19 ديسمبر، 2024 7:01 م

مصرف الرافدين..والمواطن العراقي..والدعاية..والحاجة الى ثقافة الإدخار

مصرف الرافدين..والمواطن العراقي..والدعاية..والحاجة الى ثقافة الإدخار

يكاد المواطن العراقي بوجه عام يجهل ثقافة الادخار في المصارف ، حتى على مستوى من هم في الدرجات العالية من الوعي والثقافة، وما يمكن إجماله من حجم الادخارات في مصرف الرافدين على وجه التحديد من قبل شرائح مختلفة من ابناء الشعب العراقي لم يصل بعد الى الدرجة المطلوبة من الاهتمام ، لجملة أسباب وعوامل يمكن إجمالها بالنقاط التالية:
1. هناك جهل عام لدى غالبية واسعة من العراقيين موظفين وتجارا وكسبة وحتى بعض رجال الاعمال بثقافة الادخار أصلا والايداع في المصارف ، وما يتم ادخاره من مبالغ في مصرف الرافدين لايتناسب وحجم مدخول العائلات العراقية وما تحصل عليه من موارد وبعضها كبيرة، وبخاصة شرائح الاطباء والمهندسين والكفاءات المهنية والعلمية من ذوي الرواتب والمدخولات العالية.
2. إن أحد أسباب عزوف المواطن العراقي عن ثقافة الادخار بوجه عام هو بسبب التأثيرات الكارثية الناجمة عن تدهور الوضع الأمني منذ سنوات طويلة، وعدم اطمئنان المواطن على حياته ومستقبله ، ما انعكس بشكل كبير على عدم وجود رغبة لدى المواطن العراقي للايداع والادخار في المصارف خشية تعرضه الى حوادث السلب والنهب والاعتداء على حياته، ولكي لاتعلم عصابات الجريمة بتحركات وموارد الكثير من المواطنين عندما يرتادون المصارف، بالرغم من ان اضطراب الوضع الأمني يفترض هو من يشجع ثقافة الادخار لدى المواطن اذا كان لديه الحرص على أمواله، فبقائها داخل البيوت ربما تكون فرصة سهلة لعصابات الجريمة لمداهمتها ومحاولة التربص بأية مظاهر تدل على تملك كبير للمال لدى بعض العوائل العراقية وبخاصة ذات المستويات العالية الدخل، إذ انها من اكثر الاوساط التي غالبا ماتكون هدفا سهلا لعصابات السطو والجريمة، وما يحدث من اعمال سرقات واعتداء على اموال عامة الشعب وحالات تسليب كثيرة اتسع نطاقها هذه الايام يوضح بعض أبعاد تلك الظاهرة الخطيرة.
3. ارتباك الوضع السياسي بشكل عام وشيوع التناحرات ومظاهر الانقسام في المجتمع وبخاصة التوترات الطائفية والمذهبية وشيوع مظاهر الفساد والنهب للثروات التي وصلت روائحها تزكم الانوف من قبل مسؤولين كبار في الدولة والبرلمان ، إضافة الى حالات التهجير والنزوح كلها عوامل لاتشجع المواطن العراقي على ثقافة الادخار وهو في حالة قلق دائم على مستقبله ولا يوجد لديه ضمانات بالعيش الآمن، مايجعل الكثير من العراقيين غير واثقين من التعامل مع أجهزة دولة لايجد المواطن العراقي انها بمقدورها ان توفر له قدرا من الأمن والأمان وعدم الوثوق بإجراءاتها التخبطية، التي شجعت عصابات الجريمة على ان يكون لها وجود مؤثر على أرض الواقع.
4. عدم وجود خطط اقتصادية أصلا ، تضع مؤشرات ايجابية للمواطن العراقي على ان هناك معالم لنظام اقتصادي مستقر، ولا يخضع للتقلبات الاقتصادية والازمات، وما نراه من وضع اقتصادي مترد لايشجع المواطن العراقي على ثقافة الادخار، ويعرف الكثيرون ان تجارا وسياسيين كبارا لايضعون اموالهم في المصارف العراقية، بل ان أغلب ثروتهم وما يستحوذون عليه من اموال وثروات باهضة غالبا ماتكون مودعة لدى بنوك غربية وفي دول المنطقة المجاورة، ومن المتعارف عليه لدى ملايين العراقيين ان ثروات جميع كبار المسؤولين في الدولة والبرلمان وجميع انشطة المال والتجارة هي في مصارف خارج العراق، ويخسر البلد مليارات الدولارات جراء هيمنة بنوك العالم على مدخرات العراقيين في بنوكها ومصارفها.
5. هناك خشية من غالبية واسعة من العائلات العراقية من معرفة أقربائها ومعارفهم بما تمتلكه تلك العوائل من اموال وثروات لهذا يلجأ البعض منهم الى إخفائها في بيوتهم ، وعدم ادخارها في المصارف لكي لايكون بوسع الاخرين من معارفهم الاطلاع على حجم ثروتهم ، من خلال ارتيادهم للمصارف، والبعض يخشى على ثروته من ان يتم الاستحواذ عليها بالوراثة بعد موتهم، وهو يخشى حتى من بعض أفراد عائلته على أمواله من الكشف، فيلجأ الى الادخار في البيوت، لمخاوف لامبرر لها في الغالب، بل ان بعضها يتعرض لمحاولات سرقة حتى من مقربين ، ومع هذا يكون الاقبال على ايداع الاموال في المصارف ضعيفا في الأغلب.
6. إن مبادرة مصرف الرافدين التي اعلنها مديره العام الاستاذ باسم الحسني قبل أيام بدعوة دوائر الدولة لاصدار بطاقة الكي الكارد للموظفين للحصول على رواتبهم بطرق ميسرة وآمنة وقبلها مبادراته باصدار تلك البطاقة لما يقرب من نصف مليون مواطن ومتقاعد ونازح من شأنها ان توسع من مظاهر الادخار وتقضي على معالم شيوع مظاهر الاعتداء على حاملي الرواتب الذين يتعرضون لعمليات سرقة وسطو مسلح ، وتكررت مظاهرها هذه الايام، مايمكن ان يكون مدخلا لتوسيع قاعدة الادخار والحفاظ على اموال الشعب بطرق آمنة وسهلة الحصول عليها ، وهي احد الحلول الناجعة التي ان تم تطبيقها ستفتح آفاقا من التعاون المثمر البناء بين ملايين العراقيين ومصرف الرافدين الذي يأمل هو الآخر ان يكون لديه وجود داخل كل بيت عراقي، ويكون لدى كل مواطن عراقي وبخاصة شريحة الموظفين حضور واسع في موارد هذا المصرف العريق.
7. يكاد العراقيون على خلاف كل شعوب الارض الاخرى ممن هم أقل ميلا لثقافة الادخار في المصارف، لجملة الاسباب التي ذكرناها وبعضها متعلق بموروث قديم لايشجع خطوات من هذا النوع، بالرغم من ان حجم الادخار الان راح يتسع مدياته بشكل مقبول لكنه لايرتقي الى حجم الدخل العراقي وما يمتلكه المواطن العراقي من مصادر دخل.
8. محدودية حجم الدعاية من قبل المصارف وعدم تشجيعها ثقافة الادخار في وسائل الاعلام والفضائيات على وجه الخصوص، وعدم ايلاء أهمية للدعاية وتأثيرها البالغ في تشجيع الاقبال على إرتياد المصارف ربما لأن اهتمامات المصارف لاتضع في اعتبارها مكانا للدعاية أصلا ، ويفترض بمصرف الرافدين العريق في السمعة والمكانة وفروعه التي انتشرت في كل مدن العراق واحياء بغداد الواسعة أن يخصص جزءا من أنشطته الدعائية لثقافة الادخار في مصرفه، ويضع بين يدي الرأي العام العراقي بفئاته المختلفة (مغريات مادية ) لمن يتم ادخار امواله في مصرفه، بالرغم من ان كثيرا من المواطنين لديهم ودائع ومدخرات كبيرة في مصرف الرافدين والمصارف الأخرى، الا انها ربما لاتشكل سوى نسبة 15 % من عدد العوائل العراقية أو حجم السكان وموارد ثروتهم، وهي نسبة متدنية ، ويتطلب الأمر في المستقبل إيلاء برامج التوعية لاغراض الأدخار لدى المصارف أهمية كبرى على غرار المصارف العالمية ، بعد تبيان فوائد هذا الادخار وأشكاله وما يدره على امواله من ارباح ومن ضمانة وديمومة هذه الاموال وعدم تعرضها لأي أضرار، وبخاصة في أجواء وضع أمني يفترض ان يزيد اهتمام المواطن بالادخار حفاظا على أمواله وليس كما يظن او يعتقد البعض أن تردي الوضع الامني يرغمه على العزوف عن الايداع في المصارف.
هذه هي أبرز النقاط المهمة التي تكشف ضعف الرغبة لدى غالبية واسعة من المواطنين العراقيين بالادخار في المصارف ، وهي تضع النقاط على الحروف في كشف أسباب عزوف المواطن العراقي وضعف ميله للإدخار، ولهذا يتطلب الامر توافر ظروف امنية اولا وسياسية مستقرة ثانيا ووضع اقتصادي مقبول ثالثا بالاضافة الى أهمية تخطيط حملات دعاية ناجحة او حملات توعية لأهمية اقبال المواطنين على مجالات الايداع والادخار، واذا ماتوفرت ظروف أمنية وسياسية واقتصادية ونفسية ومجتمعية ملائمة عندها تتسع ظاهرة الاقبال على المصارف وتشجيع مظاهر الإدخار من اوسع أبوابها، وهو مالايتوافر للمواطن العراقي حتى الان.
كما ان من شأن تخصيص برامج للدعاية في وسائل الاعلام والفضائيات والاذاعات على وجه الخصوص أن تشجع المواطنين على الادخار بطرقه المختلفة ، وتوسع كذلك من ميادين الادخار ويزداد ارتباط المواطن بمصارف بلده وبخاصة مصرف الرافدين الذي يمتلك قدرات مالية كبيرة، وهو مؤهل لخوض تجربة إستمالة المواطن للادخار بطرق دعائية يعرفها المختصون بأسرار هذه المهنة، ومن شأن إشاعة دعاية الادخار توفير حياة آمنة للمواطن العراقي وجعل الثروة بأيد آمنة، مايوفر للبلد ولمواطنيه مليارات الدنانير التي تدخل مجالات الاستثمار من اوسع أبوابه.

 

أحدث المقالات

أحدث المقالات