كتبت – سماح عادل :
عقدة اللغة العربية الفصحى.. نتعرض لها جميعاً أثناء سنوات الدراسة.. وحين يتفرق كل إلى عمله، يواجه من يحتاج عمله لإجادة تامة للغة العربية الفصحى هذه العقدة.. يصبح عليه أن يحصل على مزيد من التعلم والمعرفة بقواعدها وضوابطها.
حاول الكاتب والصحافي “حسام إبراهيم مصطفى” تسهيل تلك العقدة، خاصة على زملاءه في مهنة الصحافة، واستطاع أن يحقق حلمه عبر مبادرة تعليمية تفيد الجميع تحت شعار “اكتب صح” لتسهيل قواعد اللغة العربية علي الشباب والمبتدأين من الكتاب.. مما دفع بـ(كتابات) إلى محاورته للتعرف على هذه المبادرة..
(كتابات): متى أطلقت مبادرة اكتب صح؟.. ومن أين جاءتك الفكرة؟
- المبادرة بدأت على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، تحديداً يوم 12 تشرين ثان/نوفمبر 2013، بغرض مساعدة الصحافيين والإعلاميين والطلاب ومحبّي اللغة العربية ومتعلميها، على تلافي الأخطاء الإملائية والنحوية والأسلوبية الشائعة، والكتابة بلغة سليمة وراقية خالية من العيوب.. ومنذ إطلاقها حظيت بتفاعل كبير وملحوظ، ساعدها على النمو بشكل سريع، والوصول لقطاعات أكبر، واستخدمت في ذلك عدة وسائل:
- إعادة تقديم علوم اللغة العربية، في ثوب جديد، عبر لغة بسيطة وقريبة من لغة الشباب.
- شرح القواعد اللغوية التي يحتاج إليها المستخدم العادي في حياته اليومية، وأنشطته المختلفة، وعدم التطرق لقواعد عفى عليها الزمن، أو لن يستفيد منها غير المتخصصين.
- استخدام الأمثلة المعاصرة في الشرح، وهجر الأمثلة القديمة التي تُظهر الانفصال بين الماضي والحاضر في التعامل مع قضايا اللغة.
- اعتماد العديد من التدريبات التفاعلية للتأكد من ثبات المعلومة.
- الإجابة عن أسئلة روّاد الصفحة، وشرح ما غمض عليهم.
- تنظيم ورش عمل ولقاءات حية مع الراغبين، سواء في مقار بعض الصحف ومواقع الأخبار، أو بعض المعاهد والمبادرات.
- رسم خطط واقعية لدراسة اللغة العربية، وإتاحة بعض المصادر المتوافرة عبر إنترنت.
(كتابات): هل واجهتك عقبات في بداية التنفيذ؟
* أبرز العقبات الصورة المشوَّهة للغة العربية لدى الشباب، والتي لا أستطيع لومهم وحدهم عليها.. فهي نتاج سنوات من إهمال اللغة وتقديمها بشكل غامض وغير مفهوم، والحمد لله أننا تمكَّنا من التغلب على هذا الأمر تدريجيًا. والعقبة الثانية التمويل، فأنا أعمل في المبادرة وأنفق على الموقع بمفردي، ودون أي تمويل من أي جهة حكومية أو خاصة.
(كتابات): حدثنا عن تطوير الفكرة و”المصحح الأوتوماتيكي” ودورات اكتب صح مع شباب الصحافيين؟
- مع زيادة الإقبال على الصفحة، والرغبة في توسيع قاعدة الانتشار، وتقديم المزيد من الخدمات، قرّرنا إطلاق موقع اكتب صح ektebsa7.com يوم 12 تشرين ثان/نوفمبر 2015.
والحقيقة أنها كانت خطوة موفقة للغاية.. حيث وسعت من وجودنا في الفضاء الإلكتروني، وزادت من عدد المستفيدين من خدمات المبادرة.
“المصحح الإلكتروني” يدعم فكرة إثراء المحتوى العربي على الإنترنت بنصوص خالية من الأخطاء.. إذ إن مشكلة المحتوى العربي ليست فقط قلته أو غثاثته أحياناً، وإنما كذلك تمتعه بقدر غريب من الأخطاء الإملائية، ما يجعل وجوده مثل عدمه في أحيان كثيرة، وهو ما حاولنا التعامل معه إيجابياً.
نقدم دورات “اكتب صح” في أساسيات الكتابة الإملائية وأشهر قواعد النحو لكل من يطلبها: الجرائد والمجلات والمواقع الإلكترونية والمؤسسات الإعلامية، وزرنا “جامعة زويل” و”الجامعة الكندية” و”جامعة القاهرة”، وقدمنا بعض الورش في المحافظات، ونسعى لزيادة العدد وتطوير المنهج وأساليب التدريب طوال الوقت.
(كتابات): ما حجم استجابة المستهدفين معك.. وهل تجد داعمين لك في هذه المبادرة؟
- الاستجابة من وجهة نظري رائعة.. لدينا على الصفحة ما يقرب من 50 ألفاً حتى الآن، دون أي إعلانات مدفوعة، كما أن المتابعين نشطون، ويتفاعلون بشكل يومي. وعلى الموقع كذلك الزيارات اليومية كبيرة رغم طبيعته غير الإخبارية، وطوال الوقت نبحث عن أفكار جديدة وتفاعلية لزيادة لفت الانتباه لأهمية اللغة العربية في حياتنا.
والجميل آن آخرين من المهتمين بالعربية أنشأوا صفحات أخرى لتقديم المزيد من العلم، ومنها صفحات “نحو وصرف” و”صحح لغتك”، ما يدعم انتشار اللغة وتقريبها أكثر من الراغبين في تعلّمها.
وللأسف لا يوجد دعم للمبادرة من أي جهة.
(كتابات): ما رأيك في الرأي الذي يقول إننا مصريون ولسناعرباً.. وأن اللغة العربية وافدة علينا وليست لغتنا الأصلية؟
* سواء كنا مصريين أو عرباً، فاللغة العربية حاملة تراثنا الحضاري والثقافي وتعاليم ديننا، ولعلها الشيء الوحيد الذي لا يزال يوحِّد العرب ويمثل وجه تشابه بينهم، فأولى بنا بدل الانشغال بجدل لا يفيد، أن نكرِّس وقتنا لإتقانها، والتميز فيها، وإثراء المحتوى العربي على الإنترنت، كي نتمكن من البقاء والمنافسة.
(كتابات): موقع “اكتب صح” لا يقدم فقط خدمة التعريف باللغة العربية.. ما الخدمات الأخرى التي يتيحها؟
- يهتم الموقع أيضًا بالصحافة، باعتبارها أحد أبرز تجليات اللغة العربية في حياتنا المعاصرة، وضرورة أن يكون الصحافي متقناً للغة غاية الإتقان، لذا نساعده بتقديم دروس فيديو في فن الديسك والتحرير الصحافي، وشرح أبرز ما توصلت إليه التكنولوجيا لتسهيل عمله، إضافة للإعلان عن الوظائف الصحفية التي يتصل أصحابها بالموقع حصرياً، وغيرها من الخدمات.
(كتابات): ككاتب وأديب هل تشعر أن المناخ الثقافي في مصر داعم للمبدعين من الشباب؟
- بالتأكيد هناك عقبات كبيرة.. ليس أمام المبدعين الشباب وحدهم، إنما أمام الإبداع عموماً كمفهوم وممارسة، لكن منذ متى خلت الدنيا من العقبات؟.. بل إن العقبات –غالباً – هي التي تصنع الإبداع الحقيقي وتُبلوره، لذا فإن علينا جميعاً أن نواصل الطريق، وأن ننتج، أياً كانت النتيجة المرتجاة، وطبيعة ما نواجه، الإبداع فعل حياة، ليس ترفاً ولا تضييع وقت، إنه محاولة للبقاء على قيد الحياة وسط بحر هائج لا شط له.
(كتابات): ما رأيك في كتابات الشباب المنتشرة في مجال أدب الرعب والكتابات الكوميدية العامية وغيرها؟
- أنا ضد الحجر على أحد.. أو ادعاء أن للكتابة أولياء صالحين لا يجوز لسواهم الاقتراب من حرمها.. ليكتب كلٌ ما يريد، والجمهور هو الحكم، ذائقة الناس التي تطورت ونضجت قادرة على تمييز الغث من السمين، بل لولا الغث ما ظهرت قيمة السمين، فلندع كل من لديه كلمة يقولها ولا نمارس الوصاية على أحد.
أما الكتابة بالعامية فلا أحبذها، إذ إنها بلا عمر ولا أثر، لنكتب الإطار العام بالفصحى، ثم لنُطعِّم بالعامية إن أحببنا، أما الكتابة بالعامية تمامًا فلا أجدها فكرة صائبة.
جدير بالذكر ان “حسام مصطفى إبراهيم” كاتب وصحافي مصري، تخرج في كلية التربية، جامعة المنصورة، قسم اللغة العربية، عام 2001، عضو اتحاد الكتاب.
صدر له: “من غلبي”، أدب ساخر، 2009، “يوميات مدرس في الأرياف”، 2009 ،”اللحاق بآخر عربة في القطار”، قصص قصيرة، 2010، “جر شكل”، أدب ساخر، 2012.