خاص: إعداد- سماح عادل
“آدم ساندلر” ممثل أمريكي اشتهر بأدواره الكوميدية.
حياته..
ولد في بروكلين التابعة لولاية نيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية، في 9 سبتمبر للعام 1966 “ساندلر” الأصغر بين أربعة أبناء، لأم تُدعى جوديث وتعمل كمدرّسة في حضانة، ووالده المهندس الكهربائي ستانلي آلان سانلدر.
لم يكمل تعليمه إذ تعرّض للتأديب في نتيجة سلوكياته الكوميدية الغريبة في المدرسة، وبعد المدرسة الثانوية أخذ دروسًا في معهد للمسرح والسينما في نيويورك، كما درس في مدرسة للفنون وتخرّج بدرجة البكالوريوس في التمثيل في العام 1988م. اتخذ ساندلر الخطوة الأولى ليُصبح كوميديا ارتجاليا عندما بلغ السابعة عشرة من عمره، وذلك عندما صعد المسرح تلقائيًا في نادٍ للكوميديا في بوسطن، وقد بدأ بتنمية موهبته والاهتمام بها خلال وجوده بجامعة نيويورك؛ فأصبح يُقسّم وقته بشكلٍ منتظم بين الجامعة ونادي الكوميديا.
ظهر على التلفاز لأول مرة في المسلسل “ذا كوسبي” عام 1987م، وأدّى فيه دور الصديق لعائلة (Huxtable)، وفي أحد عروض ساندلر في لونس أنجلوس، عرفه الممثل الكوميدي دينيس ميلر وأوصى به في وقت لاحق ليُشارك في ساترداي نايت لايف (SNL)، وفي العام 1990م عُيّن كاتبًا في عرض الكوميديا التخطيطية. عمل ساندلر مع ساترداي نايت لايف لمدّة خمسة أعوام، وابتكر خلالها العديد من الشخصيات الكوميدية الغريبة.
وعقب طرده بعد خمس سنوات قضاها ضمن الفريق، بدأ ساندلر مسيرة سينمائية ناجحة للغاية قام فيها ببطولة أكثر من 30 فيلما، حققت تجاوزت 3 مليارات دولار في جميع أنحاء العالم.
تُقدّر ثروة ساندلر ب 420 مليون دولار أمريكي، منها 57 مليون دولار أمريكي حصل عليها فقط في العام 2019م وحده، وتزوّج آدم ساندلر من جاكي ساندلر في العام 2003م، ولديهما طفلان هما صني ساندلر وسادي ساندلر، أمّا أصدقاؤه المقرّبون فهم الكوميديون كريس روك، ونورم ماكدونالد، وديفيد سبيد، وستيفن بريل، وكريس فارلي، وروب شنايدر.
جائزة مارك توين..
فاز بجائزة مارك توين للفكاهة الأميركية وقالت ديبورا راتر، مديرة مركز كنيدي في بيان الإعلان عن الجائزة في: “أمتع آدم ساندلر الجمهور لأكثر من ثلاثة عقود بأفلامه وموسيقاه ومشاركته الهامة في برنامج ساترداي نايت لايف التي استقطبت جمهورا واسعا. خلق آدم شخصيات جعلتنا نضحك ونبكي ونبكي من الضحك”.
سر موهبته..
منذ طفولته كان يسكن مع أمه في منزل صغير ويدرس بمدرسة بعيده عن منزله حيث كان يجب عليه إن يقطع مسافة كيلو متر يوميا ذهابا وعوده للمدرسة، كان خجولاً في معاملاته مع زملائه نوعاً ما مجتهد في دروسه وكان كل المدرسين يتوقعون له أن يكون مهندساً أو طبيباً، وكان يقبل على القراءة كثيراً ويلتهم الكتب التهاماً وما زال كذلك .
مع ذلك كان متابعا جيدا للأفلام السينمائية، كان يخرج من المنزل بحجه الذهاب للعب مع أصدقائه بالجوار، لكنه في الحقيقة كان يذهب ليشاهد الأفلام في دور السينما وذلك من مصروف المدرسة الذي كان يوفر منه قيمة تذكرة الدخول لدار السينما، واستمر حتى وصل للمرحلة الثانوية ولم يكتشف أحد موهبة التمثيل التي كانت كامنة فيه .
في أحد الأيام كان للمدرسة حفل ختامي في نهاية السنة لكن أحد المشتركين فيها أصيب بوعكة صحية واضطر المشرف على أن يختار طالباً بديلاً وقد وقع الاختيار على آدم ساندلر وكان كل المشرفين على هذه الحفلة يخشون من أن يخذلهم ساندلر أمام الجمهور حيث أنه معروف بخجله وهذا لا يتناسب مع الظهور على المسرح، وأدى دوره بإتقان ولم يرتبك وعرف المشرفون على الحفل أن آدم ساندلر لم يكن خجولا لهذه الدرجة بل كان يمتاز بالثقة بالنفس وعدم المبالاة أو البرود إن صح التعبير ومن هذه الصدفة السعيدة بدأ اهتمام ساندلر بالتمثيل يزداد أكثر وأكثر .
وفي يوم من الأيام كان يزورهم قريب له يعمل كمصور أفلام سينمائية وقد عرض عليه أن يأتي معه إلى هوليود ليعمل كمساعد له أو شيء من هذه الأعمال الهامشية فوافق مباشرة وذهب معه بالفعل وأتيحت له فرصة العمل في أحد الأفلام ككومبارس، فانجذب لعالم التمثيل أكثر وأدرك أن هذا المجال هو حياته وهو ما سيكمل به مسيرة حياته وانفتح له الباب وقام بأدوار صغيره وقد بدأ يتميز بما يمتلكه بقدره على الإضحاك وتغير أسلوبه في الحياة وأصبح أكثر مرحا من ذي قبل .
بدأ المخرجون يعجبون به لثباته أمام الكاميرا وأدائه العفوي حيث أنه لا يتكلف في القيام بدوره كما أن تعبيرات وجهه كانت مميزه وتضحكك نظرات استغرابه، كانت هذه المزايا من أهم الأسباب التي جعلته يصل لهذا المركز، واستمر بالتقدم على هذا المنوال واشتهرت أفلامه مثل فيلم ” Bulletproof 1996” الذي قاسمه البطولة الممثل الأسمر دايموند، وقبل ذلك فيلم ” Happy Gilmore 1996 ” والذي كان فيلماً كوميدياً بحق يؤدي فيه دور لاعب جولف دخل لهذه اللعبة بالصدفة لحاجته للمال لسداد ديون جدته ولكي يمنع بيع البيت الذي يأويهم ولكنه أبدع في هذه اللعبة واشتهر إلى الدرجة التي أصبح منافسا لأكبر الأبطال وتتوالى الأحداث.
وكذلك فيلم Wedding Singer 1998 The وأيضاً فيلم The Waterboy 1998 والذي أنتجته ديزني، ومن ثم فيلم Big Daddy 1999 والذي لاقى نجاحا وحقق مراكز متقدمة إبان عرضه .
قدم بعدها في عام 2000 فيلم Little Nicky ، بعده بعام ظهر في ” The Animal“. في عام 2002 قدم آدم أقوى أدواره و ان مع المخرج باول توماس اندرسون في ” Punch-Drunk Love ” و لذي نال فيه آدم والفيلم استحسان النقاد السينمائيين . كما شارك في بطولة فيلمين اثنين هما “Mr. Deeds ” و “The Hot Chick ” و كلاهما من فئة الكوميديا، الخط المفضل لساندلر .
مما سبق نستنتج انه كان طفلا طبيعيا لا يتميز بشيء في طفولته، وانه دخل مجال التمثيل بالصدفة تقريباً، حتى أنه قال في أحد اللقاءات التلفزيونية أنه لم يكتشف نفسه إلا عندما اكتشفوه، ونستنتج كذلك أن من أهم أسباب نجوميته ثباته أمام الكاميرا وتصرفه العفوي في المشهد وعدم تكلفه واصطناع المشاهد، كذلك محافظته على مستواه حيث انه وضع رقم هاتف خاص ليستقبل آراء الناس والمشاهدين وانتقاداتهم له كي يحسن نفسه في حال اقترافه لخطأ هنا أو هناك. وفي النهاية يظهر لجمهوره في كامل صورته ليقدم لهم ما يتمنونه منه .
نتفليكس..
آدم ساندلر نجاح كبير حقق على شاشة نتفليكس بفيلم الكوميديا والغموض “لغز جريمة القتل” (Murder Mystery)، الذي احتل المرتبة الأولى بوصفه الفيلم الأكثر مشاهدة على الشبكة لعام 2019، والمرة الثانية بفيلم الدراما والإثارة “جواهر غير مصقولة” (Uncut Gems)، الذي أعجب النقاد وتوقعوا أن ينال عنه ساندلر ترشيحا للأوسكار.
المتابع لأعمال آدم ساندلر يلاحظ التناقض الذي تحظى به أعماله، فمع كل الإيرادات المرتفعة التي يحققها غالبا والشعبية الكبرى التي تنالها أفلامه مما جعله أحد أكثر الممثلين أجرا في هوليود، فإنها تنال عادة انتقادات سلبية من النقاد، أما الأفلام القليلة في مسيرته التي استحسنها النقاد فلم تلق نفس رد الفعل جماهيريا!
ساندلر يهتم أكثر بإرضاء المشاهدين، ويراهم الرهان الأفضل، خاصة أنه خلال مشواره عرف كيف يستقطبهم ويصنع منهم جيشا من المتابعين المخلصين الذي كوّنه على مدار عقود من العمل الدؤوب.
هناك أكثر من سبب وراء تعلق الجمهور بالأفلام الكوميدية التي يقدمها ساندلر، أولها كونه بدأ مسيرته مبكرا، حيث اكتسب الكثير من المعجبين بين 1991 و1995 بسبب انضمامه لفريق “ساترداي نايت لايف” (Saturday Night Live) وابتكاره العديد من “الاسكتشات” الكوميدية.
ورغم أنه طُرد من البرنامج، فإنه كان ترك انطباعا جيدا بالفعل لدى الجمهور، أكده بأفلام التسعينيات الكوميدية التي قدمها ولاقت إقبالا من المراهقين في ذاك الوقت، من بينها “بيلي ماديسون” (Billy Madison)، و”هابي غيلمور” (Happy Gilmore)، و”ووتر بوي” (The Waterboy).
بسيطة وخفيفة..
قد تبدو قصص الأفلام التي يقدمها ساندلر بسيطة وخفيفة، لكن العاملين في مجال الكوميديا يعلمون جيدا مدى صعوبة إضحاك الجمهور وإرضاء أكبر قطاع ممكن من المشاهدين. غير أن ساندلر نجح في تحقيق هذه المعادلة الصعبة، وإن جانبه الصواب أحيانا، إلا أن ذلك ساعده أيضا على تطوير محتواه ومعرفة ما يرضي الجمهور أكثر.
هكذا، قرر ساندلر أن ترتكز مسيرته على الكوميديا وحسه الفكاهي الذكي، وترافق ذلك تارة حبكة رومانسية، وتارة أخرى حبكة تشويقية، ليمنح محبي الأفلام الخفيفة -التي تشبه أفلام التسعينيات- ما يطمحون إليه.
من المميزات أيضا التي تتمتع بها الأدوار التي يختار ساندلر تجسيدها، أنها عادة تنتمي لفئة المستضعفين أو أبناء الطبقة المتوسطة الذين لديهم مشكلات تثقل كاهلهم، وليسوا المرفهين أو من ذوي الغنى الفاحش.
وهو ما يجعل كثيرين يشعرون بالتماهي مع تلك الأدوار ويحبونها مهما كان الأداء الفني، أو أي عيوب أخرى للشخصية، هكذا يستمرون بالانجذاب إلى كل جديد يقدمه.
ولعل السبب الأخير وراء جماهيرية أفلام ساندلر هو النمط الذي حصر نفسه فيه، وجعل الجمهور يتوقع مسبقا ما سيشاهده، فعلى تنوع الحبكات واختلافها يظل هناك نمط واضح في أفلامه الكوميدية، ورغم أن هذا هو ما يأخذه عليه النقاد، فإنه يمكن أن يكون سلاحا ذا حدين.
فالجمهور يذهب للسينما لمشاهدة أفلام ساندلر للاستمتاع بها وقضاء بعض الوقت الممتع بعيدا عن ضغوط الحياة من دون توقعات فنية مرتفعة، مما يصب لصالح النجم الذي عرف كيف يرضي جمهوره بأقل مجهود ممكن، فكل ما يأملونه مجرد ساعتين على الأكثر للهروب من الواقع السخيف.
وهو ما تؤكده بعض التعليقات التي تركها الجمهور على الإعلان التشويقي لفيلمه القادم، مصرحين بسابق معرفتهم أن الفيلم لن يقدم جديدا، بل وربما كان سخيفا، ومع ذلك سيشاهدونه على أي حال.
حين يسأل آدم ساندلر عن تفسير لذلك التفاوت في المستوى الفني بين أعماله لا يستطيع أن يقدم إجابات وافية، لكنه يحكي قصة، يقول فيها: “في كل مرة أقوم فيها بدور في فيلم أو مسلسل، يقول المخرج: “مرحبًا ساندلر، سيقول النقاد عنك كلاما جيدا في هذا العمل، فأقول، لا، إنهم لن يفعلوا أبدا”، ولعل هذا اليأس فضلا عن الإيرادات الكبيرة هما ما يدفع آدم ساندلر للاستمرار في تقديم أفلام كوميدية لا تعجب النقاد، ولكنها تحظى بقبول جماهيري واسع.