19 ديسمبر، 2024 8:01 م

الشيخ أمين حسنين سالم.. كان صوته قويا ولاقت أغانيه الشعبية النجاح

الشيخ أمين حسنين سالم.. كان صوته قويا ولاقت أغانيه الشعبية النجاح

 

خاص: إعداد- سماح عادل

“الشيخ أمين حسنين سالم” مطرب مصري، ولد في عام 1894، في القليوبية، والده هو “الشيخ حسنين سالم”، خرّيج الأزهر، وأحد أساتذة القراءات في مصر. تعلم في الأزهر هو أيضا، وهذا ما ظهر في أدائه للقصائد بنطق مهذّب ومعان واضحة.

التحق الشيخ أمين بالمدرسة الابتدائية وحصل علي شهادتها، وعندما وصل للمدرسة الثانوية تقدم بطلب الالتحاق بالمدرسة الحربية فقبل فيها، ولكن والده رفض بشده قائلا له: يا ولدي.. إن إخوتك ذهبوا في الحياة الدنيا مذاهب شتي، وأريدك أن تكون شيخاً مثلي تحفظ القرآن الكريم وترتله بصوتك الجميل. ترك الشيخ أمين المدرسة الحربية وتقدم للامتحان في حفظ القرآن الكريم حتى حصل علي شهادة رسمية بأنه من حفظة كتاب الله وأعفي من التجنيد لهذا السبب. وتردد الشيخ على الموالد ليغذي موهبته في الموسيقي والغناء، ومعه الشيخ زكريا أحمد.

والتقى خلال دراسته الأزهرية بالتلميذ “زكريا أحمد”، فنشأت صداقة وطيدة بينهما، وقد اتّفق الاثنان على الذهاب إلى بيت “الشيخ درويش الحريري” لدراسة أصول الموسيقى العربية بموشحاتها وأدوارها. كما التحق “الشيخ أمين” بنادي الموسيقى الشرقية الذي كان يرأسه “مصطفى رضا”، عازف القانون، ودرس هناك فترة من الزمن. ثم لجأ بعد ذلك إلى “داوود حسني” الملحّن، ونهل من فنّه وألحانه، ومكّنه ذلك كله من الموسيقى العربية بأوزانها ومقاماتها، وأصبح قادرًا على التنقل بين أنغامها بيسر وحلاوة.

جمع “الشيخ أمين” في البداية بين أن يكون مقرئًا منشدًا ورعًا، وأن يكون مطربًا يعيش، يسهر ويغنّي ويطرب، أدّى عددًا من الأدوار التي قدّمها إليه القصبجي، كان أحدها بعنوان: “على ضي القمر والكاس”، من نظم “يونس القاضي”. ومشى بعد ذلك في ركب الطقطوقة الحرّة، وكانت أولاها من زميله “زكريا أحمد”: “إوع تكلّمني بابا جاي وراي”، من نظم “عبد الحميد كامل”، وأدّاها بالاشتراك مع الفنانة “عزيزة المصرية”.

تمتّع “الشيخ أمين” بصوت جميل عذب، ونفَس صاف طويل، كما غلبت على إنشاده مسحة من العاطفة والحنان، مما جعله يُلقَّب ب”المطرب الحنون”. وبعد انصرافه الكلي إلى الغناء كانت شركة بوليفون الألمانية سّباقة إلى الظّفر بصوته، ممّا أدّى إلى أن تنطلق تسجيلاته.

كان كل من “صالح عبد الحي” و”زكي مراد” و”عبد اللطيف البنّا” بين معاصريه من المطربين، كما أنّه عاصر في البداية المطرب “سيّد الصّفتي”، وقد أنشد بالإضافة إلى أغانيه الخاصة الكثير من الأعمال التّراثية موشحاتٍ ومواويل وأدوارًا كشأن كلّ مطرب متمكّن مقتدر، ونذكر من تلك الأعمال:

  • أراك عصي الدمع، قصيدة (غنّاها عبده الحامولي والمنيلاوي وعبد الحي حلي وصالح عبد الحي وزكي مراد وأم كلثوم، وآخرون…).
  • بستان جمالك، دور ل”محمّد عثمان” (غنّاه المنيلاوي وعبد الحي حلمي وصالح عبد الحي…).
  • يا بدر إيه العمل، موّال (غنّاه الصّفتي وآخرون…).

