ارث تاريخي خاطىء ، هذا الذي ورثاه وسميناه تراثا أسلامياً،فلابد من اعادة النظر فيه من جديد لننقذ الاجيال الحاضرة والقادمة من محنة الخطأ الكبيرالذي وقعنا فيه تاريخياً.هم سجلوها لنا ونحن نتحمل تبعاتها اليوم ،بعد ان قرر الحاكم ابقائها في عقولنا حتى نبقى عبيدا له الى يوم الدين. فهل نبقى من الساكتين؟ خوفا من سيف او رغبة في مال او جاه او سلطان كما هم عبيد السلطة اليوم، وديننا يأمرنا بالصراحة وقول الحق؟ محنة لابد ان نتجاوزها لنعبر بالسفينة الى ساحل النجاة وندعهم يغرقون في بحر الظلمات وهم فيه غارقون .
قصة اوردتها لنا مصادرنا التاريخية الاولية ،ان كانت صحاً او وهماً لايهمنا ، لكن الذي يهمنا كيف فبركوا الوهم الى واقع ليصبح منهجا لنا نعلمه لتلاميذنا في المدرسة والجامعة ونزرع في عقولهم الخطأ الى اليوم دون خوف من الله والضمير.حين قالوا لنا: ان العداء بين بني عبد شمس وبني هاشم قديم قدم ولادة الاثنين حين خرجا الى الدنيا توئماً من رحم واحد فكانت اصبع احدهما لاصقة بجبين الاخر،فكان لابد من فصلهما بالسيف،فتولد بينهما دمُ منذ الميلاد وحتى اليوم، ( أنظرالازرقي ،اخبار مكة).
قصة مفتعلة نقلتها المصادر التاريخية دون تمحيص في نصٍ ولا مقارنة في رواية. فقد كانا قبل الاسلام من الحلفاء المتعاونين ،ولم يفسد تعاونهما من شيء سوى بعض الحاجات البدوية التي تنتمي للعادات الجاهلية التي تحصل بين العشائر والافخاذ فتعكر صفو امنهما،والأهم انهما من أمٍ واحدة هي عاتكة بنت مرة من قيس عيلان وابوهما ابن عبد مناف( أنظرابن الكلبي،الانساب). بينهما الاحلاف التجارية التي سموها بالآيلاف( سورة قريش1-4)،وبقيت العلاقة بينهما وطيدة حتى جاء الاسلام . فما ذا حدث؟
حبن جاء الاسلام بقيادة محمد بن عبدالله القريشي الهاشمي ،صار هاجسا بأخذ الصدارة السياسية منهم ، أي من بني عبد شمس وحصرها في بني هاشم – هكذا تصوروا- ،مثلهم مثل بني مخزوم لعدم أدراكهما وعي الدعوة.لكن امر العداوة قد انتهى بفتح مكة ولم يعد لها من آثرسوى ما بقي ساكنا في قلب ابي سفيان.،حين نادى الرسول (ص) بصوته الشريف من داخل مكة (من دخل دار ابو سفيان فهو آمن), وحين نادى (أذهبوا فأنتم الطلقاء).آذن ما الذي حدث؟ ألم يكن ذلك النداء أيذانا بالصفاء والأخاء ،فلم َ عادت العداوة الى سابق عهدها وأصبح بني عبد شمس والامويين من اعداء محمد والاسلام والهاشميين بعد البعثة النبوية الشريفة.أنها النبوة والخلافة ولا غير؟ .
2
فهل أدركَ من رافقوا التغيير الأسود في العراق عام 2003 هدف التغيير…فعمدوا على قتل الوطن والمواطنين من اجل السلطة والمال …؟
انها الخلافة بعد وفاة النبي (ص( وما جَرت علينا من اشكاليات السقيفة الكثيرة والتي لازال سعيرها باقيا الى اليوم،مما دعا الشهرستاني ان يقول فيها:( أذ ما سُل سيف في الاسلام على قاعدة دينية مثلما سُل على الامامة في كل زمان ،الشهرستاني،الملل والنِحل ج1 ص268).
والسؤال المطروح هو:هل ان اقامة الخلافة فرض على كل مسلم؟وهل أنها فرض عينٍ او كفاية؟ مسألة شائكة الى اليوم بعد انتهائها على أيدي العباسيين في(656)،والفاطميين(923) والعثمانيين(1343 هجرية).
هذه التساؤلات تجرنا الى مثيلاتها في الصعوبة والى حاجتها الى دراسة مفصلة وعميقة ومجردة ونزيهة ،لان الاحاديث النبوية الموضوعة وردتنا في هذا الموضوع بصيغة خبرية ،وليست طلبية كقول الرسول (ص) (الائمة من قريش) ، وعندي ان هذا الحديث المنسوب للرسول بحاجة الى مراجعة وتدقيق ومقارنة،فالرسول(ص ) لا يمكن ان يقول بمثل هذا القول المحدد، وهو الذي جاء بالشورى من الله (أنظر آية الشورى)،والشورى معناها الاعتراف بحق الجميع دون تمييز، والخلافة شورى بين المسلمين لمن يستحقها علما وصلاحاً حتى ولو كان بلال الحبشي مؤذن الرسول(ص)،فكيف يحصرها الرسول في قريش ؟ ألم تكن هذه مخالفة دينية وقانونية أبتدعها فقهاء الدين؟.
وحتى اذا ما صح الحديث فهو يدل على الافضلية وليس واجباً الزامياً كغيرها من صفات العلم والخبرة واللياقة الجسمية وأمثالها فيمن تنعقد له الخلافة ؟.واعتقد انه ليس حديثا بل هو من المأثورات السياسية التي أضيفت الى الاحاديث كغيرها من الاضافات.ومن لديه النقيض فليأتنا بالثبت المحدد بالدليل؟. ولو كان حديثاً صحيحاً لاعترضوا على الخوارج حين نصبوا عليهم عبدالله بن وهب الراسبي خليفة وهو غير قرشي لامارة المسلمين(محمد عمارة،الاسلام وفلسفة الحكم،ص 110-111).
.والخلافة في الاسلام جاءت مبتكرة وكانت ابتكارا موفقاً من عمر وأبي بكر (رض) ، لكن النقص فيها انها جاءت بلا تقنين، بعد ان غيب دستور المدينة( أنظر الوثائق النبوية لاحمد حميد الله ،مكتبة المتحف البريطاني). فقد كانت بحاجة الى دراسة وتنظيم. فالخليفة رأس الدولة قلا يمكن ان تترك المسئولية الكبرى دون تحديد مدة او مدى سلطان له ، ولدىه القدرة الجسمية والعقلية على ادارة الدولة. وهكذا كانت فتحولت الى ملك عضوض مستبد بعد الراشدين تتناقله الايدي بالذهب والسيف،فهي آرثهم الخاطىء الذي
3
لا يناقش كما كان عند الأمويين والعباسيين والعلويين (نحن اهل البيت أحق بها ،(انظر خطبة محمد النفس الزكية العلوي للمنصور العباسي سنة 132 للهجرة)،وظلت هذه السُبة تتواردها الأجيال الى اليوم. ولازال اتباع أهل البيت يدعون بأنهم أولى بها؟ وياليتهم حفظوها بيقين ؟.
ورغم ان دولة الرومان المجاورة للعرب والمسلمين ،كان لها قانون ، لكنهم لم يستفيدوا من التجربة منهم رغم العلاقات الوطيدة معهم على عهد الامويين.اوقل لا يريدون ان تنتقل لهم الاسس القانونية لادارة الدولة، لانهم والرئاسة تؤمان لا ينفصلان ، ما دام المال والجاه والسلطة بايدهم بلا منازع كما هواليوم عند المرافقين للباطل في العراق بعد التغيير في 2003. ولأن مات ابو بكر(رض) مبكرا وقتل عمر(رض) بعد عشر سنين فلم يعد في مقدمتها الا عثمان (رض)الذي اكتوى بأشكالياتها ومات مقتولا فيها،بعد ان ظن البعض يريدها له ولاتباعه دون معارض فناقشه الثوار بها فلم يقبل المناقشة حتى قال (رض) :(اما ان اتبرأ من الامارة فأن تصلبوني أحب اليَ من ان أتبرا من امر الله وخلافته (الطبري ج4 ص 376-277)..وكأن الخلافة جاءته من الله وليس من الشعب…؟
وهاهم من يدعون بأتباع أهل البيت يتحججون اليوم في عراق المظاليم بنفس الحجة الباطلة .
مبدءُ خطير هذا الذي طرحه الخليفة عثمان الذي أختير من بين( 6) من الصحابة وبتوصية من الخليفة السابق عمر بن الخطاب (رض) وهو حق تملكه الشورى وجماعة الحلِ والعَقد الذين يختارون من الامة ،ولا يملكه الخليفة عمر .ومن هنا بدء الخطأ، لكنهم أيدوا الترشيح،(الوثائق النبوية). لكن هذا الاختيار جرَ علينا الويل والثبور وعظائم الامور،واستشهاده على ايدي المسلمين انفسهم .وتلك محنة اكبر من محنة الاستشهاد نفسه،أذ لاول مرة تتجاسر الايدي المسلمة على قتل خليفتها المنتخب بموجب شورى الدولة.،ولكن علينا ان لاننسى ان النصوص المرتبكة والمفبركة التي كل منها ينقل على هواه دون من مسئولية او رقابة هو الذي أربك التاريخ الأسلامي،لذا فالقول الفصل في النص يبقى في حاجة ماسة للبحث والتدقيق والمقارنة العميقة.فالكثير من الاحداث التاريخية التي أبتلينا بها ليس لها من اصل .
وتتجدد المآساة في عراق المظاليم حين حكمت المحكمة الاتحادية العراقية عام 2006بعكس القانون وارادة الشعب في الانتخابات ،فأماتت الحق وأظهرت الباطل وولدت لنا كل هذه المآىساة اليوم التي يعايشها وطن العراقيين. ولا زال رئيس القضاة الباطل هو نفسه يترأس القضاء…فمن اين يأتي الاصلاح..؟
4
والسؤال الذي يطرح نفسه ايضا، اما كان بأمكان الفقهاء- كل الفقهاء- ان يناقشوا مثل هذه الاشكالية المعقدة ،علماً انهم وضعوا النظم الشرعية الدقيقة لكل شيء قي حياة المسلمين: من زواج وطلاق وارث ووصية فيها الزيادة والنقصان وعلى هواهم دون نص ثبت؟ وبعد ان ظلموا المرأة وأضاعوا حقوقها في الاسلام ،ولكنهم وقفوا عند مسائل النظام السياسي دون حراك ،مع انها عرضت عليهم من اول الامر، وعندي هي الرياسة والمال والسيف ،فكيف الحواركما هو في وطننا المظلوم اليوم؟.
ان قوة البناء تبدأ من اساسها ،فقد كان البناء الاساسي للنظام السياسي الاسلامي الرئاسي منذ البداية يعتريه الخلل المفصلي في التنظيم كما هو اليوم في دولة العراقيين ،فقد بني على جرفٍ هارٍ فأنهار بهم. فاستمر هذا الخلل يلازمنا الى اليوم دون اصلاح،حين اصبح النص الديني لا يشكل المعيار الوحيد في التنظير للنظام السياسي.
