خاص: إعداد- سماح عادل
السينما عالم ساحر، تبهرك بعوالمها وتفاصيلها، حين تدخل صالة مظلمة، ويشع النور من بقعة على الحائط، وترى الصور وهي تتحرك أمامك، تشعر بسحر ما يشعل خيالك. دائما ما يتساءل البعض عن بدايات السينما، وكيف تم اختراع هذا الفن الجميل، وكيف استطاع الإنسان أن يؤسس لعالم كامل من السحر والإبهار والإيهام، من خلال الصورة المتحركة، والأحداث التي تراها وتنفعل معها.
ما هي السينما..
يعتبر الفن السينمائي وملحقاته من إخراج وتمثيل من أكثر أنواع الفنون شعبية. ويسمي بالفن السابع وهو فن استخدام الصوت والصورة معا من أجل إعادة بناء الأحداث على شريط خلوي.
انطلقت البداية الأولى للسينما على أساس اختراع التصوير الضوئي، وإن كان ابن الهيثم هو المؤسس الأول لمبادئ علم البصريات فإن “ليوناردو دافنشي” هو واضع مبادئ علم البصريات الحديث، ومن بين أهم أعماله العديدة دراساته في مبادئ البصريّات والغرفة المظلمة، وابتكاره لطريقة عمل الرسوم أو الصور، ثم إمكانية عرضها بعد ذلك. كانت هذه الطريقة هي الأساس الذي قامت عليه صناعة التصوير الفوتوغرافي وفن التصوير السينمائي.
الصورة الضوئية..
وكانت الصورة الضوئية الأولى التي صنعها “نيسفور نيبسى” في سنة 1823 تتطلب ثبات المصور مدة أربع عشرة ساعة، وتضاءلت حتى وصلت إلى النصف ساعة في عام 1839على يد “مانده داكير”، ثم وصلت إلى عشرين دقيقة في1840، وفي 1851 ظهرت تقنية “الكليشة” بمعنى النسخة التي تمكن من سحب كمية من الصور الإيجابية على الورق، ووصل زمن اللقطة أو الثبات إلى بضع ثواني لتظهر مهنة المصور الضوئي.
وبالمقابل فإن خاصية الثبات الشبكي والتي لاحظها القدماء، هذه الظاهرة تمت دراستها في القرنين السابع عشر والثامن عشر على يد “نيوتن” و”الفارس دراسي”، وهي نقطة الضعف في النظر البشري حيث أن الصورة التي ترتسم على الشبكية لا تزول فورا، مما يتيح تحول بقعة مضيئة متحركة في نظرنا إلى خط مضيء مستمر، ومن ثم قام “بيتر مارك روجيه” وهو إنكليزي ذو أصل سويسري بتجارب توصل إلى السينما.
آلات تظهر رسوماً متحركة..
وفي عام1830 بنى فيزيائي بريطاني وفقا لأبحاثه “عجلة فاراداي” وأجريت تجارب على يد “جون هرشل” وكذلك “فيتون” والدكتور “باريس” حول الآلات التي تعطي رسوماً متحركة. حتى اخترع سنة 1832 وفي وقت واحد كل من الفيزيائي البلجيكي الشاب “جوزيف بلاتو” والأستاذ النمساوي “ستامبفر” آلات اعتمدت أساسا على “عجلة فارادي” وصور جهاز “الصور الدوارة”، وقد تجاوز “بلاتو” منافسه في النتائج التي حصل عليها من تركيب آلة “الحركة الوهمية” التي طرحت منذ عام 1833 مبادئ السينما ذاتها.
الحديقة المتحركة..
في 1834 أضفى الإنكليزي “هورنر” على هذه الاختراعات التي انتشرت كلعب، شكلاً جديداً في آلته “الحديقة المتحركة” المؤلفة من شريط من الصور ملصق على ورق مقوى مما بشر قديما بولادة صناعة السينما. ثم وباستخدام الرسوم فقط ودون استخدام للتصوير الضوئي قدم الجنرال النمساوي “فون أوكاتيوس” على الشاشة في 1853 صورة حية باستخدام هذه الآلات، بعد جمعها مع الفانوس السحري الذي وصفه منذ القرن السابع عشر “كير شير اليسوعي”.
بعد ذلك راهن الملياردير الأمريكي “لولاند ستانفورد” رهانا يتعلق بأشكال وأوضاع الحصان أثناء العدو، وقد أنفق هذا المليادير ثروة طائلة استطاع من خلالها الإنكليزي “مايبريدج” أن يصمم جهازا يستخدم أربعا وعشرين حجرة سوداء، يجلس في كل منها رجل يجهز صفيحة تصوير ليعبئ آلة التصوير الضوئي، ثم تندفع الخيول في الحلبة مصورة ذاتها بمجرد قطعها للخيوط الموضوعة في طريقها والمتصلة بآلات التصوير الأربع والعشرين وقد استلزم إحكام هذا الجهاز منذ 1872 وحتى 1878 حيث نشرت في كل مكان هذه الصور الضوئية المأخوذة في كاليفورنيا، فحمست الباحثين العلميين وسخط الفنانين المحافظين الذين ظهرت أخطاء رسمهم للأحصنة أثناء العدو فزعموا أن التصوير الضوئي ذو رؤية خاطئة.
بعد سفر “مايبريدج” إلى أوروبا سنة 1882 قرر العالم الفرنسي “ماراي” استعمال التصوير الضوئي في تجاربه الحركية وقد سهل مهمته ظهور الصفائح المصنوعة من “الهلام والبرومور Gelatino – Bromure” في الأسواق مما سمح بالحصول على صور فورية بمستحضرات مهيأة مسبقاً يمكن حفظها سنين عديدة ، فأوجد “ماراي” “البندقيّة المصوّرة” وأكمل صنع “المسدس المصوّر” الذي أوجده الفلكي “جانسن” سنة 1876، ثم تابع تجاربه بواسطة “المصوّرة الزمنية ذات الصفيحة الثابتة” التي أصبحت “المصوّرة الزمنية ذات الصفيحة المتحركة” وذلك بتكيف “Bobime” فيلم “كوداك” المطروح في الأسواق، وفي 1888 قدم العالم “ماراي” إلى أكاديمية العلوم في باريس المناظر الأولى المأخوذة بالأفلام محققاً بذلك عملياً “المصورة (الكاميرا) Camera” والتصوير الحديث.
مسرحا ضوئيا..
ثم صنع “رينود Reynaud” سنة 1888 “مسرحا ضوئيا” معتمدا على الأفلام المثقوبة، حيث استطاع أن يعرض ومنذ سنة 1892 ولمدة حوالي عشرة أعوام في متحف “غريفان” (متحف الشمع) في “باريس” حفلات طويلة عرضت فيها أمام الجمهور على الشاشة أفلام ملونة من الصور الحية وكانت تدوم الأشرطة من عشر دقائق إلى خمس عشر دقيقة.
وفي الوقت ذاته كان “أديسون” ينقل السينما إلى مرحلتها الحاسمة وذلك باختراعه الفيلم الحديث قياس 35 ملم ذو الأزواج الثقوبية الأربعة في الصورة، وحاول دمج التصوير الحي بـ”الحاكي Phonographe” لكنه فشل، ثم أدخل الإنكليزي “ديكسون” وبإرشادات “أديسون” تحسين أساسي وهو ثقب الأفلام واستعمال أفلام “السلويد Celluloid” بطول 50 قدما التي صنعت خصيصاً من قبل معامل الإنتاج الفوتوغرافي “ايستمان كوداك”، وقد وضع “أديسون” في السوق التجارية سنة 1894 آلات “صندوق المنظارّ المتحرك Kinetoscopes” وهي آلات ذات نظارات وعلب كبيرة تحوي على أفلام مثقوبة بطول 50 قدم.
