماعية للطبقات المخملية. بعدما نقل البلاط الإمبراطوري للعاصمة (كيوتو) عام 794 بدأت الظروف التي تشكل الثقافة اليابانية المعروفة بالغييشا في الظهور وقد أصبحت مركزاً للنخبة المهووسة بالجمال.

وازدهر أداء الفتيات البارعات مثل راقصات (شيرابيوشي). احتضنت التقاليد اليابانية المتعة الجنسية (وهو ليس من محرمات الشنتو) والرجال غير ملزمين بالوفاء لزوجاتهم، واعتبرت الزوجة المثالية أم متواضعة ومديرة للبيت وللحب في عرف الكونفوشيوسية أهمية ثانوية. أما للمتعة الجنسية والعلاقات الرومانسية يذهب الرجال إلى مساكن المتعة المعروفة بـ ياكاكو والتي بنيت في القرن السادس عشر.

وفي عام 1617 صمم  شوقنتي مساكن للترفيه حيث تعتبر الدعارة ممارسة غير قانونية خارجها، وفي داخلها تعتبر يوجو أو امرأة مصنفة ومرخصة. وأعلى طبقة من اليوجو هن سلف الغييشا  الراقصة  وتدعى بـ “أوران”، وهي مزيج ما بين ممثلة وعاهرة. حيث تمثل في مسارح مصممة في مجرى نهر كامو الجاف في كيوتو ويؤدين رقصات مثيرة. ويطلق على هذا الفن الجديد كابوكو والذي يعني “لأكون متوحشة وفاحشة”. وكانت تسمى الرقصات كابوكي  ومن هنا بدأ المسرح الكابوكي.

نشأة الغييشا..

أصبحت هذه الفرق مراكز ترفيه جذابة بشكل سريع توفر أشياء كثيرة غير الجنس. كان يتوفر للجمهور أكثر أنواع الترفيه سعادة من بائعات الهوى، كالرقص والغناء ولعب الموسيقى وبعضها معروف بالشعر والزخرفة. أصبحوا بعد ذلك تدريجيا متخصصين وأصحاب مهنة في الترفيه. ظهرت فرق الغييشا تقريبا لأول مرة في بداية القرن الثامن عشر. وكان أوائل أعضاء الفرقة من الرجال فقط لكن الحاضرين كانوا يبحثون عن الترفيه ويتطلعون إلى بائعات الهوى الأكثر شهرة. كانت فتيات الغييشا اللواتي يتقدمن للرقص هن مراهقات أدوريكو وكانوا مدربات على الرقص بشكل جيد وجلب الأموال بدرجة احترافية.

اشتهرن في عام 1680 بالرقص في بيوت الأغنياء من الساموراي. في بداية القرن الثامن عشر تحول معظمهن للبغاء خاصة أولئك اللاتي تعدين مرحلة المراهقة وقد لاتتناسب موضتهن مع الرقص أدوريكو واتخذن أسماء أخرى مثل (غييشا)، بعد ما كان فتى الترفيه. أول امرأة أطلقت على نفسها لقب غييشا كانت بائعة هوى في فوكاجاوا في عام 1750. كانت كيوكي مغنية رائعة وعازفة آلة موسيقية ناجحة وأدت إلى اشتهار فتيات الغييشا في مدينة فوكاجاوا في عام 1750. بينما أصبحن أكثر اشتهارا خلال الأعوام 1760 و1770 عملت العديدات منهن في مجال الترفيه وليس كبائعات هوى وفي نفس المهنة لرجال الغييشا.

مقتصرة علي الإناث..

الغييشا اللاتي عملن في مجال الترفيه وكانوا ممتنعات بشدة عن بيع أجسادهن للهوى ليحموا سمعة مهنة أويران هن نساء مصنفات من بائعات الجسد، رغم أن عملهن مقتصر على الترفيه فقط. بينما كان مرخصا لبائعات الجسد تلبية شهوات الرجال، ونالت ماتشي غييشا مكانة استثنائية كفنانة وكصحبة مثقفة. وبحلول القرن التاسع عشر ما زال معروفا أن الغييشا هي مهنة مقتصرة على الإناث. بالرغم من استمرار عمل بعض الذكور كغييشا حتى هذه الأيام.