ولا نريد ان ندخل في التفاصيل المرة خوفا من الفتنة كما يقولون، وانا عندي لا بد من اختراق النص لمعرفة الحقيقة،ولاداعي للخوف والتردد بعد ان حلت فينا الفتنة وحرقت الاخضر واليابس،وهذا هو دور المؤرخ الصدوق وحكمت فينا الجاهل وابعدت العارف الفهيم،لان باختراقة نخترق المستحيل لنبدأ بالخروج من عنق الزجاجة الى الحرية والعدالة الاجتماعية التي جاء بها الاسلام وغابت عنا ،لا بل أقول غيبت عنا قصدا لظروف السياسة آنذاك ،واصبح اسلامنا اليوم هوغير اسلام محمد (ص) بل أسلام الفقهاء المزيف؟ .
وباستشهاد الخليفة الثالث وحصول فراغ الدولة السياسي يتجه الناس والصحابة نحوالافضل،فكان علي بن ابي طالب (ع) هو المرشح الافضل المقصود،لكن رفضه في
بداية الامرللترشيح يدخلنا في البحث الجاد لقول الحقيقية ،والحقيقة هي الغاية والهدف عند المؤرخ. فلماذ لم يقبلها لنفسه في هذا الجو المضطرب وهو المنافس الاول لها منذ وفاة الرسول(ص) حتى عدها البعض هي أس الاشكاليات السياسية في عالم الاسلام منذ البداية. ولو كان الامام علي يعلم بوصية الرسول(ص) له في حجة الوداع كما يدعي البعض،لما رفض استلامها حتى تبايع له الناس علنا في مسجد المدينة وهذا ما حصل؟
اذن اين الأفضلية التي بها يدعون…؟ .
نعم ما أرادها لنفسه في ذلك الجو المضطرب ،لكي لا يقال عليه طامع فيها او له ضلع في أستشهاد الخليفة عثمان- وحاشاه ان يفعل ذلك- لكن التكهنات يجب ان يحسب حسابها وخاصة عند شخصية اسلامية عاقلة وعالمة كعلي (ع)،.لكن الصحابة ألحوا عليه وأقنعوه بأنها امانة فلابد من القبول بها فقبلها على مضض . وعندي ان عليا تصعب عليه السياسة ، اذن هو مُنظرُ فذ للعقيدة يراقب التنفيذ والتطبيق عند الاجهزة ورئاسة
5
الدولة،لانه والسياسة على طرفي نقيض،فالسياسة فن الممكن وعلي (ع) لا يعرف الا بالمبدأية الصرفة بلا تأويل. فحدية العدالة والموقف عنده محاسبة الخطأ وانه لا يتعايش
الامع حالة دولة العدالة التي يرى فيها الناس متساوون في السراء والضراء،فلسفة أختمرت في فكره وقلبه منذ البداية منذ ان صاحب رسول الله(ص). لذا فالرياسة في ذلك
الظرف المرتبك افقدته المهمة من اول يوم ولي فيها الخلافة،فأرتبكت الدولة وأرتكبت الاخطاء وكان أولها نقل مقر الخلافة الى الكوفة بؤرة الفساد والمخاصمات القبلية.. وهذا أكبر خطأ أرتكبه الامام في بداية مشواره السياسي ،فكانت النتيجة استشهاده على ايدي الكوفيين أنفسهم .
لقد قيل له يا ابا الحسن ان المبدئية أفقدتك تأييد الناس ،فرد عليهم (ع) اسمعوا ايها الناس :”ان كثرة الناس حولي لا تزيدني عزة ،وقلة الناس عني لا تزيدني ذلة ،فالحق لم يبقِ لي من صاحب ،لكن والله لن لأتنازل عن الحق حتى لو قطعوني أربا أربا ، “ان صوتا واحدا شجاعاً أكثرية”،صدقت يا أمير المؤمنين” . ولكن اين الشجعان في زماننا اليوم من يقولون هذا ؟ .
لذا فان انتخابه للخلافة بعد عثمان لم تعد ناجحة او نافعة في القفز به وبالخلافة الى خارج اسوار مكة ومراكز الثقل فيها،لكن محاولاته لمواجهة الانحرافات التي بدأت تظهر على السطح في امور الولاة والوقوف الحازم منها كألموقف الاموي في الشام هي التي فسرت الموقف السياسي الصارم على اعتباره خروجا على الشورى واثير حولها ما اثير حتى دخلت الدولة بمرحلة الصراعات المكشوفة فكانت صفين والجمل
والنهروان، وتشتت الوحدة الاسلامية وهي في بدايتها. انه مشهد يكاد ينطق بصوت الكارثة القادمة وراء حجب الغيب الرهيب. وها نحن نراها في وطننا العربي المجزأ اليوم حتى أصبحنا نلوذ بالغرباء في سبيل حماية الأبناء.
ومع ان الفقهاء جالوا في كل صغيرة وكبيرة واعطوا فيها رأياً ،لكن مسالة نظام الحكم تركوها لما يعرف بالشورى.ورغم ان نظام الشورى ولد محصناً من الاختراق ،لكنه مع الاسف ترك بيد رئيس الدولة فهو الذي يختار اهل الشورى وهو الذي يجمعهم وهو الذي
يتقيد او لايتقيد برأيهم ،من هنا كان التوقف في الاصلاح السياسي عندما غلبت القبيلة والعشيرة والطائفة على رأي العقيدة والدين ، فهل هذا الخطأ المتعمد تتحمله اجيالنا اليوم؟
وكما هو اليوم في عراق العراقيين الممزق عند السياسيين الظلمةالجدد.
.ولوكانت الشورى حقا بيد رجالها المعتمدين لما حصل الانحراف السياسي والتفرق الذي شهدناه وظل ينخر في جسم الدولة حتى اسقطها على يد المغول عام( 656 ) للهجرة،والمغول بنظري لم يسقطوا الدولة بل اجتاحوها لان الدولة كانت ساقطة قبل
6
الأجتياح وتكررت المآساة الى اليوم حين سقطت الدولة باجتياح التحالف الغربي لها ظلما وعدواناً لا يبرره القانون والدين. ولربما تسقط دولة العراقيين اليوم ايضا دون حرب،فهي ساقطة من الداخل بعد ان خان الولاة الجدد القانون والدين..؟
لقد عاشت دولة الاسلام بنظام الخلافة بلا قانون مكتوب ،حين اعتبروا القرآن هو الدستور ،والرسول منذ البداية أدرك المشكلة فكتب الدستور ،لكنه غيب عن الدولة لقصد في حكمها. فلا نظام ولا تنظيمات ادارية وما نُدرسه لطلبتنا في المناهج المدرسية ما هو الا وهم من وحي الخيال. فالرئيس هو الذي يحكم وليس لدينا اساس شرعي ملزم بنظام الحكم وحقوق رئيس الدولة وواجباته وحقوقه وحقوق الرعية وواجباتها سوى ما سطره الفقهاء لنا وهماً لا حقيقة، والا هل يجوز ان يكون الرئيس معلولا ويَحكم …؟ كما حصل لنا في دولة المغييرين ؟ أنه خروج على النص،ونظرية الحكم في الاسلام اشترطت في الرئيس الاهلية الصحية الكاملة.وحين تقرأ للرسول (ص)،انظر ما قاله في الدولة والامة:
قال رسول الله(ص) :ان الزمان قد استدار كهيئة يوم ان خلق الله السموات والارض ..وهذا الاعلان رغم أشارته المجازية الا انه بدء لمسار جديد للانسانية جمعاء مبني على قانونية التشريع الالهي فلا بد من التنفيذ. ويقول عمر(رض):كيف أستعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم احرارا قي دينهم ودنياهم، وهذا تطبيق عملي للمساواة بين الناس دون لبس او أبهام. ويقول الأمام علي(ع) :ألا ان كل قطيعة أقطعها فلان،وكل مالٍ أعطاه من مال الله،فهو مردود في بيت المال فان الحق القديم لا يبطله شيء،ويكمل الامام علي قوله:
والله لو وجدته قد تزوج به النساء ،وملك به الاماء ،لرددته…فأن في العدل سعة.. ومن ضاق عليه العدل…فالجور عليه أضيق،أنظر نهج البلاغة ،الخطب). فأين لنا اليوم ممن سرقوا مليارات الشعب من رجال الحكومة دون محاسبة القانون..؟
.
