18 نوفمبر، 2024 12:42 ص
Search
Close this search box.

الخوف والارملة وقصر السعادة

الخوف والارملة وقصر السعادة

بسبب الخيبة التي رافقتها منذ زواجها اجتاحها الحزن والخوف من كل شيء حتى تصورنا بانها قد اصيبت بالجنون والحقيقة ان هناك امكانيات عديدة بعضها وراثي يشير الى استعدادها للاصابة بالجنون فجدتها ام ابيها نورية كاظم فقدت عقلها في سنواتها الاخيرة واعتاد الناس رؤيتها وهي تسبّ وتشتم الموتى الذين تعرفهم كلهم حتى تشاؤم الناس منها ولعنوا اليوم الذي عرفوا فيه نورية بل ان الحاج محسن كرم لعن الساعة التي ولدت فيها هذه المشؤومة التي جعلت النهر يفيض ويغرق بيوتهم حينما وقفت في عصر احد ايام شباط وشتمت النهر الذي يمر في المدينة ووصفته بنعوت قبيحة شتى ولم يمضي ذلك اليوم حتى غضب النهر غضبا شديدا وحطم سفنا عديدة واغرق العشرات من الناس وانهارت العشرات من البيوت ايضا في الفيضان المفاجىء هذا !.

ومع ان الحاج سوادي كاظم لم يؤيده في ادعائه هذا الا انه اشار الى واقعة قديمة حصلت قبل مايقارب الاربعين عاما عندما كان صغيرا عندما راى الناس سربا من الغربان السود وهي تهاجم الناس والبيوت الا بيت هذه الارملة التي خرجت من منزلها وهي غير مكترثة لهذا الهجوم المخيف وقد اعدتّ امرا ، رآها الجميع وقد رفعت يدها عاليا باتجاه السماء فتوقفت الغربان في اماكنها وهي ترفرف باجنحتها ثم اشارت الى جهة النهر فانطلقت الغربان مسرعة بشكل جنوني واختفت وتداول الناس غير هذه شائعات شتى عن هذه المراة المشؤومة ومنها ان الذي يتزوج بها ينقلب بسحرها الى ماعز وماشاكل ذلك من ترهات ولعل مايطفىء من حدة هذه الشائعات هو جمالها الطاغي كما يقول الحاج سوادي كاظم الذي جعل الرجال مفتونين به ، ولكن كيف يمكن الاقتران بها مع زخم الشائعات الهائل الذي تطلقه النسوان عليها واقتران الحوادث المشؤومة بها وآخرها سقوط بغداد على يد قوات الاحتلال .

خافت من الوحدة وبكت من خشيتها البقاء في هذا المنزل الريفي الكبير وبسرعة فقدت احبتها وعائلتها واحدا تلو الاخر ولانها خافت من الوحدة اصبحت وحيدة ولان الناس اسرعوا بالابتعاد عنها لعنت قربهم منها وفي كثير من الليالي كانت تنظر الى انعكاس النور على جسدها الجميل ( اذ كانت تفضل ان تنام عارية ) فهي تضع مرآة مكسورة بجانب سريرها تنظر فيها كل يوم الى جسدها ولم تستطع مرة واحدة ان تنظر فيها الى وجهها ، ومع احتدام رغباتها الجنسية المكبوتة تمنت لو ان رجلا يأتي من خارج هذه المدينة اللعينة لكي يحتضن هذا الجسد فالمرة الاولى رافقتها الخيبة ومازالت باكرا ، لو ان رجلا سيأتي كنت سأهبه السعادة بل ساجعل من منزلي الريفي الكبير هذا قصرا للسعادة ، هكذا تقول لنفسها كل يوم وتنتظر لعله يأتي ويطرق باب قصر السعادة ولغاية اصابتها بالجنون واختفائها المفاجىء لم يأتي احد وبقى الخوف والوحدة يسكنان جدران البيت الريفي في المدينة البعيدة.

[email protected]

أحدث المقالات