12 أبريل، 2024 1:23 ص
Search
Close this search box.

أمجد محمد سعيد.. الشعر هو صياغة العالم ومنح الوجود جمالا وموقفا وانحيازا

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

خاص: إعداد- سماح عادل

“أمجد محمد سعيد” شاعر ودبلوماسي عراقي.

حياته..

ولد “أمجد محمد سعيد ذنون اغا العبيدي” في الموصل محلة شهر سوق بالفاروق عام 1947. حصل على شهادة البكالوريوس لغة عربية/ كلية التربية/ جامعة بغداد 1970/ 1969.  حصل على شهادة دبلوم عالي/ تحقيق تراث/ معهد البحوث والدراسات العربية بالقاهرة 2009.  حصل على شهادة الماجستير /تحقيق تراث /معهد البحوث والدراسات العربية بالقاهرة 2011.

وهو عضو اتحاد الأدباء والكتاب العرب. وعضو المجلس المركزي للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب في العراق/ عام 2000 بغداد. وعضو اتحاد  الكتاب العرب/ دمشق. وعضو اتيليه القاهرة / القاهرة. وعضو الاتحاد العام للصحفيين السودانيين. وعضو نقابة الفنانين العراقيين/ بغداد. وعضو جمعية المسرحيين والإذاعيين والتلفزيونيين/ بغداد. وعن نشاطه الصحفي: كان عضو هيئة تحرير جريدة الرسالة ومجلة النبراس والجامعة والحدباء، ومحرر في مجلة ألف باء، ومندوب الموصل ومدير تحرير مجلة الأديب المعاصر الصادرة عن الاتحاد العام للأدباء والكتاب العراقيين.

من مجموعاته الشعرية: (نافذة البرق 1976- أرافق زهرة الأعماق 1979- البلاد الأولى 1983-  رقم الفاو (قصيدة ملحمية) 1989) ومسرحيتان شعريتان 1988. وقد ترجمت بعض قصائده إلى الإنجليزية والفرنسية والأسبانية والروسية.

الشعر وصياغة العالم..

في حوار معه لصحيفة “الزمان” أجراه “عِذاب الركابي” يقول “أمجد محمد سعيد” عن اختياره لكتابة الشعر: ” في بداية مشوار الكتابة في النصف الثاني من ستينات القرن الماضي دخلت إلى عوالم الصحافة الأدبية والفنية والشعر والقصة والمقالة والمتابعة النقدية والمسرح والتمثيلية التليفزيونية فيما بعد، وغيرها قراءة وممارسة ولكنني أدركت منذ البدء إنني منحاز ذوقياً وجمالياً إلى فضاء القصيدة شعرت أنّها أقرب إلى روحي وإلى قدراتي الأولى في حفظ الشعر وإلقائه بلغةٍ فصيحةٍ، منحتها قراءة القرآن الصيفية عند الشيخ محمد المدني في شارع الفاروق بالموصل استعدادا لامتلاك ناصية النحو العربي وصرفه حتى بعيد عن شروط القواعد وكذلك تذوق المعاني المرسلة، عبر الاختزال البلاغي العجيب لكتاب الله العزيز.

وأضافت القراءات الكثيرة للأدب العربي وللشعر العربي خاصة في مختلف عصوره ثروة أخرى ساندت ذلك الانحياز الأولي إلى الشعر، شعرت أنّني أقدر على إيصال مضاميني عبر القصيدة من الفنون الأخرى، وبعد التحاقي بالجامعة كان الجوُّ العامُ الملاصقُ لي جوَّ شعرٍ وكان الدكتور عناد غزوان حينذاك يدافع عن القصيدة الحديثة في محاضراته التي يلقيها علينا في الجامعة والتي أثّرت فيَّ تأثيراً كبيراً.

وكانت المهرجانات التي يحضرها الشعراء البارزون من العراق والوطن العربي وغير ذلك من العوامل التي منها ربما شعوري بالقصور في فنّ القص أو الحكي الاستطرادي المُبرمج المهندس وفق الأزمنة والأحداث والأمكنة، وما زلت حتى الآن أحس هذا النقص حتى في حوارات الحياة العادية، كان الشعر وسيلتي للتواصل مع العالم المثقف ومع الفنون والآداب الأخرى مختزلاً الكثير من التفاصيل وعابراً المنطق الأرسطي في إيصال تجربتي.

أمّا جدوى الشعر فيوشك أن يتوازى مع سؤال جدوى الحياة ذاتها وكم اختلفت الآراء والمدارس النقدية والشعراء حول هذه القضية الشعر هو وسيلة راقية من وسائل الإنسان للتعبير عن ذاته وتجربته وحيرته أمام غموض العالم والحياة والموت والإنسان، حين تكتب الشعر تحسّ أن لديك قدرةَ وإمكانية المشاركة في صياغة العالم والتعبير عنك وعنه وعن الآخرين ربما ومحاولة إضافة ما تراه من منح الوجود جمالاً وموقفاً وانحيازاً”.

رحلة الكتابة..

وعن رحلته مع كتابة الشعر يواصل: “هي مغامرة الكلمة التي تشكلَ منها العالم في نسيج الزمان والمكان في تجربة الإنسان هذا الكائن الناطق الذي عبّر بالكلمة من مرحلة تكوينية إلى مرحلة أخرى، حين اكتشف أنه بالكلمة أصبح يؤثر في الطبيعة أكثر وصار بها أكثر استعدادا للتعبير عن مكنونات نفسه ومخاطبة الآخر وتسجيل تجاربه وأفراحه وأحزانه، بالكلمة صار يعرف كيف يقول لحبيبته إنه يحبّها وبدلاً من صراخه المفجوع صار يعبّر عن حزنه بكلمات كلكامش الدامية على جسد إنكيدو المسجّى وصار بالكلمة يعرف كيف يصوغ قوانين العدل والحرية والحق والجمال هي مغامرة ورحلة مجيدة قام بها أجدادنا لكي يعطوا للحواس وظائف جديدة غير التي كانت عليها سابقاً.

على المستوى الشخصي أخذت الكتابة مني كل العمر وصاغت الحياة وفق تشعباتها منذ ما يقرب الخمسين عاماً ظلت الكتابة هاجسا يوميا يحتلني ولم يتقدم عليها شيء أبداً حتى الآن ولكنها أعطتني الإحساس بموقعي المفترض في الحياة ودوري الجمالي في إقامة علاقة مع الإبداع أعطتني الفرح والدهشة وأحيانا الفخار والكبرياء أمام العادي أشعر أنّ الشعرَ أعطاني مساحة في ذاكرة الناس وحبّهم واحترامهم”.

المسرح الشعري..

عن كتابته للمشرح الشعري، وعن المسرح الجاد يقول: “نعم في السبعينات كتبت مسرحيتين شعريتين، الأولى بعنوان “دم فوق لامونيدا” ولامونيدا هو قصر الرئاسة التشيلي الذي قتل فية سلفادور الليندي رئيس حكومة الوحدة الشعبية، والمسرحية تتناول رحيل الشاعر التشيلي الكبير بابلوا نيرودا بعد سقوط الليندي، والثانية مسرحية شعرية أيضاً عن رحيل الشاعر العربي الكبير خليل حاوي منتحراً بعنوان “بانوراما الشاعر والموت”، قدّمت الأولى في مهرجان المسرح المدرسي ونالت الجائزة الثانية وطبعت المسرحيتان في كتاب واحد صدر عن جامعة الموصل، وأنا لا أزعم أنني كاتب مسرحي ولكن كانت تجربة المسرحيتين أنهما شعريتان تناولتا رحيل شاعرين معاصرين في ظروف قمعية وحزينة.

المسرح عموما عمل جماعي مركب من فنون عديدة ويحتاج إلى جهود الكثير من المبدعين في مجالات مختلفة وهذا ما يجعل الاقتراب منه محفوفاً بالمخاطر والإحباطات، وحين مضى الزمان لم أتذكر أنني حاولت تكرار تجربة الكتابة المسرحية عموما ربما امتلك أكثر نفساً شعرياً ملحمياً وليس درامياً. في مقابلة تلفزيونية أخيرة مع المخرج والممثل المسرحي العراقي الكبير سامي عبد الحميد قال: “لا بأس من الأعمال الشعبية الممتعة التي تقدم للجمهور”. ولكن حقيقة المسرح هو الأشكال الدرامية التي لها قوانين المسرح الأصلية وأصوله، وهذا له جمهوره الخاص ولا إشكال إن قدم النوعان على الخشبة وقد يستطيع النوعان أن يتمثلا قضايا الحرية والعدل والكرامة وغيرها من القيم الإنسانية”.

وعن قصيدة النثر يضيف: “أنا لستُ متعصباً لنوع من أنواع الكتابة الشعرية وإن كنت قد اخترت قصيدة التفعيلة لمعظم ما كتبت، أحيانا أكتب قصيدة عمودية وأحيانا أكتب قصيدة نثر وكتبت أيضا قصائد فيها الأشكال الثلاثة سوية في قصيدة واحدة، كان ذلك في حالات تفرض نفسها عليّ، وأنا أعتقد أن قصيدة النثر ليست سهلة الكتابة كما يعتقد البعض إذ ينبغي عليها أن تكون شاملة لكل مواصفات القصيدة العمودية وقصيدة التفعيلة.

بمعنى أنه إذا كانت القصيدة العمودية تكسب قارئها وسامعها بفضل الوزن والقافية وعمود الشعر العربي القديم، وإذا كانت قصيدة التفعيلة تكسب القارئ والمستمع بفضل تلك الجهود الفنية الجديدة فعلى قصيدة النثر أن تعوض كل ذلك وتختزله في أعماقها، وأن تقنع القارئ عبر الكلمات والكلمات فقط بأنها شعر، والمشكلة هنا أن النقاد الداعمين لقصيدة النثر لم يستطيعوا حتى الآن أن يشكلوا النظرية النقدية لقصيدة النثر.

هناك محاولات كثيرة ولكنها مضببة ومشتتة. أما العصر يا صديقي فإنه يحتمل كل الفنون وكل الآداب، ولماذا نسمي كتابات الصوفية قصيدة نثر هل هو عيب أن تكون لغة الصوفية نسيج وحدها كنوع خاص من الكتابة النثرية.

أما الهجوم على قصيدة النثر فأنا لا أجد مبرراً له مثلما لا أجد مبرراً لكتاّب النثر من التهجم على كتاّب العمود أو قصيدة التفعيلة وهذه ليست توفيقية من عندي ولكن لكل أسلوب فرسانه وكتابه، ودع ألف زهرة تتفتح حينما أكتب قصيدة هي التي تحدد شكلها فإذا جاءت بتفعيلة فبها وإذا جاءت نثرية أهلا بها، ولكنني أصدقك القول أنني لم أحاول صياغة قصيدة نثر وإعادتها إلى التفعيلة ذلك يدمر القصيدة وينهيها. وأعتقد أن ليس من حقّ أحد الحد من حرية الإبداع وفي كل مجالاته”.

المواطنة والهوية الثقافية..

وعن الهوية الثقافية يقول: “اللقاءات الثقافية والندوات الفكرية مهمة جداً في طرح الأسئلة الكثيرة التي تتشظى وتنشطر باستمرار إلى أسئلة أخرى. أنا أعتقد أننا يجب أن نسعى إلى تشكيل هوية ثقافية تحمل صفة المواطنة بغيرها لن يستطيع أحد تحقيق هويته الثقافية إننا نخسر يومياً على صعيد الثقافة في الوطن العربي بعد هذا الذي حدث والذي يحدث يومياً وما هو مرشح للحدوث. لن نستطيع الشروع حتى الشروع في تحقيق هويتنا الثقافية إذا لم ندع الصفات كلها ونتمسك بعنوان المواطنة، التي ستعني الإنسانية والثقافة والمحبة والعدل والحرية والكرامة وكل الصفات الجميلة”.

الصخب الإعلامي النفعي..