بموجب هذا التوجه الاسلامي الصحيح على الحكومة ان تجلب كل من سرق من اموال الدولة وهرب الى خارج الوطن وتقديمه للمحاكمة مع من ساعدهم او اشترك معهم في
الهروب والسرقات ،ليحاكموا علنا ليظهر للرأي العام من هو السارق ومن هو الخائن ومن اشترك معهم في هذه الجرائم ساعتها سنقول نعم أنتم دولة القانون. فكيف اذا كان الحاكم هو شريك من اخترق القانون..؟
هذا التلكؤ في التنفيذ هو المصيبة الكبرى التي حالت بنا دون ضبط نظم الحكم في الاسلام وكل ما نقرأه لمفكري الاسلام فهو غائم وغامض وغير مضبوط ،من هنا نستطيع ان نقول اننا لم نعرف الفكر السياسي المقنن المنظم في دولة الاسلام فبقينا في
7
فوضى النص الديني المفبرك ورجال الدين والفقهاء يتلاعبون فينا مثلما يريدون والى اليوم .في هذا الجو الغامض المضطرب نريد ان نصنع دول ونلحق بالحضارات الاخرى , أنه المستحيل ، ففاقد الشيىء لا يعطيه ابداً.
ومالم نعود للقانون والتشريعات الدستورية المدنية وسيرة الرسول الكريم (ص) وما جاء بنهج البلاغة وندرسها ومدونة عمر القضائية وعدالة العادلين ,نخترق التراث الذي سموه مقدس لا يخترق ،والقرآن والسُنة النبوية الشريفة ترفض نظريتهم، ونمحص كل نصٍ تركته لنا من احاديث واقوال مآثورة لنتبين الغث من السمين ،لن نستطيع ان نبني نظرية المعرفة الاسلامية الانسانية الصحيحة ،ولن لانستطيع ان نحول القرآن من النظرية الى التطبيق، الا بالتخلص من تلك الاراء المبنية على الهرطقة والجبرية، ونظرية الترادف القرآنية، ونحول الآية من التفسير الى التأويل بأشراك علماء التخصص لافقهاء السلطة ،وندع كل شيء كان على المكشوف للمناقشة والحوار لا بيد أراء الفرق الاسلامية المذهبية الباطلة والطارئة على الدين.
من هنا نستطيع ان نحاسب من ترك الوطن والجيش عاريا بيد الدواعش لتقتله في نينوى وصلاح الدين والصقلاوية وكركوك وسبايكر بعد ان صرفنا عليه المليارات من قوت
المواطنيين؟ ومن باع الثوابت الوطنية للاخرين وقبض الثمن الرخيص،وبدل خارطة العراق بخارطة وهمية وضعها على رأس مجلس النواب المنتخب با لمقسم النتخابي الباطل ،والتعيين والتبديل ، فلا احد محصن في الدولة امام القانون،والا لماذا اعدموا صدام والأخرين ،الم يكونوا كلهم عراقيون…؟. وصدام لم يخُن الوطن ولم يُسلم الجيش،بل كان دكتاتورا لا يراعي القوانين..؟ .
بهذه الطريقة تقدمت اوربا وصنعت الحضارة لها كما نراها اليوم بعد ان جمدت الكنيسة ورجال الدين ،وفتحت المجال للنظريات السياسية الرصينة في التطبيق .فأن لم نقر القانون في نفوس الناس تقريرا ملزماً بمنهج الدراسة، لن نصل وسنبقى مكانك راوح .فهل نحن مستعدون للاصلاح الديني والسياسي،
لنعود مثل الامم الاخرى متقدمين ؟