حديثا أخذت صيحة الأويران تسقط وأصبحوا أقل شعبية في الأناقة من الغييشا  العصريين. وفي ثلاثينات القرن التاسع عشر قامت بعض سيدات المجتمع الأنيقات بمحاكاة نمط أسلوب أزياء غييشا الحديثة.

البغاء..

هناك عدة درجات للغييشا  بعضهن يقدمن على ممارسة الجنس مع زبائنهن الرجال في حين تعمل الأخريات في تسلية زبائنهن في أسلوب دقيق وصارم. كان البغاء مشرعًا حتى بداية القرن العشرين لذلك كان يُمارس في كثير من الأوساط في أنحاء اليابان. وبسبب الحرب العالمية الثانية شهدت فنون الغييشا هبوطا كبيرا لاضطرار النسوة إلى العمل في المصانع وأماكن أخرى لنهضة اليابان. اسم الغييشا فقد مكانته خلال هذا الوقت بسبب أن الفتيات بدأن بالإشارة إلى أنفسهن بفتيات الغييشا  لرجال العسكرية الأمريكية. في عام 1944 م أُغلقت جميع بيوت الشاي وبيوت وحانات الغيشا عنوة وأصبح على العاملين بها العمل في المصانع. وبعد عام تم السماح لهم بإعادة فتح البيوت من جديد والقليل من فتيات الغيشا عادوا لمناطق الغييشا وهنّ رافضات للثقافة الغربية ويفضلن الطرق التقليدية في التسلية والعيش.

حيث تشكلت صورة الغييشا أثناء الفترة الانقطاعية لليابان، وهذه الصورة التي يجب أن يُحافظ عليها الآن من أجل بقاء الغيشا. كان الأمر متروكًا للعائدات من الغيشا لإعادة معايير المهنة التقليدية، وذلك زاد من حقوقهن كفتيات الغيشا.

في فترة ما قبل الحرب العالمية الثانية كانت الغييشا تمارس الجنس بالإكراه ويتاجر بعذريتها بعد ما خسرت اليابان الحرب، تفرقت الغييشا وأصبحت المهنة في حالة من الفوضى. بعد الحرب العالمية الثانية أثناء طفرة اليابان الاقتصادية تم إعادة تنظيم المهنة خلال فترة الاحتلال وبدأت بالازدهار من جديد، فتغير عالم الغييشا في اليابان الحديثة فأصبحت الفتيات لا يبعن للخدمة ولايجبرن على إقامة العلاقات الجنسية. في الوقت الحاضر حياة الغييشا الجنسية تُعد أمر خاص بها.

مزاد..

قبل الحرب كان يتم المزايدة على عذرية “Maiko” في مزاد تقليدي. وهذا تم حظره في عام 1959، ولكنه أصبح مقبولا نسبيا في التسعينات. وفي حدود ضيقة جدا في 2001. قانون التعليم الإلزامي الذي فُرض في الستينات جعل من التلمذة التقليدية للغييشا أمرًا صعبًا مما أدى إلى انخفاض إقبال الفتيات على هذه المهنة. وفي نفس الوقت نمو الصناعة في اليابان خلق العديد من فرص العمل للنساء مما أدى إلى انخفاض الإقبال على مهنة الغييشا.

مينيكو لواساكي قالت في كتابها (غييشا، حياة): «عشت فترة الستينات والسبعينات في كاريوكي، وهو الوقت الذي كانت فيه اليابان تمر بتحول جذري من النظام الإقطاعي إلى المجتمع الحديث. ولكنني عشت في عالم مختلف، مهمته وهويته هو الحفاظ وتكريم التقاليد العريقة».

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة