20 ديسمبر، 2024 3:10 م

لذةٌ واحدةٌ لاتكفي

لذةٌ واحدةٌ لاتكفي

رغم ذلك الفيض من ألوان وصنوف الصور التي رسمها في نصوصه وحاكاها مثلما يحاكي أيما موجود من موجودات الطبيعةِ فالضوء في الجسد وغير المرئي والعطش والحقول والنوافذ والهجير والفلك والفيض والصحراء والهياكل والفأس وغيرها الكثير من المفردات التي تتدرج في النص الى أن تصل حد الدفن في الجسد أو النعي عليه ،كما أن أدونيس يختار المناطق الأكثر تقاربا أو ضيقا للتعبير عن أوسع الدالات التي تهيء للقارئ مناخه المعتدل والذي يقرا من تحته برؤية مايأتي من االجمل الشعرية اللاحقة الفعالة والمثيرة ، وقد جعل أدونيس الجسد مركزا للإستقطابِ عند إشتغاله على هذا المحور حيث نشط من خلاله فعاليات كثيرة كانت تصبح لذاتها نصوصا كبيرة أي موضوعات تتصل بعلاقات أخرى خارج مركز الإستقطاب الذي ذكرناه ، فالتأسيس هنا وبشكله المكشوف يبدو تأسيسا خبأ فيه أدونيس مرحلة إنتقالية أخرى أو أنه قد يكون قد أعدَ نفسه لإفتتاح مناخه الشعري لما بعد الجسد ،وقد سبق لنا حين اشرنا في مقال سابق عن هذه المجموعة الشعرية كون فعلها فعلا ترابطيا ولكنه يتسم بالتأثير غير المكرر ، فهناك شعور ما يدفع بالقارئ نحو عدم الإكتفاء من لذة واحدة لأن أدونيس يمنح للقارئ أبعادا أخرى يحسن من خلالها إجادة مراكز إنتقالاته ، وهي

واحدة من الأسباب التي يمكن من خلالها قبول أي مفردة(أباحية ) لأن النظر الى هذه المفردات لايتم من خلال مدركها المألوف أو حتى توقع طبيعة إستخدامها ،فقد يكون (فرج المرأة ) على سبيل المثال أحشاء الكون وبذلك يكون الإطلاق غير محدد بالقضايا الجزئية التي نريدها نحن أو على أقل تقدير تلك التي كانت وأصبحت ضمن دالاتنا وموروثاتنا ضمن سياقها ودلالاتها المعبرة،أي أن أدونيس يمزج في شعره بين قضيتين ، قضية الشعر للشعر وتوظيف ما أمكن من المتحسسات الجمالية بين غاياته التي تحددها قواه الإنفعالية وبين قضيته الأخرى الضمنية وهي الوصول الى البعد الأخر في مفهومه التنظيري من خلال النص المطروح نفسه ،وهذا يتطلب المزاوجة مابين العاطفة والمعرفة ولنقل الخيال ومعلوماتية التنظير وكأن هناك أدونيس الشاعر وأدونيس المنظر والحسنة في ذلك أن تنظيره الكوني يذوب الى حد ما في مكوناته الشعرية بقدرته الفائقة للإفلات من سيطره أحدهما على الأخر ،لذلك وكما ذكرت كان الجسدُ مصدرا لتصدير قظايا أخرى وأحيانا من خلال الإحتفاء بإنوثته تارة وتارة من خلال فيضه وتساميه في أيما مكتشف يود الشاعر الدخول من خلاله إليه،

إن تحول أدونيس السريع عن منطقة الإستقطاب أو (المركز ) والذي هو الجسد والإنتقال الى تخوم حاجاته الحقيقية ذات الدافع الأكثر شموليةٍ والمتمثلته في زمانه المرئي وغير المرئي وأماكنه التي أسسس لها بفعل قوة المخيله ودوره الإستكشافي جعل من أهمية الجسد أهمية ثانوية إذا ماتم التركيز على ا

مناطق الإشتقاق الأخرى التي ربطت الجسد بالبحر وأنوثة الجحيم بالثلج والرحيل بالغواية ،وهو بمثابة الكشف المؤجل والذي طرق على الجسد وعاد الجسد للطرق على حاجات كثيرة خارج منظومة اللحظة التي جعل من الجسد قطب رحى الإنبعاث والتشئ تحت كميات ومديات الأضوية الكاشفة للمناطق المعتمه في هذه الحاجة أو تلك ،

هبطت نَجمةٌ . تمشت

خلسةً

في الزقاق المؤدي الى بيتنا

وأعطت قدميها الى عاشقٍ

وأعطت ليدي

نخلةِ شعرَها

عجباً

لم يكن أحدٌ

في الطريق إلى بيتنا

يقتفي خطوَها ،

أن متعة الجسد تكمن في متعة مخاطبتة ( المرأة ) من خلاله أي أن الفعل الوصفي يتحد بفعل الشراكة الروحية في الفعل الاول يبدو الوصف هدفا لإبراز قيمه ما غير محدده بمعيار غرائزي إشتهائي رغم صراخ الرغبات في إيما تجوال في حدود ذلك الجسد وهذا أيضا يضيف الى البعد الغرائزي أمكانية حشد مؤثراته المعبرة عن الحاجات الإنسانية وفق مفهوم الغريزة الفعالة والتي ينمي الشاعر من خلالها غرائز اخرى في حاجات أخرى تبعا لتأثير المشهد المستخدم للبدء بالبناء عليه أي أن حرية جنوح أي من المشاهد الى أي من المديات غير المقرونة بجوهر الموضوع واردة في أي حضور لأي مفردة ما ،لأن هناك كما ذكرنا فعل الشراكة الروحية الذي أخلى بموجبه أدونيس الجسدَ من(فردانية الجسد ) وجاء هذا الإخلاء معبرا عن نزاهة القصد :

هاهو الحب سهرانُ

والليلُ كالفجرِ

يمضي إلى كهفهِ

والمحبون يرمون أسماءهم

في محابر لايعرف الحبرُ فيها

سوى موتهم

نجمةٌ تتنزهُ فوق القبور

التي لن يشاركُ حتى فم الريحِ

في ذكرِ أسمائِها

عانقتني

وغابت

لقد أثرى متخيل الجسد مُتخيل البحر التأمل والتركيب وقد حل أدونيس مابيننا من إشكال في فهم العلاقات المتشكلة من تباين المنظور وتم تأمل الجميل المتصل بشئ والجميل المتكون من إنتظار شيء لتكون لغته قد نقلت لنا مانريد ،

أحدث المقالات

أحدث المقالات