زار ” الشيخ أمين” دولاً عديدة وأحيى فيها السهرات وأقام الأفراح، ومنها فلسطين والأردن والعراق وسوريا ولبنان وأخيرًا تونس حيث استقرّ نهائيًا  بمساعدة وتشجيع من صديقه الفنان “سيد شطا”، عاملاً في إذاعتها حتى النهاية في عام 1968. في ربوع لبنان أمضى أيّامًا جميلة، خصوصًا حين كانت حالته المادية زاهرة، لكنّه عانى هناك مشكلة تحديد هويته الإبداعية بين أن يكون مقرئًا أو يكون مطربًا، فآثر الرحيل.

وفي تونس عانى أيضًا مشكلة تسهيل العمل الفني وإتاحة الفرص، خصوصًا في المؤسسات الرسمية، ومن المحتمل أن يكون سبب تلك الصعوبات هو تقرّبه في فترة الحرب العالمية الثانية، من قادة المحور وتعرّفه إلى أحد أهم قادتها الجنرال رومل، ولو كانت علاقته تلك أعمق وأشدّ، لربّما أدّى به الأمر إلى ما هو وأخطر.

ولم يكن “الشيخ أمين” يتخيل أن كلمات أغانيه الشعبية ستنتشر لتملأ ربوع الشرق العربي، منذ ما يزيد على 80 عاما، وسجل حوالي 170 أسطوانة وكان يأخذ 20 جنيها أجرا على كل أسطوانة، ومرتبا شهريا قدره 15 جنيها وكانت مدة العقد هي عشر سنوات، ولما رغبت إحدى الشركات الأخرى للتعاقد معه رفع من أجره على الاسطوانة الواحدة إلى 40 جنيها.

وأثناء الحرب العالمية الثانية حين وصل الجيش الألماني لتونس وعلى رأسه “ثعلب الصحراء” “رومل” تعرف “الشيخ أمين” عليه وتقرب إليه، وكان “رومل” يعرف اللغة العربية، وفى كل ليلة كان يذهب إليه “الشيخ أمين” ليغنى أمامه.

وعندما حوصر الجيش الألماني في تونس واعتزم الانسحاب، كان “الشيخ أمين” في منزله، وإذا بأحد رجال البوليس من أصدقائه يقول له إن رومل أهدي إليه سيارة فاخرة ودعاه مع مجموعة من أصدقائه للذهاب إلي مكان علي الشاطئ وهو مصيف الباي، وشاءت الظروف أن ينسحب الجيش الألماني من البقعة فوجد “الشيخ أمين” نفسه محصوراً في مكانه وكانت القنابل تتساقط من حوله وهو في ذهول لا يقوي أن يحرك قدميه، وكان إلي جواره صديق وإذا به يجد أن شظية قسمت هذا الصديق نصفين وظل ثلاثة أيام بغير طعام ولا شراب حتى تم الانسحاب وعاد إلي القاهرة مرة أخري، ولكنه لم يستطع البقاء بها بسبب ظروف الحياة فقرر العودة إلي تونس ليبقي فيها مع أخيه.

ويمتاز “الشيخ أمين” إلي جانب صوته القوي، بقوي بدنية خارقة حيث إنه دعي لإحياء حفل صاحبه فتوة، ببولاق ونشبت معركة وإذا به يمسك بكرسي ويضرب حتى هرب جميع الموجودين من أمامه وكأنهم لم يصدقوا أنهم نجوا بأرواحهم، وهم فتوات بولاق.

من أعماله (التي سجّل معظمها لدى شركة بوليفون):

  • إذا كان خصمي حاكمي، قصيدة.
  • أسرتِ فؤادي بسحر العيون، قصيدة من تلحين عبده قطر.
  • ألا زعمت ليلى، قصيدة.
  • إلهي يا ربّ القلوب، دعاء من تلحين سيّد شطّا.
  • ألو ألو…متين ألو ولا حدّش ردّ، ديالوغ بالاشتراك مع الفنانة رتيبة أحمد.
  • دعيني أناجي لوعتي، قصيدة من تلحين داود حسني.
  • سمعت طير عالشجر، موّال.
  • شبّيكي لبّيكي، طقطوقة من نظم بديع خيري وتلحين زكريا أحمد.
  • مررت بالبحر فاهتاجت لرؤيته عواطفي وبكت عيني على الأثرِ

وهي قصيدة من تلحين صالح الفروجي، سجّلها أكثر من مرّة في مصر وتونس، وتعتبر من أشدّ أعماله ارتباطًا بشخصيته الفنّية.

وفاته..

توفى “الشيخ أمين” في الستينات.

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة