18 نوفمبر، 2024 12:52 ص
Search
Close this search box.

بغدادُ تغرق

لم اُصدّقْ عينيّ فيما يتمرأي لي عبر القنوات الفضائية..         
المدينة ُ الجميلة تغرقُ، السياراتُ تمخرُ في مياه الشوارع.. اكتسحت المياهُ البيوت… انتهكت حُرمة المشافي. حتى خيام اللاجئين لم تسلم من الغرق. لجأ بعضُ ناسنا الى سطوح منازلهم ، فارين من المياه التي جرفت حتى الأثاث.                                             
كم طفل ٍ غرق ومات، حتى الشبابُ لم يسلموا وهم يعبرون الشوارع. خجلة ٌ أنا ممّا يجري، ماذا سيقول العالمُ عن عراق الحضارات وهو يرى هذه الصور المأساوية عبر شاشات التلفاز .هنا في السويد استحضرُ حالة ً قبل أيام حين كان الطلبة  يتمتعون باجازة  أسبوعين ، حفيدتي ذات السبعة عشر عاماً اُوكلَتْ اليها مراقبةُ الأطفال السابحين في بحيرة صغيرة لقاء مبلغ تدفعُه الدولةُ لها، ليتعلّمَ الطالبُ حبّ العمل والحرصَ على ما يردُ اليه من مال.
كانت تجلسُ وهي تراقبُ الآطفال خشية أن يُعاني أحدُهم من تعب أو تشنّجٍ يُصيبُه داخل الماء. فتهرعُ اليه لمساعدته، أنّها مُتيقنةٌ من اتقانهم السباحة.                                                       
أين هذه الصورة من تلك التي نُشاهدُها في شوارع وطننا الغارقة. نحن لا نطلبُ مثلها لأطفالنا هناك، فهذه فوق الخيال، بيدَ أنّنا نطلبُ أنْ لا يُهانَ العراقيّ في بلده وهو يخوضُ في مياه آسنة حين ذهابه الى عمله، ألّا ينام وسريرُه يطوف كأنّه في حلم ، الّا ينقذ جثة ابنه قبل أن يجرفها السيلُ، ألّا يختنقَ وهو يتنفّسُ أهويةً غريبة على رئتيه ، ألّا يصعقه التيار الكهربائي حين غرقت أجهزته ونالها ما نالها. ألّا يعيشَ الحسرة على كلّ ما تلف ممّا أقتناه من كدّه : أفرشتُه، كتبُه، مناضده، أوانيه، ملابسه. كلُّ هذا يهون ، ربّما يُمكنه شراءه. لكنْ،     ماذا يقول عن ابنه الذي جرفتُه السيولُ؟
أهذه الحالةُ وباءٌ لا يُمكنُ شفاؤه بيسر، أهو نيزكٌ لا نعرفُ كيف نتفاداه، حتى هذا بمُكنتنا أن نستعدَ له. والحذرُ مطلوب . فكيف بهذا  الطوفان الذي أغرق بغدأد ، أغرق البصرة. ألم نضعه في الحُسبان ونحنُ نعيشُ في بلد الخير وفي هذا القرن ؟
أسمعُ صوتاً يُجيبني :                                                                             
ومن البليّة عذلُ مَنْ لا يرعوي                                                                   
                              عن غيّه وخطابُ مَنْ لا يفهم  

بغدادُ تغرق
لم اُصدّقْ عينيّ فيما يتمرأي لي عبر القنوات الفضائية..         
المدينة ُ الجميلة تغرقُ، السياراتُ تمخرُ في مياه الشوارع.. اكتسحت المياهُ البيوت… انتهكت حُرمة المشافي. حتى خيام اللاجئين لم تسلم من الغرق. لجأ بعضُ ناسنا الى سطوح منازلهم ، فارين من المياه التي جرفت حتى الأثاث.                                             
كم طفل ٍ غرق ومات، حتى الشبابُ لم يسلموا وهم يعبرون الشوارع. خجلة ٌ أنا ممّا يجري، ماذا سيقول العالمُ عن عراق الحضارات وهو يرى هذه الصور المأساوية عبر شاشات التلفاز .هنا في السويد استحضرُ حالة ً قبل أيام حين كان الطلبة  يتمتعون باجازة  أسبوعين ، حفيدتي ذات السبعة عشر عاماً اُوكلَتْ اليها مراقبةُ الأطفال السابحين في بحيرة صغيرة لقاء مبلغ تدفعُه الدولةُ لها، ليتعلّمَ الطالبُ حبّ العمل والحرصَ على ما يردُ اليه من مال.
كانت تجلسُ وهي تراقبُ الآطفال خشية أن يُعاني أحدُهم من تعب أو تشنّجٍ يُصيبُه داخل الماء. فتهرعُ اليه لمساعدته، أنّها مُتيقنةٌ من اتقانهم السباحة.                                                       
أين هذه الصورة من تلك التي نُشاهدُها في شوارع وطننا الغارقة. نحن لا نطلبُ مثلها لأطفالنا هناك، فهذه فوق الخيال، بيدَ أنّنا نطلبُ أنْ لا يُهانَ العراقيّ في بلده وهو يخوضُ في مياه آسنة حين ذهابه الى عمله، ألّا ينام وسريرُه يطوف كأنّه في حلم ، الّا ينقذ جثة ابنه قبل أن يجرفها السيلُ، ألّا يختنقَ وهو يتنفّسُ أهويةً غريبة على رئتيه ، ألّا يصعقه التيار الكهربائي حين غرقت أجهزته ونالها ما نالها. ألّا يعيشَ الحسرة على كلّ ما تلف ممّا أقتناه من كدّه : أفرشتُه، كتبُه، مناضده، أوانيه، ملابسه. كلُّ هذا يهون ، ربّما يُمكنه شراءه. لكنْ،     ماذا يقول عن ابنه الذي جرفتُه السيولُ؟
أهذه الحالةُ وباءٌ لا يُمكنُ شفاؤه بيسر، أهو نيزكٌ لا نعرفُ كيف نتفاداه، حتى هذا بمُكنتنا أن نستعدَ له. والحذرُ مطلوب . فكيف بهذا  الطوفان الذي أغرق بغدأد ، أغرق البصرة. ألم نضعه في الحُسبان ونحنُ نعيشُ في بلد الخير وفي هذا القرن ؟
أسمعُ صوتاً يُجيبني :                                                                             
ومن البليّة عذلُ مَنْ لا يرعوي                                                                   
                              عن غيّه وخطابُ مَنْ لا يفهم  

أحدث المقالات