في حوار آخر مع موقع “كليك توبرس”  يقول “أمجد محمد سعيد” عن ابتعاد الشعر عن التأثير في الحركة الفكرية والثقافية لصالح السرد القصصي: “الحياة المعاصرة لها طرائقها في استخدام الموروثات الإبداعية ومنها الشعر والسرد وبقية أنواع الإبداع, ربما أبعدت كثيرا من مفردات الإبداع التقليدية وولكنها لم تستطع أن تبعد الشعر عن التأثير في الحياة الفكرية والثقافية, الشعر حالة لا تتعلق بغيرها من الفنون, هو شكل من أشكال نتاج الوجود الإنساني الضروري منذ وجد الإنسان على الأرض وتعلم اللغة, بل أن الشعر كان أسبق من السرد في التعبير عن حاجات الإنسان ومشاعره وأحاسيسه, عبر الغناء والإشارة اللغوية البدائية والصوت الموسيقى لرموز لغوية, والرقص المصاحب لهمهمات لغوية وأصداء تعبيرية.

أشاع  بعض النقاد هذه الرأي لصالح السرد لأسباب كثيرة، منها ما هو غير إبداعي ولصالح دور النشر التي وجدت أن مبيعاتها ستزداد من الروايات وأن هناك جوائز للنصوص السردية, وأن صانعي الأفلام والمسلسلات التلفزيونية يحتاجون النص السردي لتحويله إلى منجز لا علاقة له بالنص الأصلي حتى, إلى ما هنالك من أمور, لماذا لا يتحدثون عن انحسار النص المسرحي مثلا, أين النقد السينمائي والتشكيلي, بل أنك لتجد الآن أغلب الساردين يكتبون القصيدة النثرية بعد أن زاد انتشار قصيدة النثر التي تركت الوزن والقافية وصارت مركبا سهلا يركبه كل من هب ودب.

على أنه يسعدنا أن تتقدم الرواية والقصة القصيرة والسرد عموما، ذلك من حسن حظ الأدب، ولكن ما نلاحظه على بعض المنجز السردي خاصة افتقاره لأهم أدواته اللغوية من نحو وصرف وبلاغة وسمو, أحيانا تقرأ رواية لا تتوفر على أبسط القواعد الإبداعية وكأنك تقرأ في صحيفة يومية عن الحوادث والطقس والعلاقات الغرامية المبتذلة, وفي المقابل صدرت في الفترة الأخيرة روايات عربية مهمة في أغلب الأقطار العربية, في محيط بعيد عن المزايدات المعروفة. وأريد أن أسألكم ما هو الأثر الفني الإبداعي الذي يؤثر في الحياة الثقافية والفكرية, لقد انحسر ذلك الدور عموما وأصبحت الساحة مملوءة بالتافه والهش والمدعي والسارق, والمبدع الحقيقي أخذ ينزوي بعيدا في حضن الأجواء النظيفة البعيدة عن الصخب الإعلامي والنفعي”.

الشعر العراقي..

وعن موقع الشعر العراقي في خارطة الإبداع العربي يقول: “الشعر العراقي رافد أساسي من روافد الشعر العربي وقدم وما يزال تجارب شعرية رائدة على كافة المستويات وبمختلف الأشكال والأنماط والدارس الأدبي يستطيع أن يقدم نماذج مهمة وتأسيسية في خارطة الشعر العربي. ساهم شعراء العراق في إثراء المشهد الشعري العربي بكل جديد وما يزالون، ولكن من الصعوبة تحديد هذا الموقع سوى أن نقول بشكل عام أن الشعر العراقي دعامة هامة من دعامات القصيدة العربية عمودية كانت أو حرة أو نثرية .

ويواصل: “ملامح الشعر العراقي هي نفس ملامح القصيدة العربية المعاصرة وربما يكون من أهم تلك الملامح أنه يثري المشهد الشعري بأنماط القصيدة العمودية والتفعيلة والنثرية. وقد أصبحت القصيدة سهلة الوصول إلى القارئ العربي في كل مكان بسرعة كبيرة نتيجة التطور في وسائل الاتصال، ولذلك تكاد الفروق أن تكون محدودة بتنوع الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية المحلية لكل بلد من البلدان العربية وتأثيرها المباشر على المواطن والشاعر في وقت واحد”.

وفاته..

توفي “أمجد محمد سعيد” اليوم الأحد 8 أغسطس 2021 عن عمر يناهز 74 عاما.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب