26 ديسمبر، 2024 11:22 م

“ولادة بنت المستكفي”.. اشتهرت بشعرها العذب وبكبريائها وبجمالها

“ولادة بنت المستكفي”.. اشتهرت بشعرها العذب وبكبريائها وبجمالها

 

خاص: إعداد- سماح عادل

“ولاّدة بنت المستكفي” أميرة أندلسية وشاعرة عربية من بيت الدولة الأموية في الأندلس، وهي ابنة الخليفة المستكفي بالله. اشتهرت بالفصاحة والشعر، وكان لها مجلس في قرطبة يحضره الشعراء والأدباء ويتحدثوا في شؤون الشعر والأدب بعد زوال الخلافة الأموية في الأندلس.

حياتها..

اسمها ولاّدة بنت محمد المستكفي بالله بن عبد الرحمن بن عبيد الله بن عبد الرحمن الناصر لدين الله بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن الحكم الربضي بن هشام الرضا بن عبد الرحمن الداخل الأموية القرشية.

بنت الخليفة الأموي الأندلسي «محمد بن عبد الرحمن»، الملقب بـ «المستكفي بالله»، أحد أضعف حكام الأندلس في فترة انهيار العصر الأموي الذي قام على أنقاضه عصر الطوائف. وأمها هي جارية إسبانية اسمها «سكرى» وقد ورثت منها بشرتها البيضاء وشعرها الأصهب وعينيها الزرقاوين وكانت تخالط الشعراء في زمانها وتجالسهم بل وتنافسهم. ولدت “ولادة” عام 1001 للميلاد، وعاشت في غرناطة ثراء وبذخ الأميرات، وحباها الله بموهبة شعرية فذة.

وهي واحدة من الشاعرات الشهيرات في تاريخ الحضارة الإسلامية  وتبوأت مكانة كبيرة في مجتمعها وزمانها، بسبب ثقافتها، وجمالها وفتنتها، قال عنها “لسان الدين بن الخطيب” شاعر الأندلس ومؤرخها في كتابه الجامع “اللمحة البدرية في الأخبار النصرية”: «.. والأندلسيات جميلات فاتنات، موصوفات باعتدال السِّمن وتنعم الجسوم، واسترسال الشعور، ونقاء الثغور، وطيب الشذا، وخفة الحركات، ونبل الكلام، وحسن المجاورة، وقد بلغن من التفنن في الزينة، والتظاهر بين المصبغات، والتنافس في الذهبيات والديباجات، والتماجن في أشكال الحلى.. إلى غاية بعيدة. فتبصرهن أيام الجمع كأنهن الأزهار المتفتحة في البطاح الكريمة تحت الأهوية المعتدلة!».

وسبب ذلك أن حكام العرب والبربر شغفهم جمال فتيات أوروبا، وكان ملوك غرناطة يتزوجون بجاريات شقراوات، ذوات عيون زرقاوات، يتنافسن في اجتذاب رجال الفكر والسياسة والشعراء والفنانين، فكانت أمهات معظم أولئك الملوك من أصل أوروبي، ونالت المرأة هذه المكانة لأن القادة والمشاهير من أهل الأندلس كانوا يبالغون في كرمهن وتدليلهن ويسبغون عليهن كل صنوف الرعاية والعناية.

ولها بيتان من الشعر طرزتهما بالذهب على عاتقي ثوبها فكتبت على أحدهما:

أنا والله أصلح للمعالي

وأمشي مشيتي وأتيه تيها

وكتبت على الآخر:

وأمكن عاشقي من صحن خدي

وأعطى قبلتي من يشتهيها

مجلس أدبي..

وكان قصر “ولاَّدة” قبلة الأدباء والشعراء والكتاب، تستقبلهم كل ليلة ويلتفون حولها، وتشارك في المناقشات الشعرية، ويجمع هذا اللقاء الرقص والموسيقى والغناء، وكانت أيضا تجيد الغناء، وتستمتع بسيطرتها العاطفية على الجميع، ما دفع بعض المتطرفين إلى تصويرها وكأنها إحدى فتيات الهوى والمتعة ودسُّوا عليها بعض النصوص التي تثار حول الفاتنات الغانيات عبر التاريخ، غير أن عديد من الباحثين وصفوها بالعفة والطهارة، وصانوها عن الإسفاف والتبذل.

