اتمنى ان تكون رؤيتي خاطئة , لكني ايقنت تماما ان الحكومة تكره الفقراء وابناءهم , وربما تتجلى هذه الكراهية في ايام الاعياد , لانهم اي الفقراء اذا تناسوا مأساة الزمن , فهم يعرفون من المسؤول عن صناعتها فيضطرون الى التعامل معها بسذاجة , او بلا اكتراث كونهم استسلموا ليأس فقرهم . العيد ليس كسائر الايام عند الفقراء ,فهو عندهم يوم وقفة مع الذات , يوم تطرح فيه الاف الاسئلة , يوم يحدد موقعك في هرم المجتمع , يحفز الناس للبحث عن الاسباب , يحرك نوازع الاطفال عندما يبدأ لهيب العوز بملامسة حنايا الطفولة والكبار على حد سواء , انه يوم زلزال نفسي يهاجم بشراسة جدران الفقر المشيدة قسرا وعنوة , لكنها تبقى نزوة عابرة لاتستمر طويلا , الا انها بداية لبناء حاوية كبيرة تجمع بين اركانها تراكمات الفقر الممتدة لسنوات عديدة خلت . الفقراء وحدهم الذين يطالبون بأنصافهم وانتشالهم من اوضاعهم المزرية ,ولهذا فأن الحكومات ترى في الفقراء حجرا يعكر صفو مياهها, وافواها تربك استقرار الحكومة وربما تعطل خططا رسموها هم لانفسهم بعيدا عن الجياع واحلامهم . لن يثور الا الجياع والمظلومون , فهل سمعتم ان المتخمين والارستقراطيين قادوا ثورة من اجل الفقراء ؟ انهم مع الحكوميين بنوا جدرانا قلاعية تقيهم من كل شيئ كما يقول الشاعر الهندي سونيت موندال ,وان قلوبهم التي عليها غشاوة اصبحت اشد قسوة , همهم الاول يكنزون المال بينما الحرمان يمتزج مع الجوع والاحتياج . لايفكر الفقراء بقدوم العيد , لانه لم يعد امرا يعنيهم في هذا الزمن البائس , بل يبحثون عن مخرج يضع حدا لمعاناتهم فكانت الهجرة او رحلة الموت الى اراضي بلدان اخرى واحدة من تلك الحلول للخلاص من دوامة الفقر والضياع , في الوقت الذي ارتفعت فيه ملايين الاكف التي اثرت البقاء احتجاجا على ظيم ماانفك يصرخ في بيوت الفقراء . انتظرنا سنين طويلة على التل نرقب المستقبل عسى ان ينزل المطر ويغسل احزاننا ويزيل من دروبنا ذللك الموت النائم على ارصفة الطريق , لكن حبوب الاماني التي شربناها بقصد الشفاء لم تكن سوى خرافة . الفقراء في العيد شهود على انفسهم , بصمات اصابعهم موشومة على اذرع حياتهم بكل تفاصيلها ولم يبق للتراجع قيمة او معنى ان لم يكن مرهونا بالاصلاحات واسعاف الحال , وليعلم الجميع ان الفقراء هم دائما رصاصة بندقية تدافع عن الوطن ,ومعولا يعيد بناء مادمرته الاحقاد السياسية والطائفية , وجرافة تنبش الارض فتزهو الحقول وتخضر الوديان . على الحكومة الغاء مفردة ( وداعا ) لمن هاجر , والمضي بلا تردد في اعادة كل ماهو لهم ومنهم , لتكون في النهاية فنارا يستدل به الجميع للعودة الى اوطانهم , فلا تخافوا من الفقراء.