19 نوفمبر، 2024 8:20 ص
Search
Close this search box.

اغتراب الكاتب/ة (25).. الكتابة هي أنا وهذا وحده يشكل معنى اغترابي

اغتراب الكاتب/ة (25).. الكتابة هي أنا وهذا وحده يشكل معنى اغترابي

خاص: إعداد- سماح عادل

حين يشعر الكاتب بقيمته، وبكونه يقوم بعمل مميز وعظيم، حين يخط بقلمه علي الورق، ويرسم شخصيات، ويبني أحداثا، وينشئ عوالم قد تكون ساحرة، وقد تكون حزينة، وقد تكون صورة خيالة عن الواقع المعاش، يشكلها عقل الكاتب.

هذا الملف عبارة عن آراء كاتبات وكتاب من مختلف البلدان وقد وجهت إليهم الأسئلة التالية:

  1. هل شعرت بأنك مختلف منذ فترة الطفولة وشعرت بأن ميلك إلى الكتابة هو سبب اختلافك؟
  2. هل عاملك الأهل داخل الأسرة كأنك غريب عنهم أو لا تشبههم، وكيف كان تقبلهم لميلك إلى القراءة والكتابة؟
  3. هل كنت تفضل الانعزال عن المحيطين من أفراد الأسرة وهل سبب لك ذلك الانعزال الشعور بالغربة عنهم؟
  4. هل كنت تتمني أن يتعامل معك الأهل والمحيطين بشكل مختلف؟ .
  5. هل أنت نادم علي شغفك بالكتابة والقراءة وهل كنت تتخيل حياتك بدون الكتابة؟

ميزة الخلق الإبداعي..

يقول الكاتب والروائي العراقي “أحمد خلف: “اعتقد أن محور الاغتراب يشكل إحدى الطرق المهمة، بين الكاتب وعموم مجتمعه، ويظل الكاتب الذي يتمتع بحس مرهف ووعي كبير، يعاني من ذلك الإحساس الصعب، حالما تبدأ حالة الأسئلة المهمة، والبحث عن حضور وسط مجتمع ضاج بالكثير من الفوضى، وعدم الاهتمام بالفرد، الذي يشكل لديه الوعي بمتطلبات الكتابة أساسا للعمل، وقد يكون الوعي الذي نشير إليه، أحد الأسباب لاغتراب الكاتب دون أن يكون الآخر هو الدافع لذلك الاغتراب، إنما الوعي الذي تفرضه حالة الكتابة، وهي حالة نادرة في المجتمع.

وقد داخلني إحساس بالاختلاف عن الآخر، ليس بالمفاضلة إنما بالحضور الذاتي، الذي يميز الكاتب عن سواه. وقد تشكل الكتابة بحد ذاتها أحد أهم الأسباب للاغتراب الذاتي للكاتب، على اعتبار أنها تنشأ من إحساس بالتفرد، في خلق عالم خاص على الورق، يعجز أي كائن من تقليد ما يصنعه الكاتب، بعالمه الفريد من نوعه في مجتمع تسود فيه الأميّة والجهل” .

ويضيف: “لم يكن الظرف الموضوعي يسمح لأفراد الأسرة، بالتمايز والاختلاف فيما بينهم، إنما مع مضي الأيام والتقدم في العمر، تبرز بحكم الضرورة الاجتماعية وتطور وعي أفراد الأسرة، مما يجعل الاختلاف لا مفر منه، كالنجاح في المراحل الدراسية، واختيار الأدب كهواية مغايرة لهوايات بقية أفراد الأسرة، لكن حقيقة  كانت القراءة والكتابة تشكل دافعا، من دوافع الغيرة لدى أفراد الأسرة، لشعورهم أنني أتميز عنهم في علاقتي الغريبة مع الصحف والمجلات التي تنشر، في حينها، محاولاتي الكتابية والإبداعية، كان النشر وليس الكتابة هو أحد أسباب الإحساس بالإغتراب، أو العزلة ولو بصورة نسبية عن أفراد العائلة” .

ويكمل: “الشعور بالغربة لا أعتقد يمكنه أن يحدث بين أفراد عائلة شرقية إنما كان ينتابني شعور بالتميز عن أفراد العائلة، بدافع من خلق المشهد أو الصورة، في كتاب أو مجلة أو جريدة وحتى قبل النشر، يراودني الشعور بالاختلاف أو التميز عن أشقائي، الذين كان يبهرهم سرد القصص:  من أين آتي بهذا الكلام، أو الموضوعات التي تبدو لهم غريبة، عن محيطنا المتواضع؟ الحكايات التي ابتدعُها والتوصيف الذي أصف فيه شخوص قصصي، كان هذا أحد أبرز عوامل المغايرة، لكن على مستوى الذات الواعية لعملها، أو فنونها فإني أُعلن في كثير من المرات، امتيازي في ابتداع حكايات، لم ترد في ذهن أي فرد من العائلة، وهذا يدفعني إلى نوع من العزلة عنهم، ولو إلى حين ثم أعود لأمارس تميزي عنهم، وكانوا يعتبرون ذلك شأنا خاصا بي لا يحق لهم الاعتراض عليه”  .

ويتابع: “اعتقد أن الاختلاف بين أفراد الأسرة وبيني ممكن ربما بسبب اختلاف دوافع كل واحد منا، وكانت العائلة تتكون من عدد من الأفراد أظن تسعة أفراد ليس بالقليل، وهذا بحد ذاته يمكن أن يوفر لنا عزلة طبيعية إذ ينشغل كل واحد منا بمتطلبات حياته، ولم أكن أُريد أن يتوفر الإحساس بالاختلاف لأنه متوفر أصلا . نعم كنت مختلفا عن سواي من أفراد العائلة بحكم إصراري على القراءة وكتابة القصص. أي أن أكون كاتبا. من باستطاعته أن يعيش يومه كاملا في تأمل تلك الحياة التي يعيشها كاتب يبدع قصصا يقال عنها انها تختلف أو مغايرة للسائد من قصص” .

ويؤكد:  لم يحدث في أي يوم من الأيام التي مرت إني ندمت على ممارستي القراءة والكتابة حتى غدت الكتابة ترجمان حياتي، بل الكتابة هي حياتي التي أعمل على تطويرها وجعلها تليق بإنسان بدأ يعي دوره في بناء الإنسان، متمثلا بطموحي الذاتي في أن أكون كاتبا مغايرا للآخرين من زملائي، لقد غدت الكتابة والقراءة أيضا عنوانا والضوء الذي يشير إلى معنى حياتي.

وعلى طريقة “غوستاف فلوبير” حين قال : “مدام بوفاري هي أنا  الكتابة هي أنا، لذا لم أتخيل نفسي في أي يوم من الأيام الماضية أني قد ندمت فيها على تبني القراءة والكتابة. بل قد يحدث العكس تماما، وذلك في التفكير في أني لا أستطيع العيش بدون القراءة والكتابة. القراءة هي تجديد حياة أسعى لأن تكون غنية وسعيدة أما الكتابة فأراها تأكيدا لوجودي، كائناً حيوياً وفاعلاً في مجتمع امتازُ عنه بخاصية الخلق الإبداعي” .

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة