كنت أعتقد جازماً بحكم عملي الإعلامي وعلاقاتي الواسعة مع السياسيين وبعض شيوخ العشائر و رجال الدين المعروفين و قليلاً من التجار أن أجد ضالتي في أي موقف يوم حاجتي إليهم لا سامح الله , ولكن في غفلة عن الواقع الذي نعيشه اليوم بسبب الطيبة الزائدة التي ما زالت تسيطر على عواطفنا , غاب عن ذهني أن المواقف هي من تظهر معادن الرجال وقت المحك ؟ وكذلك نسيت أنه ما جمع مال إلا من بخل أو حرام , وغاب عن تفكيري ان هناك من السياسيين أو غيرهم لا يعطي إلا بمقدار ما سيعود عليه من ربح ومنفعة لانه تعلم اللعبة .
ما أريد الخوض به بإختصار هو أن الله مَن علي بطريق خيرٍ أسلكه لكسب رضا الله ودعاء الناس , فكان توفيقي من الله أن أبحث عن متبرع لإمراة مصابة بمرض الكانسر ( أي السرطان ) ودفع ثمن جرعة العلاج الذي تستخدمه لأن وضعهم المالي لا يسمح بدفع تكاليف العلاج المكلفة قليلاً , فكنت بغاية السعادة لأنني متأمل خيراً بمن أعرفهم كما أسلفت , ولكن حدث ما لم يخطرعلى بالي او أتوقعه لا بل صدمت , أن من أعرفهم من الميسورين إتضح أنهم فقاعات كما قال أحدهم , سواءً شيوخاً أو سياسيين أو رجال دين , وأنا هنا لا أحدثكم عن أشخاص عاديين أو تجار بسطاء أو رجال دين غير معروفين , ولكن ماذا كانت النتيجة ؟ فمنهم من عرف أنني أحتاجه أن يخرج شيئاً قد لا يكون يحسب في سهرة واحدة بأحد الفنادق أو فتح طاولة كما هي العادة يوميا فراح لا يجيب على هاتفي , ومنهم من قال أبشر بعد أن مسح على لحيته وعدل عباءته فهذا عملُ خيرٍ وكيف لا فذهب ولم يعد , والآخرون تحججوا بمختلف الطرق من اجل الخلاص من الموقف , لكن لم يكسرني أو يهزمني اليأس فقلت أن هناك رجلاً لا يظلم او يرد عنده أحد فآتصلت بمكتبه عسى أن أحصل من الميزانية المخصصة للمعونات الاجتماعية فرد علي نجله فقال إن الشيخ الدكتورالوالد في الحج لكني سأعرض الموضوع على المكتب ولم يأتيني رد الى لحظة كتابة المقال وكأن لسان حالي يقول الشبعان لا يعلم بالجوعان , أأأأأو عرب وين طمبورة وين ؟ .
ولكن لله حكمتين الاولى بأن لا أقنط من رحمته وأبحث عن غير ما كنت أظن بهم خيراً , والاخرى أن يُبقي الله هؤلاء في خزيهم وأن شيطانهم هو دينارهم ودنياهم .
لكن الله سبحانه وتعلى لا يخذل عبده فوجدت ضالتي في شخص لا يمت لكل هؤلاء بصلة لا من قريب ولا من بعيد , لا من دين ولا عشيرة إلا لأنه عراقي , نعم إنه الغيور المسيحي غازي ابراهيم رحو الذي لم يتردد للحظة عندما هاتفته بأن لي إمراة في حاجة لمساعدة طبية فقال وهل أستطيع أن أقف عاجزاً عن مساعدة أي عراقي , لا فرق بين مسلم ومسيحي كلنا عراقيون ومن الاموال المخصصة الى الكنيسة سنصرف الدواء وستكون هذه المراة من أولوياتنا مستقبلاً متى ما احتاجت .
الله الله الله أي موقف هذا من عراقي مسيحي أصيل عجز عنه الكثيرون وأعاد البسمة لإمراة مسلمة وهي تبتهل له بدعاءها في ليلة عرفة وهي تعيش يوما آخر بين أهلها وفي أيام عيد الاضحى المبارك بعد أن حصلت على جرعة جديدة ضد المرض الخبيث , فطوبى لك أيها العراقي المسيحي , وللرجال مواقف والمواقف تحتاج الى شجاعة , والكرم لا يُستجدى لكنه يوهب من الله عز وجل .
[email protected]