يرى الكثير من المحللين والمراقبين للشأن العراقي ان رئيس الوزراء حيدر العبادي لم يجري الى حد الان اصلاحات ذات اهمية من شأنها ان تغير واقع الحال الموجود في العراق. ويعزون سبب ذلك الى حالة من الارباك اعترت العبادي مع انطلاق المظاهرات بشكل جعله يفقد دفة السيطرة وأخذ يطلق حزم الاصلاح بطريقة عشوائية وغير مدروسة متوقعا انها ستجد مقبولية عند الشارع.
العبادي حظي بتفويض من المتظاهرين، كما حظي بدعم وتفويض من البرلمان، وقبل هذا وذاك بدعم مرجعية النجف الدينية، مما جعل الزخم لديه يصل الى اعلى مستوياته، وربما تكون هذه الجرعة الزائدة من التأييد اللامحود قد جعل العبادي يفقد السيطرة ويتقبل اي مشورة تأتيه دون دراسة، وجعلته ينثر اصلاحاته تزامنا مع اقتراب يوم الجمعة من كل اسبوع.
لم يدر في خلد العبادي ان الامور ستنقلب بهذه السرعة، وان صوره المرفوعة على رؤوس المتظاهرين سيشوهها حرف (x) سريعا، وان المرجعية والبرلمان سيلجأون الى ترويضه بعد ان تورطوا بتفويض فسره العبادي على انه ضوء اخضر للقفز على الدستور والبرلمان والكتل السياسية.
البرلمان كان اكثر كياسة من الحكومة فعلى الرغم من انه ايد الاصلاحات واطلق حزمة مواكبة ومساندة لحزمة العبادي وصوت على الحزمتين سويا ومنح رئيس الحكومة تفويضا لاجراء الاصلاحات، الا انه ضل ينظر الى توجه العبادي على انه غير دقيق وهو بحاجة لضبط بوصلته و تحديد اتجاه هذه الاصلاحات نحو توفير الخدمات ومحاربة الفساد وتقديم المفسدين الى القضاء.
فرئيس البرلمان سليم الجبوري اعلن صراحة ان صبر البرلمان بدأ ينفذ من تخبط رئيس مجلس الوزراء وانه قد يصل الى سحب التفويض عنه، لاسيما وان الجميع يدرك بمن فيهم المتظاهرون ان العبادي يعلم علم اليقين بفحوى مطالبهم وتفسير قصدهم، وهم بدأوا يدركون انه مراوغ محتال، ولن يقدم على تقديم اي فاسد كبير الى القضاء.
وربما نرى مجلس النواب قريبا يستجوب العبادي في جلسة مسأءلة سيكون الاخير فيها بلا حول ولا قوة، او ربما تقدم المرجعية الدينية على سحب التفويض من رئيس مجلس الوزراء خوفا من تورطها في ازمة حادة قد يتسبب فيها.