فتعددت سنة 1895 حفلات العرض الأولى التي قام بها مخترعون قاموا بعرض النسخة الإيجابية للفيلم المصور عن طريق هذه الآلة بعرضه بجهاز فانوس سحري مزود بآلية حركة مما أدى إلى مناقشات لا نهاية لها عن اختراع السينما.
السينما توغراف..
نجحت “سينما توغراف” لـ”لويس لوميير” في 1895 في “المقهى الكبير” شارع “الكبوشيين” في “باريس” حيث أجرى (لوميير) تجاربه ومنذ وصول “صناديق المنظار المتحرّك” في 1894 فأوجد المصورة الزمنية مستعملا في تحريكها الأسطوانة اللامحورية التي اخترعها “هورنبلور” وفيلما خاما مصنوعا في “ليون” بحجم أفلام “أديسون”، وبعد عدة بيانات عامة صنع “لوميير” في 1895 جهازاً أسماه “السينما توغراف” ومنه اشتقت كلمة “سينما” وهو جهاز يجمع بين الغرفة السوداء والمنوار والسحـابة للصور الإيجابية، وقد تم صناعته في المعامل التي يديرها “كاربنتييه” ليحقق “لوميير” بذلك آلة تفوقت على مثيلاتها، وبكمالها التقني وجدّة موضوعات أفلامها حققت انتصارا عالميا.
بعد التجريب..
وفي أواخر 1896 خرجت السينما نهائيا من فترة التجريب، وتعددت الآلات المسجلة مثل آلات: “لوميير”، “ميلييس”، “باتيه” و”غومونت” في “فرنسا”، و”أديسون” و”البيوغراف” في “أمريكا” وأمّا في “لندن” فقد أرسى “ويليام بول” قواعد صناعة السينما توغرافية حتى صار ألوف الناس يزدحمون كل مساء في قاعات السينما المظلمة.
بداية السينما..
تاريخيا تعد البداية الحقيقية في 1895، حين تم الجمع بين ثلاثة مخترعات سابقة هي اللعبة البصرية، والفانوس السحري، والتصوير الفوتوغرافي، فقد سجل الأخوان “أوجست ولويس لوميير” اختراعهما لأول جهاز يُمكن من عرض الصور المتحركة على الشاشة في 13 فبراير 1895 في فرنسا.
وفي الفترة ما بين 1895 – 1910، بدأت صناعة الفيلم الأول، الكاميرا الأولى، الممثل الأول، المخرجون الأول كانت التقنية جديدة تماماً، ولم تكن هناك أصوات على الإطلاق، ومعظم الأفلام كانت وثائقية، خبرية، وتسجيلات لبعض المسرحيات، وكانت الأسماء الكبيرة في ذلك الوقت هي إديسون، لوميير، وميلييه بأفلامه المليئة بالخدع.
السينما الصامتة..
كانت فترة السينما الصامتة ما بين 1911- 1926، وتتميز هذه الفترة عن التي سبقتها بكثرة التجريب في عملية مونتاج الأفلام، ولم تكن السينما في تلك المرحلة صامتة تماما، حيث كانهناك استخدامات لطرق ومؤثرات صوتية خاصة، ولم يكن هناك حوار بين الشخصيات، من أشهر صناع السينما في تلك الفترة “شارلي شابلن وديفيد جريفيث”.
ما قبل الحرب العالمية الثانية..
في الفترة ما بين 1927-1940، عرفت السينما الصوت، وقد استخدمت أفلام الثلاثينيات الألوان بكثرة، وبدأت الرسوم المتحركة، وظهرت العروض النهارية للأفلام، وبدأت تعرض تلك الأفلام في المسارح مع موجة الكوميديا، أشهر صناع السينما في تلك الفترة أسماء مثل “كلارك جابل، فرانك كابرا، جون فورد”، والممثلان اللذان استمرا إلى المرحلة الناطقة بعد ذلك، وهما “ستان لوريل، وأوليفر هاردي”.
في 6 تشرين الأول 1927 تم عرض أول فيلم ناطق “مغني الجاز” من إنتاج شركة “وارنر Warner” ظهر فيه “آل جولسون AL jolson”، وذلك بواسطة جهاز “الفيتافون Vitaphone” الذي يسمح بتسجيل صوت الممثل على أسطوانة من الشمع تدار مع جهاز العرض السينمائي بطريقة ميكانيكية مطابقة للصورة، وهو جهاز يعتمد على اختراع “هبورث Hepworth”.
رغم المحاولات الأولى بالتلوين اليدوي بالفرشاة أو بالريشة للنسخ السالبة الأصلية والتي أعطت نتائج غير مرضية لم يتم الحصول على تلوين معقول للفيلم السينمائي إلا على يد المصور الضوئي الإنكليزي “ج.أ. سميث” وذلك باختراعه لـ”كينما كولور (ثنائية اللون، بيكروم)” عام 1907 وذلك بإتباع مبادئ التلوين الثلاثي، ثم حلت مكان هذه الطريقة طريقة “غومون” ثلاثية الألوان 1911 المستوحاة من أبحاث “دوكوس دوهوران”، واستكمل هذا الأسلوب في 1919 عن طريق تسجيل ثلاث صور متزامنة بواسطة ثلاث عدسات متراكبة تزود كل منها بشريط خام اصطفائي خاص بكل عدسة ليظهر على كل شريط صور بالأبيض والأسود يلون أحدها بالأحمر والآخر بالأزرق والثالث بالأخضر وذلك عن طريق عبورها على سطح معترض عند العرض، وبتطبيق الثلاث فوق بعضها يُعاد ظهور الألوان الأصلية.
ومن ثم اقتضى الأمر حتى عام 1925 لتسمح وسائل الـ “تكنيكولور” (د. هربيرت ت. كالموس، 1917 – 1919 و”كيلر – دوريان” (إجازات بيرثون وكيلر – دوريان 1908) بإنتاج أفلام بالألوان على المستوى التجاري.
بعد الحرب العالمية الثانية..
في الفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية اشتهرت أسماء مخرجين كبيرين: المخرج “روسيليني” في فيلمه (روما مدينة مفتوحة) والمخرج “فيسكونتي” في فيلم (الأرض تهتز) وقد قاما بإرساء قواعد (المدرسة الواقعية الجديدة) التي تقوم على نقد الواقع. وقد ازدهرت الأفلام الأميركية ازدهاراً كبيراً كما حقق “لورنس” أوليفيه بصمة مميزة للسينما الإنكليزية أيضاً.
العصر الذهبي للسينما..
في الفترة ما بين 1941-1954، أحدثت الحرب العالمية الثانية تغييرات هائلة في صناعة السينما، حيث سعت استوديوهات السينما لاستخدام ميزانيات صغيرة لإنتاج أفلام غير مكلِّفة لجذب الجماهير. من أشهر الأسماء التي تألقت في هذه الفترة هي “كاري جرانت، همفري بوجارت، أودري هيبورن، هنرى فوندا، فريد أستير”.
العصر الانتقالي للسينما..
في الفترة ما بين 1955-1966، بدأت السينما في النضوج، حيث استخدمت التجهيزات الفنية المتطورة مثل الموسيقى، والديكور وغيرها. وظهرت الأسماء الشهيرة في صناعة السينما مثل “ألفريد هتشكوك، مارلين مونرو، وإليزابيث تايلور”.
العصر الفضي للسينما..
في الفترة ما بين 1967-1979، حيث استقرت صناعة السينما وظهرت الأسماء الشهيرة مثل “فرانسيس كوبول، وداستن هوفمان، ومارلون براندو”.
العصر الحديث للسينما..
وفي فترة ما بين 1980-1995، بدأت هذا الفترة عام 1977، عندما أنتج فيلم حروب النجوم، الذي ُيعتبر أول فيلم يستخدم فيه الكمبيوتر والتقنيات الحديثة في تصميم المؤثرات الخاصة في صناعة السينما.