10 أبريل، 2024 3:04 م
Search
Close this search box.

“مدينة الشمس” والتاريخ .. الأقصر عاصمة للثقافة العربية 2017

Facebook
Twitter
LinkedIn

كتبت رشا العشري :

لم يتم اختيار مدينة الاقصر عاصمة الثقافة العربية لعام 2017″ من فراغ.. بل تعتبر تلك المدينة من أكبر وأعرق المدن الأثرية حول العالم، والتي دائماً ما يقصدها السائحون كأهم الوجهات السياحية العالمية. يأتي ذلك في ظل سعي الثقافة العربية لأن تكون وجهتها ممثلة في الاهتمام بالحضارة الفرعونية القديمة.. فمصر أحد أهم الدول العربية ذات التاريخ العريق الذي لا ينفتأ العالم عن التطلع إليه، واكتشاف أسراره، التي مازالت تبهر الآخر بمكنون حضارتها. وجاء استخدام مدينة الأقصر كأحد أهم المدن الأثرية عالمياً لاعتبارها عاصمة للثقافة العربية التي دائماً ما يفخر بها العالم العربي ويعتبرها وجهة إفريقيا والعرب المشرفة ثقافيًا وحضاريًا أمام العالم أجمع.

أسباب اختيار مدينة الأسماء المتعددة..

التاريخ العريق لمدينة الأقصر والمعالم الأثرية الكبيرة، فضلاً عن الثقافة، أحد أهم أسباب اختيارها، حيث كانت تلقب قديماً بـمدينة المئة بابأو مدينة الشمس، أو مدينة الصولجان“.. عُرفت سابقاً باسم طيبة، وهي عاصمة مصر في العصر الفرعوني، حيث يعتبر أسم طيبةأشهر الأسماء التي سميت بها المدينة في تلك الحقبة، وتمتلك المدينة العديد من المعالم الأثرية الفرعونية القديمة مقسمة على البرّين الشرقي والغربي للمدينة.. يضم البر الشرقي: “معبد الأقصر، ومعبد الكرنك، وطريق الكباش الرابط بين المعبدين، ومتحف الأقصر“. أما البر الغربي فيضم: “وادي الملوك، ومعبد الدير البحري، ووادي الملكات، ودير المدينة، ومعبد الرامسيوم، وتمثالا ممنون“.

يرجع تأسيس مدينة طيبةإلى عصر الأسرة الرابعة، حوالي عام 2575 ق. م، وحتى عصر الدولة الوسطى.. كانت تستخدم كمقبرة لدفن الأموات، حيث كان يدفن فيها حكام الأقاليمِ منذ عصر الدولة القديمة وما بعدها، حيث كانت تسمى مقابر النبلاء وهم حكام أسوان والفنيين ورجال الدولة من عسكريين ومدنيين وكهنة وكتبة وغيرهما وأهمها مقبرتي ميخو وسابني، حيث تحوي المقابر نقوشاً ورسومات نادرة ومنها مقبرة لـأمنحتبحاكم أسوان في عهد الدولة الوسطى، كما أنها تضم ألوان ورسوم زاهية تصور مشاهد من الحياة اليومية والسير الذاتية لهم ونقوش بالهيروغليفية تحكي رحلات النبلاء إلى إفريقيا، ثم أصبحت مدينة طيبة في وقت لاحق عاصمة لمصر في عصر الأسرة المصرية الحادية عشر على يد الفرعون أمنتوحتب الأول، والذي نجح في توحيد البلاد مرة أخرى بعد حالة الفوضى التي أحلت بمصر في عصر الاضمحلال الأول، وظلت مدينة طيبة – الأقصر عاصمة للدولة المصرية حتى سقوط حكم الفراعنة والأسرة الحادية والثلاثون على يد الفرس 332 ق. م.

معالم مدينة الكنوز التاريخية..

تمتلك المدينة العديد من المعالم الأثرية منها المعابد والقصور. ولعل أهم هذه المعابد هو معبد الأقصرالذي شيده الفراعنة. فقد بناه الإله “رع” الذي كان يحتفل بعيد زفافه مرة كل عام، فينتقل بموكبه من معبد الكرنكبطريق النيل إلى معبد الأقصر، مصحوبًا بأبنائه أمنحتب الثالثورمسيس الثاني“. ويبدأ مدخل المعبد بالصرح الذي شيّده رمسيس الثاني وبه تمثالان ضخمان يمثلانه جالسًا. ويتقدم المعبد مسلتان إحداهما ما زالت قائمة والأخرى تزين ميدان الكونكوردفي باريس، ويلي هذا الصرح فناء رمسيس الثاني المحاط من ثلاثة جوانب بصفين من الأعمدة على هيئة حزمة البردي المدعم، فضلاً عن قاعة الأعمدة الضخمة ذات الـ14 عمودًا مقسمة لصفين، كما يوجد مسجد أبو الحجاجفي الجزء الشمالي الشرقي من المعبد.

كما تمتلك المدينة معبد الكرنك، وهو أعظم دور العبادة في التاريخ القديم، ويضم معبد الإله آمونوزوجته موتوابنهما الإله خنسو” – أو إله القمركما أسماه الفراعنة ؛ ويبدأ بطريق الكباش، وقد نحتت أسفل رؤوس تلك الكباش، تماثيل الملك رمسيس الثاني“. ويبدأ المعبد بشكل فعلي من صرح الملك “نختبو” من الأسرة 30، ومنه إلى الفناء الكبير ثم ثلاث مقاصير لثالوث طيبة العاصمة القديمة، وهي الأقصر من عهد “سيتي الثاني” ومنه إلى صالة الأعمدة الكبرى التي تحوي 134 عمودًا تتميز بارتفاعها عن باقي الأعمدة، ثم نشاهد بعدها مسلة “تحتمس الأول” ثم مسلة “حتسبشوت” ثم قدس الأقداس، لنصل أخيرًا إلى الفناء الذي يرجع إلى عهد الدولة الوسطى وبعده صالة الاحتفالات الضخمة ذات الأعمدة التي ترجع إلى عهد “تحتمس الثالث”.

بالتالي كانت المعابد العملاقة كـمعبد الكرنك ومعبد حتشبسوت ومعبد الأقصر ووادي الملوكوالعديد من المقابر الضخمة كمقبرت توت عنخ آمون، وسيتي الأولوأمنحوتب الثانيومتحف الأقصر وغيرها من المعالم الأثرية دليل على قوة الحضارة الفرعونية، وأساس ثقافي حضاري للمدينة التي اعتبرها العلماء والمؤرخون من أهم المدن العالمية التي تحوي كنوزاً تاريخية أظهرت الحياة القديمة والمتطورة عند بعض البشر في تلك الفترة، والتي عكست ازدهاراً فكرياً وثقافياً وسياسياً واقتصادياً واجتماعياً مازال العالم الأن يقف حائراً أمام معرفة كيفية تطوره وبنائه في تلك الفترة.

من ثم اعتبرت مدينة الأقصر وما تحويه من رموز لحضارة قديمة من أكثر المدن العربية والعالمية التي من الأجدر اعتبارها عاصمة للثقافة العربية، والأجدر لأن تكون عاصمة للثقافة العالمية، خاصة وأن الأقصر من أهم المدن التي جمعت بين الحضارات المختلفة وهي الحضارات الفرعونية والقبطية والإسلامية، فضلاً عن اهتمامها بالحفاظ على التراث القديم من خلال الحرص على العديد من الصناعات الحرفية أهمها الغزل وصناعة الخزف والفخار والاثاث الخشبية والمعدنيةوغيرها، فضلاً عن دور المدينة وأهلها في الحفاظ عليها وعلى تراثها في ظل الأزمات التي مرت بها مصر عقب الثورات العربية.

ويعتبر دور منظمة اليونسكوفي تفعيل مبادرة عاصمة الثقافة العربية من أهم الأدوار التي تقوم بها عالمياً، والتي تعطي أهمية حضارية وثقافية وعلمية للعديد من المدن وإظهار أهميتها عالمياً بما ينعكس على الدولة الفائزة باللقب، بل ويشجع على إثراء الثقافة والتقدم العلمي والفكري بين دول العالم أجمع، بل ويعطي تركيزاً لدى الخبراء والعلماء والباحثين وحتى الأشخاص العاديين على التطلع لمعرفة الحضارات المختلفة السابقة ومدى أهميتها في إثراء التقدم العلمي وبناء حضارات جديدة، والانفتاح على ثقافات وحضارات الشعوب وتعزيز قيم التفاهم والتآخي والتسامح واحترام الخصوصية الثقافية، ودعم الابداع الفكري.

جانب من اثار مدينة الاقصر المصرية – ١
جانب من اثار مدينة الاقصر التاريخية – ٢
مدينة الاقصر الآثرية المصرية – ٣
جانب من الصناعات الشعبية لأهالي مدينة الاقصر التاريخية

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب