تحسنت الأمور كثيرأ عما كانت عليه قبل سنوات. في عام 2006 ذهب العراق بوفدين الى إجتماعات الامم المتحدة. كان كل وفد يجلس على طاولة منفصلة في الفندق حين تقديم وجبات الفطور والغداء والعشاء. وقبلها بسنة على ما اظن وحين توفي الملك فهد ذهب العراق باربعة وفود الى المملكة العربية السعودية لتقديم واجب العزاء بينما جاء الرئيس الاميركي بوش الابن يقود وفدا اميركيا واحدا يمشي خلفه كل رؤساء الولايات المتحدة الاميركية الاحياء بمن فيهم والده بوش الاب.
اليوم ولله الحمد وصلنا الى الوفد الواحد لتمثيل بلادنا في هذا التجمع الأممي, لكن بمطالبات محاصصاتية. صحيح إنها لا تصل الى عدم الإعتراف بالوفد لجهة التمثيل لكن المطلوب من رئيس الوزراء أن “يراعي” الخصوصيات أمام العالم المعني بالكليات.
رئيس وزرائنا مثل سواه من زعماء العالم الحاضرين في هذا التجمع كان عليه القاء كلمة. هذه الكلمة محسوبة من حيث الوقت لاتزيد ولا تنقص. الوحيد الذي كان لا يعترف بقواعد البروتوكول واللياقة وكل أنواع الأصول ما ظهر منها ومابطن هو معمر القذافي الذي قذف مرة على الحضور ميثاق الامم المتحدة واستمر بـ “جنجلوتية” أضحكت العالم.
القى العبادي كلمته. جاءته الاعتراضات مرة من حيث لايحتسب واخرى من حيث يدري ولا يدري وفي الحالتين المصيبة أعظم. نائبة من الإئتلاف الذي ينتمي اليه أحصت اخطاءه اللغوية وكأن مهمته القاء كلمة عن سيبويه في مؤتمر لمجمع اللغة العربية. لم تقف عند هذا الحد. اطلقت اوصافا أقل ما يقال عنها إنها لاتليق والرجل في مهمة لتمثيل بلده تتطلب مؤازرته حتى لو كانت هناك هفوات إن وجدت. ولكي تقفل بوجهه أبواب الإعتراض إتهمته بأنه تجاهل تضحيات الحشد الشعبي في الحرب ضد داعش.
نائبة أخرى قالت إنه لم يتطرق لمعاناة الأزيديين ووصفت كلمته بالمخيبة للامال لا لشئ الا لكونه لم يتطرق الى ما ارادت التطرق اليه حالها في ذلك حال زميلتها الاخرى. الأمر نفسه ينطبق على قيادة البيشمركة الكردية التي إنتقدت العبادي لكونه لم يتطرق الى تضحيات البيشمركة.
بالنسبة للمؤتمرات والمحافل الدولية الأمور لاتقاس على هذه الشاكلة. ليس مطلوبا من رئيس الوزراء او رئيس الجمهورية أن ينصب “مناحة” أمام العالم لكي يستدر الدموع. فالحقوق لايمكن تحصيلها بهذا الأسلوب وهذه الطريقة. كما ان العبادي تحدث عن تضحيات القوات الأمنية العراقية وهذه تشمل على حد علمي وعلم السيد بان كي مون الجيش والحشد الشعبي والبيشمركة والشرطة والعشائر.
ربما نختلف على اشياء كثيرة ما عدا الدولة ككيان يمثلنا جميعا. قد نختلف على نظام الحكم والسلطة وحزمة الاصلاحات والتظاهرات. الدولة العراقية التي هي عضو مؤسس في الامم المتحدة خط احمر, اما ما عداها فمسموح بمن في ذلك الخلاف حول “صلعة” رئيس الوزراء.