قال المؤرخ الأندلسي «ابن بسام» أحد من ترجموا لها في كتابه «الذخيرة»: «كانت في نساء أهل زمانها، واحدة من أقرانها، حضور شاهد، وحرارة أوابد، وحسن منظر ومخبر، وحلاوة مورد ومصدر، وكان مجلسها بقرطبة منتدى لأحرار المصر، وفناؤها ملعبا لجياد النظم والنثر، كانت درة يعشو أهل الأدب إلى ضوء غرتها، ويتهالك أفراد الشعراء والكتاب على حلاوة عشرتها، وسهولة حجّابها، وكثرة منتابها، يخلط ذلك بعلو نصاب، وكرم أنساب، وطهارة أثواب، على أنها ــ سمح الله لها، وتغمد زللها ــ أطرحت التحصيل وأوجدت إلى القول فيها السبيل، بقلة مبالاتها، ومجاراتها بلذاتها».

وكتب عنها «المقري التلمساني» في كتابه «نفح الطِّيب من غصن الأندلس الرطيب»: «.. وكانت واحدة زمانها المشار إليها في أوانها حسنة المحاضرة، مشكورة المذاكرة». واقترن اسمها بالعديد ممن حولها؛ فصاحبتها «مُهجة القُرطُبية»، وهي شاعرة لا تقل عنها جمالا، ولُقِّبَت بـ «مهجة صاحبة ولادة»، والوزير «ابن زيدون» الشاعر الذي اُشتهر بـ «ذي الوزارتين» لُقِّب أيضا بـ «صاحب ولادة»، حتى أبوها «المستكفي بالله»، بالرغم من أنه الخليفة إلا أنه اشتهر ولُقِّب بـ «والد ولادة».

وقالت عن نفسها:

إني وإن نظر الأنام لبهجتي

كظباء مكة صيدهن حرام

يحسبن من لين الكلام فواحشا

ويصدهن عن الخنا الإسلام

“ابن زيدون”..

وكان الوزير العاشق «أحمد بن عبد الله بن أحمد بن غالب بن زيدون المخزومي» الشهير بـ «ابن زيدون» يحظى بمكانة مرموقة في المجتمع، وسيماً وذكياً ومرهف القلب، وحباه الله بموهبة شعرية فذة وقدره أدبية متميزة، يحضر مجلسها، ونشأ بينهما حب جارف عبر لقاءات في مجلسها، فاشتعلت قريحته بأشعار ملتهبة، ومساجلات رائعة، كانت مفاجأة لرواد المجلس، وأضفى سجالهما الشعري بعدا جديدا على حركة الإبداع الأندلسي في نهاية العصر الأموي، وبداية عصر الطوائف، ووصل الحب الجارف بينهما حد أنها كانت تطلب اللقاء وتتعجله تحت جنح الظلام ونظمت أبياتاً من الشعر في ذلك:

ترقب إذا جن الظلام زيارتي

فإني رأيت الليل أكتم للسر

وبي منك ما لو كان بالشمس لم تلح

والبدر لم يطلع وبالنجم لم يسر

ويصف «ابن زيدون» حرصه على سرها، وصونه لها وحنانه عليها بقوله:

أصونك من لحظات الظنون

وأعليك من خطرات الفكر

وأحذر من لحظات الرقيب

وقد يستدام الهوى بالحذر

ولاحظت «ولادة» لاحظت ميل «ابن زيدون» إلى جارية لديها، فغارت منها لكنها أعلنت ثقتها بنفسها فكتبت إليه تقول:

لو كنت تنصف في الهوى ما بيننا

لم تهـو جاريتي ولم تتخـير

وتركت غصنا مثمـرا بجمـاله

وجنحت للغصن الذي لم يثمر

واشتعل حب «ابن زيدون» لها في الوقت الذي تحطم حبها له، حيث كان يتصرف بخيلاء وتعال، وشعرت أنه اتخذها منافسة قوية ليتحول حبهما إلى مجابهة، وتبددت الفرصة بين رجل عاشق وامرأة تفيض جاذبية بأنوثتها، وبعدما كان الإخلاص والثقة المتبادلة أساس الحب بينهما، عكر صفوه عاشق آخر وقع في حبها، هو الوزير «أبو عامر ابن عبدوس»، فأنشد «ابن زيدون» يخاطبه في ذلك:

أثرت هزبر الثرى إذ ربض .. ونبهته إذا هدا فاعتمض

وما زلت تبسط مسترسـلا .. إليه يد البض لما انقبض

حذار حذار فإن الكريم إذا .. سيم خسفا أبى فامتعض

عمدت لشعرى ولم تتئد .. تعارض جوهره بالعرض

أضاقت أساليب هذا القريض .. أم عفا رسمه فانقرض

لعمرى فوفت سهم النضال.. فأرسله لو أصبت الغرض

قصائدها..

يُحوي ديوان “ولادة بنت المستكفي” قصائدها التالية:

«لحاظُكم تجرحُنا في الحشا»

«أنتَ الخصيبٌ وهذه مصر»

«لو كنت تنصف في الهوى ما بيننا»

«ترقّب إذا جنّ الظلام زيارتي»

«ألا هل لنا من بعد هذا التفرق»

«ولقبت المسدس وهو نعت»

«إنّ ابن زيدون له فقحة»

«يا أصبحي اِهنأ فكم نعمة»

«أنا واللَه أصلح للمعالي»

«إن ابن زيدون على فضله»

«ودّع الصبرَ محبّ ودّعك»

حزن “ابن زيدون”..

اشتدت غيرة “ابن زيدون” من الوزير ابن عبدوس مع أن الفرق بينهما كالثرى والثريا، فابن زيدون يملك الشجاعة والوسامة والبلاغة والبديهة الحاضرة التي لا يملك منها ابن عبدوس شيئاً. مع ذلك تعاظم في نفس “ابن زيدون” أن يرى “ابن عبدوس” يجاهر بعشقه وهواه للولّادة، وأن يقول الناس أنه منافس “ابن زيدون” وغريمه، فقد كان له هو الآخر اعتداد بالنفس يصل إلى مستوى الغرور أحياناً.  كل ذلك دفعه إلى كتابة رسالة مهينة بعثها لابن عبدوس على لسان ولّادة يقول في مطلعها:

“أما بعد، أيها المصاب بعقله، المورّط بجهله، البيّن سقطه، الفاحش غلطه، العاثر في ذيل اغتراره، الأعمى عن شمس نهاره، الساقط سقوط الذباب على الشراب، المتهافت تهافت الفراش في الشهاب، فان العُجب أكبر، ومعرفة المرء نفسه أصوب، وأنك راسلتني مستهدياً من صلتي ما صِفرت منه أيدي أمثالك، متصدياً من خلّتي ما قُرعت دونه أنوف أشكالك”.

واجتماع غيرة “ابن زيدون” مع غروره وتيهه جعله يذهب إلى أبعد من ذلك، فنظم أبياتاً يصف فيها ابن عبدوس بالفأر الذي يأكل فضلات طعامه عندما قال:

أَكرِم بِوَلّادَةٍ ذُخراً لِمُدَّخِرٍ             لَو فَرَّقَت بَينَ بَيطارٍ وَعَطّارِ

قالوا أَبوعامِرٍ أَضحى يُلِمُّ بِها        قُلتُ الفَراشَةُ قَد تَدنو مِنَ النارِ

عَيَّرتُمونا بِأَن قَد صارَ يَخلُفُنا        فيمَن نُحِبُّ وَما في ذاكَ مِن عارِ

أَكلٌّ شَهِيٌّ أَصَبنا مِن أَطايِبِهِ          بَعضاً وَبَعضاً صَفَحنا عَنهُ لِلفارِ

إلا أن “ابن زيدون” جعل “ولّادة” بتلك الأبيات بغياً أخذ حاجته منها ثم تركها، لمن هم دونه في المقام، فدفعت تلك الأبيات “ولّادة” إلى قرار هجره للأبد.

وسعى «ابن عبدوس» لدسّ المكائد لمنافسه «ابن زيدون» صاحب الحظوة لدى «ولادة» ليقصيه عن طريقه إليها، وأقصاه بالفعل عن الوزارة عندما أوقع به عند الملك «أبي الحزم بن جهور»، أول ملوك الطوائف في حكم الأندلس، ولم يكتف «ابن عبدوس»، بل ظل يلاحق «ابن زيدون» حتى أودى به إلى السجن وعانى خلاله القهر الذي رقق وجدانه وصقل نفسه وأحَس فيه بالأسى. وخلا له الجو للاستئثار بفاتنته “ولادة”.

وتقول كتب التراث: «.. ومرت ولادة بالوزير «أبي عامر بن عبدوس»، وأمام داره بركة تتولد عن كثير الأمطار، وربما استمدت بشيء مما هنالك من الأقذار، وقد نشر أبو عامر كميَّه، ونظر في عطفيه، وحشر أعوانه إلىّ، فقالت له: «أنت الخصيب وهذه مصر فتدفقا، فكلاكما بحر!». وعلى الجانب الآخر كان «ابن زيدون» يفكر في الهرب من السجن بعد أحداث متتالية في قرطبة ليتمكن من الهرب لاجئاً إلى أشبيلية» التي كانت تخضع لحكم الملك “المعتضد بن عباد” الذي أحاط “ابن زيدون” برعايته وقربه إليه وزاد في كرمه، وظل «ابن زيدون» على حبِّه لـ «ولادة» التي صرفت الأنظار عنه، وجفَّت عواطفها نحوه، فبعث بقصيدته الشهيرة من أشبيلية إليها في قرطبة يقول فيها مناجياً متحسراً، وشاكياً معاتباً مستعطفا في قصيدته النونية الشهيرة والتي تعتبر من جواهر الشعر العربي:

أضحى التنائي بديلاً عن تدانينا

ونـاب عن طيب لقيـانا تجافينـا

ألا وقد زال يضحكنا أنسا بقربهم

قد عاد يبكينا غيظ العدا من تساقينا

فانحل ما كان مفقـودا بأنفسـنا

وانبت ما كان موصولا بأيدينــا

لم نعتقد بعدكم إلا الوفاء لكم

رأيا ولـم نتقـلد غــيره دينـــا

ما حقنا أن تقروا عين ذي حسد

بنا ولا أن تسـروا كاشحـا فينـا

كنا نرى اليأس تسلينا عوارضه

وقد نسينـا فما لليـأس يغرينـا

بنتم وبنـا فمـا ابتلت جوانحنـا

شوقـاً إليـكم ولا جفت مآقينـا

نكاد حين تناجيـكم ضمـائرنا

يقضي علينـا الأسى لولا تأسينا

حالت لفقـدكم أيامنـا فغـدت

سودا وكانت بكـم بيضاً ليالينا

إذا جانب العيش طلق من تآلفنا

ومورد اللهو صاف من تصافينا

ولم تلق هذه الأبيات أي قبول في قلب «ولادة» حيث أصبحت قصة حب «ابن زيدون» وغرامها به مجرد ذكرى، رغم ما خلفه هذا الحب العنيف من أثر في نفسيهما، وبقي مستعراً عند «ابن زيدون» لدرجة أنه كان يعتبر حياته فراغاً قبل علاقته ب”ولادة” وأصبحت بحبها وامتلاكه لقلبها حياة سعيدة هانئة حقق فيها أمجاده الفكرية والأدبية، والسياسية أيضاً.

فقد كان يؤرخ لحياته بهذا الحب الطاغي ليلازمه سوء الحظ في مأساته وعذابه المرير وتحول أيامه إلى الكآبة من بعدها ليعيش الصراع النفسي الرهيب واقترانه ببعده عنها وإعراضها عنه.

ومن شعر ابن زيدون وولعه بولادة بنت المستكفي قوله:

إني ذكرتك بالزهراء مشتاقا              والأفق طلق ومرأى الأرض قد راقا

وللنسيم اعتلال في أصائله                كأنما رق لي فاعتل إشفاقا

والروض عن مائه الفضي مبتسم        كما حللت عن اللبات أطواقاً

نلهو بما يستميل العين من زهر          جال الندى فيه حتى مال أعناقا

يوم كأيام لذات لنا انصرمت              بتنا لها حين نام الدهر سراقاً

نلهو بما يستميل العين من زهر          جال الندى فيه حتى مال أعناقاً

كأن أعينه إذا عاينت أرقي                بكت لما بي فجال الدمع رقراقاً

ورد تألق في ضاحي منابته               فازداد منه الضحى في العين إشراقاً

سرى ينافحة نيلوفر عبق          وسنان نبه منه الصبح احداقاً

كان يهيج لنا ذكرى تشوقنا                إليك، لم يعد عنها الصدر إذ ضاقا

لو كان وفي المنى في حمغا بكم          لكان من أكرم الأيام أخلاقا

لا سكن الله قلباً عق ذكركم                فلم يطر بجناح الشوق خفاقاً

لو شاء حملي نسيم الريح حين هفا              وافاكم بفتى أضناه ما لاقى

خيلاء “ولّادة” وكبرياؤها منعاها من الصفح عن “ابن زيدون”، رغم أنها كانت تهواه مثلما كان يهواها، وبالرغم من مئات قصائد الحب والشوق والندم التي كتبها لها، منعها كبرياؤها من التراجع عن قرارها رغم أن شوقها كان يعادل شوقه.

البقاء وحيدة..

ولم تتزوج “ولادة بنت المستكفي” من أي رجل، وقيل من المؤرخين إن السبب في ذلك أنها متطلبة كامرأة وكأميرة شديدة الكبرياء والفخر بنسبها وأنوثتها وحبها، فكانت تريد رجلاً كامل الصفات؛ وفيًا لا ينظر لغيرها، ولا يرى سواها في الكون كله، وفي عصرها لم تجد رجلاً كهذا، فآثرت البقاء على عرش الشعر والعزة بدون رجل غير مناسب قد يهز ما تملكه من نسب رفيع، ولسان شعري فصيح، ومكانة رفيعة في قرطبة؛ بفضل صالونها الأدبي، أول منتدى ثقافي من نوعه في زمنها الذي كان يؤمه كبار رجال الدولة من الأعيان والوزراء والشعراء؛ ليناقشوا معها شؤون الأدب بحرية دون قيود، وكانت مجالستها لهم ومناقشتها القوية الحجة معهم؛ الباب الذي فتح قلوبهم إليها قبل عقولهم.

ووصف أبو حيان التوحيدي الخليفة المستكفي، و”ولادة” قائلاً: «سقيم السر والعلانية، أسير الشهوة، ورجل بهذه الصفات لم يكن يتوقع منه إنجاب أميرة شجاعة، كريمة الحسن واليد، وشاعرة مميزة في مجالس الأدب بقرطبة، لكن هذا ما حدث، فأتت ابنته ولادة على عكسه تمامًا؛ امرأة لا مثيل بجمالها، وثقافتها، وفصاحتها، وحكاياتها الكثيرة مع العشق وابن زيدون، طيرت شهرتها في عصرها، ونقلتها إلى عصرنا؛ لتصبح من أشهر النساء في التراث العربي الأمس واليوم».

ومن أعذب قصائدها:

أَلا هَل لنا من بعد هذا التفرّق

سبيلٌ فيشكو كلّ صبّ بما لقي

وَقد كنت أوقات التزاورِ في الشتا

أبيتُ على جمرٍ من الشوق محرقِ

فَكيفَ وقد أمسيت في حال قطعة

لَقد عجّل المقدور ما كنت أتّقي

تمرُّ الليالي لا أرى البين ينقضي

وَلا الصبر من رقّ التشوّق معتقي

سَقى اللَه أرضاً قد غدت لك منزلاً

بكلّ سكوب هاطل الوبل مغدقِ

وفاتها..

عمّرت طويلا وبلغت قرابة الثمانين عاما ولم تتزوج، توفت “ولادة بنت المستكفي” في صفر سنة 484 هـ ، الموافق لـ 26 مارس 1091.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة