العلاقات الروسية –الايرانية المتميزة ،ليست جديدة على المنطقة ،في عهدي الشاه او الملالي ،ولكن ما هو الجديد فيها هو التحالف العسكري الاستراتيجي ،لمواجهة التحالف الامريكي-الغربي والعربي ، وظهوره بشكل مقلق بعد توقيع الاتفاق النووي الايراني ،الذي اعلن فيه بدء عصر جديد في المنطقة والعالم ،ونقصد به عصر التحالفات الدولية والمحاور لمواجهة ما يسمى بالإرهاب الدولي ،وخطر تنظيم داعش على الامن القومي العالمي في ظاهره ،وفي باطنه تحقيق مشاريع استيراتيجية وهيمنة على المنطقة وكل حسب مصالحه ومشروعه ،وقد بدأ ظهور هذه التحالفات المريبة ،والتي تعد اعلانا صريحا لقيام حرب عالمية ثالثة ،دافعها الظاهري حرب طائفية شيعية –سنية ،وباطنها حرب النفوذ والهيمنة ،وتحقيق وإحياء احلام استعمارية قديمة بطريقة تفتيت وتقسيم وتجزيء المنطقة على اسس طائفية وعرقية ومذهبية وقومية عنصرية ،وتقاسم نفوها بتنصيب امراء الحرب عليها وتبعتها له، سنوضح هنا ابعاد هذا المخطط من خلال انطلاق التحالفات العسكرية الجديدة ودخولها حيز التنفيذ ،المتمثلة في الجسر الجوي الروسي عبر ايران والعراق الى سوريا بحجة انقاذ نظام بشار الاسد من ألسقوط وهنا نسأل ماهو موقف ادارة اوباما ،تجاه حليفها وصنيعتها حيدر العبادي وحكومته من هذا الجسر الجوي ، وما هو موقف حكومة العبادي وكيف سيتصرف ازاء هذا الاحراج ،وهو في اضعف ادواره السياسية داخليا وخارجيا، وماهي الخطوة الثانية لتحالف روسيا وإيران ،هذه الاسئلة تحتاج الى توضيح وإجابة مفصلة ،لإطلاع القارئ والرأي العام على ما يجري في منطقتنا الشرق الاوسط ،من تجاذبات وتحالفات تدفع ثمنها دول المنطقة وشعوبها ،وتجعلها في فوهة البركان الذي سينفجر بأية لحظة ،ليحيل المنطقة الى حرب لا تبقي ولا تذر تكون ساحتها ووقودها شعبي العراق وسوريا ، وسنبدأ من الجسر الجوي الروسي عبر الاراضي الايرانية والعراقية الى سوريا،والتي اثارت الرأي العالمي واستوقفته ووصفته بأنه بداية غير مطمئنة لعمل عسكري كبير في المنطقة (نيونيورك تيمز)،ينذر بالحرب العالمية ،حيث ابدت تخوفها الشديد من هذا التحول المفاجئ في الموقف الروسي كما ابدى وزير الخارجية الامريكية جون كيري(0قلقه الشديد)، من هذه الخطوة التي وصفها بالاستفزازية،فتشير المعلومات ان (7) طائرات شحن كبيرة روسية من نوع(انتونوف ) ، محملة بالأسلحة الحديثة والصواريخ ،وصلت الى القاعدة الروسية في اللاذقية ألسورية في وسيلة لإيجاد موطئ قدم هناك تنطلق بعده العمليات العسكرية ،وفعلا تواجدت اعداد من عناصر الجيش الروسي ،وانضمت الى الجيش السوري في قتال الجيش الحر والتنظيمات المتطرفة كالنصرة وداعش ،في وقت صمتت حكومة العبادي ولم تصدر اي تصريح عن كيفية عبور الطائرات الروسية ،وهل تدخل ضمن صفقة عراقية-روسية وقعت مؤخرا اثناء زيارة وزير الدفاع العراقي لروسيا حول شراء اسلحة روسية للعراق،ام تنسيق إيراني عراقي بضغط ايراني وتوجيه ايراني للعبادي،نحن نرجح الامر الثاني وهو الضغط الايراني المباشر على العبادي ،وقوة النفوذ الايراني على القرار السياسي والعسكري وسطوة ولي الفقيه عليه،وهذا معروف للجميع،ولكن نحن لا نتفهم الزعل الامريكي على العبادي وهو (صنيعها وحليفها) وهو وراء تنصيبه رئيسا لوزراء العراق رغما عن انف ايران ومرشحها نوري المالكي ،ويمكن ان نبرر الزعل الامريكي ،على انه زعل تكتيكي لان امريكا الان هي من يدير المعارك ولا تريد ان ينضم العراق