17 نوفمبر، 2024 10:44 م
Search
Close this search box.

خطر تفرد العبادي بالقرارات المصيرية (الاتفاق الرباعي انموذجا)

خطر تفرد العبادي بالقرارات المصيرية (الاتفاق الرباعي انموذجا)

ان الدول في نظامها الديمقراطي الحديث تولي عملية اتخاذ القرار اهمية بالغة واهتماما ملفتا وتعمد في ذلك الى اجراء دراسات دقيقة بتفصيلات شاملة لجدوى هذا القرار، بل وانها تحاول جمع الاراء ووجهات النظر في حال كان هذا القرار يتعلق بأمن الدولة وسيادتها واستقرارها ومصالح شعبها العليا.

 

هذا ما تفعله الدول التي تحترم قرراتها وتحاول ان تسددها بالاتجاه الذي يخدم المصلحة، بعد ان توصلت الى عملية انضاج تام لهذا القرار او ذاك، وقد تضظر بعض الدول الى اشراك مختصين ومهتمين من خارج مؤسسات الدولة في ذلك، كأن تعمد الى خبراء اجانب او محليين، او تستعين ببعض المراكز المتخصصة، بل وتذهب دول الى اخرى الى ابعد من ذلك لتعرض بعض القرارات المصيرية لاستفتاء شعبي ليقول الشعب فيه كلمته الفصل

 

الامر في العراق مختلف على الرغم من ان النظام الديمقراطي هو الذي يفترض ان يكون المعمول به، فالعراق اختار طريق الدمقراطية وقدم لاجلها تضحيات جسام وخسائر فادحة، لكن ما نراه اليوم بعيدا كل البعد عن النهج الديمقراطي، فقد دخل العراق في تحالف دولي قلق ومربك في ظروف معقدة للغاية واوضاع مأساوية سواء على مستواه المحلي او الاقليمي او حتى العالمي، وبكيفية لا يعلمها احد حتى اقرب المقربين ومن الذين  يفترض بهم ان يكونوا في صميم هذا الحدث.

 

لقد ادخل رئيس الوزراء حيدر العبادي العراق في الاتفاق الرباعي مع روسيا وايران وسوريا دون علم احد، ودون ان يعرف احد ماهي صيغته او آلياته او مدى استفادة العراق منه، لكن تبقى الطامة الكبرى هي ان وزير الخارجية ابراهيم الجعفري والذي من المفترض ان يكون عراب هذا الاتفاق لا يعلم شيئا عنه، بل ان وزير الدفاع خالد العبيدي اكد عدم اشراكه بالرغم من ان الاتفاق عسكري امني بحت، واليوم يعلن رئيس البرلمان سليم الجبوري ان البرلمان لم يتسلم اي شيء حول الموضوع لعرضه او التصويت عليه.

 

ان مثل هذه الاتفاقات المصيرية والكبيرة كان من المفترض ان تعرض على مجلس الوزراء او الوزراء من ذوي العلاقة بهذا الاتفاق، ثم يجري بحثه بطريقة متأنية ودقيقة مع الاستئناس باراء خبراء عسكريين وسياسيين، ليرسل بعدها الى مجلس النواب لياخذ نصيبه من البحث ايضا، ثم ينال الاقرار بتصويت من ممثلي الشعب، وبهذا يكون قد نضج بعد ان اخذ السياقات المعمول بها دوليا، وهذا ما كان على السيد العبادي فعله، فالولايات المتحدة الامريكية لم تقر الاتفاق النووي مع يران الا ان بعد موافقة الجهات ذات العلاقة تشريعية وتنفيذية وكذلك فعلت ايرن، وان التحالف الدولي الذي قادته امريكا لمحاربة داعش لم يتم تنفيذه الا بعد موافقة من الكونجرس والمؤسسات الاخرى، وكذلك فعلت بريطانيا وفرنسا وكل الدول الاخرى.

 

ان الانفراد بمثل هذه القرارت المصيرية المعقدة وفي ظل ظروف اكثر تعقيدا قد يؤثر بشكل سلبي كبير على امن العراق واستقراره، وعلى علاقاته مع الدول الحليفة والصديقة والتي تسانده في حربه ضد الارهاب، لذا على الجميع اليقظة وعدم تمرير مثل هذا الامر بسهولة، وعلى العبادي توضيح فحوى هذا الاتفاق وآلياته ومدته الزمنية، وعرضه على وزرائه، ومن ثم ارساله الى مجلس النواب للتصويت لياخذ الشرعية ويكون الجميع قد شارك في صنعه دون ان يلام احد فيما لو سارت الامور بشكل غير مرغوب فيه لاسامح الله.

أحدث المقالات