حاورته – سماح عادل :
الشعر كان وسيلة أجدادنا للتعبير عن أنفسهم.. حمل تاريخهم وهمومهم.. في وقتنا الحالي استمر الشعراء يُحملون الشعر همومهم وقضاياهم التي يدافعون عنها.. كان وسيلتهم في التعبير عن رفض الواقع بتناقضاته. الشاعر المصري العامي “حسين جعفر” من الشعراء الذين يعبرون عن آراؤهم ومواقفهم من الحياة والمجتمع بالشعر.. يعلن في قصائده الرفض والتمرد..
حاورته (كتابات) لمزيد من التعرف عليه وعلى ابداعاته..
(كتابات): متى ظهرت موهبة الشعر لديك ؟
- بعد انتهائي من مرحلة التعليم الابتدائي كنت أسرق الكتب من وراء أخي الأكبر “علي”، لأنه كان شاعراً يكتب بالعربية، وكان يأتي بأغلب الكتب والإصدارات المتخصصة في الإبداع والأدب.. بدأت في الكتابة، بعد قراءة الأب الشرعي للشعر الشعبي الحديث في مصر “بيرم التونسي”، ثم “صلاح جاهين وأحمد فؤاد نجم، ونجيب سرور”، عليهم رحمة الله وسلامه.
(كتابات): لماذا اخترت كتابة الشعر بالعامية.. وهل لك محاولات كتابة شعر باللغة العربية ؟
- كتابة الشعر الشعبي ليست اختياراً فقط.. بل أراها فرضاً وواجباً وحقاً علي أن أؤديه بحب وبكامل إرادتي، لمن عشت وأعيش بينهم. “ع الحلوة والمرة”.. اللغة الشعبية لغتي، واللغة طريقة تفكير وحياة وإنتاج وإبداع وتعارف أيضاً، ولم أضبط نفسي أمارس اللغة العربية إلا من أجل أكل العيش فقط.. فأنا أعمل صحفياً ومراجعاً لغوياً للكثير من المطبوعات، فأنا آكل عيش من تدقيقي للغة العربية.. ولكني أعيش شعبياً.
(كتابات): هل واجهتك صعوبات في طريق إبداعك ؟
- بالطبع.. من منا لم تواجهه صعوبات في ظل ما يحدث في أوطاننا على مدار أكثر من قرن.. نحن نعيش صفعة القرن، فهناك من يحاول السيطرة حتى على الهواء والماء ومسببات حياة الغير حتى لو كان الغير أقرب شخص لديه.
واجهت صعوبات في إصدار ديواني الأول “الصفصاف”، فبعد أن كتب الشاعر الكبير الراحل “أحمد فؤاد نجم” مقدمته عام 2000 عن دار الديوان تجولت به على أغلب سلاسل وزارة الثقافة حتى صدر عام 2007.. واجهت صعوبات وما زلت أواجه أنا وجيلي من تعنت وزارة الثقافة في إعطائنا حقوقنا حتى حسب قوانينهم لتساعدنا على الإبداع، وإن اختلفنا مع النظام، فأي نظام ليس هو البلد، حتى يمنع ويمنح الحقوق.. فنحن ممنوعون في الإعلام وممنوعون من التواجد في الشارع بعمل الأمسيات أو المشاركة فيها.. حينما صدر ديواني الثالث “بورشهيد” منعوا إقامة حفل توقيع له، وعند إصدار الديوان نفسه رفضوا نشر 3 قصائد منها قصيدة “أوباما بن لادن” و”كلب محافظ كلب رئيس”، الأول بحجة انبطاحنا أمام أميركا، والثانية بحجة الخوف على وقف استيراد الأرز من السعودية.
(كتابات): من الشعراء الذين تأثرت بهم ؟
- تأثرت وآتأثر بأي شاعر يرى الشعب المصري بعين الاعتبار، ويعرف مكانته ومقوماته، ويؤمن بحقه في الحياة العلمية والعملية.
(كتابات): في رأيك من هم أهم شعراء العامية في تاريخ مصر ؟
الغنوة الشعبية من المهد لـ”اللحد”.. والمغنى الشعبي، مروراً بـ”ابن دانيال الكحال، وعبد الله النديم، وبيرم التونسي وبديع خيري، وفؤاد حداد، وصلاح جاهين، وفؤاد قاعود، وأحمد فؤاد نجم، ومرسي جميل عزيز، وعبد الفتاح مصطفى”.. سلسال طويل وذو أثر كبير، أفخر بأنني أنتمي لهذا السلسال، وكما يقول أهل العربية “هذه القبيلة”.
(كتابات): في رأيك هل تدعم الدولة المبدعين ؟
- الدولة حالياً.. متمثلة في النظام، تحتاج لمن يدعمها بالأرز.. تحارب الإرهاب وتشحت من مموليه.. الدولة تلغي الدعم عن الفقراء، وتتركه للأغنياء.. الدولة تدعم من يطبل لها، تنشر كتبا تحاول إثبات أن أرضنا ملك لغيرنا، ملك لمحتل ولكن باسم الدين.. النظام يفتح قاعاته وقنواته وجرائده الرسمية وغير الرسمية لكل تافه يحاول جر المصريين لتفاهته.
(كتابات): ما رأيك في حركة النشر الخاصة.. وكيف تؤثر على الثقافة في مصر ؟
- أسوأ من حركة النشر العامة.. “الشلليلة” مقابل “المحسوبية” في النشر العام.. تطبيل بشكل آخر، وقد يظهر في شكل معارض للنظام ولكنهم ليسوا أنظف من النظام.. مثل أحزاب وجماعات الأكشاك/جماعات المصالح.
(كتابات): هل أنت راض عن حال الثقافة في مصر والوطن العربي ؟
- طبعا.. راضٍ عنها، الثقافة ليست أنظمة، الثقافة سلوك شعبي.. مبدع وينتج كل يوم جديداً، بعيداً عن/ساخطاً على الثقافات الرسمية، التي تأخذ العربية لغة لها، دون أن تعرف شرف العربية وكرمها وكياستها ومحبتها وزودها عن نفسها وعن غيرها.
(كتابات): هل يجد الشعر باللغة العامية احتفاء كما يحدث للشعر باللغة العربية ؟
- بالطبع لا.. إلا إن مجدت الحاكم، وهذا لم ولن يحدث من اللغة الشعبية، إلا من مدعين ودخلاء على اللغة الشعبية حتى وإن أجادوا الكتابة بها، فالنصاب والحرامي أصبح مبدعاً.. ” لزوم التطبيل”، أصبح محترفاً.
(كتابات): في رأيك هل يجب أن يمتلك الشاعر رؤية وموقفاً من الحياة ويعبر عنها في شعره ؟
- بلا رؤية لا شئ سوى الخراب.. بلا موقف من الحياة لا شئ سوى الخراب أيضا، “انظر حولك”.. فما بالك بشاعر، لسان حاله/حال شعبه.
أهديكم مقطوعات من شعري…
واكمنه عاشق بجد جدا
دموعه طلعت ع الخد تدن
وتقول يا ربي تفك كربي
واحضن شهيدك ننز شهدا
تفرح بلدنا
ويعيش ولدنا
مع بنوتتنا
زيتنا ف دقيقنا
والدنيا تحلي وتبقي معدن
،،،،
أنا ف المكان الغلط ولا الزمان الغلط
الهم لما خبط
فتحت باب العبط
قفلت باب بالظلط
ركبت موج فوق موج
لا دوقت طعم الغرق
ولا شفت مرسى هنا
ولا حتى معنى الشطط
أنا ف المكان الغلط ولا الزمان الغلط
وانتي الحقيقة البريئة ولا الكلام اختلط
الأبيض البواب والأحمر المختلط
والشفتشي شاف اشي
لما الرمادي مشي
قال للشموس اختشي
يا ام العيون دغششي
هتلاقي كله اتظبط
ويا العقال الظبَط
اتحكموا ف القبط
وانتي الحقيقة البريئة ولا الكلام اختلط
وأنا ف المكان الغلط ولا الزمان الغلط