وحيدر العبادي الى التحالف الروسي /الصيني/الايراني/ السوري،ضد امريكا ،وسبق ان اعلن هذا التحالف والدعوة لاجتماع في العراق وفشل ،فهل ستفوز ايران بضم العبادي الى تحالفها وان موافقة العبادي على عبور طائرات الشحن الروسية القادمة من مطار كرمنشاه الى سوريا ،هو اعلان انضمامه الى هذا التحالف ،امريكا لا تسمح ابدا للعبادي بالانضمام الى تحالف يشكل خطرا على مشروعها في المنطقة،وهي من تقود حملة كبرى لتحرير مدن ألعراق التي تقع تحت سيطرة داعش،وتدعم جيشه وتسلحه وتدربه وتقاتل نيابة عنه ،بدون ثمن ،فلابد اذن من تحييد العبادي وتبليغه (بجرة اذن) ان لا يفعلها ثانية ويسمح بعبور طائرات روسية عبر الاجواء العراقية ،وما اجتماع قائد التحالف الدولي ونائب وزير الدفاع الامريكي وسفير اوباما في بغداد ،بمسعود البرازاني في اربيل ،إلا اشارة ورسالة على تجاهل امريكا للعبادي ووزارة الدفاع العراقية ،وتقزيم دورها في الحرب على داعش داخل العراق،وذلك لفقدان الثقة المطلقة بإمكانات الجيش العراق،اضافة دور الحشد الشعبي السلب وأدائه الطائفي في المدن التي دخلها،مما اربك تحرير المدن ،وحدا بالأمريكان ان _يجمدوا- عمله في الانبار ونينوى الآن ان التحالف الروسي والإيراني في المنطقة دخل مرحلة الجد من الخطورة ،في اعادة توازن اقليمي ودولي وتقاسم نفوذ القوى العظمى للمنطقة،وهذا مؤشر خطير ،ربما سيدخل المنطقة في اتون الحرب العالمية الثالثة ،التي نوهنا عنها في مقالنا السابق،والتي كل التحولات السياسية والعسكرية تؤكد هذا التحليل والرؤية،فالموقف الايراني وتمدده انحسر بشكل كبير جدا وانتهى في اليمن بقيادة التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية تحت دعم وتواطؤ وسكوت ورضى امريكي ودولي وغربي،وفي لبنان هناك مؤشرات على انحسار دور حزب الله السياسي بعد خسائره في سوريا وتوريط لبنان في حرب طائفية انتقلت الى الداخل اللبناني،وفي البحرين والكويت وانكشاف الخلايا الايرانية قوض المشروع الايراني وفضح دوره وإسقاطه في المنطقة ،اذن لم يبق إلا التحالف الروسي الايراني لإعادة الدور الاقليمي لروسيا وإيران في المنطقة من خلال ،التحالف والتمسك بالنظام السوري،وإيجاد مخرج لبقائه في الحكم،وفعلا اطلقت مبادرة روسية تمت الموافقة عليها من قبل النظام السوري فورا ،وتقول المبادرة اجراء انتخابات بإشراف دولي وإشراك المعارضة في الحكم والانتقال السلمي للسلطة في سوريا،وهذه المبادرة كانت قد رفضها الجانب السوري قبل عامين ،اذن المأزق السوري الان لا يحسد عليه ،ويأتي التحالف الروسي الايراني لإنقاذ الاسد من سقوط محقق،امام تقدم التنظيمات الاسلامية داعش والنصرة وتمددها في الاراضي السورية ،وتهديدها دمشق بالسقوط وهي الان على ابوابها فعلا،لذلك كان من الضروري ان يعلن التحالف السريع وإرسال الاسلحة والصواريخ ،وتكديسها في القاعدة العسكرية الروسية في اللاذقية ،لاحتمالات عسكرية كثيرة قادمة تهدد النظام السوري والمنطقة عموما ،لان امريكا والغرب يقاتل في سوريا والعراق التنظيمات الاسلامية المتطرفة ،وإيران وروسيا والصين تقاتل التنظيمات الاسلامية المتطرفة في سوريا ،فإذن لماذا هذا التحالف، اذا لم يكن لغايات اخرى،ومشاريع كبرى لدول التحالف الروسي الايراني ، وان هذا التحالف هو احد نتائج وإفراز الاتفاق النووي الايراني ،الم نقل ان عصرا جديدا سيبدأ بعد الاتفاق النووي الايراني في المنطقة ..هاهو قد بدأ فانتظروا…