كل المؤشرات والتوجهات المدعومة بالتصريحات والمواقف فضلا عن المعلومات تؤكد ان روسيا قررت قلب الطاولة والدخول الى عمق المشهد والحضور الفاعل والمباشر في ملعب الشرق الاوسط للقيام بأدوار رئيسية ستغير الصورة الحاكمة عليه منذ فترة ليست بالقليلة، دخول قوي ستكون له ابعاده الجيوسياسية والاستراتيجية في سياق الصراع الدولي وفي اطار توازن القوى ومحاولات تغيير قبان هذه التوازنات بعد نفاذ الصبر الروسي ومن خلفه الصيني والايراني من دور واشنطن وحلفائها العبثي والخطير والمهدد لأمن المنطقة والعالم.
لم ينتظر الروس لتقييم حضورهم في سوريا وقياس مدى قدرته على تحقيق الغايات المرسومة وانما تزامن الاعلان عن هذا الحضور في سوريا والذي تؤكد المعلومات انه اكبر واضخم مما اعلن عنه تزامن مع الاعلان عن تشكيل غرفة تنسيق معلوماتية تجمع المعلومات عن شبكات التنظيمات الاجرامية والتكفيرية في المنطقة تتكون من موسكو وطهران ودمشق فضلا عن بغداد التي تعاني
انفصاما في الشخصية بين ارادة شعبية وقوى حشد مقاوم منسجم مع التوجهات الروسية الايرانية السورية الجادة في محاربة الارهاب والقضاء عليه من جانب وبين حكومة اميركية الهوى همها تنفيذ الاجندات الاميركية الساعية الى توظيف هذه الجماعات التكفيرية والاجرامية في سياق مشروعها الاستكباري من جانب اخر!.
لا يبدو ان عمل هذا المركز سيقتصر على جمع المعلومات وتقييمها والاستفادة منها من قبل الاطراف الاربع بل يُراد له ان يكون نواة لتحالف حقيقي وفاعل على الارض العراقية بعد الارض السورية لا يقتصر على تقديم المعلومات فقط وانما يقدم الدعم العسكري المباشر لقيادة العمليات في الميدان ويوفر كافة المستلزمات والاحتياجات اللوجستية والمادية ما سيصطدم حتما بالإرادة الاميركية التي ارغمت على السكوت والتناغم مع التوجهات الروسية الساعية الى القضاء على الجماعات التكفيرية ما حشر واشنطن في زاوية حرجة لأنها ترفع شعار مكافحة الارهاب منذ سنوات ولأنها شكلت تحالفا دوليا منذ اكثر من عام بزعم محاربة تنظيم داعش واخواته في العراق وسوريا ولأنها محرجة بعد فشلها في توظيف داعش واخواته في تحقيق اهدافها وغاياتها المحددة ولأنها ادركت عمق القراءة الروسية للمشهد وشعرت بقوة ارادة موسكو الحازمة ما يفسر سر الاصرار الاميركي على اقرار قانون الحرس الوطني في الاسابيع الماضية وسر الاصرار على ابعاد فصائل الحشد المقاوم من معركة تحرير الانبار هذه الايام والتعهد لأهلها بتحريرها بدعم من الصحوات السنية الجديدة المنقلبة على داعش واعادة اعمارها كونها المحطة الاساسية لمشروعها ومسمار جحا لدوام بقائها وتحكمها بالقرار السياسي العراقي ما دعاها الى السماح لحكومة بغداد مرغمة على الموافقة في الدخول لعضوية هذا المركز المعلوماتي بعد ان اصبح امرا واقعا ولكن بخطوط حمر اميركية!.
ليست المشكلة في الصراع الدولي بين الاميركي وحلفائه او الروسي وحلفائه وانما المشكلة الحقيقية هي في غياب الارادة العراقية واستسلامها للإرادة الاميركية رغم التغيرات الكبيرة والهائلة في المشهد العراقي والاقليمي والدولي والتي تنبئ عن تحولات استراتيجية وتعديل في توازنات القوى ومؤثراتها فهل ستعمل الحكومة وبالتعاون مع فصائل الحشد الشعبي المقاوم على الاستفادة من هذه الفرصة التاريخية وتنضم بقوة الى التحالف الناشئ الذي يمد يد العون والمساعدة للعراق ام ستواصل التغريد خارج السرب الوطني الذي لن يسمح لا الحشد المقاوم ولا اطراف التحالف الجديد باستمراره!.